أكرم إسماعيل في حوار خاص: على النظام أن يسمح للمعارضة بالمنافسة على 30% من مقاعد برلمان 2025.. و“الضباع” تريد أن تحافظ على مصالحها ولو على جثة البلد

– الحركة المدنية دون تماسك أحزابها ليس لها أي أهمية.. و”بيان رفح” تجاوز خطوطًا كانت تحافظ على تماسكها

– البلد لا تتحمل تعديلات دستور مرة أخرى لتمديد “الرئاسة”.. والانتقال السلمي للسلطة الطريقة الآمنة للحفاظ على السلم الاجتماعي

– النظام يريد معارضة خاضعة لسيطرته.. “هديك مساحة بس تبقى مؤدب”

– الحوار الوطني لم يُعقد باقتناع سياسي بل بضغط دولي وخليجي.. ولن نعود للمشاركة فيه

– فككوا مصانع الحديد والصلب وباعوا مقدرات البلد.. ماعلاقة اليسار بذلك؟

-اليسار ليس ضد القطاع الخاص كما يروج الليبراليون.. والتيار الليبرالي حصل على فرصة كاملة في اقتصادنا وفشل

– سجون النظام الحالي أقسى من زنازين السادات التي جربها جيل السبعينيات

– الفعل السياسي الوحيد المقبول في مصر حاليًا حوار السلطة في قاعة المؤتمرات

– لو أن النظام يتمتع بعقلانية سيسمح للمعارضة بمناخ تحصد فيه 30% من مقاعد برلمان 2025

– نحن بحاجة إلى تجذير الممارسة الديمقراطية بشكل أكبر من التثوير

– الطنطاوي في الشارع كان يشبه شخصية “المُخلِص”.. وحملته خاصمتها الوجوه السياسية

– انتخابات المحليات أصعب من البرلمان.. والجامعات تعرضت لتجفيف المنابع السياسية

– تقارب اليسار العالمي والإسلاميين “تقارب ضرورة” على قضية فلسطين

تصوير: محمد الراعي

يساري من أبناء يناير، يُنظر إليه باعتباره من جيل الوسط الذي تحتاجه الحركة المدنية في الفترة المقبلة، يرى أن”النيوليبرالية” فشلت، وأن إنقاذ مصر يلزمه الاستماع إلى العقلاء، وأن التكتلات الشبابية قد تكون بداية لتمكين سياسي حقيقي للشباب، لكن شريطة تجنب “حظيرة” النظام، وإدراك أن البعض يسعى لإظهار أن صراعًا ما يدور بينهم وبين جيل السبعينيات.

منصة “فكر تاني” التقت المهندس أكرم إسماعيل، العضو المؤسس بحزب العيش والحرية (تحت التأسيس)، والذي قدم خلال حوار طويل، رؤية شاملة لبعض أهم القضايا على الساحة السياسية المصرية، بدأها بأزمة “بيان رفح”، وختمها برأيه في المعركة السياسية التي خاضها المرشح الرئاسي السابق أحمد الطنطاوي.

أكرم إسماعيل القيادي بالحركة المدنية

فإلى نص الحوار:

بيان رفح والحركة المدنية

نبدأ بأزمة “بيان رفح” الذي انتقدت فيه الحركة الموقف المصري الرسمي مما يحدث في غزة من عملية إبادة ممنهجة للفلسطينيين، بيان اعتبره النظام غير مناسب.. كيف ترى تأثير ذلك على الحركة المدنية الديمقراطية؟

  • أزمة الحركة المدنية تكمن في أنها جبهة سياسية تجمع طيفًا واسعًا من المعارضين، في مشهد سياسي محدود جدًا ومحاصر جدًا.
  • الحركة المدنية في مصر هي الجبهة الوحيدة المعارضة. كان المفترض لها أن تكون مجرد نواة لجبهة معارضة، ولكن الواقع يقول إنها الوحيدة حتى الآن. وبالتالي، هي بين شقي رحى؛ فلا معنى لوجود الحركة إلا في تعبيرها عن الموقف المعارض بشكل واضح وفي كل المحطات، وفي الوقت نفسه ولأنها جبهة معارضة وحيدة في مشهد سياسي محاصر بهذا الشكل الحالي، فهي سهلة التعرض للملاحقة والضغط الشديد.
    وهذا هو وضع الحركة المدنية حتى قبل أزمة “بيان رفح”.
  • هناك أيضًا أزمة تناقض شديد وواضح جدًا لدى النظام السياسي الحالي، وهي تظهر جلية في علاقة النظام السياسي بالحركة المدنية. ودعني أوضح؛ الحركة المدنية لا تحمل أهمية كبرى للمشهد السياسي المصري، لكنها الوحيدة ومن هنا تبدو مهمة، يحاول النظام أن يستغلها حينما يريد فتح المجال ويضيق عليها إذا ما انتقدته كما يحدث الآن بعد أزمة “بيان رفح”، وكما حدث سابقًا في قضية الأمل.

لماذا يستدعي النظام الحركة المدنية لو لم تكن مهمة في المشهد السياسي؟

  • نقطة قوة الحركة المدنية كانت وما تزال في الموقف المتماسك لأحزابها، وهذا هو سبب استدعائها في أوقات الأزمات كممثل للمعارضة.
  • ولكن الأزمة الحقيقية هي في العقل السياسي للنظام وحساسيته الشديدة من لغة المعارضة المستقلة الواضحة.
  • وهذه الحساسية تجاه المعارضة ليست أمنية بالضرورة ولكنها تقدير سياسي للسلطة نفسها.
  • النظام لن يقبل أن تمارس الحركة المدنية دورها الحقيقي.
  • النظام ينظر إلى المعارضة باعتبارها جزءًا من النظام السياسي، فلا يقبل أن تتبنى خطابًا منفصلًا حادًا في مواجهته، ويستدعيها للحوار باعتبارها معارضة، بينما يقيد قوتها كمعارضة حقيقية.

