"فكر تاني" تستضيف قادة أحزاب وسياسيين في جلسة نقاشية حول الانتخابات البرلمانية

استضافت منصة "فكر تاني" جلسة نقاشية حول الانتخابات البرلمانية المقبلة، أدارها السياسي مجدي عبد الحميد، المتحدث الرسمي الأسبق باسم الحركة المدنية الديمقراطية، والمنسق العام السابق لها.

شارك في الجلسة قادة أحزاب، وسياسيون، وبرلمانيون، وحقوقيون بارزون، هم: محمد أنور السادات رئيس حزب الإصلاح والتنمية، والنائب عبد المنعم إمام رئيس حزب العدل، والنائب محمود سامي نائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي رئيس الهيئة البرلمانية للحزب في مجلس الشيوخ، والنائبتان مها عبد الناصر وأميرة صابر نائبتا رئيس الحزب، والمحامي الحقوقي أحمد فوزي عضو الهيئة العليا للحزب، والسياسي أحمد ماهر مؤسس حركة 6 أبريل، والكاتب الصحفي محمد صلاح، والكاتبة الصحفية والسياسية إسراء عبد الفتاح، والحقوقية داليا زخاري، والباحث السياسي أحمد كامل البحيري، والسياسي ناصر عبد الحميد.

أكد المشاركون أهمية أن تفتح السلطات المصرية المجال العام، وأن تجري حوارًا حول البرلمان المقبل، على أن تحدد المعارضة أولوياتها السياسية في الانتخابات المقبلة، مع التشديد على ضرورة العمل المشترك على إشراك المواطنين في المعركة الانتخابية القادمة، بما يعزز مكانة الفعل السياسي والسياسة كحل أساسي للأزمة المصرية، بعيدًا عن أي مسارات أخرى.

أكد قادة أحزاب وسياسيون أهمية أن تفتح السلطات المصرية المجال العام، و أن تحدد المعارضة أولوياتها السياسية في الانتخابات المقبلة- تصوير إسلام يحيى
أكد قادة أحزاب وسياسيون أهمية أن تفتح السلطات المصرية المجال العام، و أن تحدد المعارضة أولوياتها السياسية في الانتخابات المقبلة- تصوير إسلام يحيى

 

انتخابات مهمة في وقت شديد التوتر

في البداية، يقول مجدي عبد الحميد، المتحدث الرسمي الأسبق باسم الحركة المدنية الديمقراطية، إن الانتخابات البرلمانية القادمة في 2025 لها أهمية خاصة في ظل ظروف وأحداث إقليمية ودولية شديدة التوتر، مُحملة بالعديد من الاحتمالات والسيناريوهات التي ستنعكس بالضرورة على الدولة المصرية، سلطة وشعبًا، بالإضافة إلى أوضاع داخلية غير مسبوقة من حيث حدة الأزمة الاقتصادية التي نمر بها، وانعكاساتها الاجتماعية شديدة الوطأة.

مجدي عبد الحميد
مجدي عبد الحميد

ويضيف أن انتخابات البرلمان المصري القادمة، بغرفتيه، تشكل فرصة تاريخية لبلدنا إذا ما أحسنت السلطة التعامل معها واستغلالها لإرسال رسائل للجميع بإنعقاد النية على تجاوز مشاكلنا من خلال تبني سياسات وحلول نشترك في صناعتها جميعًا ونتبنى تطبيقها عبر طرق سلمية وباستخدام الأدوات الديمقراطية المتعارف عليها، وفي مقدمتها الانتخابات التعددية.

ويشدّد المتحدث الرسمي الأسبق باسم الحركة المدنية الديمقراطية على أهمية فتح المجال العام، والسماح بمشاركة جميع مواطني الشعب المصري في الشأن العام، والإفراج عن المحبوسين على ذمة قضايا تتعلق بحرية الرأي والتعبير من غير المتورطين في أحداث عنف وإرهاب.

ويقترح عبد الحميد إطلاق حوار مجتمعي شامل وحقيقي ومفتوح ومتعدد المستويات، يشمل جميع الأطراف في المجتمع المصري وبدون مخرجات سابقة التجهيز، يتناول مناقشة القوانين الخاصة بالعمليات الانتخابية وكيفية جعلها جاذبة ومحفزة على المشاركة من قبل جميع الأطراف، والتشاور حول أنسب النظم الانتخابية الملائمة للواقع المصري والقوى والتيارات السياسية المدنية المختلفة والمجتمع المدني الواسع، بما يعطي للانتخابات ولنتائجها المصداقية اللازمة.

مؤشرات برلمان 2025

مشددًا على أهميتها أيضًا، يقول السياسي محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية والقيادي البارز بالحركة المدنية الديمقراطية، إن انتخابات برلمان 2025 تكتسب أهميتها من اعتبارات سياسية خاصة جدًا، مشيرًا إلى ما "قد نشهده من تعديلات دستورية جديدة تتيح استمرار الرئيس، هذا إذا لم نر تعيين نائبًا للرئيس خلال 6 أشهر أو عام، واكتفاء الرئيس بهذا القدر من المسؤولية في 2030".

ويؤكد السادات أن المؤشرات تتجه إلى وجود برلمان بأغلبية مريحة جدًا تحت مسميات مختلفة، ولكن "أحمد زي الحاج أحمد"، كما يقول، وأن هذه الزاوية من رؤية المشهد مرتبطة بالوقت الحالي، متوقعًا أنها قد تتغير في أي لحظة مع أي متغيرات في المشهد، مضيفًا: "محدش عارف إيه اللي هيحصل كمان شوية".

محمد أنور السادات
محمد أنور السادات

يميل رئيس حزب الإصلاح والتنمية إلى النظام الفردي كأقرب نظام انتخابي للوضع المصري، والذي يصفه بأنه "يتطلب قدرات مالية وميدانية كبيرة وصعبة"، موضحًا أنه نتيجة لذلك، فإن معظم التفاهمات المعلنة أو غير المعلنة تدور حول نظام القوائم والمشاركة فيها.

"القوائم النسبية ليست سهلة أيضًا"، يضيف السادات، بينما يلفت إلى أن القوائم النسبية تتطلب شروطًا معينة من حيث التواجد والمرشحين والقدرات المالية، قد لا تستوعبها كل أحزاب المعارضة، التي ترفض القوائم المطلقة والنظام الحالي للانتخابات "50% قوائم 50% فردي".

ويقول إنه رغم وقوفه مع القوائم النسبية، يدرك -كما يدرك آخرون- أن معركتها معقدة من حيث الترتيب والحسابات والأرض، موضحًا أنه إلى الآن لا يوجد يقين بقبول مؤسسات الدولة لمخرجات الحوار الوطني، فيما يخص وجود القوائم النسبية.

ويشير السادات إلى العديد من التساؤلات التي تحتاج إلى إجابات، ومنها: "هل سيتم تغيير النظام الانتخابي الراهن أم لا؟ وهل ستضع مؤسسات الدولة القوائم النسبية أم لا؟ وماذا سيحدث في ظل أنه لا يوجد إشراف قضائي على الانتخابات البرلمانية المقبلة؟".

وعلى مستويات التحالفات، يوضح رئيس حزب الإصلاح والتنمية، أن حزبه بمشاركة حزبي العدل والمصري الديمقراطي الاجتماعي، إلى جانب آخرين، سواء أحزاب أو شخصيات مستقلة، يدرسون تشكيل تحالف انتخابي، لكن لم تنته النقاشات بعد.

"ننتظر ما ستسفر عنه الأيام المقبلة"، يقول السادات، تعليقًا على تحركات إنشاء أحزاب جديدة، مؤكدًا أنه من المبكر الحديث عن أي شيء في الانتخابات.

أهمية البرلمان المقبل

النائب عبد المنعم إمام يقول إن أهمية البرلمان تكمن في كونه "البرلمان" في حد ذاته، كسلطة مهمة من سلطات البلد، ما عزز ضرورة عقد الانتخابات على مدار السنوات العشر الماضية، رغم كل الأحداث التي مرت بها البلاد منذ 2015 وإلى الآن.

عبد المنعم إمام
عبد المنعم إمام

ويعرب إمام عن أمله في التركيز على المواطنين، لا الاختلافات بين الأحزاب، ويضيف: "القوى المدنية لا تقدم شيئًا سوى التدبيح في بعضها، بينما إذا وجهت انتقادتها الداخلية للسلطة لتغير الكثير من الأمور"، فيما يتساءل عما إذا كان هناك من يتوجه للمواطنين ويتحدث إليهم في ظل وجود مساحة لعقد جلسات ضيقة ومقابلات مع المواطنين لمعرفة مشاكلهم.

ويضيف رئيس حزب العدل أن القوى المدنية لديها مشروع، لكنها غير قادرة على تجسيد هذا المشروع في أشخاص، وهو ما يتشابه كثيرًا مع أزمة ثورة 25 يناير التي لم يكن لها قيادة، موضحًا أن الفرق بين يناير وثورة 1919 هو أن الأخيرة قادها الزعيم سعد زغلول، وبالتالي الأفكار إذا لم تتجسد في أشخاص لن تكون لها أهمية بغض النظر عن النتائج.

"المواطنون لا يجدون على الأرض سوى رجال الأجهزة وأحزاب ورجال الدولة، وهذه المعادلة موجودة منذ الاتحاد الاشتراكي، وخارج فترات تواجد الإخوان المسلمين، هذه المعادلة لم تتغير بعد، وإن كان لابد من تغييرها"، هكذا يجسد إمام المشهد السياسي في مصر.

ويتفق إمام مع السادات في أن هوى الناس في مصر يتجه نحو الدوائر الفردية، أما بخصوص النسبي، فإنه برأيه، إذا لم يتم بطريقة محددة سيكون وبالًا على القوى المعارضة.

ويشرح إمام رؤيته، فيقول: "عندما تكون هناك قائمة تشمل 50 أو 60 اسمًا، ستكون هناك ضمانة حتى ولو بالتصويت العقابي للتوحد على قائمة واحدة وليس أكثر من قائمة، وبالتالي يمر من 20 إلى 25 اسمًا ولا تكون هناك أزمة في الترتيب، والحديث عن دوائر نسبية أقل من ذلك، خسارتها ستكون فادحة".

ويضيف إمام أن الوضع ملتهب، لكنه أقل حدة من عام 2015، الذي أقيمت فيه الانتخابات رغم ما عاصرناه من حرب على الإرهاب وتفجيرات كانت تحدث في كل مكان، مشيرًا إلى أنه رغم أن هناك أزمة اقتصادية والوضع يزداد سوءًا، لكن في الوقت نفسه كل تلك الأزمات ستمر، والفراغ سيجد من يملأه.

ويوضح رئيس حزب العدل أن حزبه منذ ستة أشهر وأكثر انغلق على نفسه، حتى يتمكن من جمع أفراد من كل مكان بمصر لخوض الانتخابات على المقاعد الفردية في الشيوخ والنواب، بتقسيمة ثلاث مستويات؛ هي: "الأول مضمون النجاح، والثاني احتمال الإعادة كبير، والثالث تمثيل مشرف"، لكن في النهاية الهدف من خوض الانتخابات هو الحديث عن أفكار الحزب وعن الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وتجسيد كل ذلك في أفكار والنزول للشارع والتواصل مع الناس وإبلاغهم رسالة أن القوى السياسية والمعارضة موجودة.

ويؤكد إمام أن أعظم ما يمكن فعله الآن هو الحفاظ على المعارضة من الانقراض، وهذا يتطلب تغيير طريقة تفكير المعارضة، مشدّدًا على أن هذا الإضعاف المتتالي الذي يحدث نتيجة محاربة قوى المعارضة لبعضها البعض.

ويعتقد رئيس حزب العدل أن المعارضة هي الطرف الأضعف في مسألة قوانين الانتخابات، وكل ما يمكن فعله هو الضغط لخلق أي مساحة للتواصل مع الناس، حتى لو اضطرت المعارضة لخوض الانتخابات بنظام غير المفضل لديها، لكن الأهم هو تواجد القوى المدنية وسط الناس.

"الهندسة السياسية" مستمرة

ويشدد النائب محمود سامي على أهمية إجراءات المناقشات حول الانتخابات، في ظل حضور سياسي متنوع، كما في هذه الجلسة، ما يخلق حالة حوار سياسي مطلوب في هذه المرحلة.

محمود سامي
محمود سامي

ويتوقع سامي استمرار الوضع على ما هو عليه، وإعادة إنتاج برلمان 2020 بنفس ملامحه ومعالمه، مع التراجع عن المكتسبات الديمقراطية التي حدثت في الفترة الأخيرة، في ظل رؤية بعض الأطراف لعدم استفادة الدولة من تجربة الانفتاح المحدود التي تمت مؤخرًا.

وبناءً على ذلك، يحذر نائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي من الاتجاه إلى غلق قنوات التواصل ونوافذ الحوار في هذه الأوقات، بين الجميع، بما يؤدي إلى ضبابية حول المستقبل، في ظل الإصرار على استمرار السلطات المصرية فيما أسماه "الهندسة السياسية" للأوضاع الراهنة، والتحكم في كل شيء.

ويرجع سامي خوف بعض الأطراف من القوائم النسبية إلى صعوبة "هندستها سياسيًا"، ورغبة طرف في عدم التغيير أو "وجع الدماغ" بدخول عناصر غير مرغوب فيها، وفق تقديراته، مؤكدًا أن غياب الرؤية لدى السلطة والمعارضة يؤثر على الأوضاع والمشهد.

"مش عارف"، باتت عبارة متداولة بين قادة الرأي والأحزاب، في مواجهة أسئلة الانتخابات، وفق سامي، الذي يشارك في الأسئلة، فيقول: "لماذا يأتي حزب جديد؟ ولماذا لم يصدروا قانون الانتخابات بعد؟"، مؤكدًا أن الصورة قد تتضح بعد شهرين أو ثلاثة.

ويشير سامي إلى أن الأحزاب والسلطة لديهما مشاكل، ولكن مشاكل الأحزاب أعمق بكثير، وتحتاج إلى تضافر الجهود لتلافيها، بداية من الاتفاق على البرنامج الانتخابي وتبنيه من كل أعضاء الأحزاب، مؤكدًا أن الأحزاب جميعًا تحتاج إلى إصلاح عاجل، بشكل يجعلها مستعدة لأي إعلان مفاجئ من الدولة بتطبيق الديمقراطية.

ويميل سامي إلى نظام الانتخابات بالمقاعد الفردية، والذي يعتبره "ديمقراطية كاملة"، ولكنه يتفق مع حزبه وأحزاب المعارضة على إقرار القوائم النسبية كعامل مساعد لتقوية الحياة الحزبية والبرلمانية، مشددًا على أهمية النزول إلى الشارع والاحتكاك بالمواطنين مهما كان النظام الانتخابي.

انتخابات مهمة

تقول النائبة مها عبد الناصر: "إن البرلمان الحالي لن يُذكر في التاريخ إلا نادرًا، أما البرلمان القادم فسيستمد أهمية بسبب مسألة انتقال السلطة أو تعديل الدستور".

مها عبد الناصر
مها عبد الناصر

وتؤكد أهمية وجود تيار معارض وأصوات مختلفة في البرلمان القادم ضد تعديل الدستور ومع انتقال السلطة، مشيرة إلى أنه في حال مشاركتها وعدد من نواب الحزب في البرلمان القادم، سيكون لهم موقف تاريخي حتى إذا لم تحقق تلك الاعتراضات شيئًا.

وتختلف النائبة مع الآراء التي تتحدث عن عدم وجود القائمة النسبية في العديد من دول العالم، فتقول: "إن القائمة النسبية موجودة في كل دول أوروبا، وكذلك حدث في الأردن مع الإصلاحات التي قام بها ملك الأردن وكان من بينها أقر جزءًا نسبيًا وجزءًا مطلقًا وجزءًا فرديًا".

وتضيف أن القوائم النسبية في الأردن كانت حزبية فقط، وكانت المسألة الانتخابية برمتها مرتبة، ولكن بسبب هذا النظام يُسمح للأحزاب بعرض برامجها وأهدافها على المواطنين، وبالتالي كان الهدف واضحًا وهو تحسين الشروط السياسية وفتح مناخ للحوار.

وترجح مها القائمة النسبية في مصر باعتبار أنها الأفضل للأحزاب، ومع ذلك ترى أن شيئًا لن يتغير وأن النظام الانتخابي سيظل كما هو، حيث لا يوجد بوادر حديث حول تعديل قانون الانتخابات ولا تعديل الدوائر.

أما فما يخص النزول إلى الشارع والتواصل المباشر مع الناس، تقول النائبة: "هذه الطريقة قد عفا عليها الزمن، وأن هناك وسائل حديثة خلقتها التكنولوجيا تحقق تواصلًا مع عدد أكبر من المواطنين"، مؤكدة أهمية فتح المجال في الإعلام.

المشاركون في الجلسة النقاشية أكدوا أن الانتخابات البرلمانية القادمة محطة مهمة في عمر الوطن - تصوير إسلام يحيى
المشاركون في الجلسة النقاشية أكدوا أن الانتخابات البرلمانية القادمة محطة مهمة في عمر الوطن - تصوير إسلام يحيى

توحد جهود المعارضة

بدورها، ترى النائبة أميرة صابر أن هناك أزمة ضخمة متعلقة بضيق الوقت، خصوصًا أن انتخابات الشيوخ باتت على الأبواب خلال ما يقرب من ثلاثة أشهر، والتي يتم خلالها تحديد شكل انتخابات النواب، متوقعة أنه قبل حلول شهر رمضان المقبل سيكون هناك تصور عن شكل الانتخابات.

طالبت أميرة الحضور المشاركين في هذه المناقشة بطرح أسماء جديدة من الدوائر المحيطة بهم للترشح، خصوصًا وأن هناك أشخاصًا بارزين يجب أن يعودوا للمشهد السياسي، مؤكدة أنه من لا يرغب في المشاركة في هذا البرلمان فلن ينشط في أي فعل سياسي موازي يؤدي إلى حركة في الشارع، وفق تقديرها.

أميرة صابر
أميرة صابر

وتضيف أن هناك عددًا من الأحزاب يرفض خوض العملية الانتخابية على قوائم تشارك بها أحزاب موالاة، لكن لا تقدم بديلًا لصنع أي فعل سياسي.

وفي اعتقادها، فإن البرلمان الماضي والسابق له، وأيضًا القادم، لن يكون  معبًرا عما يفكر فيه المواطنون أو ما يرغبون به، في ظل عدم وجود حلول سياسية للخروج من الأزمات التي تمر بها مصر، بالتحديد الأزمة الاقتصادية.

وترى النائبة أن فكرة التفاوض المنفرد التي قامت بها الأحزاب في المرات السابقة على عدد المقاعد لم تعد أفضل الحلول، وأنه يجب على الأحزاب المعارضة الاستفادة من النسب الدستورية المحددة للنساء والمسيحيين والشباب، خصوصًا وأن هناك كوادر وطاقات من هذه النسب موجودة ويمكن استغلال طاقاتها، حسب الأحزاب.

وتنتقد أميرة عدم التوافق بين المعارضة وتوحيد الجهود والتفكير، وبالرغم من تحقيق بعض المكاسب، إلا أن الفرص والنجاحات كانت ستكون أفضل في حال توحيد الجهود والعمل معًا بين القوى المدنية، وفي القلب منها المعارضة.

تحديد الأولويات أولًا

بدوره، حذر السياسي والمحامي أحمد فوزي، عضو الهيئة العليا للحزب المصري الديمقراطي، القوى الديمقراطية من التشاؤم أو الإحباط، مؤكدًا أن الأوضاع تتغير، ولا أحد يستمر في نفس أزماته طوال الوقت، خاصة مع استمرار النضال والضغط والحوار وفتح قنوات تواصل من البعض وتدشين الحوار الوطني.

أحمد فوزي
أحمد فوزي

يشير فوزي إلى أن أوضاع المعارضة المدنية ليست على منوال واحد، ما يبرر أي روح للإحباط لدى البعض ، فهناك فترات صعبة وأخرى مختلفة، خاصة منذ مظاهرات تيران وصنافير حتى مصافحة الرئيس عبد الفتاح السيسي للسياسي حمدين صباحي في إفطار الأسرة المصرية في 2022، وما بعدها عندما تم تدشين الحوار الوطني.

ويوضح أن تقييم الانتخابات الرئاسية في وقت لاحق، عندما يخرج السياسي أحمد الطنطاوي من سجنه، سيكشف ضياع فرصة تاريخية أمام المعارضة في التنسيق والتحالف وضبط أولوياتها السياسية المتوافقة مع اللحظة الراهنة.

"توسيع النفس والمساحات المتاحة"، هدف سياسي يراه فوزي، جديرًا بالتوافق والتنسيق والتحالفات السياسية والانتخابية، مؤكدًا أهمية أن تسفر الانتخابات البرلمانية المقبلة عن "توسيع المساحات والنفس" في البلد بتواجد مهم للقوى الديمقراطية، بعيدًا عن تضخيم الأهداف التي يرى أن الجميع، موالاة ومعارضة، يسقط في ذلك التضخيم بما يحول دون أي تطور سياسي.

ويتحفظ فوزي على إعطاء البرلمان أهمية أكثر من حجمه، بما يفوق قدرات المعارضة المدنية، عبر ربطه بتوقعات سياسية معينة، مؤكدًا أهمية التركيز على أولويات المعارضة الديمقراطية من البرلمان المقبل، بما يحقق نتائج ملموسة، ويتناسب مع عدد أعضائه ومساحات تواجده الحقيقية بين المواطنين.

ويشدد عضو الهيئة العليا للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي على أهمية إجراء حوار مع السلطة حول الانتخابات المقبلة، في مواجهة "مشاهد الجولاني" و"مخاوف الإقصاء لدى البعض" أو "مخاوف الانفجار الاجتماعي لدى البعض الآخر".

زيادة أعضاء البرلمان

يقول السياسي أحمد ماهر: "رأيي في العملية الانتخابية كان أن الانتخابات حاجة وحشة وأنها وسيلة ليست بالمهمة، وكانت قناعاتي هي خوض الحراك السياسي بالاحتجاج والحراك في الشارع ورفع المطالب مباشرة، ولكن كل ذلك تغير الآن".

أحمد ماهر
أحمد ماهر

ويعترف ماهر أن تلك الآراء كانت مرتبطة بمرحلة عمرية معينة ومرحلة في العمل السياسي لم تعد موجودة، أما الآن، فكرة وجود أحزاب ومؤسسات تشارك في العملية الانتخابية أصبحت من الضرورة بمكان. واختبر ماهر وغيره من الشباب، على حد قوله، مساندة ودعم من العديد من قيادات الأحزاب وأعضاء مجلس النواب.

وتحدث ماهر عن أهمية زيادة عدد أعضاء البرلمان من القوى المدنية والديمقراطية داخل المجلس، ولكن يربط ذلك بتوحد الجهود وإتاحة السلطة لمناخ يعزز إمكانية حدوث ذلك، موضحًا أن النقاشات داخل الحوار الوطني لم تنتهِ إلى النظام الأمثل للانتخابات، وحتى الآن لم تستقر النقاشات داخل الأحزاب والمؤسسات حول النظام الأفضل، كما أنه لا توجد بوادر أن السلطة مستعدة لتغيير المنظومة الانتخابية الحالية، ولا يوجد حوار مع السلطة من قبل الحركة المدنية باعتبارها الصوت الأكبر للقوى المدنية.

"نفتقد الحوار مع بعضنا البعض، وليس فقط مع السلطة أو الناس في الشارع"، هكذا المشهد من وجهة نظر ماهر، مؤكدًا أن إعادة الحوار تحتاج إلى تنسيق بشكل واسع، يتبعه لقاءات على شكل أوسع، يكون للأحزاب دور أكبر في إقامة حلقات نقاش كل فترة، بما يسهل الخروج بمقترحات يمكن صياغتها على شكل مقترح يتم الالتفاف عليه.

إشراك المواطنين ضرورة الوقت

ويرى الكاتب الصحفي، محمد صلاح، أن الأوضاع لم تتغير منذ 2015، فالمطالب الوطنية كما هي، والأسئلة السياسية المطروحة لم تجد لها إجابات حتى تاريخه، وإشكاليات المشاركة البرلمانية تزداد تعقيدًا مع استمرار تجاهل الحلول وتأخر فتح المجال العام.

محمد صلاح
محمد صلاح

وينتقد صلاح عودة حالة الاستنفار السياسي بين مكونات المشهد العام، رغم خفوتها بعد الحوار الوطني، مؤكدًا أن الحالة باتت أصعب في هذه المرحلة، لأنها لم تعد بين معارضة وحكومة، بل انضم المواطن تحت ضغط الأزمات الاقتصادية إلى خانة الاستنفار وأصبح طرفًا رئيسًا في تطوراته المتلاحقة، تحت وطأة السياسات الحكومية العدائية بحقه.

ويشير صلاح إلى أهمية وضع هذا المتغير في معادلة برلمان 2025، والتي كان المواطن غائبًا عنها في برلمان 2020، مؤكدًا أن المكسب الرئيسي لأي سياسي الآن هو إشراك المواطن في معركة التغيير، وجعله رقمًا مهمًا في معادلة الضغط، من أجل واقع مختلف، يحترم الدستور والقانون وحقوق الإنسان، ويصون الدولة في ظل سياق إقليمي معقد.

ويؤكد صلاح أهمية أن يرى المواطن طيفًا سياسيًا واسعًا في تحالفات سياسية وانتخابية في الفترة المقبلة، يعبر عن آمال المواطنين، ويعارض السياسات الحكومية العدائية المتلاحقة، ويستهدف من البرلمان وقف كل الانتهاكات المستمرة بحقوق المواطنين/ات.

ويشدد على أهمية أن يستشعر المواطن أن الحل في السياسة، وليس في أي مسار آخر، موضحًا أنه لن يشعر بذلك إلا عندما يرى سياسيين حوله يمارسون حرية الفعل السياسي دون ملاحقة ولا تعقيد ولا تقييد، ويرى كذلك بنفسه أن الانتخابات يمكن أن تحدث تغييرًا، بما يعزز أهمية السياسة في وعيه، محذرًا من إعادة مشهد انتخابات 2020.

مصالحة سياسية وشراكة انتخابية

ويقول السياسي ناصر عبد الحميد: "البلد تحيا في هذه اللحظة احتقانًا كبيرًا، في ظل وضع إقليمي ضاغط وغير مسبوق، وأوضاع اقتصادية واجتماعية صعبة على المواطنين، وموات سياسي كبير، وهو ما يحتم علينا جميعًا إجراء مصالحة سياسية ما".

ناصر عبد الحميد
ناصر عبد الحميد

ويضيف عبد الحميد أن "هذه المصالحة تأخرت منذ العام 2011، بما جعل جميع الأطراف مستنفرة ضد بعضها البعض، ولديها قابلية للمواجهة والتصادم وعدم التسامح، مشيرًا إلى أهمية حدوث هذه المصالحة قبل الانتخابات البرلمانية المقبلة، بما يقلل مساحات الاختلافات الحادة الموجودة، ويسمح بشراكة انتخابية وطنية، تعزز تنوع التمثيل النيابي".

ويحذر عبد الحميد من إجراء الانتخابات في ظل ذلك المناخ المليء بالاستقطاب الحاد والاستنفار، مؤكدًا أهمية استيعاب الجميع تحت مظلة مصالحة سياسية عاجلة، كان يحاول "الحوار الوطني المصري" تفعيلها دون نجاح بعد.

ويرى عبد الحميد أنه لا توجد قنوات تواصل مفتوحة حاليًا، تستوعب النقاش حول الأسئلة الوطنية المطروحة بشكل عاجل، مؤكدًا أهمية الحوار بين جميع الأطراف الوطنية، وبناء توافق وطني يصل بمصر إلى حالة برلمان مختلف يستوعب الظروف الراهنة.

ويشير السياسي المعارض إلى أن كل النظم الانتخابية، محل النقاش، لا تصلح لكل الأحزاب سواء موالاة أو معارضة، لعدم وجودها بالأساس وسط الناس، ولحالة الموات السياسي المسيطرة، بما يتطلب نظرة مختلفة خارج الصندوق لمواجهة الأوضاع المتفاقمة داخليًا وخارجيًا، وفق رأيه.

برلمان يصون الدستور

تشدد الكاتبة الصحفية والسياسية إسراء عبد الفتاح على أن مسألة احترام نصوص الدستور من أهم القضايا التي يمكن مناقشتها والعمل عليها بشكل جماعي خلال العام 2025، لضمان الوصول إلى برلمان يصون الدستور، ولا يسقط في أي مساس به تحت أي دعاوى.

إسراء عبد الفتاح
إسراء عبد الفتاح

وتضيف إسراء أن من ضمن أهم القضايا التي يمكن طرحها للعمل السياسي المشترك، هي قضية الإفراج عن سجناء وسجينات الرأي، عبر تضافر جهود المعارضة داخل وخارج البرلمان، والإعلام والمجتمع المدني، موضحة أن البرلمان ليس غاية في حد ذاته بل هو وسيلة لتحقيق أهداف معينة تخدم الشعب وتصون دستور البلاد وتضمن انتقال السلطة.

النظام الفردي يضعف الحياة السياسية

وتوضح الحقوقية داليا زخاري أنه تم وضع نسب الكوتة في الدستور لفرض نظام القوائم المغلقة المطلقة على الانتخابات فيما بعد، وضمان البعض لمسار "الكراسي المحجوزة" وللحيلولة دون الاتجاه إلى حلول أخرى أفضل قائمة على القوائم النسبية، وذلك من واقع خبراتها في مراقبة العديد من الانتخابات في دول عديدة مثل ليبيا وتونس والأردن ولبنان.

داليا زخاري
داليا زخاري

وترى داليا أن النظام الفردي ليس هو الأفضل والمناسب للشعب المصري، باعتباره مجسدًا لفكرة حصول الأشخاص على كراسي في البرلمان بالمال أو الشهرة، وهو ما تعتقد أنه "يضعف الحياة السياسية" بسبب غياب المنافسة السياسية وحضور المال السياسي.

وتقول داليا إن المشكلة ليست فقط في النظام الانتخابي، ولكن فيما وصفته بـ"جريمة" تقسيم الدوائر وتقسيم البلد إلى أربع دوائر، بحيث تضم الدائرة الواحدة مائة مرشح على القائمة، فيما يشارك الناخب على أساس معرفته بفرد من القائمة يثق به ولا يعلم شيئًا عن باقي المشاركين في القائمة، ما يساهم في جعل الاختيار غير قائم على البرامج الانتخابية، وهو ما يضعف الحياة السياسية والبرلمانية.

"القائمة الكبيرة بها قدر من التعالي على المواطنين"، تضيف داليا، وتؤكد على حق المواطن أن يعرف من سيختار وعلى أي أساس، أو أن يكون لديه علم ببرنامج سيختار على أساسه.

تتبنى داليا فكرة أن تكون الدوائر صغيرة من أجل أن يكون صرف الأموال في أضيق الحدود، وحتى تكون الدعاية أسهل، وأن يختار المواطن شخصًا يعلمه جيدًا وعلى أساس برنامج محدد، مؤكدة أهمية أن تبذل الأحزاب مجهودًا أكبر في التواصل مع الناس.

وتدعو الحقوقية والخبيرة في مجال الانتخابات إلى ضرورة أن تقوم المعركة الانتخابية على فكرة التواصل مع المواطنين، مع الحفاظ على أمنهم الشخصي، حتى إذا كانت الطريقة الوحيدة هي التواصل مع عدد من الناس في إطار ضيق والتواصل أون لاين مع الأبعد في المسافة.

البرلمان القادم فرصة للجميع

يتحدث الباحث السياسي أحمد كامل البحيري عن أهمية التحالفات الانتخابية، والتي تضاهي أهمية البرلمان القادم، مشددًا على ضرورة وجود قوى معارضة، بغض النظر عن تناقضاتها في لحظات سياسية مختلفة سابقة، تستطيع تشكيل تحالفات متماسكة وواضحة لديها القدرة على مواجهة أي من أحزاب الموالاة، سواء كان النظام الانتخابي نسبيًا أو قائمة موحدة أو مغلقًا، حتى لا تخسر الحياة السياسية بأكملها وليس المعارضة فحسب.

أحمد كامل البحيري
أحمد كامل البحيري

ويضيف البحيري أن التحالفات هي واحدة من أهم عوامل القدرة على تحقيق مسارات جديدة في الانتخابات بغض النظر عن النظام الانتخابي، متفقًا مع ما طرحته النائبة مها عبد الناصر، والنائب محمد أنور السادات، في أهمية البرلمان القادم لما له من ارتباطات في تحديد مستقبل مصر السياسي.

ويدعو السلطات إلى عدم الخوف من إجراء انتخابات نزيهة في حضور القوائم النسبية، قائلًا: "البلد في حالة تأزم على المستوى الاقتصادي، ومن المؤكد أنه حتى لو أصبح النظام نسبيًا، فلن تحصل المعارضة على الثلث المعطل، وما تريد السلطة تمريره سيمر".

"البرلمان القادم هو فرصة للجميع، حتى تلتقط الناس أنفاسها"، يقول البحيري ، مضيفًا أن الهدف الأساسي ليس منع بعض الأمور التي يمكن أن تحدث في البرلمان القادم، بل الأهم أن يجد المواطن متنفسًا، خصوصًا مع حالة التضييق والأزمة الاقتصادية.

ويشدد على أهمية أن يشعر المواطن أنه قادر على اتخاذ قرار في اختيار شخص، ويعتبر هذا "مكسبًا للبلد بأكملها وليس المعارضة فقط، ومريحًا للمجتمع والسلطة والمعارضة، خاصة في ظل ما يحدث في الإقليم والداخل المصري"، وفق تقديره.

ويضيف البحيري أن النظام الانتخابي لا بد أن يكون نسبيًا، أيًا كان شكل النسبي، مبررًا تأييده للنظام النسبي بأنه سيدفع القوى السياسية والمستقلين والقوى المجتمعة إلى أن تبدأ في تشكيل قوائم تنافس بها، وهذا في حد ذاته حراك سياسي واجتماعي في هذا البلد.

اتفاق بين الحضور على أهمية اجراء حوار سياسي شامل حول الانتخابات البرلمانية المقبلة - تصوير إسلام يحيى
اتفاق بين الحضور على أهمية اجراء حوار سياسي شامل حول الانتخابات البرلمانية المقبلة - تصوير إسلام يحيى

ويرى البحيري أن النظام النسبي سيدفع المواطن إلى أن يجد مشهدًا مغايرًا عن مشهد انتخابات "2015 - 2020"، ما يساعد في الإقبال على النزول والتصويت في الانتخابات، مؤكدًا أنه إذا شعر المواطن أن صوته لن يغير من المعادلة شيئًا فلن يشارك في الانتخابات.

ويدعو البحيري إلى غلق باب الخلافات الماضية حول الانتخابات الرئاسية والتحالفات الانتخابية، على أن يكون هناك تحالف يضم القوى السياسية في المعارضة سواء من الحركة المدنية أو الشخصيات المستقلة لتشكيل تحالف سياسي، يضغط لإجراء الانتخابات بالنظام النسبي، كي يعطي مساحة يمكن من خلالها أن تعيد السلطة النظر قبل اتخاذ قرارها باستمرار الوضع الحالي كما هو عليه.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة