طالبت الحركة المدنية الديمقراطية مؤسسات الحكم بالإنصات لصوت الشعب، والتفاعل بإيجابية مع حركات الاحتجاج، مؤكدة أن الحرية والعدل هما أقصر طريق للاستقرار، وأن تعزيز فرص التداول السلمي للسلطة هو الطريق الآمن لتجاوز الأزمات. كما أكدت على ضرورة البحث عن مصادر أخرى لزيادة موارد الدولة «بخلاف جيوب الفقراء».
قالت الحركة، في بيان أمس الأحد، إنها تابعت التطورات الأخيرة على الساحة السياسية والاقتصادية، وعلى الأخص ما يتعلق بالقرارات الاقتصادية للحكومة في تأثيرها على حياة المواطنين، الذين يعانون أصلًا التدهور الذي أصابهم نتيجة هذه السياسات. وأكدت على تضامنها مع ممارسة المواطنين لحقوقهم الدستورية في الاحتجاج، وترحبيها بالتزام حركة المحامين والمهنيين عمومًا، والحركات العمالية، بالمسارات السلمية الديمقراطية، وشددت على ضرورة التفاعل الإيجابي مع حركاتهم «الديقراطية الحضارية التي ظهر فيها صوت المحامين والأطباء والمهندسين والعمال وغيرهم مسموعًا، يستهدف الدفاع عن مصالحهم».
وشددت الحركة على التزامها بالعمل على إحداث تغييرات عميقة للسياسات، تحقيقًا لمبدأ العدالة الاجتماعية، ورفع القيود عن الحريات، وعلى رفضها لتجاهل الحكومة لمطالب الشعب، واستراتجيتها التي تفتقد إلى عدالة توزيع الأعباء والموارد، ولا ترى طريقًا لزيادة موارد الدولة غير فرض الرسوم الجبرية، بحسب البيان. مشددة على انحيازها في كل برامجها إلى نظام ضريبي عادل يراعي دخول المواطنين، وفي ذات الوقت يشجع الاستثمار الموجه أساسًا إلى دعم القدرات الانتاجية للاقتصاد.
كما جددت مطالبتها بضرورة مراعاة القرارات الحكومية أن أغلب المواطنين يدورون حول خط الفقر، وأن الأسر المصرية تمر بضائقة اقتصادية شديدة نتيجة موجات الغلاء ومعدلات التضخم وتدهور قيمة الجنيه المصري، والأعباء الجديدة الثقيلة التي أضافها على كاهل المصريين اتفاق الحكومة مع صندوق النقد الدولي، بما يؤكد حاجة أغلبية المواطنين إلى الدعم، وليس إضافة أعباء جديدة، مع ضرورة الحذر والانتباه لـ«فخ الديون».
وأشار بيان الحركة، المكون من 10 نقاط، إلى أن أغلبية المهنيين والحرفيين وأصحاب الأعمال الصغيرة يعانون من نفس الضائقة، وهو ما يوجب ضرورة التمييز بين أصحاب الأعمال الكبيرة وبين جمهرة المهنيين والحرفيين والتجار الصغار، لافتًا إلى أن «تحميل هذه الفئات بأعباء جديدة يزيد أوضاعهم ضررًا بما قد يفوق طاقتها على الاحتمال»، إلى جانب ضرورة مراعاة مؤسسات صنع القرار أهمية عدم تعدد الأوعية الضريبية، وأن يكون النظام الضريبي عادلًا وتصاعديًا، يراعي ما يتكبده المخاطبون به من مصاريف وأعباء.
وقالت الحركة إن: «عدالة توزيع الموارد والأعباء يجب أن تمتد لكل المجالات، وأن تكون ضمن استراتيجية شاملة لتحقيق العدالة الاجتماعية، وأن يكون السعي لزيادة الموارد شاملًا لمجالات عديدة، بينها التخفف من أعباء فريق المستشارين في المؤسسات الحكومية وترشيد الإنفاق الحكومي إجمالًا، وتخفيض الإنفاق المظهري ومراجعة الإنفاق على مشروعات لا تمثل أهمية ملحة على سلم الأولويات، وكذلك دمج الصناديق الخاصة، وعلى رأسها صندوق هيئة قناة السويس، في الموازنة العامة للدولة».
كما أكد البيان على ضرورة تنشيط إجراءات مكافحة الفساد، بما يستوجبه من حرية تداول المعلومات والآراء وحرية الإعلام، وتعزيز الدور الرقابي للمؤسسات والهيئات المدنية والأهلية، فضلًا عن المشاركة الشعبية والحوار مع أصحاب المصلحة والمخاطبين بالقرارات التي تمس مصالح المواطنين، والالتفات لعنصر الموائمة من حيث التوقيت، ومراعاة حالة الاحتقان والغضب عند أغلبية المصريين، بما يتعارض مع سلسلة القرارات التي صدرت أخيرًا.
ودعت الحركة المدنية الديمقراطية في بيانها إلى الامتناع عن إصدار أي تشريع أو إجراء يتصل بقانون العمل قبل حوار واسع مع أصحاب المصلحة، مشيرة إلى أهمية هذا القانون لارتباطه ببيئة العمل وشروطه وضماناته، وباستقلال الحركة النقابية والعمالية، بما يوجب حوارًا مفتوحًا وشفافًا مع العمال أنفسهم، من خلال تنظيماتهم المستقلة، وعبر الندوات والمؤتمرات شاملة مواقع العمل، وكذلك يلزم طرحه أولًا في جلسات الحوار الوطني والاستماع لصوت المعارضة، مؤكدة أن «شئون الحكم لا يجوز أن تدار بالصوت الواحد والقرارات المسبقة».
واختتمت الحركة بيانها بالتأكيد على أن الاعتراف بالحق في التعددية والتنوع كان يمكن ولا يزال بإمكانه أن يجنب البلاد كثيرًا من الأزمات، وأن الإفراج عن سجناء الرأي من المعارضين السلميين يمثل إشارة إيجابية على إمكانية تصحيح المسار، بهدف مواجهة الأزمة بالانتصار الحاسم لمبدأ العدالة الاجتماعية وفتح رئات المجتمع للحرية، وأن الشعب قد أثبت دومًا أنه الحارس الأمين لمصالح الوطن، وأن الحرية والعدل أقصر طريق للاستقرار، كما أن تعزيز فرص التداول السلمي للسلطة هو الطريق الآمن لتجاوز الأزمات.