لماذا إذن الحوار إذا كانت المعارضة تحت السيطرة والحصار؟

  •  الدعوة إلى الحوار الوطني لم تبدأ من الداخل بل بضغط دولي وخليجي كبير على النظام، مرتبط في الأساس بالأزمة الاقتصادية، بعد شعور الداعمين الدوليين والخليجيين بالإحباط من الأداء الاقتصادي للنظام وتحوله لعبء عليهم، مع انتشار الغضب الشعبي.
  • مع هذا الوضع المتمثل في الضغط والإحباط الدولي والغضب الشعبي الداخلي لجأ النظام إلى الحوار مع المعارضة، لكن في حدود ودون السماح بأي معارضة صاعدة تكون لها استقلاليتها وخطابها الخاص.
  • من هذا المبدأ يتعامل النظام مع المعارضة بسياسة “هديك مساحة بس تبقى مؤدب”.

لكن، ألا ترى أن أزمة الحركة المدنية داخلية أكثر من كونها أزمة مع النظام؟

  •  لا أعتقد ذلك.
  • الحركة المدنية في توتر مستمر، لأن الصوت الغالب دائمًا داخلها معارض “به بعض الحدة”، ودعني أقول إنه في كل مرة خرج بيان تراه أطراف في الدولة غير مناسب، كانت الحركة تتعرض لضغوط. وما حدث بعد بيان رفح الأخير دليل على هذه الضغوط؛ تعرضت الحركة وبعض رموزها مثل حمدين صباحي لحملة تشويه واسعة وممنهجة.
  • ومن هنا، فإن بيان رفح من الواضح أنه تجاوز الخطوط التي تحافظ على تماسك الحركة، وكشف في لحظة الضغط كم التناقضات داخل الحركة، وهي تناقضات ظهرت منذ الانتخابات الرئاسية الماضية.
  • المقلق، هو عدم وجود إجماع داخل الحركة على هذه المساحة وهذه اللهجة الجديدة التي ظهرت في بيان رفح. ومن هنا كان من الأفضل ألا يصدُر هذا البيان حفاظًا على تماسك الحركة.
  • الحركة الآن بحاجة إلى هدوء بين أطرافها ثم نعاود الاجتماع والتشاور لتحديد الآليات التي تؤخذ بها القرارات.

هل يمكن أن تستمر الحركة بهذه الاضطرابات والخلافات والأزمات؟

  • نعم، يمكن أن تستمر الحركة في رأيي الشخصي، كجبهة سياسية واسعة تعبر عن مواقف جامعة بين الأطراف التي تسمي نفسها ديمقراطية، وليس أبعد من هذا.
  • الرهان على الحركة المدنية باعتبارها قوة قادرة على خوض معارك سياسية باسم من فيها، هو تحميل عليها لا تستوعبه.
  • هذا لا يعيب الحركة المدنية، فهي بالفعل تضم أطرافًا متنوعة جدًا ومختلفة جدًا. وظهر هذا الخلاف في أكثر من موقف؛ مثلًا حول الموقف من مستوى التعامل مع النظام الحالي مثلما حدث حين ترشح الأستاذ فريد زهران للانتخابات الرئاسية، أو الموقف من النظام السوري ومقابلة الأستاذ حمدين صباحي بشار الأسد، أو الموقف من “إسرائيل” مثلما حدث مع الأستاذ أنور السادات في لقائه مع “يديعوت أحرنوت”، أو الخلاف الذي حدث بين الأستاذ كمال أبو عيطة والأستاذ هشام قاسم الذي كشف عن موقف حاد من التيار الحر.

ولماذا لا تعلن الحركة أنه لم يعد لديها ما تستطيع تقديمه كما فعلت جبهة الإنقاذ وحركة كفاية من قبل؟

  • مجرد تواجد الحركة المدنية إنجاز مهم.. لأن السؤال لا يزال عالقًا في مصر: كيف سيحدث انتقال ديمقراطي في بلدنا؟ وكيف نصنع جبهة سياسية تعزز ذلك؟
  • وبوضوح، مصر في أزمة كبيرة، غياب للسياسة، وحصار للشارع، وأزمة شعبية حقيقية. هذا الوضع يتطلب تحولًا سلميًا ديمقراطيًا تستحقه مصر. ولكن كيف يحدث هذا بدون أحزاب أو تحالفات سياسية كما يحدث في الحركة المدنية حتى في وجود الخلافات.

البعض يرى أن الحركة امتداد لجبهة الإنقاذ التي تحالفت مع النظام الحالي.. واليوم تشكو من ضغوطه.. كيف ترى هذا؟

– جبهة الإنقاذ انتهت. وانتهت مواقف أطرافها معها، أما الحركة المدنية فقد أُنتجت في أتون صراع مع هذا النظام وليس في مجال اتفاق معه.

وفي آخر 10 سنوات، كان للحركة المدنية مواقفها المعارضة التي دفعت فيها أثمانًا غالية في عدة مواقف أبرزها مواجهة بيع الجزيرتين: تيران وصنافير، وقضية الأمل والتعديلات الدستورية.

