تقرير لـ”الفكر والتعبير”.. “الحوار الوطني” لم يوقِف عجلة القمع

قالت مؤسسة حرية الفكر والتفكير، بالرغم من انطلاق جلسات الحوار الوطني، التي اعتبرها المراقبون بدء انفراجة سياسية، استمرت السلطات المصرية في انتهاج سياسات معادية للحق في حرية الفكر والتعبير، بصوره المختلفة، إضافة إلى الاستمرار في حجب المواقع الصحفية، بالمخالفة للقانون، حال نشر أية أخبار أو تقارير لا تتفق والسياسة التحريرية المركزية الموجهة أمنيًّا، وشهد الربع الثاني من العام الجاري قيام السلطات المصرية بحجب أربعة مواقع صحفية، اثنين منها بشكل دائم والاثنين الآخرين بشكل مؤقت.

مؤسسة حرية الفكر والتعبير (مؤسسة حقوقية غير حكومية) أصدرت، الأحد الماضي، تقريرها ربع السنوي في مصر “حوار في ظلال القمع” عن الفترة من 1 إبريل إلى 30يونيو 2023، والذي تضمن عدة ملفات وهي: “انتهاكات حرية التعبير، الحقوق الرقمية، الحرية الاكاديمية والحقوق الطلابية، حرية الصحافة والاعلام، وأخيرا حرية الابداع والتعبير الفني”.

وانطلقت جلسات الحوار الوطني خلال الربع الثاني من العام الجاري 2023، وذلك بعد عام من دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى حوار سياسي يجمع القوى السياسية الحزبية والشبابية من دون إقصاء أو تمييز، وذلك خلال حفل إفطار الأسرة المصرية نهاية إبريل من العام الماضي.

وأضاف التقرير أنه عقب بداية جلسات الحوار الوطني، وتحديدًا في 30 مايو الماضي، اقتحمت أعداد من البلطجية حرم الجمعية العمومية -غير العادية- لنقابة المهندسين- وفقا لوصف المؤسسة، وذلك قبل إعلان نتيجة التصويت على سحب الثقة من النقيب طارق النبراوي، الذي دعت إليه هيئة مكتب النقابة. وقبل إعلان النتيجة التي كانت مؤشراتها واضحة باكتساح النبراوي الذي حظي بدعم كبير وبحضور تاريخي تجاوز 25,000 مهندس، اعتدى المقتحمون على الحضور، وحطموا صناديق الاقتراع، وأرهبوا اللجنة القضائية المشرفة على التصويت ومنعوها بالقوة من إعلان النتيجة.

الحقوق الرقمية

رصدت مؤسسة الفكر والتعبير في تقريرها، السياسيات المعادية التي اتبعتها السلطات الأمنية ضد الحقوق الرقمية، إذ تضمن التقرير 16 حالة انتهاك في هذا الملف، تضمن إلقاء القبض على مواطنين على خلفية نشر منشورات تنتقد سياسات الدولة على الفيسبوك، كما تم القبض على أعضاء أحزاب على خلفية تعبيرهم عن رأيهم على مواقع التواصل الاجتماعي، فضلًا عن القبض على مواطنين على خلفية نشر صور وفيديوهات بدعوة التعدي على قيم الأسرة المصرية، في إشارة للقبض على الموديل والبلوجر سلمى الشيمي من مطار القاهرة في أثناء عودتها من دولة الإمارات على إثر نشرها صورًا ومقاطع فيديو بدعوى أنها مخلة.

وأشار التقرير إلى عمليات القبض التي توازت مع جلسات الحوار الوطني، ومنها القبض على الدكتور هاني سليمان المدير السابق للتسويق في شركة “فايزر” الأميركية في الشرق الأوسط واستشاري الأمراض الجلدية والتناسلية ومدير معهد التدريب القومي بوزارة الصحة سابقًا، على خلفية منشور على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك بعنوان “الحقيقة المؤلمةانتقد فيه النظام السياسي.

الحرية الاكاديمية والحقوق الطلابية

رصد تقرير المؤسسة الحقوقية استمرار السلطات المصرية في ملاحقة الأكاديميين بسبب نشاطهم السياسي السابق، أو ملاحقة الطلاب على خلفية نشاطهم خارج الجامعة، رغم بدء جلسات الحوار الوطني. وأشار التقرير الصادر عن المؤسسة إلى إلقاء قوات الأمن القبض على معاذ الشرقاوي فى 11 مايو، وظل معاذ محتجزًا دون الافصاح عن مكانه أكثر من ثلاثة أسابيع حتى ظهر في 3 يونيو 2023 أمام نيابة أمن الدولة في القاهرة الجديدة.

كما رصد التقرير استمرار منع الباحث الحقوقي أحمد سمير سنطاوي – تم إخلاء سبيله في 29 يوليو 2022 – من السفر للمرة الثانية لإكمال دراسته، بعد وكان سنطاوي قد منع من السفر قبل ذلك في 27 أغسطس 2022 إلى النمسا

حرية الإعلام

 سجلت المؤسسة في تقريرها 8 وقائع انتهاك ضد حرية الصحافة والإعلام بمعدل 9 انتهاكات خلال هذا الربع، تنوعت الانتهاكات بين المنع من التغطية والاحتجاز في أثناء أداء العمل الصحفي، وحجب المواقع، بالإضافة إلى مع منع الظهور الإعلامي في مجموعة قنوات المتحدة، المملوكة للدولة، كان منها إعلان الإعلامية قصواء الخلالي، عبر صفحتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” عدم ظهور السياسي حمدين صباحي في برنامج “المساء مع قصواء” على شاشة cbc، الذي كان مقررًا عرضه في مايو الماضي.

 إلى جانب هذا شهد الربع الثاني خروج عدد قليل من الصحفيين المحبوسين على ذمة قضايا نشر. فقد أخلي سبيل الصحفي هشام عبد العزيز، المحبوس على ذمة القضية رقم 1956 لسنة 2019. كما تم إخلاء سبيل الصحفي بالبوابة نيوز، محمد مصطفى موسى، بضمان محل إقامته على ذمة التحقيقات في القضية رقم 1977 لسنة 2022 حصر أمن الدولة العليا، والذي قُبض عليه في 5 نوفمبر 2022.

حجب المواقع الصحفية المستقلة

 بحسب ما رصدته المؤسسة في تقريرها، ففي الوقت الذي رُفع فيه الحجب عن موقع “درب” الإخباري التابع لحزب التحالف الشعبي الاشتراكي، الذي كان يرأس تحريره نقيب الصحفيين الحالي، الكاتب الصفي، خالد البلشي، شهد الربع الثاني من العام الحالي تجدد استهداف السلطات المصرية للمواقع الصحفية المستقلة، فقد وثقت المؤسسة تعرض موقع السلطة الرابعة للحجب، فوفقًا لـ ريمون وجيه رئيس تحرير ومؤسس موقع السلطة الرابعة، كما أعلن مؤسس موقع 360، حسين بهجت حجب الموقع مؤكدًا عدم وصول أية إنذارات أو إشارات تشير إلى إمكانية حجب الموقع.

حرية الإبداع والتعبير الفني

وفيما يتعلق بحرية الإبداع، رصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير، خلال الربع الثاني من العام الحالي، انتهاكًا واحدًا، ففي 20 يونيو الماضي، أصدرت نقابة المهن الموسيقية، برئاسة الفنان مصطفى كامل، قرارًا بمنع التعامل مع منظم الحفلات ياسر الحريري، بسبب المخالفات التي صدرت عنه.

كما لم تتوقف نقابة المهن الموسيقية عن لعب دور الرقيب على أعضائها وهو ما ظهر في تعليقها على ظهور الفنان أحمد سعد بقميص شفاف أثناء إحيائه حفل غنائي في مدينة جدة السعودية.

وفي ختام التقرير، أكدت المؤسسة على أن السلطات المصرية لم تتراجع عن سياساتها في وضع القيود على حرية التعبير بمختلف أشكالها، حيث لا تزال الأجهزة الأمنية مسيطرة على إدارة المشهد السياسي، وهو ما لا يستقيم مع ادعاءات السلطات المصرية نيتَها انتهاجَ سياسات جديدة تساعد على حل الأزمة السياسية والحقوقية التي تعيشها مصر خلال العقد الماضي.

فيما أوصت المؤسسة بـ”وقف الأجهزة الأمنية كل أشكال ملاحقة الأفراد على خلفية تعبيرهم عن آرائهم بصورها المتعددة.  ودعوة النائب العام إلى ضرورة الإفراج عن كل المحبوسين على ذمة قضايا سياسية. بالإضافة إلى ضرورة وقف السلطات المصرية عمليات حجب المواقع الصحفية، ورفع الحجب عن المواقع التي تم حجبها، فضلًا عن إلغاء قرارات المنع من السفر الصادرة ضد باحثين، صحفيين، مدافعين عن حقوق الإنسان”.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة