تصوير: محمد الراعي
- القضية 173 تم حلها في يوم وليلة بينما لا تزال أموالي تحت التحفظ وأذهب للمحاكم دون جدوى
- تأخير إصدار قانون جديد للأحوال الشخصية سيسبب "فتنة طائفية"
- الشيخ الطيب يقدم رؤية دينية عصرية
- حركة "الفيمنست" في مصر غير مفهومة بسبب التعميم وغياب الثقافة
- بعض الحقوقيين لا يفهمون "السيداو" ويتنمرون على "الجندر"
- الحركة المدنية لا تمتلك شجاعة كافية للاشتباك مع قضايا تخص المرأة
- احترمت نزول أحمد طنطاوي للشارع وتحفظت على رؤيته للمرأة وعملت توكيلا له لكن لن أنتخبه رئيسا
- لماذا يستمر حبس مروة عرفة ونيرمين حسين وهدى عبد المنعم وعائشة الشاطر؟
- غضب السفارة الألمانية من دعمنا لغزة كشفت أكاذيبهم وازدواجية معاييرهم
- إذا كان الغرب عرفنا حقوق الإنسان فمن واجبنا بعد مأساة غزة أن نعرفه كيفية تطبيقها
مقاتلة "عنيدة" لحقوق الإنسان عامة، والمرأة خاصة. دفعت الثمن مرارًا على مدار أكثر من 20 عاما، للدفاع عما تؤمن به، ولا تزال بنفس الطاقة لتواصل تحقيق أحلامها في مجتمع تقدمي متطور يقدر المرأة، ودولة مدنية تقدس سيادة القانون والدستور.
في حوارها الشائك مع منصة "فكّر تاني"، تطرقت الحقوقية البارزة عزة سليمان، رئيسة مجلس أمناء مؤسسة قضايا المرأة المصرية، إلى العديد من الملفات النسوية والحقوقية والسياسية الشائكة، وكلها أمل أن تشهد مصر انفراجة قريبة؛ رغم عدم وجود مؤشرات بعد، وشعارها: "يكفي ما مضى".
إلى نص الحوار:
*في البداية.. تتحدث مؤسسات الدولة عن إنجازها الأهم وهو زيادة أعداد النساء في مؤسسات التشريع.. كيف ترين تواجد المرأة في البرلمان؟
-الأمر يبدأ، -من رأيي- في تقييم البرلمان ككل، قبل تقييم تواجد المرأة فيه، فلا توجد أجندة برلمانية تختص بالنساء والمجتمع والقضايا المجتمعية من عدمه، والإجابة: لا بالطبع، فهو أداة في يد النظام، يفعل ما يريده، وبالتالي فأنا لا أرى برلمان -بالأساس- حتى نتحدث عن أعداد النساء.
النظام يتحدث عن العدد الحالي للبرلمانيات بالغرفتين -الشورى والنواب-، ويتفاخر في كل مكان خاصة الاتحاد الأوروبي، بعددهم، والرؤية في النتيجة لا العدد. إذ ماذا صنع هذا العدد؟ هذا هو السؤال والتحدي.
وأرى أنه منذ قدوم هذا البرلمان، لم يخرج قانون داعم للنساء بشكل حقيقي، فمنذ عامين قُتلت الشابة نيرة أشرف، وأعقبها حالات قتل أخرى. فأين البرلمان وتشريعاته والمجلس القومي للمرأة ودوره من هذا؟ وماذا نحتاج أكثر حتى نصدر قانون لمناهضة العنف ضد المرأة؟ هناك ضحايا وقتلى لمجرد قولهن: لا. فماذا ننتظر؟!
يقول البعض إن عقوبات التحرش غُلظت؛ لكنني ضد هذا الاتجاه في التشريع.
وماذا بعد تغليظ العقوبة؟ هل وقف القتل؟ وهل حلل أحد من المؤسسات المسئولة تلك الحوادث، كما أن الخطاب الإعلامي والثقافي لم يتغير. ومن المسئول عن الخطاب الديني سواء مسيحي أو إسلامي؟
كنت ضد إعدام محمد عادل قاتل نيرة أشرف، لأن المحاكمة كانت في سياق غير عادل. فلا يصلح ونحن نطالب بمناهضة العنف ضد النساء أن نقبل بالتخلي عن مبادئنا المتعلقة بالمحاكمات العادلة.
الموضوع أكبر من تغليظ العقوبات. يجب أن يكون الهدف هو بناء دولة القانون من خلال تشريعات منصفة، إضافة إلى تهيئة منظومة العدالة للتعامل مع هذه القضايا، وتصحيح الثقافة، فالبنات من حقهن أن يقلن لا. لكن الرجال لديهم استحقاقية وللأسف المجتمع يدعم ذلك.
-
النساء في الانتخابات البرلمانية 2025
*ألا تعولين على برلمان 2025 لتغيير هذه النظرة المسيطرة من خلال الكوتة؟
- لا يوجد ضامن أن يتغير أداء البرلمان في ظل النظام الحالي؛ ولكن قد أعول -نظريًا- على حدوث تغيير في حال زيادة أعداد النواب المحسوبين على الكتل الحقوقية التي تعي قضايا المرأة ومطالبها. ولكن الواقع أن النظام الحالي لا يريد أن يغير طريقته، ويكسر الإطار القانوني والتشريعي والدستوري في مقابل سيادة رؤيته لا سيادة القانون والحقوق وفي مقدمتها حقوق النساء.
*نفهم من ذلك أنك لن تترشحين في البرلمان المقبل؟
- بالطبع لن أترشح؛ لكن سأدعم أي مرشحات حقوقيات يدخلن هذه المعركة، انتصارًا لأملهن في صنع معركة من الداخل؛ على الرغم من وجود تجارب سابقة لأصدقاء من الحركة الحقوقية كان لديهم أمل في تحقيق شيء ولم يستطيعوا.
-
الحركة المدنية في مصر
*هل تعولين على الحركة المدنية الديمقراطية وأحزابها لتلبية تطلعاتك النسوية في الفترة المقبلة خاصة في كوتة البرلمان؟
- أغلب المنتمين للحركة المدنية أناس محافظون وتقليديون، ولا يريدون دخول معارك من أجل قضايا النساء، التي لها أبعاد تقدمية، تطرح مسائل صعبة بالنسبة لهم، رغم أنها احتياج مجتمعي حقيقي كمناهضة العنف والصحة الإنجابية والجنسية، وتأجير الأرحام، وقانون مدني للأحوال الشخصية للجميع: مسلمين ومسيحيين وبهائيين وغيرهم.
الحركة المدنية لا تمتلك شجاعة كافية للحديث عن هذه القضايا، ولديها خطوط حمراء تحدد أفعالها، فضلًا عن أن الحركة في المسار السياسي، تصنع معارك لمجرد إذن بوقفة احتجاجية سلمية، لذلك تسبقهم الأجيال الأصغر والذين أراهن عليهم، شباب وشابات "فيمنست".
اقرأ أيضا: المستشار القانوني للبابا لـ”فكر تاني”: قانون الأحوال الشخصية الجديد يتضمن 11 سببًا للطلاق ليس من بينهم “الإلحاد”.. والمجلس الملي سيعاد تشكيله مع انتخابات المحليات
*تتحدثين عن قانون موحد لمناهضة العنف ضد المرأة.. ماذا قدمت مؤسسة المرأة المصرية في هذا المسار ولماذا لم يمرره البرلمان بعد؟
- عملنا على هذا القانون في مرحلتين، كنا 9 منظمات أهلية، ووصلنا إلى 6 وتبنته النائبة نشوى الديب، وقدمته إلى البرلمان، لأخذ التوقيعات اللازمة لتقديمه للجنة التشريعية، ولكنه وُضع على "الرف"، لأن حقوق "الستات" ليست أولوية للحكومة والبرلمان.
أما كمؤسسة، فنحن نتعاون مع مؤسسات أخرى للاستمرار في خلق حوار مجتمعي، حول القانون، مع تحديثه باستمرار، في ظل التغيرات التي تحدث على أرض الواقع كالزخم الذي أحدثته حركة "مي تو- أنا أيضا" وكان لها انعكاس في مصر وحادثة "الفيرمونت" وقضية "أحمد بسام زكي"، وقريبا سنقدمه للبرلمان مرة أخرى.
-
باب فتنة شديدة يجب الحذر منها
*قانون الأحوال الشخصية.. ما تعليقك على تأخيره وهل يمكن أن يرى النور قريبًا؟
- لن تتواجد نساء قويات في المجال العام دون أن يتحرر قانون الأحوال الشخصية، لأن تأخيره سيفتح بابا للفتنة الطائفية، وللأسف المناخ اليوم صعب، فالكنائس الثلاث اتفقت ضد مصلحة المسيحيين، بإغلاق باب "تغيير الطائفة"، وبات هناك قرار ضمني -ليس رسمي، بعدم السماح برفع دعاوى قضائية طبقا للائحة 1938، ما يضغط على المسيحيين الراغبين في الطلاق لتغيير ديانتهم، لحل المشكلة، وعندما يريدون العودة إلى ديانتهم، تشتعل الفتنة.
والأزمة، أن الدولة "باعت" المسيحيين للكنيسة، حتى جاءت ثورة 25 يناير 2011، وأحدثت تغييرات اجتماعية وثقافية إيجابية في المجتمع، وحررته جزئيًا.
وقبل ثورة يناير، عندما كنا نعقد مؤتمرات في مؤسستنا، كنا نفتقد الأرثوذكس على المنصة، ولا نجد سوى الأقباط العلمانيين. وفي عام 2008، أرسل البابا شنودة ممثلا عن الكنيسة للجلوس مع منظمات المجتمع المدني بعد ضغوط عدة، ولكن بعد الثورة، شهدنا تغييرات إيجابية كثيرة، ووجدنا 7 مجموعات شبابية تقدم مبادرات لتغيير قانون الأحوال الشخصية المسيحية، بجانب تغييرات اجتماعية لافتة وقتها كإصرار الفتيات على حق العمل والسفر.
قبل الثورة كنا نطرح قضية الاغتصاب الزوجي، بصوت منخفض؛ لكن اليوم، صوتنا عال والعديد يتحدثون عنه، وهو ما امتد إلى الحديث عن التفسيرات الجديدة للشريعة الإسلامية وجدلية قدسية المذاهب وتجديد الخطاب الديني.
وفي قانون الأحوال الشخصية، بدأت تبرز أصواتًا حقوقية في المجال العام فيما يجب أن يكون عليه القانون فيما يخص الولاية على الصغار؛ بينما لم تتحرك المؤسسات الرسمية إلا بعد عرض أحد المسلسلات، كأنهم لم يسمعوا عن حملاتنا "الأمومة ليس لها دين"، و"الولاية حقي" و"بنك ناصر مش ناصر"، حتى أن المجلس القومي للمرأة، خرج بعد طول صمت يمجد في السلطة على تحركها في قانون الأحوال الشخصية، رغم أن دور المجلس -بالأساس- هو النظر في التشريعات وتحريكها لإنصاف المرأة.
أرسلنا إلى وزير العدل نسأل عن معايير اللجنة المُشكلة منهم لوضع قانون الأحوال الشخصية ولم نتلق ردا، ثم بعد 6 أشهر أرسلنا مرة أخرى، نسأل عن التطورات، ولم نتلق أي رد كذلك، ثم علمنا أن رئيس البرلمان طلب مسودة القانون من النائبة نشوى الديب؛ رغم وجوده لدى اللجنة التشريعية، ولا يزال الوضع على ما هو عليه، ولكن بعض التسريبات نجدها قريبة من بعض نصوصنا.
وضعنا قانون مناسب لكافة شرائح المجتمع، بعد جولات خُضناها في معظم المحافظات، حتى أن بعض الناشطات النسويات تسألني: لماذا لم تضعي تقييدا لتعدد الزوجات واكتفيت بالتقنين فقط؟، فكنت أرد بما رصدناه في الواقع أن هناك رجالا يستحقون الأمر لظروف اجتماعية استثنائية.
-
الموقف من الأزهر
*ما تقييمك لموقف الأزهر فيما يخص قانون الأحوال الشخصية ؟
- تغيرت رؤية الأزهر خلال العامين الماضيين، حيث يقدم شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، رؤية متطورة. فعندما كنا نتحدث -سابقًا- عن تقسيم الثروة وتقنين تعدد الزوجات وأن يكون الطلاق بيد المحكمة، لم نكن نسمع صوت الأزهر؛ ولكن في رمضان الماضي، وقبل الماضي، خرج الطيب يؤكد أنه عرض قانوننا على لجنة من الأزهر لتقديم دراسة فيه، ثم تبنى ما طلبناه؛ لكنه تحدث عن منع تعدد الزوجات بشكل ضمني، رغم أننا طلبنا تقنينه فقط، و-لأول مرة- ُتجري صحيفة "صوت الأزهر" الرسمية حوارًا معي، ووضعت صورتي دون حجاب، رغم أني كنت أوجه انتقادات للأزهر في الحوار.
أيضًا، جاءت رؤية شيخ الأزهر متقدمة في ملف الأحوال الشخصية، وكان له موقف فيما يخص العنف والتحرش ضد المرأة.
-
الحركة النسوية الحديثة في مصر
*حركة "الفيمنست"غير مفهومة في مصر ..لماذا؟
- الحركة النسوية في كل العالم غير مفهومة، لأننا كشعب يحب التعميم مثل "الرجالة كلها وحشة" و"الستات كلها وحشة"، كما أن الدعاية المضادة المحافظة موجودة منذ القدم ولم تتغير، ومنتشرة في العديد من الدول العربية، بنفس الاتهامات.
وتلاحق النسويات اتهامات بغياب الوعي والثقافة والفكر المحافظ أحيانا، وبعض النسويات مختلفات مع بعضهن البعض في الأفكار ونفس المشكلات موجودة في المجتمع السياسي والحقوقي، ولكن هناك من يركز على النسويات بشكل مبالغ، وبعضهم يقول: "الستات مش بتحب بعض"، وهذه رسائل وصم فقيرة ومن العيب إطلاقها خاصة ممن يزعمون أنهم مثقفين وحقوقيين؛ لكن هناك من لا يفهم مثلا ماذا تعني اتفاقية "السيداو"، ويتنمرون على قضايا "الجندر".
هناك اختلافات وصراعات داخل الحركة النسوية، أدت إلى "drop" كبير، لأننا لم نحاسب أنفسنا على انتهاكات لو حدثت من رجل، كان "سيُذبح" فورا.
-
هذا ما حدث مع أحمد طنطاوي
*هل هذا ما حدث مع المرشح الرئاسي الأسبق السياسي أحمد طنطاوي بسبب بعض تصريحاته؟ هل "ذبحته" الحركة النسوية؟
- ما حدث أن طنطاوي، كان يرتب للقاء مجموعة حقوقيين، وعرفت الأمر بالصدفة، وانتقدته في جلسة كان بها أحد أنصاره، وقلت "هو كل حد ينزل الانتخابات لا يلتفت إلى الستات؟ هو مايعرفش إن في حقوقيات سيدات ومدافعات؟
ووجدت اتصالًا هاتفيًا من طنطاوي نفسه بعد الجلسة، ودعاني لمقابلته ومن أريد من الحقوقيات، وذهبنا له كما ذهبنا إلى فريد زهران (رئيس حزب المصري الديمقراطي)، وجميلة إسماعيل (رئيس حزب الدستور).
وفي الاجتماع، وجدته رجل محافظ تربى في بيئة محافظة وظهر هذا جليًا أثناء حديثنا معه عن قضايا النساء في مصر ووضع المرأة، وتوتر من قوتنا كسيدات جالسات أمامه وصدم من علمنا ومعلوماتنا ونوعية القضايا التي ناقشناها معه، فكان واضحًا أنه لم يعتد ذلك ولا يعلم شيء عنها ولم يتوقعها.
لكن احترمت في طنطاوي أنه كسر الحاجز ونزل إلى الشارع وهذا ما لا يفعله الآخرون، وهو ما دفعني لعمل توكيل له، بجانب حجم التنكيل والاعتداء الذي تعرض له، فحقه كمرشح ألا يتعرض لذلك وألا يُترك وحيدًا، لكنني لن أنتخبه رئيسًا.
اقرأ أيضا: لا يحب الرئيس ولا تعجبه المعارضة.. من هو “أحمد الطنطاوي”؟
*نعود لأزمات النسويات.. هل كان بعضها صراعات على التمويل كما يردد البعض؟
-لا أعتقد. بالنسبة لي أو حتى في عموم الحركة، لم يكن التمويل مثار صراع أو حتى مسارات العمل، فالمجتمع يحتاج إلى كل الجهود النسوية، لأن الدولة منسحبة من جميع الأدوار تقريبًا. ولكن؛ أؤكد أنه منذ عام ونصف، كان هناك حوارًا جادًا وإيجابيًا، بين أجيال مختلفة من النسويات، شاركت فيه، ومع ما يحدث حاليا، فأنا مستبشرة بالمرحلة المقبلة.
-
الحوار وسيلتنا لمواجهة الدعاية السلبية
*ما دور النسويات في مواجهة تلك الإشكالية؟
- دورنا هو مواصلة الحوار، لأني أؤمن به ولن أتخلى عنه.
عندما عملت مع الأئمة في تطوير الوعي، في أوائل التسعينيات، وجدت اعتراضًا من بعض النسويات، قائلين إن ما فعلته هو استدعاء للدين؛ لكن رفضت ذلك الاتهام انطلاقًا من أهمية تطوير وعي الأئمة، لأنهم فئة مهمة في المجتمعات المحلية، حيث يستمد الناس منهم الوعي والمعرفة والدين.
ووجدت أنهم -وقتها، نتاج تعليم فقير ومهارات أفقر، لا تعترف بالحوار، ومع دوام العمل معهم بدءوا يتساءلون: "هل المذاهب مقدسة فعلا؟"، واكتشفت أن بعضهم يطرح أفكارًا جديدة مثل ضرورة تعامل المرأة كالرجل في الشهادة، ويستخرجون من الفقه الديني ما يؤكد هذه الأفكار، لدرجة أنهم استغربوا أن حقوق الإنسان لا تتعارض مع الدين الإسلامي، وفقا لما كانت تزعمه الحملات المضادة والتي كانت تأتي أحيانًا من داخل مؤسسات حكومية، بمعنى أن الحوار جاء بنتيجة، وفهموا أن التشهير بنا له بعد سياسي.
ولا أنسى سعادتي بأني ساهمت في امتلاكهم المعرفة التي حررتهم من دعايات سلبية رائجة.
اقرأ أيضا: إشكالية ضرب الزوجة بين التشريع والشريعة
-
الحقوق الاقتصادية للمرأة المصرية
*البعض يتحدث عن إغفال النسويات الحقوق الاقتصادية للمرأة والتركيز على الجندر ومعارك هامشية أخرى.. ما تعليقك؟
- غير صحيح. مؤسستنا منذ التسعينيات تعمل على تغيير إجراءات مرتبطة بالحقوق الاقتصادية مثل حملة "ساقط قيد"، التي استمرت لعامين، ونجحت في إحداث تغيير جعلت الإجراءات لا تستغرق سوى شهر. تلك الحملات أهلتهن للحصول على جزء من حقوقهن المدنية والاقتصادية من الدولة.
كذلك "حملة بنك ناصر مش ناصر" كانت تتحدث عن أزمة النساء اللاتي لا يحصلن على نفقة عادلة من البنك، ويتم رمي الفتات لهن.
كما قدمنا عدة أفكار لمؤسسات الدولة تخص طريقة تحصيل النفقة إذا امتنع الرجل عن دفعها مثل: وقف فاتورة الهاتف أو وقف رخصة القيادة أو وقف التمويل للمشروعات.
نحن نتحرك في كافة المسارات لإنصاف المرأة، ولا يمكن مطالبتنا بالقيام بدور مؤسسات الدولة ومحاسبتنا على ذلك.
وأستنكر ضآلة المخصصات المالية المقدمة في مشروعات الدولة للمرأة كمشروع "تكافل وكرامة"، فماذا تفعل 500 أو 600 جنيها في واقع اقتصادي صعب؟! أليس الأجدى من الدولة أن ترفعها للحد الأدنى للأجور، أو تساعد الزوج الذي لا يستطيع دفع النفقة؟
-
مبادرات إيجابية ومختلفة
*ما رأيك في المبادرات الشابة في الحركة النسوية بمصر؟
- أنا معجبة جدا بهذه التجارب، لهم طرح مختلف ويستخدمون أدوات عصرية، مثل الكرتون والفيديوهات ومواقع التواصل الاجتماعي، ولدينا تبادل خبرات معهم، ونساعدهم عبر مؤسستنا، وفق استطاعتنا، فمثلا لدينا الصفة الاستشارية بالأمم المتحدة، وبها نقدم لهم تيسيرات للتسجيل.
وأهم ما تحتاجه المبادرات الشابة هو تسهيل الإجراءات القانونية، للحفاظ على الأمن الشخصي، والوصول إلى الفئات المستهدفة في إطار مقنن، يسهل إيصال الوعي.
*مؤسسة" قضايا المرأة" تجربة عمرها 28 عاما حتى الآن.. هل وصلت إلى كل المحافظات؟
-نحن نعمل على مستوى جميع المحافظات، وحققنا الكثير مما نتمنى، ولا يزال هناك الكثير. أما جغرافيًا، القاهرة هي عامل مشترك، لكن يوجد بعض الأنشطة نختص بها محافظات بعينها، فمثلا الأنشطة التي تخص الأئمة نركز فيها على محافظات أسوان وقنا وسوهاج، والأنشطة المتعلقة بالاتجار بالنساء نستهدف بها محافظات المنصورة والدقهلية وكفر الشيخ وغيرها.
ازدواجية المعايير الألمانية
*كيف تعاملتي مع وقف الحكومة الألمانية تمويل مشروع مناهضة الاتجار بالنساء، الذي تنفذه مؤسسة قضايا المرأة في مصر؟
-كنت في موقف اختيار، بين الانصياع إلى رغبة الحكومة الألمانية في رفع توقيعنا من بيان دعم غزة ورفض جرائم الإبادة، وبين احترام حقنا في التعبير ورفض ما يحدث مع 254 جمعية أهلية في مناطق مختلفة من العالم، واخترنا حقنا في التعبير ورفض جرائم الإبادة واستهداف النساء التي يقوم بها جيش الاحتلال ضد أهالي غزة.
أرى أن الأمر هو تضليل من الحكومة الألمانية التي تتحجج بقرار غير ملزم أبطلته كثير من محاكم ألمانيا؛ لكنها تحاول التطهر من تاريخها النازي الدموي على حسابنا وحساب أهالي غزة.
زعموا أن القانون الألماني لا يسمح بدعم منظمات غير حكومية تدعو إلى مقاطعة الاحتلال والتشكيك فيه، فطلبت نسخة من ذلك القانون الذي يمنع تمويل المنظمات الحقوقية التي تطالب بتطبيق القانون الدولي الإنساني ووقف الانتهاكات وجرائم الإبادة الجماعية ضد المدنيين.
المفاجأة أنهم قدموا قرار صادر عن البرلمان الألماني بحظر أنشطة حركة مقاطعة الاحتلال (BDS) في 2019، رغم أن هذا القرار أبطلته عدة محاكم ألمانية، ولا يعتبر قانونا، وهو ما يكشف إزدواجية المعايير لديهم وعدم الإيمان بحقوق الإنسان، وقلت لهم بوضوح: "إذا كان الغرب عرفنا حقوق الإنسان فمن واجبنا اليوم أن نعرفه كيفية تطبيقها".
* فيما يخص المجلس القومي للمرأة.. كيف تقيمين دوره؟
-تقديري أن الآلية الوطنية المسماة بالمجلس القومي للمرأة لا يقوم بدوره، وجاء إنشاؤه بعد مؤتمر بكين، لخلق آليات وطنية لدعم قضايا المرأة؛ لكن المجلس الحالي يقوم بدور الجمعيات الأهلية، ولا يفهم دوره المحوري والمركزي في تغيير السياسات والقوانين ومتابعة توصيات "السيداو" في مصر، ومراجعة الجمعيات الأهلية، وتقديم تصورات تشريعية.
وبالتالي أعتبر المجلس مجموعة من الموظفين، ذوي قدرات مهنية ضعيفة، يحققون أحلام السلطة، ولا يسعون لتغيير الواقع الصعب الذي تحيا فيه النساء، بدءا من القتل حتى التهديد بالملاحقة تحت مزاعم تهديد قيم الأسرة المصرية.
رغم وجود إدارات سابقة للمجلس كانت محسوبة على الدولة، لكنهم كانوا "لعيبة"، ومنها إدارة السفيرة ميرفت التلاوي، ومع ذلك لن أعتبر زمن مبارك، زمنا جميلا كما يريد البعض، فالظلم هو الظلم.
-
الحقوق السياسية للنساء
*نذهب إلى ملف الحبس الاحتياطي .. كيف ترين القبض على النسويات في وقفة المعادي الأخيرة؟
- لم أتخيل حدوث ما جرى من عنف، خاصة أن الهتاف كان يتعلق فقط بالأمم المتحدة، والإجراءات كانت تسير بهدوء، كانت الأزمة في إصرار الدولة على عدم احترام سيادة القانون، وهو ما يجعل كافة تصوراتنا ضبابية، فلم نفهم لماذا تم القبض عليهن؟!
ففي الوقفة التضامنية لمناصرة نساء غزة، والتي سبقت وقفة المعادي، في شارع الجمهورية في وسط القاهرة، كان الحضور الأمني أكبر، والتفاف الناس حولنا أكثر وتشجيعهم لنا كبير، ولم يحدث ما حدث في وقفة المعادي، وهذا من تناقضات النظم البوليسية.
*ينتقد البعض خلو قوائم الإفراج من النساء.. هل تتفقين مع هذا؟
-نعم، هذه ظاهرة مؤسفة، وعملت مع آخرين على هذا الملف، وأرسلنا للعديد من الجهات والشخصيات منها مايا مرسي رئيسة المجلس القومي للمرأة، وضياء رشوان المنسق العام للحوار الوطني، وبعض أعضاء المجلس القومي لحقوق الإنسان ولكن لا حياة لمن تنادي.
وللأسف ليس لدى أي مؤشر على حلحلة الملف، وإن كنت أتمنى إغلاقه -في أقرب وقت-.
في غياب دولة القانون، لا نستطيع استيعاب ما يحدث، فمثلا القضية 173 تم حلها في يوم وليلة و-في الوقت نفسه- لا تزال أموالي تحت التحفظ، وأذهب للمحاكم دون جدوى، وهو ما يؤثر سلبًا على حياتي وعملي لدرجة أني منذ 2019، لا أستطيع بيع سيارتي بعد حادثة تعرضت لها، بينما رجال مبارك يُعاملون حاليا بشكل طبيعي مع وجود امتيازات خاصة لهم، وتخطت ثرواتهم الملايين.
*يتحدث البعض أن هناك تمييزا في الإفراج عن بعض السجناء والسجينات.. ما تعليقك؟
- نحن مع الإفراج عن الجميع دون تمييز أو استثناء، وأنا كمحامية حضرت بنفسي جلسات هدى عبد المنعم (العضو السابق بالمجلس القومي لحقوق الإنسان) وعائشة الشاطر (عضو التنسيقية المصرية للحقوق والحريات) وهما محسوبتين على التيار الإسلامي.
ونحن مع محاكمات عادلة للجميع، سواء إسلاميين أو غيرهم، فلا يُرضي أحد استمرار حبسهم كل هذه السنوات وإعادة تدويرهم في قضايا جديدة وضياع عمرهم؟
وأنا أسأل الآن بعد 10 سنوات.. ما أخبار عصام سلطان (المحامي ونائب رئيس حزب الوسط)؟ وما أخبار محمد البلتاجي (القيادي بجماعة الإخوان المحكوم بعدة أحكام)؟ وماذا فعل ابنه الشاب أنس البلتاجي الذي دخل السجن في عمر 16 واليوم عمره 26 عاما، ليستمر كل هذا الوقت في السجن؟
وماذا فعلت "مروة عرفة" (مترجمة ومدافعة عن حقوق الإنسان) لتظل سجينة كل هذه السنوات وطفلتها تكبر بعيدة عنها مع جدتها المسنة المريضة؟ لماذا يتم تدوير "هدى عبد المنعم" بعد الانتهاء من محكوميتها؟ ولماذا يتم استمرار حبس "نيرمين حسين"؟
أرواح وأعمار هؤلاء تؤكل -يوما بعد يوم-.. ألا يكفي ما مضى؟!
اقرأ أيضا: “مروة” و”وفاء” وجوابات هربت من سنوات الحبس الاحتياطي