تحدثت عن مشاورات تحتاجها الحركة الآن. هل من بينها مناقشة ضرورة تراجع التيار اليساري الناصري وإفساح المجال للتيار الليبرالي حتى لا يبدو أن تياركم هو المسيطر على الحركة المدنية؟

  • هذا نقاش دائر في الحركة الآن، موضوعه ما يقال عن هيمنة التيار اليساري الناصري على الحركة المدنية.
  • أنا شخصيًا أفكر في هذا الأمر، وأرى أن هناك الكثير في قضية الحريات بالذات يمكن أن أشاركه مع الليبراليين، وبالتالي لا يوجد لدي موقف مسبق ولا توجه عصبوي تقليدي تجاه أحد في الحركة.
  • أما التحول داخل الحركة وإنهاء الانقسام فهو يتوقف على حماس الأطراف داخل الحركة، وإرادة أن ننهي أزمتنا حتى لا نصل إلى ما وصلت إليه مبادرة “لم الشمل” التي عُطلت في فبراير الماضي بعد خلافات بيان رفح.

الحقوقي نجاد البرعي في حواره مع “فكر تاني” دعا المعارضة إلى هدنة سياسية لمدة 6 سنوات.. ما رأيك؟

  • أرى أن الأستاذ نجاد يعبر عن شيء يراه بشكل واضح، وهو رصد صحيح، ومفاده أن النظام الحالي بتركيبته الحالية لن يحتمل جبهة سياسية نشطة.
  • في مصر الفعل السياسي الوحيد المقبول هو التحاور مع السلطة في قاعة المؤتمرات.
  • نحن أمام ثلاثة حلول:

الحل الأول: فك الحركة المدنية، والتزام الناس بيوتها، حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولًا.

الحل الثاني: أن نتحرك مثل الأطراف التي تريد صُنع تكتلات أكثر قبولًا، وأتوقع أن يحدث هذا قبل الانتخابات البرلمانية ولكن بشروط مجحفة جدًا، تقبلها هذه الأطراف وفق المتاح برأيها.

الحل الثالث: أن ننزل بمستوى الحركة، ونبتعد عن اللعب الكبير، ونهتم بقضايا النقابات والعمال، انطلاقا من الاهتمام بالتنظيم المجتمعي.

اليسار والثورات

هل ابتعد اليسار المصري عن فكره الثوري وأقر بأن الثورة مستحيلة؟

  • هذا نقاش معقد جدًا داخل اليسار. أدبياتنا تقول “إذا انتفض الناس فنحن معهم”، ولكننا في الوقت نفسه لسنا “سُذج”.
  • نحن كسياسين نعي أن أي انفجار شعبي الآن لن يقود البلاد إلى “لولا دا سيلفا” مثلًا، لوجود تجريف سياسي واضح، وبالتالي نحن مع تجذير الممارسة الديمقراطية بشكل أكبر من التثوير. ولكن، لو حدث الانفجار الشعبي، لن نكون ضد الناس، وفي تقييمي السياسي الشخصي أن هذا الانفجار لن يصنع تغييرًا أفضل في مصر.

الكاتب الصحفي عبد الله السناوي في حواره مع “فكر تاني”، قال: “إن انتفاضة الخبز أمر محتمل.. لكننا لن نصنعها ولن نستطيع أن نقف أمامها”.. هل تراها في أي أفق محتمل؟

  • انتفاضة الخبز ورادة حتى لو تحسنت الأوضاع، لأن الانتفاضات تحدث عند تحسن الأوضاع وليس في أسوأ نقطة.
  • البؤس الشديد جدًا لا يجعل الناس تنتفض، الانتفاضة تحدث عندما يستشعر الناس وجود الأمل، وأن الانتفاضة يُمكن التعويل عليها.
  • الناس لا ينتفضون للمطالبة بممارسات سياسية، بل ينتفضون لأجل الخبز، وقد رأينا ذلك في الاحتجاج الشعبي الذي حدث من عمال المحلة ومن بعض مواطني الإسكندرية الذين رفعوا شعارات ضد “التجويع”.

اقرأ أيضًا:عبد الله السناوي في حوار خاص: هناك نزيف شرعية واضح في الشارع.. انتفاضة الخبز أمر محتمل

معركة الرئاسة

نذهب إلى ما يقال عن وجود صراع أجيال في صفوف المعارضة.. ونبدأ بالصراع الذي ظهر عند ترشح أحمد الطنطاوي وفريد زهران لانتخابات الرئاسة.. لماذا لم يكن جيل الوسط من السياسيين مؤيدًا للطنطاوي؟

  • الطنطاوي في الشارع كان يشبه شخصية المُخلِص “سعد اليتيم” وشعبيته استمدها من خطاب عالي اللهجة لم يستند إلى الخبرة بقدر ما استند إلى الاستجابة لغضب الجماهير. ولذا فإن جيل الوسط في المعارضة لم يدعمه، استنادًا لخبرة سياسية طويلة، رأته يدفع الأمور إلى حافة أثمانها باهظة.
  • قد يكون هذا الخطاب الذي قدمه الطنطاوي نجح في جذب قطاعًا واسعًا من النشطاء وامتدادات جماهيرية من الغاضبين شعبيًا، فحاز الرجل شعبيته، بينما خاصمت حملته الوجوه السياسية، رغم أن هذا لا ينفي فعاليته النضالية المهمة في العمل السياسي.
  • وفي نفس الوقت، فريد زهران رغم خطابه الجيد لم يكن قادرًا على تحريك تكتلات سياسية تؤمن أن التغيير يكون من خلال الانتخابات.

جيل الشباب وقيادة المرحلة

هل يجب إفساح المجال لجيل الوسط من الشباب في مقابل تنحي جيل السبعينيات سياسيًا؟

  • ليس تنحي، إذ لا صراع بيننا وبين جيل السبعينيات، أزمتنا مع النظام الذي دخلنا سجونه.
  • ولكنني أرى أنه على جيل الشباب أن يأخذ خطوة إلى الأمام. ونحن في حزب “العيش والحرية”، فعلنا ذلك، وخضنا معركة الخروج من التحالف الشعبي، وأسسنا حزبًا متماسكًا ونعمل منذ سنوات تحت التأسيس، ورغم أننا دفعنا الثمن من أجل هذا ولكن كان اختيارنا أن نكون نواة شابة لليسار المصري.
  • الإشكالية هنا في مدى استعداد جيلنا لبناء أحزابه السياسية، مثلًا الطنطاوي عندما جاء رئيسًا لحزب الكرامة لم يقبل هذا الدور ولم يقبل إعادة إنتاج حزب الكرامة، فصنع تيار الأمل وخاض لعبة أكبر من العمل الحزبي في الرئاسة.
  • الكرة في ملعب جيلنا الآن. أعلم أن العمل السياسي الآن كئيب وبيروقراطي ولكن لا يوجد حل آخر.
  • هذا جيل “اتهرس” بكل معاني الكلمة، ولا تزال بعض قياداته في السجون وفي مقدمتهم محمد القصاص، ولا تزال أسئلة الثمن ما بعد السجن مطروحة، خاصة وأن سجون النظام الحالي أقسى من سجون السادات التي جربها جيل السبعينيات.

نشرنا في “فكر تاني” عن تحرك أسماء كحسام مؤنس وياسر الهواري وغيرهما في مسار تكوين تكتلات سياسية.. هل هذه بداية لتمكين جيل الوسط؟

  • نعم، يمكن أن تكون بداية تمكين لجيل الوسط بشرط واحد: عدم الدخول في حظيرة النظام، خاصة أن النظام يشعر أن تجربة “تنسيقية الشباب” لم تعد مجدية.
  • التحدي الذي يواجه جيلنا الآن أن النظام يريد صنع عملية سياسية كاملة مفطومة من الشارع. وهذا أمر غريب جدًا، إذ لا توجد سياسة أبدًا “بالريموت كنترول”، ولا يمكن استمرار رفض دعوة الناس للمشاركة بأي درجة إلى ما لا نهاية في ظل المستوى الحالي من الغضب، لم يحدث ذلك من قبل حتى أيام مبارك التي كان يتم اللعب فيها على تناقضات الإخوان والأحزاب بما فيها الحزب الوطني، كان هناك مساحة للناس للمشاركة وأحيانًا للاختيار الحر.
  • أتمنى أن يتعامل جيلنا بشكل جيد مع الانتخابات البرلمانية المقبلة، التي أتوقع أن تحدث معها انفراجة محدودة في قانون الانتخابات، تُمكن جيلنا من الصعود كمعارضة عبر تكتلات ووجوه بعيدة عن حظيرة النظام وقوائمه.

اقرأ أيضًا:حسام بدراوي في حوار خاص: هل تريدون دولة ديمقراطية.. إذن أين البرلمان والصحافة؟.. وأحذر من تعديل الدستور مجددًا

الدكتور حسام بداروي يسعي لتشكيل اتئلاف سياسي جديد قبيل الانتخابات البرلمانية كما كشف في حواره مع فكر تاني.. هل تقبل بالمشاركة معه؟

  • أنا على المستوى الشخصي، منضوى تحت إطار حزبي، وبالتالي رأيي مرتبط بكياني الحزبي في هذه المواقف، ولكن عامة أي ائتلاف مثل هذا الذي يسعى له الدكتور بدراوي يمكن أن يشكل إضافة للحياة السياسية، ويمكن أن يكسب مساحات ويساعد في ظهور وجوه سياسية جديدة، ولكن في هذا الإطار ليست الجبهة الأقرب إلي.

لن نعود للحوار الوطني

في 19 يوليو 2023، أعلنتم كحزب مقاطعة الحوار الوطني وقلتم: كان رهانًا خاسرًا.. هل من عودة؟

  • تجربة الدعوة للحوار الوطني كانت قاسية جدًا في حزب العيش والحرية، لدينا موقف جذري من الحوار مع أي سلطة، لكن خبرة السنين الماضية علمتنا أنه لا يمكن أن تكون حزبًا علنيًا دون ممارسة أشكال من التفاعل مع السلطة.
  • منذ الدعوة للحوار، حدث توتر شديد داخل الحزب، خوفًا من التدجين، ولكن هناك صوت تحدث عن أنها مرحلة تفاوض مع السلطة من أجل الضغط لخروج سجناء الرأي، وفرصة لتحسين شروط الحياة السياسية، وعندما شاركنا احترامًا لهذا الصوت كان كل اختلال في شروط الدخول يفتح الحديث مجددًا داخل الحزب حول الاستمرار من عدمه.
  • أزمة انتخابات نقابة المهندسين، ومشاهد البلطجة التي حدثت، ضغطت علينا، ومع تكرار الانتهاكات، قلنا: لا لن نستمر، رغم مشاركاتنا الواسعة والجادة في كافة مجالات الحوار، بعد تأكدنا أنه تحول لأداة استيعاب للمعارضة وليس أداة لتحسين شروط الحياة السياسية.
  • وبالطبع لا يمكن أن نعود للحوار الوطني مرة أخرى، وأي رغبة لتنفيذ مستهدفات الحوار الوطني بشكل عملي يجب أن نراها مباشرة في التحضير للانتخابات البرلمانية وتنفيذها كما يجب أن تكون الانتخابات.

تتحدث عن فاعلية حزب العيش والحرية بصورة متكررة، ولكنه لا يزال تحت التأسيس منذ سنوات.. لماذا؟

  • غير مسموح لنا بالتأسيس في ظل المناخ السياسي الصعب الحالي، خاصة في المحافظات، والرفض وصل حتى إلى تحرير التوكيلات، التي هي بالأساس أداة قانونية منظمة طبقًا للقانون، ولذا يبقى الحزب تحت التأسيس.
  • تخيل أحد طلابنا، ذهب كي يحرر توكيلًا للحزب، تم رفض تحرير التوكيل من الموظف المختص في الشهر العقاري، واستدعى أمنيًا للسؤال عن أفكاره، ثم تسألني عن تأسيس حزب!.

الانتخابات البرلمانية

إذن.. ما هي استعداداتكم كحزب للانتخابات القادمة؟

  • خضنا الانتخابات الماضية بشكل فردي على 4 مقاعد. وهذه المرة سنحاول أن ننضم إلى كل النقاشات المطروحة الخاصة بتكوين قائمة ديمقراطية، وسننظر في مدى قدرتنا في الحركة المدنية على ذلك، وإذا لم ننجح في إيجاد هذه القائمة سنتجه إلى الدفع بمرشحينا على المقاعد الفردية ببرنامج متشابه وشعار متشابه.

ألا تستطيع الحركة المدنية إعداد قائمة ديمقراطية في الانتخابات المقبلة؟

  • نعم نستطيع، ولكننا بحاجة إلى قياس مدى إيمان أطراف الحركة بقيمة تلك القائمة ومدى أهمية التوافق عليها، وأعتقد أنه لو كان القانون الانتخابي قائم على القائمة النسبية فهذا سيكون أفضل للحركة المدنية، لأن هذا القانون يعطي فرصة حقيقية لتسييس العملية الانتخابية، أما لو الدولة اختارت القائمة المغلقة، فإن الأمور ستتعقد بشكل كبير في الحياة السياسية بمصر، ولن نسمح لأنفسنا بالدخول إلى البرلمان عبر مفاتيح محددة سلفًا وسننشغل بالتواصل مع الشارع في هذا الموسم وصنع معارك شعبية في أكثر من مقعد وفقط.

البعض يرى أن تجاهل النظام لنصائح الإصلاح السياسي يعيد إنتاج تجربة برلمان 2010.. كيف تعلق؟

  • لا أحد يمكنه التنبؤ بتكرار الماضي أو حدوث لحظات تحول كبرى في هذه الأوقات وفي ظل هذه الظروف.
  • لو أن النظام يتمتع بعقلانية وإرادة موحدة سيسمح للمعارضة بمناخ تحصد فيه 30% من المقاعد، حتى يجعل البرلمان القادم شعلة معارضة، ما يسحب كثيرًا من غضب الشارع، لكنني أتوقع أن الضباع وأصحاب المصالح سيقفون بقوة أمام أي محاولة من هذا النوع.
  • البعض داخل السلطة يعتبر نجاح المعارضة في الانتخابات مخاطرة كبيرة يخشى معها تثوير الشارع، ويدلل على ذلك أن الذي صنع انتفاضة الخبز في 1977 نجاح المعارضة في برلمان 1976، وردي أن مصر تحيا في مخاطرة أكبر من مخاوف البعض من فوز المعارضة في الانتخابات المقبلة، ولكنها مخاطرة ساكنة وهذا أخطر.
  • درس يناير لم يكن درسًا للتخريب بل كان درسًا يقول بوضوح إن الحالة الحيوية للمعارضة في مجتمع ما قبل الثورة حمت مصر من فوضى أثناء ثورة يناير أو من اختطاف الإسلاميين للثورة بعدها، ولابد أن يفهم الجميع ذلك.

أسباب تأخر انتخابات المحليات

في رأيك لماذا لا تعقد انتخابات المحليات كانتخابات البرلمان والرئاسة؟

  • المحليات موضوع هام جدًا، ومشكلتها أن السيطرة على انتخاباتها صعبة جدًا بحسب مفاهيم النظام، وبالتالي يؤجلها، رغم انتهاء حجته في التأخير برحيل الإخوان.
  • مشكلة النظام ليست في المعارضة فقط، المشكلة كذلك مع الموالاة عند توزيع الأنصبة، مما قد يعرضه لأزمات لا يرغب فيها الآن.
  • يتساءلون بينهم الآن كما نسمع: كيف نختار 50 ألف عضو؟ وكيف نحمي المجالس المحلية من المعارضة وبقايا الإخوان؟ وهل نحن جاهزون لمواءمات محلية؟
  • النظام لا يريد أن يدفع فواتير لأحد أو حتى أن يحترم المواءمات السياسية مع القيادات الجماهيرية المقربة منه.

كيف تنظر إلى دعوة بعض المحسوبين على السلطة لإجراء تعديلات دستورية جديدة تُمدد فترة الرئاسة؟

  • النظام الذي لا يستطيع إنفاذ التزام دستوري واضح وهو انتخابات المحليات، عليه ألا يقترب من الدستور مرة أخرى تحت وطأة الدعوات التي تتحدث عن تعديل مدد الرئاسة مجددًا، فمصر لا تتحمل هذا، وعلى الأطراف العاقلة أن تتنبه لهذا الأمر جيدًا، هذه دعاية غير مسؤولة ودعوات ضباع تريد أن تحافظ على مصالحها ولو على جثة البلد.
  • أقول بشكل عقلاني بحت: إن الانتقال السلمي للسلطة، في إطار الدستور تحت رعاية أجهزة الدولة هو الطريقة الآمنة للمحافظة على السلم الاجتماعي، خاصةً وأن مساحة التغيير عبر الانتخابات الرئاسية صعبة، فنهاية المدد الرئاسية تفتح المجال لترشيحات جديدة ومساحات مختلفة وباب أمن للخروج، يكون من ضمنه النقاش حول من سيخلف الرئيس.

ما هو برنامج اليسار الاقتصادي؟

نذهب إلى الاقتصاد.. د.علي الدين هلال في حواره معنا شكَك في وجود برنامج اقتصادي يساري قابل للتنفيذ في مصر وخشيته من أنكم تقدمون شعارات فقط.. ما ردك؟

  • لدينا برامج اقتصادية وأجندة واضحة بالحلول الاقتصادية للوضع في مصر، ولكن السؤال ما المطلوب من اليسار في مصر؟! نحن لسنا حكومة ولسنا في موقع الرئاسة حتى نقدم برنامج اقتصادي الآن.
  • أريد أن أقول إن الدولة تحجب المعلومات، وكل الصفقات التي تعقد لا توجد تفاصيل واضحة لها، ولا توجد شفافية، وبالتالي وجود برنامج اقتصادي تفصيلي مرهون بحصولي على المعلومات كاملة. ولكن كل تفصيلة في الاقتصاد لدينا فيها رؤية ونظرة، ولا أحد في مصر من اليسار حاليًا يقول: نريد مجتمع اشتراكي الآن، ولكن نقول: هناك فرص لتوزيع أكثر عدالة للثروة، وذلك من خلال عدة سياسات منها تغيير السياسات الضربية وشكل مختلف للموازنة.. إلخ.

النيوليبرالية فشلت

د.هاني سري الدين في حوار مع “فكر تاني” اعتبر كذلك شعارات اليسار تمنع الإصلاح الاقتصادي.. كيف ترى ذلك؟

  • هذه شماعة لتعليق الأخطاء الاقتصادية الحالية عليها، لقد صنعوا كل شيء عكس اليسار: أطلقوا المجال للدولار وسعر الصرف أصبح رهن إشارته، وفككوا مصانع الحديد والصلب والعمالة في القطاع العام لا تتجاوز 200 ألف، وباعوا مقدرات البلد.. ماعلاقتنا نحن؟!
  • وأنا أتساءل: كيف أوقف اليسار روشتة الإصلاح الاقتصادي النيوليبرالي في العهد الحالي؟.. الاتهامات كان يمكن أن يكون لها صدى عندما كان لدينا صوت في الدولة، ولكن منذ عقد وهم يهدمون كل ما تبقى من منجزات الحكم الاشتراكي في مصر. وفي الحقيقة أن الدولة خضعت لعملية “نيوليبرالية” لم تُجد نفعًا في بلد بلا ديمقراطية، ثم ذهبت إلى موجة احتكارية كبرى بزعامة اقتصاد مؤسسات الدولة أزعجت القطاع الخاص ورجال الأعمال الكبار تحديدًا.
  • حصل التيار الليبرالي على فرصته كاملة لصنع ما يريد في اقتصادنا، وتبين فشله، وأن سياساته “النيوليبرالية” لا تصلح لمصر، في ظل مجتمع 70% منه يعيش في فقر، ولا يوجد فيه سياسات عدالة اجتماعية ولا يخضع لتوزيع عادل للثروات.
  • اليسار ليس ضد القطاع الخاص كما يروج الليبراليون، ولكن أي قطاع خاص نريد: هل قطاع بناء الكمبوندات، والأماكن الترفيهية في الساحل الشمالي، أم قطاع يبني المشروعات الصغيرة والمتوسطة في كل أنحاء الجمهورية؟!

اقرأ أيضًا:هاني سري الدين في حوار خاص: الأفكار الاشتراكية لا تصلح الآن.. نحتاج كل سنة “رأس حكمة” جديدة

د.جودة عبد الخالق كقطب يساري شارك في الحكومة وغيره، ولم تكن لكم بصمات واضحة وتجربة ناجحة وفق البعض.. لماذا؟

  • تتحدث عن عضو في حكومة يمكن أن تكون له تحسينات في مساحته، ولكن لا تتكلم عن حكومة يسارية لها سياسات حاكمة ونظام حاكم له مسارات واضحة. ولذلك نحن نستشعر أننا إذا تولينا كيسار مسؤولية الحكم في مصر، سيكون لدينا تحدي كبير ، بسبب غياب الشفافية التي يمكنها أن تمنحك قدرة على التخطيط المناسب ووضع برامج ملائمة، ولدينا تجارب للحكم اليساري في اليونان مثلًا، جرى فيها تكسير عظام اليسار، حتى لا يقدم نموذجًا ناجحًا للجميع يمكن البناء عليه.
  • في حال وصولنا للحكم سنركز على سياسة اقتصادية اجتماعية ترى معاناة الناس جزءًا من المعادلة وليس جزءًا هامشيًا، وتذهب إلى تنفيذ مجموعة سياسات تحسن من أوضاع الناس وخدماتهم. ولن نكون ضد الاستثمار الخاص، ولكن سنشجع الاستثمار الصغير والمتوسط كأولوية من خلال تخفيف الأعباء عنه. ولن نلجأ للتأميم الذي يخشى منه البعض، ولكن لدينا سياسات عقاب قانونية لكل من أخذ ما لا حق له فيه ونهب مقدرات الدولة.

اسمعوا عمال المحلة

كيف ترى حراك عمال المحلة؟

  • حراك عمال المحلة في تقديري وتطلعاتي جزء من موجة نضال اجتماعي، لأن صوت العمال المنظم هو أنسب صيغة سياسية للتعبير عن عموم الكادحين في مصر. وأنا أريد ممن تبقى من العقلاء في مصر أن يستمعوا لصوت عمال المحلة بكل إنصات، لأنهم يعبرون عن مساحة أوسع بالملايين من عموم الكادحين، الذين ليس أمامهم الآن إلا قطع الطريق أو التفاوض على زيادة الحد الأدني للأجر، وهذا التفاوض في صلب توزيع الثروة.
  • المشكلة أنه يجري تفكيك هذه الطبقة العمالية في مصر التي تتكلم بصوت الكادحين، وأنا أحذر من السعي المتزايد من مؤسسات الدولة لذلك لأن المقابل سيكون خطيرًا.
  • نحن الآن لم يعد لدينا سوى ما يقرب من 200 ألف عامل وعاملة في القطاع العام، وبالتالي خفت صوت الطبقة العاملة الكادحة التي كانت تتفاوض وتضغط من أجل رفع مستوى معيشة الكادحين وتوزيع الثروة بشكل آمن، وظهرت معالم جديدة في علاقات عمل هشة وموسمية مثل عمال التوكتوك وتوصيل الطلبات دون إطارات حاكمة ولا عقود ولا حقوق. كيف يمكن تنظيم سوق العمل الآن في ظل علاقات العمل الهشة تلك، ووجود اتحاد عمال موال للحكومة وغير مستقل، مع استمرار مساعي إجهاض تجربة النقابات المستقلة؟

الشباب المصري والسياسة

ننتقل إلى ملف الشباب.. كيف ترى أحواله حاليًا ومدي إيمانه بالمشاركة في الحياة السياسية؟

  • هناك صناعة لدائرة غير مسبوقة من الملاحقة والإزعاج وإحداث الرعب للشباب داخل الأحزاب السياسية المعارضة أو الذين يقفون على أطرافها أو المرشحين للانضمام إليها.
  • تلك الدائرة تبدأ بالاستدعاء، وتصل إلى الحبس، ثم المراقبة بعد إخلاء السبيل والتضييق على لقمة العيش والإجبار على الانتقال من المواقع تحت وطأة الاستدعاءات، ولذلك نجد كمًا كبيرًا من المشاكل النفسية ومستوى مزعج من اليأس والشعور بالهزيمة في مساحات الشباب، لوجود طاقات غير مستوعبة وفراغ كبير لا يتم استيعابه في الكيانات السياسية الموجودة، ولدي أمثلة قريبة من حزب العيش والحرية تُجسد ذلك، منهم شاب في الحزب استكمل 5 أعوام في السجن، بسبب بوست على “فيسبوك” عن تيران وصنافير.

ولكن الدولة تتحدث بطريقة مختلفة عنهم في مؤتمر الشباب، وتبرز وسائل إعلامها التطوع الكبير للشباب في العمل التنموي والخيري؟

  • دعنا نقيم هذا التطوع ونسبته في الظاهرة العامة. لا أظنه يستوعب أكثر من 50 ألف شاب وشابة على أقصى تقدير.
  • المسألة بسيطة: هل تريد الدولة تفكيك التواجد الشبابي كطاقة سياسية ثائرة وغاضبة في المجتمع؟ الإجابة عندي: إذن لابد أن تجد لهم فرص عمل حقيقية، وتعليم حقيقي قادر على إيجاد فرص عمل مناسبة لهم، وليس تنظيم المؤتمرات. وإذا افترضنا أن النظام استوعب 50 ألف شاب، فماذا يصنع الملايين من الشباب الذين يقفون أمام واقع اقتصادي غير مسبوق؟

تجفيف منابع الإنتاج السياسي في الجامعة

كيف تعاني أحزاب المعارضة من تجفيف منابعها بين طلاب الجامعات؟

  • الجامعات تجاوزت مرحلة ما بعد تجفيف المنابع، فهناك موقف حاد من النظام ضد منابع الإنتاج السياسي للأحزاب والقوى السياسية، وبالتالي تمارس الحكومة ضغوطًا ضد الطلاب والطالبات في الجامعات بشكل كبير وممنهج عبر الملاحقات الأمنية لمنع تحول الجامعة إلى ساحة سياسية.
  • أذكر أن أول انتخابات طلابية بالجامعات بعد رحيل نظام الإخوان جاءت بطلاب حزبي الدستور ومصر القوية، فأصاب النظام القلق، ورفع شعار: “شكرا يا كباتن.. الكلام هنا مات”، ومن يومها لا حركة طلابية في الجامعات ما عدا كيان مصنوع، يستكمل الشكل فقط. وأتوقع ألا يستمر هذا المنع تحت وطأة ما يحدث في مصر حاليًا، فالقمع وحده لا يكفي ولا يحمي.

من يملأ الفراغ في أوساط الشباب الآن؟

  • لا أحد يملأ الفراغ ولن يملأه أحد في حال استمرار الوضع على ما هو عليه. وفي حال عدم عودة الحياة السياسية في مصر لمسار طبيعي، يساعد على خلق روافد جديدة للتغيير والتعبير الديمقراطي والمدني، فإننا أمام انفجار متوقع سيستفيد منه طرفان: الإخوان بوجود جديد وجناح في الدولة، وسيصبح المشهد القادم تحالف ما بين جناح مختار من الإسلاميين وهذا الجناح في الدولة.

بوضوح.. هل صوتكم كيسار مسموع لدى الشباب بمصر ولديكم قدرة على استقطاب المزيد؟

  • نعم صوت اليسار مسموع لدى الشباب، لأن طاقة التمرد على القهر لا تنضب.
  • إن قدرة اليسار المصري على استقطاب المزيد لصفوفه موجودة ولكنها مُحاصرة، لأسباب متصلة بالأوضاع السياسية التي تحدثنا عنها سواء في الشارع أو الجامعات أو في غيرهما.
  • أنا أؤمن أنه طالما هناك مساحات للقهر، فهناك مساحات للتمرد عليها تحت مظلة ما أسميها “الهداية الأيدلوجية” في مساحات اليسار، ولذا فإن كل تمرد أي كان نوعه هو رصيد لليسار في مصر.

أزمة سجناء الرأي

تحدثت عن شباب رهن الملاحقة والحبس.. هل ملف سجناء الرأي سيظل مفتوحًا إلى ما لا نهاية؟

  • النظام يريد أن يبقي سجناء رأي لضبط أداء القوى المعارضة وحصارها، تحت شعار “من أمن العقاب أساء الأدب”، وهذه أزمة كبيرة. هو يريد الحفاظ على عدد من السجناء، دون أفق زمني، مع تقديمهم عبرة لمن حولهم، كجزء من تأديب المعارضين في مصر، وفي تقديري أن هذا لن يتغير في الفترة المقبلة، خاصة في السنوات الست المقبلة، لأنه سياسة ممنهجة لضبط الأمور على نحو مناسب لبعض مؤسسات الدولة.
  • قد يكون هناك توقف للحملات الواسعة من الاعتقال، ولكن هناك عقاب مباشر على كل ما تراه بعض مؤسسات الدولة متجاوزًا من وجهة نظرها، وهو ما ظهر في إحالة أنصار طنطاوي للمحاكمة، ومعتقلي مظاهرات فلسطين أو مظاهرة “جوعنا” الأخيرة في الاسكندرية.

فلسطين وقضيتها

نذهب إلى القضية الفلسطينية.. هل باتت الأراضي الفلسطينية أقرب للتحرير بعد الحراك العالمي المساند للسردية الفلسطينية وحقوقها؟

  • أرى هذه المعركة محطة مهمة جدًا في محطات التحرر الوطني الفلسطيني، تم دفع ضريبة كبيرة جدًا لها حتى الآن، ولكن ظهر للعالم كله الانهيار الأخلاقي الكبير لإسرائيل ورعاتها في الغرب.
  • المشكلة أن إسرائيل خارج السيطرة، وباتت المثال النموذجي لمدى إجرام النظام الدولي، حتى أنها استهدفت هذه المرة أن تصنع مذبحة متلفزة في معسكر للقتل اسمه غزة، تستطيع فيه قتل من تشاء في أي وقت شاء، سواء بالقصف أو بالتجويع، تحت بصر المجتمع الدولي.
  • ولكن رغم ذلك، فإن توابع تلك المحرقة كبيرة جدًا، وغير محسوبة العواقب في المنطقة والعالم، وأي أجيال تعيش الآن تربى في وعيها أن هذا الكيان يجب أن يسقط في يوم ما.
  • الكل سيدفع ثمن محرقة غزة خاصة من تحالف مع إسرائيل أو من تخاذل عن نصرة فلسطين. ويقيني أن ما حدث هذه المرة لن يمر مرور الكرام.

تقارب الضرورة العابر للأيدلوجية

على ذكر القضية الفلسطينية.. كيف حدث تقارب بين اليسار والإسلاميين على مستوى العالم تحت مظلة غزة رغم مواقفكم الفكرية المتعارضة؟

  • هذا “تقارب ضرورة” عابر للأيدلوجية، لأننا لا نريد أن تكون القضية الفلسطينية قضية حماس برعاية إيران وفقط، ولكننا نريد أن تكون هذه القضية المركزية قضية القوى الحرة في العالم، وما صنعته جنوب إفريقيا في محكمة العدل الدولية، منع أن تنحصر قضية نصرة فلسطين على إيران والاتجاه الإسلامي فقط. كما أن مظاهرات دعم غزة التي خرجت في كل العالم أسقطت كارت إيران الذي كان تلعب به إسرائيل لإخافة الناس والتفرد بالفلسطينين، وبالتالي في ظل خطاب تقدمي ملحوظ لحماس، ومحرقة إسرائيلية متواصلة، كان لابد أن نصطف جميعًا لدعم القضية الفلسطينية وظهر الصوت اليساري واضح في كل العالم.
  • وهنا أريد أن أراهن على أنه لن يتطور طرف إسلامي سياسي في المنطقة كما تطورت حماس، لأنها أجابت على سؤال استراتيجي: “كيف أقدم نفسي باعتباري قوى تحرر؟”، ولكن هذا التطور لن يجعلني راض عنها رغم أنه يجعلها تجاوزت أشباهها في المنطقة.
  • والسؤال الأهم في هذا الأمر المطروح على الجميع: ما الذي ستتركه غزة من دروس في العقل الإسلامي المحافظ أو كافة التنظيمات التقدمية المهتمة بالطبقة الوسطى في ظل الغضب الواسع المنتشر ضد أمريكا وتوابع المحرقة على المنطقة ككل؟ الإجابة بلا شك ستتوقف على مدى قدرة قطاع متوازن من المحافظين والتقدميين على إحداث تضامن أممي إنساني مستمر في مواجهة توابع ما جرى وما يجرى حاليًا، ثم مدى قدرة الإسلاميين على الانفتاح على الديمقراطية والحريات ومغادرة صفوف التزمت والغباء السياسي.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة