"أصعب موقف مر علي عندما قابلت شريف الروبي في السجن، لابد أن ينقل للمستشفى للعلاج فورًا"؛ يقول الناشط السياسي والعمالي محمد عواد، لمنصة "فكر تاني"، بينما لم يتخيل أن يشعر بمثل هذه الصدمة عند رؤية الناشط السياسي الذي تولى منصب المتحدث الرسمي السابق باسم حركة "شباب 6 أبريل - الجبهة الديمقراطية"، ولا يزال إلى الآن في محبسه في محطة جديدة من مسلسل التدوير بسجنه.
تعرض "الروبي" للحبس 4 مرات، في أعوام: 2016 - 2018 - 2020 - 2022، كان آخرها بسبب مطالباته بدمج سجناء الرأي في المجتمع، بعد الإفراج عنهم، وتوفير فرص عمل لهم، لكنه الآن يعاني ظروفًا صحية صعبة وضغوطًا نفسية شديدة تتطلب سرعة إخلاء سبيله، وفق محامين حقوقيين وأصدقاء له، خاصة مع وجود وعود كثيرة في الفترات الأخيرة بالسعي للإفراج عنه.
لم يتسن لنا سؤال الجهات المعنية حول هذه الشكاوى، ولكن عادة ما تؤكد السلطات التزامها بالرعاية الصحية للسجناء، وتقديم أفضل خدمات طبية لهم، وفق بيانات رسمية متواترة.
"عواد" شاهد عيان على مأساة "الروبي"
يواصل محمد عواد القيادي العمالي، حديثه لـ"فكر تاني"، فيقول إنه على مدار الفترات السابقة يتابع الحالة الصحية لصديقه شريف الروبي، والتي ازدادت تفاقمًا في ظل ظروف حبسه المستمر، إلا أنه -والكلام له- تعرض لصدمة عندما رأى "الروبي" في مثل حالته الأخيرة، حيث فقد التركيز بشكل كبير، وباتت حالته النفسية غير مستقرة.
اقرأ أيضًا: شريف الروبي.. سجين رأي دائم الاستهداف ينتظره العفو
ويوضح "عواد" أبعاد المعاناة النفسية لصديقه المحبوس، فيضيف: "الروبي، من أقرب الرفاق لي على المستوى الشخصي والسياسي، ولكنني فوجئت أثناء مقابلتي له في السجن في الفترة الأخيرة بأنه يسلم علي سريعًا ويمشي، دون أن يدرك ما فعل، أو يدرك أني محمد عواد، رغم ما بيننا من صداقة شديدة، وعلمت من سجناء معه أنه يعاني بالأساس من ضغوط نفسية كبيرة".

يطالب القيادي العمالي والناشط السياسي بنقل "الروبي" إلى المستشفى للعلاج من الأزمات النفسية التي تلاحقه، والإفراج الصحي عنه لاستكمال علاجه خارج السجن، مشيرًا إلى أن أسرته تعاني كذلك من ظروف اقتصادية صعبة تتطلب الإفراج عن عائلها.
ويكشف "عواد" عن أن مجموعة من أصدقائه بصدد تدشين حملة تدوين للمطالبة بالإفراج عن الروبي، والرفق بأسرته.
مطالبات حقوقية بالإفراج الصحي عن "الروبي"
طالبت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية (مؤسسة حقوقية مستقلة)، في بيان سابق، في منتصف عام 2023، بعرض "الروبي" على مستشفى سجن أبو زعبل لتلقي العلاج، بعد تكرار الشكوى من تعرضه للإهمال الطبي وتدهور حالته الصحية، موضحةً أن "الروبي" ظهر في جلسة 9 مايو 2023 في حالة صحية سيئة؛ حيث لم يكن قادرًا على الكلام بشكل طبيعي.
واستنكرت "المبادرة" امتناع إدارة السجن عن توفير الرعاية الطبية الملائمة له، وطالبت بسرعة عرضه على الطبيب المختص وتوفير الدواء اللازم.
وفي السياق نفسه، نقلت مؤسسة حرية الفكر والتعبير (مؤسسة حقوقية مستقلة)، في بيان مطلع العام، أقوال "الروبي" أمام المحكمة في جلسة التجديد في 10 يناير الماضي، حين كشف عن رفض إدارة سجنه الجديد بالعاشر من رمضان صرف أدويته ومنعها لجلسات العلاج الطبيعي، وبناءً عليه تقدم فريق دفاع مؤسسة حرية الفكر والتعبير بطلب إلى نيابة أمن الدولة العليا، في اليوم التالي، لعرض الروبي على طبيب مخ وأعصاب وصرف الدواء اللازم له.
تواريخ صعبة تلاحق ذاكرة "الروبي"
أربعة أعوام (2016، 2018، 2020، 2022)، محفورة في ذاكرة "الروبي" بشكل عميق، شهدت وقائع توقيفه قبل أن يتم الإفراج عنه، ثم إعادة القبض عليه بالاتهامات نفسها التي أصدرت النيابة العامة قرارها فيها بإخلاء سبيله لعدم ثبوات الأدلة.
في عام 2016، كانت المرة الأولى، حين تعرض "الروبي" للسجن بتهمة خرق قانون التظاهر، على خلفية رفضه نقل جزيرتي "تيران وصنافير" من السيادة المصرية، إلى تبعية المملكة العربية السعودية.
اقرأ أيضًا: قوائم الإفراج.. "عيدية" السلطة الممنوعة ومؤشر غياب "الحركة المدنية"
وخرج ليعود إلى السجن مرة أخرى، في 16 أبريل 2018، بعد اعتقاله في محافظة الإسكندرية، والتحقيق معه على ذمة القضية 621 لسنة 2018 حصر أمن دولة، ليُفرج عنه بعد عام ونصف العام، بتدابير احترازية، لتبدأ رحلة معاناة جديدة.
وفي ديسمبر 2020، عاد "الروبي" للحبس مرة أخرى بالاتهامات ذاتها في القضية رقم 1111 لسنة 2020 أمن دولة، حتى قررت السلطات المختصة الإفراج عنه في مايو 2022، ضمن قوائم لجنة العفو الرئاسية.
ولكن السلطات الأمنية ألقت القبض على "الروبي" في منتصف سبتمبر 2022، على ذمة تحقيقات القضية رقم 1634 لسنة 2022 حصر أمن دولة، بعد مداخلة حقوقية، في قناة "الجزيرة مباشر مصر"، عن أحوال المحبوسين السياسيين بالسجون المصرية والظروف الصعبة التي يعاني منها السجين جراء عدم دمجهم في المجتمع واستيعابهم في عمل مناسب في ظل ظروف اقتصادية صعبة.
طارق العوضي: الإفراج عن الروبي وسجناء الرأي لا يحتمل التأخير
"ملف الروبي على وجه التحديد جرى حوله العديد من التحركات في الفترة الماضية، ولكن الأمر موكل للجهات المعنية لإنجاز أمر إخلاء سبيله"؛ يقول المحامي الحقوقي طارق العوضي عضو لجنة العفو الرئاسي لـ"فكر تاني".
ويؤكد نائب رئيس كتلة الحوار للشؤون التشريعية والدستورية، أهمية سرعة الإفراج عن "الروبي" وجميع سجناء الرأي، مراعاة للظروف الحالية، مشددا على ضرورة استكمال مسار العفو الرئاسي والافراجات في الفترة المقبلة.
ويرى "العوضي" أن احتواء الاحتقان المترتب على البطيء في الإفراجات أمر بات من الأهمية بمكان، بما يفتح المجال لمزيد من دعم سياسات الحوار الوطني وأهدافه.
محمد رمضان: لا مبرر قانوني لاستمرار حبس الروبي
وفي السياق نفسه، يشير المحامي محمد رمضان، رئيس مؤسسة الإسكندرية للحماية القانونية، لـ"فكر تاني"، إلى تضرر "الروبي" وأسرته من استمرار حبسه دون مبرر قانوني طوال الفترات الماضية، مؤكدًا أهمية إيلاء الاعتبارات للضغوط النفسية والاقتصادية الصعبة التي تلاحق الجميع بما فيهم ذوي المحبوسين.
ويؤكد "رمضان" أن الإفراج عن "الروبي" وأمثاله، يفتح مساحات حقوقية إيجابية تحتاجها مصر عبر توحيد الجبهة الداخلية، في ظل تطورات الأوضاع الخطيرة على الحدود الشرقية مع فلسطين المحتلة، مشيرًا إلى أن استمرار حبس الروبي، يهدد حياته في ظل تعرضه لأزمة نفسية صعبة في الفترات الأخيرة، وتدهور صحته تحت وطأة استمرار حبسه دون أي سبب قانوني.