هناك إحكام للقبضة الأمنية في المجال السياسي.. وللقبضة الاقتصادية في الاقتصاد
الحكومة لم تعد قادرة على “الضحك على الخواجة”.. والغرب لا يصدق النخبة الحاكمة
الحوار الوطني قد لا يفضي إلى أي حل لأي مشكلة لكنني أتمسك به لهذا السبب
تراكم السخط الشعبي سبب انفجار كل وضع.. ويناير 1977 و2011 لم يتوقعهما أحد
الاتصالات مستمرة حول خروج سجناء الرأي.. ولكن الإفراجات لم تعد كما كانت دون سبب
مستمر في الحركة المدنية بشرط التوافق .. وجبهة “حق الناس” خطوة رائعة
هل هذه بلد تنتظر انتخابات مهمة بعد عام؟ لا قانون ولا مناخ؟ هذا مؤشر سلبي
تحالفي مع أي حزب موالاة أو معارضة يتوقف على القانون ومصالح حزبي وتكتيكاته
يجب أن تكون الولاية الرئاسية الحالية هي الأخيرة حتى نعطي فرصة لتداول السلطة
مصر الضعيفة تسمح بغطرسة إسرائيل.. والقاهرة بتاريخها الكبير لديها المزيد من الأدوات
تصوير – محمد الراعي
حذر المرشح الرئاسي السابق فريد زهران، رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، من مغبة استمرار إحكام النخبة الحاكمة القبضة الأمنية على المجال السياسي والنشاط العام، بالتزامن مع إحكام القبضة الاقتصادية، على النشاط الاقتصادي، مضيفًا أن كتاب إدارة مصر لا يتضمن كلمة “ديمقراطية”، وهذا يتم على مدار 7 عقود كاملة.
وفي حوار شامل مع منصة “فكر تاني” ضمن سلسلة حوارات “مستقبل مصر”، أشار “زهران” إلى عدم وجود قواعد مستقرة في المشهد العام، وقال :”إن إدارة الملفات تعتمد على تقديرات شخصية للمسؤولين”، وهو أمر يعرقل تحقيق انفراجة سياسية مأمولة، يراها بابًا ضروريًا لتخفيف الاحتقان السياسي والسخط الشعبي. بينما تطرق إلى شروطه للاستمرار في الحركة المدنية الديمقراطية أو الدخول في تحالف انتخابي سواء مع أحزاب الموالاة أو المعارضة.
إلى نص الحوار:
في 3 مايو 2023، قلت أثناء انعقاد الحوار الوطني: “هناك حلين للأزمة الراهنة؛ الأول يتبنى التضييق الأمني منعًا للأصوات المعارضة والتوترات الداخلية، والثاني يُبنى على معالجة الأزمة بإشراك الناس في الحل وفتح الباب لحرية الرأي والتعبير لتتبلور بدائل أخرى للحلول المعتادة”، كيف هي الاستجابة للمقترحين؟
الحل الأمني لا يزال هو صاحب الكلمة في مصر، منذ 70 عامًا وحتى الآن، والديمقراطية مشروع مؤجل، لأن السلطة دائمًا تتخيل عدوًا لها وتستشعر خطرًا دائم غير مبرر، ويروج لمؤامرات كونية تُحاك لمصر، وبالتالي الحل في نظرها كما يقول بعض أصحاب القرار الآن: “نعدي بس المرحلة دي على خير ونؤجل شوية الحرية والديمقراطية، لأن البلد كده ممكن تفك وتسيب”.
هذه النظرة تؤجل كل حل وتؤخر الديمقراطية. نحن ومنذ أزمة مارس 1954 حينما هتف الناس في مظاهرات مستأجرة “تسقط الحرية.. يسقط الدستور”، نعيش دون إقرار حقيقي للديمقراطية، وفي ظل حل أمني قائم دائم، باستثناء أوقات قصيرة محددة، بادرت فيها أطراف في النخبة الحاكمة أو اضطرت إلى المبادرة بفتح المجال العام قليلًا، ربما للتجمل وربما لاحتواء المعارضة أو ربما أيضًا عن نية صادقة لإصلاح سياسي غير مكتمل وغير مستمر.
أتذكر بيان 30 مارس 1968، عندما خرج عبد الناصر ليعترف بوجود مجال عام مغلق، ووعد بفتحه، ولما فتح الباب قليلًا، وحدث حراك طلابي، سرعان ما تم إغلاق الباب مرة تلو الأخرى، واستمر هذا الوضع إلى الآن.
في اعتقادي مصر محكومة بكتاب إدارة ليس به بعد كلمة ديمقراطية.
قلت مضمون هذا في الحوار الوطني، وأتذكر أني سجلت بوضوح: “أنا جاي على نفسي عشان أحضر، لأن أغلب الظن نحن لسنا إزاء استراتيجية جديدة، ولكن هناك طاقة صغيرة فُتحت، ولا يصح أن نتجاهلها عسى أن تكون البداية”. وقد اتضح بعد ذلك للجميع أنها ليست بداية لاستراتيجية مختلفة وجديدة، وأن الأمر لم يتجاوز مجرد محاولة لإحداث انفراجة سياسية، لم تكتمل مثل محاولات أخرى.
محاولات أخرى.. مثل ماذا؟
مثل تدشين تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين كإطار تواصلي حواري اتصالي بين دوائر معينة في النظام الحاكم ودوائر معينة في المعارضة.
تم تدشين التنسيقية على استحياء، ولم يعقبها أي تطور سريع، ولم تفضِ إلى نتائج مبهرة على المدى المباشر في حينه، حتى جاءت انتخابات برلمان 2020، وشهدت صعودًا ملحوظًا، ورصد الناس قائمة مشتركة لأحزاب الموالاة والمعارضة، وكأنها بداية لانفراجة ما، خاصة وأنه تم القبول بوجود قوة معارضة في تحالف انتخابي، لا سياسي، تطرح برنامجها على الناس مباشرة دون تدخل أو قيود.
خضنا الانتخابات في الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي ضمن هذه القائمة، تحت شعار “عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية”، وهو شعار ثورة 25 يناير 2011، وبدا الأمر وكأن هناك تغيرًا كبيرًا، لكن سرعان ما انطفأ وهج هذا الأمل، وعاد بعد ذلك مع الحوار الوطني.
وهكذا هو حال السياسة في مصر، بين صعود وهبوط في حدود هامش حرية صغير لا يزيد عن 10%.
ستظل على المستوى الاستراتيجي هناك أزمة في قراءة النخبة الحاكمة للموقف العام، وتخيلها مصر رهن الاستهداف الدائم، الذي يدفعها إلى إحكام القبضة الأمنية حتى تمر أزمة تلو أخرى بلا تغيير.
ربنا يلهمنا الصبر على الحوار
لماذا استمر حزبك في الحوار الوطني.. وشاركت في جلسة العدالة الجنائية رغم اقتناعك بعدم جدوى المشاركة؟
ربنا يلهمنا الصبر.. هنعمل ايه!
البعض يسألني: هل تستمر في الحوار رغم كل ما حدث؟ أقول لهم فورًا: وماذا حدث؟ أنا لم أتوقع غير ما حدث. أنا مؤمن بأن الحوار الوطني قد لا يفضي إلى تقديم أي حل لأي مشكلة من أي نوع على أي مستوى، ومع ذلك أنا متمسك به.
استمرار الحوار هو هدف في حد ذاته وضرورة. دعنا نعتبره قناة تواصل، هو من اسمه (الحوار الوطني) يساهم في تعزيز هذا المستوى من التواصل. وهو مساحة لتبادل الآراء والمعلومات بيننا وبينهم، وإذا لم يتحقق اليوم ما نصبو إليه، فمع استمرار المطالبات قد نحقق مطالبنا.
عندما انقطع الحوار لمدة تراوحت 3 و4 أشهر لم نجد أمامنا كمعارضة قناة تواصل مع النظام. انقطع الاتصال طوال هذه الفترة.
أي مجتمع طبيعي لابد أن يحظى بقنوات اتصال بين عناصره كالأحزاب والنقابات والبرلمان والمنظمات وبين النخبة الحاكمة وأصحاب القرار، عندما نغلق هذه القنوات، تصبح الخيارات صعبة.
ما هي أبرز التحديات التي تواجه الحوار الوطني؟
هناك مشكلتان في الحوار الوطني؛ الأولى أن مخرجاته لا تظهر للنور ولا تنفذ، والثانية أن المخرجات نفسها في محطتها الأخيرة بعد العرض والتعديل، قد لا تكون على هوى المعارضة.
مثلًا في قانون الإجراءات الجنائية، حصل في الحوار الوطني نقاش واسع حول الحبس الاحتياطي وضمانات العدالة الجنائية، ثم صدرت المخرجات، وذهبنا، ضمن مجموعة من رؤساء الأحزاب، إلى اللجنة التشريعية والدستورية للاستماع إلى رؤيتها ومشروع قانونها، بعد أن حصلنا على مسودة من المشروع، فرأينا مخرجات أخرى لا تتجاوب مع مطالبنا في الحوار الوطني ولا مع مطالب الأحزاب.
في رأيي، هذا لا يعبر عن انقسام مؤسسي كما يحلو للبعض أن يصنفه، بل هناك أفراد في جهة ما وأفراد في جهة أخرى هم الذين لا يريدون، فقط، لأن الموضوع مرتبك بدرجة صعبة، بسبب عدم تغيير الاستراتيجية الحاكمة، ما يترك خلفه جدلًا في اتخاذ القرار واختلافات في التنفيذ.
هؤلاء ينظرون إلى مطالبنا التي توافقنا عليها في الحوار باعتبارها مخالفة لما لن يتغير في الاستراتيجية الحاكمة للأمور في هذا الشق.
والاختلاف نفسه موجود بدرجات متفاوتة في المعارضة، التي يشارك بعضها في الحوار الوطني، وبعضها لا يريد استكمال المشاركة، وبعضها لم يشارك بالأساس، بسبب أن الثقة في النظام الحاكم لديهم منعدمة، مع تعدد الوعود التي لم تُنفذ.
وأنا وغيري حينما نتمسك بضرورة استمرار المشاركة في الحوار، لا نبني هذه المشاركة على تنفيذ شيء ما بقدر ما نبنيها على ضمان وجود قناة تواصل مستمرة وحسب.
لست بالسذاجة السياسية لأن أتوقع نتائج مبهرة من الحوار الوطني في ظل انحياز أغلبية النخبة الحاكمة إلى إحكام القبضة الأمنية، ليس لأنهم لا يحبون الديمقراطية، ولكنهم غير معتادين عليها ولا يعرفونها، ودائمًا ما يؤجلونها تحت مبررات وجود أزمة كما قلت سلفًا.
ماذا قدمت وأنت فاعل في الحياة السياسة لكي تضمن تحسن هذا الوضع؟
ماذا أفعل غير أني أوجه رسائل تحذير طوال الوقت أحمّل فيها النظام الحاكم المسؤولية عما يحدث؟
لطالما حذرنا ونحذر، بينما في المقابل يرانا الطرف الحاكم دائمًا مبالغين في تصورنا.
مثلًا عندما أحذر من المشكلة الاقتصادية وعدم قدرة الناس على المعيشة. يأتي الرد من أحد أطراف النخبة الحاكمة بأن “هذه مبالغة وأن لا مؤشر لاحتمالية حدوث انفجار اجتماعي بسبب الظروف الاقتصادية، خاصة مع زيادة الدولة للمعاشات ثلاث مرات ووجود مشروعات حياة كريمة ودعم تكافل وكرامة”. وعندما أحذر من الاحتقان العام في البلد بسبب تأخر الانفراجة السياسية، يردون بأننا نبالغ، ولا نقدّر لهم إفراجهم عمن خرج من المحبوسين السياسيين. وهكذا مع كل تحذير هناك تبرير.
النخبة الحاكمة نفسها منقسمة في قراءة الوضع الراهن، بين معترف بغياب للديمقراطية يستوجب حلًا، وآخر غير مبال أصلًا بنتائج هذا التردي في الحريات.
في 2016، وجه أحد المسؤولين سؤالًا جادًا لي، قال: “هل يمكن أن نمنح ديمقراطية للناس اللي مش لاقية تاكل ديه فتطلع تاكلنا؟”. أجبته: “أنت تعترف إذًا بأن هناك من الشعب من لا يستطيعون توفير لقمة عيشهم وهم كُثر”، فقال: “آه، ولكن هذا وضع مؤقت، وفي سنة 2018، الأزمة الاقتصادية هتتحل وحقل ظهر هيكون طلع غاز، وقانون الاستثمار هيكون طلع وجذبنا استثمارات ويتحسن الوضع، وساعتها هنسمح بالديمقراطية”.
ومر عام 2018، ولم تحدث انفراجة اقتصادية، ومن ثّم غابت الانفراجة السياسية التي وعد بها هذا المسؤول.
الحكومة لا تحترم المواطن بينما تخشى “الخواجة”
في هذه الأيام هناك اهتمام حكومي بإنهاء قانون الإجراءات الجنائية وملف الحبس الاحتياطي والبعض يتمنى انفراجة والبعض يربط ذلك بقرب المراجعة الأممية الدورية الشاملة في أكتوبر المقبل.. كيف تفسر أنت هذه التحركات؟
لا أحد يستطيع أن يجزم أو أن يطرح إجابات قاطعة على مواقف النخبة الحاكمة.
نحن لا نستطيع أن نجزم هل نحن بصدد تغيير في القوانين لأن مؤسسات الدولة قد تبنت استراتيجية انفراجة مثلًا، أم أن هناك ضغوطًا دولية عليها.
الأعمال بالنيات، ونحن لا نعرف نوايا الحكومة، ولنا فقط ظاهر هذه الأعمال.
ومع ذلك، لا يُمكن لأحد استبعاد احتمالية أن تكون كل هذه التحركات و”الضوضاء” الحالية في ملف الحبس الاحتياطي وقانون الإجراءات الجنائية، من أجل التفاعل مع الضغوط الدولية، وبغرض تمرير مشهد معين، فالحكومة تجيد صنع مثل هذه المشاهد للتحايل على عدم تنفيذ المطلوب بالضبط. والنظام المصري له باع طويل وخبرات عريضة في طرح قوانين من حيث الشكل تكون جيدة، ثم يتحايل على عدم تنفيذها.
هذا شيء محزن ومخزي جدًا. كيف نعامل المواطن المصري باحترام وبما يستحق، وأن نقر له حقوقه انطلاقًا من خوف النخبة الحاكمة من “الخواجة” والضغوط الدولية؟
قلت هذا بشكل واضح وحاد في لقائي المستشار حنفي الجبالي، في جلسة الاستماع حول مشروع قانون الإجراءات الجنائية المقترح في مجلس النواب. وسألت يومها في حضور البعض: “هل الغرض هو كتابة بعض القوانين الجيدة كي نذهب بها ونضحك على الخواجة؟”، فرد علي شخص مهم: “لم نعد قادرين على الضحك على الخواجة”.
لقد وصلنا إلى هذا الحد، رغم أن “الخواجة لم يعد يصدّق النخبة الحاكمة”، بسبب كثرة الافتراءات والأكاذيب من جانب إعلام النخبة الحاكمة.
اقرأ أيضاً: “الإجراءات الجنائية” يصل “تشريعية النواب”.. ماذا عن توصيات الحوار الوطني؟
صدر توجيه رئاسي واضح باعتماد توصيات الحوار الوطني حول الحبس الاحتياطي، وإحالتها للحكومة. ماذا ستفعلون كأحزاب مع الحكومة لإنهاء أزمة الحبس الاحتياطي؟
سنستند إلى الدستور الذي يمنع الحبس على قضايا النشر ونتحرك، وسنفعل كل ما في وسعنا لإنهاء تلك الأزمة. وأنا شخصيًا، أرى وجود الرغبة من الأطراف الحاكمة لإنهاء الأزمة أهم من وجود قانون يمكن التحايل عليه في أي وقت.
رئيس مجلس النواب المستشار الجبالي بنفسه، بدأ جلسة الاستماع حول القانون الجديد بالتأكيد على أن الدستور يمنع الحبس على قضايا النشر، وذلك رغم أن كل ما نتحرك فيه بملف سجناء الرأي هو حبس على قضايا نشر أخبار كاذبة، وإبداء رأي على مواقع التواصل الاجتماعي.
ولكن حتى مع تحركنا لإنهاء الحبس الاحتياطي، ستقف أمامنا أزمة “التدوير” (مصطلح حقوقي وسياسي يعني إعادة حبس المتهم بالتهم ذاتها بعد الإفراج عنه). هل يملك أحد حلًا لها؟!
اقترحت، على سبيل المثال، نصًا لإنهاء أزمة “التدوير”، وأنا سلفًا لا أعتقد أنه سيلقى اهتمامًا، علمًا بأنه نص لا يمنع وإنما يُحجم ويُحكم المسألة.
قلت لهم في مجلس النواب إنه لا يجوز إعادة اتهام المحبوسين بتهم مشابهة، فوجدت ردودًا تكشف عن إصرار على الأمر، ونية مبيتة لاستمرار التدوير، وسمعت من أحدهم تبريرات غريبة.
هل قنوات اتصالك المفتوحة مع مؤسسات الدولة لا تعطيك إجابات واضحة عن ملف سجناء الرأي؟
هناك قنوات اتصال أحاول أن أحافظ عليها، ولكنها ليست مفتوحة طوال الوقت.
بالطبع، أطرح هذا الملف دائمًا في اتصالاتي، وحتى قبل يوم من موعد إجراء هذا الحوار، كنت أحاول الحديث عن خروج بعض المحبوسين. حتى أمس، كنت أحاول في موضوع رسام الكاريكاتير أشرف عمر، المحبوس على ذمة قضية نشر.
كنت أيضًا أحاول في موضوع الناشط محمد عادل، الذي تجاوز حبسه 10 سنوات. وللأسف، أنا وآخرون حصلنا على وعد بالإفراج عن محمد عادل، منذ قرابة 9 أشهر، دون وفاء بهذا الوعد إلى الآن.
أنا دائمًا لا أتسرع في إعلان أخبار المحبوسين احتياطيًا وسجناء الرأي عندما نحصل على وعود بعد النقاشات بشأنهم مع أي طرف مسؤول.
البعض من الزملاء يصرح بما نحصل عليه من وعود فورًا، لكن حالة محمد عادل بالتحديد، سألت سؤالًا مباشرًا للأطراف التي نجرى معها اتصالاتنا وهو: هل أعلن الوعود لأن أهله في قلق عليه؟ هل المسألة أسابيع فقط قبل خروجه؟ وكانت الإجابة: نعم، أبلغ أهله، ولم يخرج إلى الآن.
تحدثت كذلك عن موقف المهندس يحيى حسين عبد الهادي، وأتمنى أن تقدر الأطراف موقفه، وأن يكون لديها تقدير لعامل سنه ومرضه.
اتصالاتي مستمرة للتفاوض على خروج سجناء الرأي، ولكن الإفراجات لم تعد كما كانت.
هذا هو الفارق بين السخط الشعبي في 1977 و2024
هل تستشعر تصاعدًا لسخط الشارع بسبب الأزمة الاقتصادية؟
لا يستطيع أحد قياس حجم السخط أو التنبؤ بمآلات الشارع، خاصة في مثل تلك الظروف الصعبة، وإن كنا جميعًا نستشعر بشكل واضح زيادة السخط الشعبي والاحتقان.
في 25 يناير 2011، كنت واقعيًا، على عكس غيري، فلم أتنبأ بنزول الناس، رغم شعوري بالسخط بين الناس. وقررت النزول حتى ولو وحدي من باب حدوث أي احتمال آخر، وقد كان.
وفي 30 يونيو 2013، كان الناس لديهم تفاؤل بنزول الناس إلى الشارع، ولكنني لا أحب هذه الحالة التفاؤلية، ودائمًا أتوقع الأسوأ.
كنت أراهن في 30 يونيو 2013 عند نزول الناس إلى الشارع على خلق شرعية ثورية في مواجهة الشرعية الانتخابية الموجودة، بما يؤدي إلى إنهاء الأخيرة لصالح سيادة الأولى، وقد كان.
وكان استكمال النضال حتى إسقاط النظام هو محطتنا التالية في حال لم تنجح أولى خطوات ثورة 30 يونيو.
بحكم مشاركتك في “انتفاضة الخبز”.. ما تقديرك للسياق الراهن في ظل تحذير البعض من توابع تصاعد المعارضة الاجتماعية؟
في يناير 1977، لم يكن الهاتف بشكله التقليدي متوفرًا أصلًا للتواصل عند أغلب الناس، على عكس تنوع وسائل الاتصالات الحالية في ثورة 25 يناير 2011.
كنت من أسرة ميسورة نسبيًا، لدينا هاتف أرضي، وكانت نسبة صغيرة من زملائنا لا تتخطى 10% تمتلك كذلك هاتفًا أرضيًا. ومع ذلك، أزعم أن عدد من شارك في يناير 1977 كان أكبر من المشاركين في ثورة 25 يناير 2011 بكثير. وأعتقد أن الزملاء الذين شاركونا الانتفاضة يشاركونني هذا الاعتقاد أيضًا.
تمايزت انتفاضة يناير 1977 عن ثورة يناير 2011 بأنها كانت مباشرة وفورية؛ فمع ارتفاع الأسعار، حدثت الانتفاضة فورًا دون استئذان أحد، وفاجأت الجميع، وحققت هدفها في خفض الأسعار وتوقفت فور نجاحها في تنفيذ هذا المطلب.
على عكس ثورة 25 يناير، كان الطابع العام للمشاركين في انتفاضة 18 و19 يناير 1977 هو المعاناة من أزمات اقتصادية. وقد انطلقت من مواقع عمالية وأماكن فقيرة ونقاط شعبية ملتهبة بسبب غلاء الأسعار.
لم يتوقع أحد أن يتحقق هذا التداعي وقتها، وهذا هو ما أحاول دائمًا أن أنبه له الدوائر السياسية المختلفة، من أن مستوى تراكم السخط صعب قراءته مهما كانت المحاولة.
دوائر النخبة الحاكمة تشيد بقبول المجتمع لتوابع الأزمة الاقتصادية وتحمله لها بتوفيق أوضاعه مع كل غلاء.. أليس هذا فارق أيضًا بين أحداث 1977 وواقعنا الراهن؟
في انتفاضة الخبز، كان تراكم السخط سببًا رئيسيًا في انفجار الوضع. الغلاء، في ذلك الوقت، لم يبدأ بقرارات الدكتور عبد المنعم القيسوني، نائب رئيس الوزراء للشئون المالية والاقتصادية، في 17 يناير 1977. فقد عانت مصر من موجة غلاء تراكمية سارت بمعدلات تسارع فلكية بعد حرب أكتوبر، وبقرارات متتالية في الفترة بين عامي 1974 و1977، وسط تحمل من الناس وصبر شهرًا بعد شهر وسنة بعد سنة من دون تحسن الوضع.
في 18، 19 يناير 1977، كانت قرارات القيسوني بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، وانفجرت لحظة الغضب فجأة، دون توقع لتوقيتها وموقعها.
السوق المصري يعاني بفعل غياب الثقة والأمان
تنتقدون دائمًا مسارات الحكومة الاقتصادية.. هل يملك “يسار الوسط” خارطة طريق لإنقاذ الوضع الاقتصادي المصري؟
طبعًا، لدينا خارطة طريق واضحة. كنت مرشحًا لرئاسة الجمهورية، وأعددت العدة لذلك، وكان في برنامجي أن أضع البلد على مسار اقتصادي مختلف خلال 90 يومًا بما يؤهل لحل الأزمة الاقتصادية بالتراكم على المستوى البعيد.
ولكن دوائر النخبة الحاكمة ترى أن تداخل الدولة في الاقتصاد ضرورة للاستقرار.. ما تعليقك؟
النظام يدير الأزمة الاقتصادية بالطريقة ذاتها التي يدير بها الأزمة السياسية؛ فهو يستدعي دومًا المؤامرة الكونية على البلد، وبالتالي يفرض قيودًا.
القبضة تحكم في السياسة والمجال العام وفي المسار الاقتصادي.
النظام ينظر إلى القطاع الخاص بالشك والريبة حتى يثبت العكس، سواء من حيث ذمته أو ولائه، المهم أنه مشكوك فيه. ولذلك، عندما تجلس مع مسؤولين حكوميين، تجدهم يفضلون التعامل مع شركة حكومية وكأنها من طبائع الأمور.
ولا غرابة بعد ذلك عندما تجد الصورة النمطية لرجل الأعمال في الدراما أنه حرامي، وفي المقابل تجد الصورة النمطية للموظفين في عين رجال الأعمال مرتشيين، وهو ما يخلق صراعًا واضحًا بين “الجنيه” كرمز لرجل الأعمال والمال، و”الكارنيه” كرمز للمؤسسات والدولة.
أصحاب “الجنيه” يعتقدون أنهم قادرون على إدارة الاقتصاد بطريقة أفضل من أصحاب “الكارنيه”، والآخرون لا يريدون الاعتراف بذلك بعد.
صندوق النقد ليس سبب الأزمة في مصر
ما موقفك من صندوق النقد الدولي وهل يتحمل جزءًا من تفاقم الأزمة الاقتصادية بمصر كما يرى البعض؟
لا أرى أن صندوق النقد الدولي سبب في الأزمة الاقتصادية بمصر، بل للمرة الأولى في حياتي، أراه حاليًا كأداة للحل.
تاريخيًا، اليسار له موقف سلبي من صندوق النقد الدولي، ولكن نحن نعيش مرحلة في منتهى الغرابة، نرى فيها صندوق النقد الدولي يطالب مصر باللامركزية الإدارية، ومستوى معين من الشفافية، ودور أكبر للقطاع الخاص في إدارة المنشآت الاقتصادية، رغم أن هذا من أبجديات أي معرفة اقتصادية لأي نظام حاكم.
صندوق النقد الدولي لم يحدد لنا أن نبيع أبو قير للأسمدة بالذات أو الحديد والصلب بالذات، الحكومة هي من وقعت في ذلك الخطأ.
من يطالبني من المعارضة بأخذ موقف من صندوق النقد الدولي الآن كمن يطالبني من الحكومة بأخذ موقف من الغرب لأنه يضغط على مصر في ملف حقوق الإنسان، الذي ينظر إليه النظام باعتباره شأن داخلي.
التقيت الوزير محمود فوزي منفردًا ليس فقط للمباركة
في 17 يوليو الماضي التقيت وزير الشئون البرلمانية والتواصل السياسي المستشار محمود فوزي، لماذا ذهبت منفردًا وما دلالات هذا اللقاء؟
ذهبت منفردًا لأن موضوع الزيارة لم يكن يمثل تيارًا أوسع لمناقشة قضية تستلزم حضور ممثلين لأحزاب أخرى، وهذا وارد أن يحدث مجددًا، أو أن نجلس كقيادات أحزاب مجتمعين مع الوزير.
ذهبت بصفتي رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، في زيارة حزبية، لمقابلة مسؤول لعب دورًا مقدرًا في الحوار الوطني، دفعه ليكون أول وزير يتولى حقيبة اسمها “التواصل السياسي”، وبالتالي من المهم أن يحدث تواصل فيما بيننا كحزب ومسؤول حكومي.
من أولوياتي السياسية الحفاظ على قنوات تواصل دائمة بين المعارضة والحكومة، لأن غيابها يساوي مزيدًا من الاحتقان السياسي وتردي الأوضاع العامة.
لم أكن أبارك له منصبه الجديد فحسب، ولكن كنت أبارك لنفسي وللوسط السياسي، فتح قناة تواصل جديدة، مثلما كان دور تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين في وقت سابق، ودور مجلس النواب والحوار الوطني في وقت لاحق.
وهكذا لابد أن نتوسع في فتح قنوات تواصل من أجل إيصال رسائل سياسية متبادلة في أي وقت خاصة في الوقت الحرج والقضايا الملحة والضاغطة، بما لا يؤدي إلى عدم “قطع الحرارة السياسية” بين المعارضة ومؤسسات الدولة.
سقف استجابة الدولة لي انخفض بشدة
بعد هذا اللقاء.. تردد أن دوائر في النخبة الحاكمة تحاول تعزيز موقف فريد زهران في المعارضة وبناء تفاهمات معه.. ما تعليقك؟
لا أرى ذلك حتى وقت إجراء هذا الحوار، ولدي دلائل أخرى تشي بالعكس.
في أزمة حبس رسام الكاريكاتير أشرف عمر، الذي لا يعتبر بالنسبة لي سجين رأي فقط، بل هو كذلك قريب من دوائري الشخصية، حاولت وسعيت لإنهاء أزمته التي لا تستحق حبسه، مثله مثل آخرين كثيرين. بل وصل الأمر إلى محاولة إدخال بعض الأدوية، ولم أتمكن.
ما حدث كذلك في قضية محمد عادل والوعود التي لم تنفذ بشأن حريته. كل هذه الأمور أراها عدم تقدير لشخصي، وتخالف ما يتردد عن وجود موقف إيجابي من دوائر معينة في النخبة الحاكمة تجاهي. قد يرد على البعض منهم بأن التقدير موجود وحصلت استجابات في تدخلات أخرى في ملفات أخرى، ولكن أعتقد أن سقف الاستجابات انخفض بشدة في الفترة الأخيرة، ولا أعرف إن كان هذا مقصودًا أم لا.
هناك بعض المؤشرات الأخرى الخاصة بطريقة التعامل مع ملف الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي تجعلني أعيد النظر فيما يحدث من اضطرابات في الفترة الأخيرة، وأسأل نفسي: هل هناك قرار من طرف ما بإغلاق الحزب أو على الأقل إضعافه؟ الرسائل التي تصلني وحزبي غير إيجابية، وأريد تفسيرات لذلك، ولا أجد إجابة حتى لو كانت الإجابة هي “حبسنا كلنا”.
لماذا تلقون بمشاكلكم الداخلية في أحزاب المعارضة على مؤسسات الدولة.. ألستم ضعفاء؟
الأحزاب السياسية في مصر كلها على درجة متدنية من الضعف، وليس أحزاب المعارضة فقط. ذلك الضعف ليس بسببها أو بسبب قصور وقعت فيه، ولكن بسبب تاريخ طويل لعقود من الاستبداد وضربات متلاحقة من قبل الأنظمة المختلفة ضدها.
كنا في وقت سابق نصف مشروع حزبنا المصري الديمقراطي بعد تأسيسه في 2011، بأنه “مشروع واعد”، واليوم نقول “مشروع متعثر” بسبب غياب الحياة الحزبية السليمة. وعلى هذا الأساس، أعتقد أنه في حال وجود قرار من طرف ما لإضعاف حزب أو تدميره، سينجح الأمر بمنتهى السهولة، لأن مشروعات الأحزاب كلها لا تزال في بدايتها، ومن الغرور أو المكابرة ادعاء قوة أو مساحة غير موجودة تمنع حدوث إضعاف أو تدمير للحزب.
والسؤال الآن: هل كانت مؤسسات الدولة تحتاج أحزابنا عندما كان الدولار بـ 70 جنيهًا، وكانت المؤشرات الاقتصادية سلبية، واليوم هي لا تريد من أحزابنا شيئًا بعد أن استقرت الأمور قليلاً؟ لا أجد إجابة.
ما رسالتك وبوضوح للنخبة الحاكمة في هذا الشأن؟
من المهم أن تحسم النخبة الحاكمة مواقفها من الحياة الحزبية. هل تريد حياة حزبية في مصر، سواء للتجمل أو للضغوط الدولية أو لأي سبب آخر، أم لا تريد أحزابًا بشكل نهائي؟
يجب أن نُعجب بوضوح من موقف عبد الناصر، وإن اختلفنا معه، فقد أسس قواعد واضحة يمكن الاختلاف معها أو رفضها، لكنها في النهاية كانت تضع الأمور تحت سيطرة قرارات محددة، سواء بالقبول أو بالرفض.
في الوقت الحالي، يصنعون ضمنيًا، دون إعلان، ما صنعه عبد الناصر من إلغاء للأحزاب وتجريم العمل السياسي وفتح أبواب السجون، في الوقت الذي ينكرون فيه ذلك وينشغلون بإصدار قوانين وإعداد جلسات وغيرها.
للأسف، هناك قواعد غير مستقرة وتقديرات شخصية للمسؤولين في تنفيذ هذه القواعد غير المستقرة، ما يؤدي إلى ما نراه حاليًا في المجال العام من ضباب وعدم وضوح، لأن الأمر برمته يحكمه ببساطة من معه “الملف” اليوم.
الخلاف في “المصري الديمقراطي” صحي ولكن
في ضوء الظروف الراهنة كيف ترى الأزمة الحالية بالحزب المصري الديمقراطي؟
أراه اختلافًا صحيًا حتى وقت حديثي معك، ولكن هناك بعض الأمور التي تدفعه إلى أن يكون خلافًا غير صحي.
من الطبيعي أن يكون هناك تنافس سياسي أو صراع انتخابي، ولكن المشكلة تكمن في أن البعض يخالف اللوائح ويتمسك بأمور بعيدة عن قانون الأحزاب، ويطالبنا بأن ننصاع له، وهذا ما يعقد الأمور ويفضي إلى تجارب سلبية.
إما أن نلتزم باللوائح وقانون الأحزاب، أو أن نخرج كفريق مختلف مع الحزب لتأسيس تجربة حزبية أخرى تناسب ما يراه من لوائح. قد يكون الصراع على “يافطة الحزب” في ظل صعوبة تأسيس حزب جديد، وهذا تتحمله السلطة التي لا تفتح أبواب إنشاء الأحزاب كما يجب أن تكون.
سأبذل كرئيس حزب قصارى جهدي لحل الأزمة، ولكن ماذا أصنع إذا كان هناك قرار ما بتفجير الحزب من الداخل واستدراج أمثالي في أزمات أكبر؟ قد ينجحون في ذلك، ولكنني لن أستدرج إلى معارك أدمر فيها الحزب بيدي لتنفيذ ما يريده آخرون، قد يكونون من الحزب أو من خارجه.
ما زلت أراهن على الحكمة والحكماء في الحزب.
في عام 2013، مكثت في بيتي عامًا ونصف العام، وكنت في قيادة الحزب عندما حدث خلاف معي، ولم يعرف أحد به إلى الآن، ولم أكن سببًا في تفجير الحزب من الداخل.
حزبنا لم يترك الحركة المدنية
نذهب إلى الحركة المدنية الديمقراطية.. ما مستقبلها؟
الاحتمالات مفتوحة بشأن الحركة المدنية، ويصعب جدًا التنبؤ بمستقبلها. إذا حدثت انفراجة في المشهد السياسي، قد نجد انتعاشًا في الساحة كلها بما في ذلك الحركة المدنية.
في تقديري، الأزمة ليست أزمة الحركة المدنية أو الحزب المصري الديمقراطي أو غيره من الأحزاب فقط، بل الأزمة الحقيقية تكمن في طريقة إدارة البلد وأسلوب النخبة الحاكمة التي تدير الأمور بطريقة تخلق هذه الأزمات في الأحزاب.
المستوى المرتفع من التضييق والاستبداد وانحسار الاهتمام بالعمل السياسي يجعل أزمات الأحزاب تبرز وتصبح خبراً رئيسياً، ولا أستبعد التدخلات المباشرة التي قد تسهم في تعميق هذه الأزمات.
وماذا عن أزمة تجميد الحزب المصري الديمقراطي في الحركة المدنية؟
لا أرى قرار التجميد أزمة؛ فالموجود خلافات لا تعادل بالنسبة لي أزمة. تغير التحالفات من حين إلى آخر ليس بالضرورة أزمة، ولا يعني انتهاء تحالف الحركة المدنية أو بداية تحالف آخر، رغم أن هذا احتمال وارد لكنه ليس الاحتمال الوحيد.
نميل أحيانًا إلى تضخيم الأمور بناءً على رؤية البعض التي تميز بين الصواب والخطأ، وهذا ليس دقيقًا، ولا يتماشى مع السياسة الحقيقية. في برلمان 2020، حدثت اختلافات ثم استقرت الأمور قليلًا، وظهرت خلافات جديدة مع الانتخابات الرئاسية، ثم جمدنا وجودنا بالحركة، وهكذا.
أرى أن وجود خلافات ضمن إطار ائتلافي أمر صحي، ولكن عندما تصل الخلافات إلى حد تفكيك الإطار الائتلافي، هنا يمكننا الحديث عن أزمة حقيقية.
أرفع دائمًا مبدأ “نحن معًا فيما نتفق عليه، ونعذر بعضنا البعض فيما نختلف حوله”. أريد أن تستمع الحركة المدنية لهذا، فلدينا مساحات مشتركة كبيرة جداً. ليس من الضروري أن نتفق في كل موقف وقرار، فهذا نوع من الهزل.
أنا كحزب لم أترك الحركة، وليس لدي قرار بتركها حتى الآن. فقط جمدت مشاركتي عند نقطة معينة، عندما شعرت بأن التصويت يُستخدم لفرض قرارات، وهذا خطأ منهجي يحول دون نجاح أي ائتلاف. التصويت يصلح لحزب، أما الائتلاف فيحتاج إلى التوافق.
لا ينبغي للائتلاف أن يتخذ مواقف من التحالفات الانتخابية قبل وضوح الأمور المتعلقة بالقانون والمشاركين، وهذا من أبسط قواعد إدارة الجبهات والائتلافات.
عندما تقبل الحركة المدنية بمبدأ التوافق وتعذر بعضها البعض عن الاختلاف، فأنا معهم ومستعد لإصدار 100 بيان في السنة ضمن 120 بياناً من بياناتهم. لدينا مواقف مشتركة، مثل الحبس الاحتياطي، يمكننا إصدار بيان مشترك وتنظيم فعاليات مناسبة مشتركة.
إذا كانت الحركة تريد تنظيم مظاهرة وأنا كحزب أرى أن أكتفي ببيان، فيجب أن نترك المجال لكل حزب يعبر عن موقفه بما يناسبه.
هكذا أرى وضع الجامعات وجيل الوسط..
كنتَ قيادة بارزة في الحركة الطلابية في تجربة السبعينيات.. هل أثرت الأزمة الطلابية في قوة أحزابكم حاليًا؟
الحركة الطلابية مصدر رئيسي لإخراج القيادات السياسية والحزبية، وللأسف، تواجه هذه الحركة في كل مرحلة سياسية محاولات “إحكام قبضة” أو ما يمكن تسميته بـ”تجارب تخليق معملي”.
يبدو أن النخبة الحاكمة تعتمد على كتالوج واحد للإدارة تتغير طبعته في كل مرحلة، وهذا يحتاج إلى دراسة متعمقة.
الأجدى هو فتح أبواب النشاط الطلابي والجامعي، حيث أن ما يُخلق معمليًا عادة ما ينقلب إلى نكد، وهذا واضح من تجربة منظمة الشباب في عهد عبد الناصر ولجنة السياسات في عهد جمال مبارك، اللتين أفرزتا شخصيات انقلبت على من صنعها.
تجارب مثل هذه تُظهر أن النشاط الطلابي والنقابي ليس مجرد مساحات لملء الفراغ، بل هو منابر لتشكيل وتطوير قيادات قادرة على التأثير والتغيير. الجامعات والمصانع، كرافدين مهمين للعمل العام، يجب أن يُترك نشاطهما الطبيعي دون تدخلات، فهذا سيساهم بلا شك في تقدم البلد.
هل حان وقت تنحي جيل السبعينيات من المشهد السياسي وتسليم الراية لجيلي الوسط والشباب؟
لم يعد هناك جيل شباب في الأحزاب، للأسف.
أنا شخصيًا رفعت شعارًا داخل الحزب: “آن أوان تسلم جيل الوسط مقاليد الأمور في الحزب”.
أعتبر أن سن 55 عامًا هو جيل الوسط، وأريد أن يأخذ حقه في الحياة الحزبية والعامة.
من يسيطر على العمل الحزبي والسياسي الآن تتراوح أعمارهم بين 65 و75 عامًا، ولذلك نحتاج إلى أعمار من 45 إلى 55 عامًا تكون هي القوام الرئيسي للحياة السياسية.
نحتاج إلى هذه النقلة، لكنني أرى هذه النقلة متعثرة.
جبهة “حق الناس” خطوة رائعة
ما تعليقك على تدشين أحزاب اليسار لجبهة حق الناس؟
خطوة رائعة.
سابقًا، أنشأ بعض الزملاء في اليسار جبهة “التشاور الاشتراكي” في أوج ازدهار نشاط الحركة المدنية الديمقراطية.
كذلك أنشأت أنا كحزب مصري ديمقراطي، إلى جانب حزب المحافظين وحزب العدل “نادي الأحزاب الدستورية”. في ذلك الوقت، أثيرت مسألة التواجد في نادي الأحزاب الدستورية والحركة المدنية الديمقراطية معًا، فقلت: لا يوجد مانع في التواجد كحزب في أكثر من دائرة ائتلافية.
وما المانع إذا فكرنا في ائتلاف لحماية الدستور، على سبيل المثال، بحيث تكون معنا أحزاب محسوبة على الموالاة ترى أهمية حماية الدستور؟
الائتلافات بطبيعتها متنوعة، وقد تتقاطع.
مبادرة زياد بهاء الدين “واجبة”
في ظل ذلك حالة الانغلاق الحالية.. هل تحتاج مصر مبادرات مثل مبادرة زياد بهاء الدين لاستعادة المسار الديمقراطي؟
هذه المبادرة وغيرها من المبادرات واجبة طوال الوقت. ولكن المشكلة تكمن في وجود اللحظة المناسبة لتحقيق المبادرة أهدافها.
والإجابة عن اللحظة المناسبة لا أملكها بمفردي، فهي ملك كل القوى المعارضة سواء المعتدلة أو الراديكالية، التي قد توافق على استعادة المسار الديمقراطي. ومع ذلك، تبقى العقبة في موافقة أحزاب الموالاة على استعادة هذا المسار والبناء على مثل هذه المبادرات.
هل تقبل هذه الأحزاب مبادرة من المعارضة قد تحتوي على الحل لما تعانيه الحياة السياسية؟ هذا هو السؤال، وأعتقد أن إجابته: لا. أغلب الظن أن أي مبادرة كي تنجح في هذا الوقت يجب أن تخرج من أحزاب الموالاة.
الكل مُطالب بأن يعمل وفق الحيز المتاح
هل مصر مستعدة قانونًا ومناخًا لانتخابات برلمانية مهمة قادمة بعد عام؟
هذا شكل بلد لا ينتظر انتخابات مهمة بعد عام .. لا قانون ولا مناخ .. وهذا مؤشر سلبي
الذين صنعوا حائط مبكى على الانتخابات الرئاسية الماضية وقالوا: “انتخابات وحشة أوي أوي”، لم يقولوا لنا ماذا نصنع؟ وكيف نأتي بالوضع النموذجي؟
البعض تناسى أننا في بلد كان يدار بالاستفتاءات أيام عبد الناصر والسادات وفترة كبيرة من حقبة مبارك، ونتائجها كارثية. وأننا بلد حديث على الانتخابات الرئاسية، وأن ما حدث في تجربة انتخابات عام 2012 التي ولدت في لحظة زخم لا يُقاس عليها.
البعض يضرب المثل ببرلمان 1976، عندما عرضت عليه اتفاقية كامب ديفيد وعارضها فقط 19 نائبًا، ورغم ذلك أمر السادات بحل البرلمان.
ما أريد أن أقوله هو أن الكارثة قديمة وليست جديدة.
هل أنت راض بـ”الحيز المتاح”؟
الكل ينبغي أن يعمل ضمن الحيز المتاح، والذي يريد ألا يعمل في غير الحيز المتاح، يرفع يده ويريني ماذا صنع ويصنع؟
مساري هو الحيز المتاح، وهدفي هو توسيعه، والبناء على كل خطوة من أجل هذا الهدف.
الحيز المتاح زمان كان يسمح لي بالكتابة في جريدة الأهالي، وحينما كنت ألجأ إلى غير الحيز المتاح، وأعد منشورًا ومجلة سرية، كان هذا يعرضني لمساءلة القانون والحبس.
مثلًا، عندما أريد أن أصدر كتابًا كناشر، فإنني أسعى ضمن الحيز المتاح، وأحصل على رقم إيداع من دار الكتب. إذا لم أحصل على رقم الإيداع ونشرت الكتاب من دونه، سأكون حينها خارج القانون.
الزملاء الذين يريدون أن يغيروا “الحيز” نفسه، أنا لست ضدهم، فأنا لا أزعم أن الحيز المتاح نموذجي.
يمكن أن يسمعوا أنه نموذجي إذا جلسوا مع أحد مسئولي حزب مستقبل وطن، فهم يعتقدون أن “الحيز المتاح حالياً هو أزهى عصور مصر، ويمكن أفضل من فرنسا”.
في المقابل، أنا أعتقد أن الحيز المتاح الحالي “ضيق جداً” و”خانق”، ولكنني أعمل داخله لأنه المتاح قانوناً وأسعى لتوسيعه.
في التعديلات الدستورية، اكتفيت بإصدار بيان للرفض، وبعض أعضاء الحزب قالوا: “إن حزب المحافظين قام بتعليق لافتة على الحزب، ونريد أن نصنع مثله”، فاتصلت بالمهندس أكمل قرطام، فقال: “كانت هناك يافطة، وتم نزعها قبل قليل”، فضحكنا من مستوى الحيز المتاح.
أما الزملاء الذين يريدون العمل خارج “الحيز المتاح”، أتمنى أن أرى نتائج مسارهم.
مثلاً، الحيز المتاح يقول لا مظاهرات، وأنتم تريدون صنع مظاهرات، اصنعوا، ولكن أنا كحزب ليس من مساري الآن ذلك، ولدي أدوات كثيرة لتسجيل رفضي.
ثلاثي الحيز المتاح.. مؤكد
كتبت في “فكر تاني” عن “ثلاثي الحيز المتاح” حول تحالفكم المرتقب مع حزبي العدل والإصلاح والتنمية.. ما تحديثات هذا التحالف؟
من حيث المبدأ، هذان الحزبان هما الأقرب إلينا في أي تحالف انتخابي، وموقفهما الداعم في انتخابات الرئاسة محل تقدير لدينا في الحزب المصري الديمقراطي. من الوارد أن يحدث الإعلان عن هذا التحالف الانتخابي قريبًا، ومن الوارد أن يتسع.
في كل الأحوال، لن يكون هذا الإعلان إغلاقًا لخريطة تحالفاتنا، فلا أحد يعرف ما القانون؟ وقد تتطلب الدوائر الائتلافية المعقدة التروي في إصدار مواقف مسبقة.
تحالف مستقبل وطن
هل تتحالف كمصري ديمقراطي مع أحزاب الموالاة كما يتردد وبالتحديد حزبي: “مستقبل وطن” و”حماة وطن”؟
ضف إليهم حزب الشعب الجمهوري، فهو موالاة أيضاً كما يقولون، وسمعت اسمه مع الاثنين الآخرين.
ولكن حسم الاجابة على السؤال، تحتاج إلى انتظار وقت ، حتى لا يكون مناورة كلامية.
انتظر القانون، وفي التفاصيل يمكن الشيطان كما يقول المثل.
عندما تحالفنا مع حزب مستقبل وطن في المرة السابقة، كان هناك قائمة مطلقة، فهل هذه المرة سيكون هناك قائمة مطلقة؟
وإجمالًا يجب أن نفرق بين التحالف الانتخابي والتحالف السياسي، وهذا شرحته أكثر من مرة، فهذا مربط الفرس، لأن التحالف السياسي يعني برنامج واحد وخطاب سياسي واحد وهو أمر غير وارد وغير ممكن في حال أحزاب الموالاة.
أنا أتحدث عن تحالف انتخابي فقط، وهو ما قلته لمسؤولي حزب مستقبل وطن قبل العرض على حزبي في انتخابات برلمان 2020، فردوا علي: نعم نحن بصدد تحالف انتخابي فقط.
وبناء على ذلك تحالفي كحزب مصري ديمقراطي مع أي حزب موالاة أو معارضة يتوقف على القانون ومصالح الحزب وتكتيكاته.
لن أجزم بالغد في انتظار رؤية تركيبة الحزب مع قرب دخولنا على انتخابات داخلية، سيتحدد على أساسها استمرار الحزب في مساره الحالي أم هناك نظرة مختلفة راديكالية أخرى؟
اتركوا هذه التجارب تنضج
في سياق الحيز المتاح .. ما تعليقك على التجارب الحالية في النقابات المهنية؟
خالد البلشي في الصحفيين، وطارق النبراوي في المهندسين، وأسامة عبد الحي في الأطباء، كلها تصب في صالح تقديم تجارب ناجحة جداً من واقع أهداف نقابية محددة.
وتجربتي في اتحاد الناشرين المصريين، ما زلت أقدم فيها ما في وسعي، وتقييمي يترك للآخرين.
هناك نسبة كبيرة في مؤسسات الدولة لم تدخل في صدام مع هذه التجارب، لأنها تقدم نموذجاً جديداً وملهماً وناجحاً لم يفضِ إلى مشهد صدامي. ولكن هناك نسبة في مؤسسات الدولة ترى أن البعض استغل تجربة الصحفيين، على سبيل المثال، استغلالاً سياسياً.
وبالمثل في المعارضة، هناك من يختلف مع تجربة خالد البلشي، والبعض هاجم أسامة عبد الحي لأنه التقى وزير الصحة.
أنا لا أفهم معنى أن يكون نقيب للصحفيين أو للأطباء ولا يقابل مسؤولاً. ما مفهوم العمل النقابي لدى هؤلاء حتى يقرروا تلك المواقف؟
هناك روح تحفز غير إيجابية وغير مبررة من بعض الأطراف.
اتركوا هذه التجارب تنضج، وخذوا وقتاً قبل التقييم، فما يحدث شيء إيجابي للدولة والمجتمع.
تجربة الناشرين المصريين
بالنسبة لتجربتك، كيف واجهت أزمات الناشرين المصريين في ظل توابع الأزمات الاقتصادية وشكاوى المصادرة والمنع؟
صناعة النشر وثيقة الصلة بمساحة حرية الرأي والتعبير. فكلما توسعت المساحة، ازدهرت هذه الصناعة.
لا يخفى على أحد أن بلدًا مثل السعودية، ازدهرت فيها صناعة النشر مع بدء السماح بمساحات جديدة في حرية الرأي والإبداع مقارنة بالمساحة الموجودة منذ 30 عاماً.
هذا مسار رئيسي لحل أزمات الناشرين المصريين.
الأمر الثاني هو أن نركز على النشر كصناعة لا كتجارة، فالناشر مُصنّع، يقوم على صناعة استراتيجية للبلد، ويجب التعامل معه في هذا الإطار. هذا ما أحاول إقراره من خلال قنوات التواصل المتاحة لي ولزملائي في مجلس الإدارة.
إذا تغيرت النظرة الحكومية إليه، سيشعر الناشر بتغييرات كثيرة فيما يواجهه من عقبات. وهذا ما نرجوه من ميزات ومساحات، ونتفاوض عليه.
أي دولة تحترم نفسها في العالم تدعم الصناعات الثقافية من سينما ودراما ونشر. للأسف، هذه الصناعات يتراجع دعمها في مصر، وهذه مشكلة، رغم أن المكون المحلي عالٍ، ولها عائد أجنبي ليس بقليل، وهي قوة ناعمة لمصر.
هذه الصناعة تتعرض لضربة قاصمة بقصد أو دون قصد، ومصر يجب أن تعيد النظر في هذا الأمر.
وأهم ما أركز عليه أنا ومجلس الإدارة هو أن أجعل الجمعية العمومية حاضرة في المشهد عبر الاجتماعات وتفعيل المشاركة.
حتى اليوم، هناك مؤشرات إيجابية أتلقاها من مؤسسات الدولة بشأن صناعة النشر. إذا استشعرت لسبب سياسي أني عقبة في سبيل ذلك، سأتنحى عن مشهد اتحاد الناشرين من أجل مصلحة الأعضاء.
إهدار الدستور
بعد أكثر من 11 سنة، كيف ترى احترام الدستور وما يثار عن تعديل مدد الرئاسة مجددًا؟
الدستور لم يُحترم في مصر إجمالًا بالشكل الكافي منذ عام 2014.
أين نسب التعليم والصحة؟ أين منع الحبس في قضايا النشر؟ أين مفوضية مناهضة التمييز؟ كل هذا مهدر.
هذا وغيره، بجانب تعديلات 2019، أهدر الدستور.
أنا لم أوافق على تعديل الدستور قبل ذلك، حتى أوافق على تعديله مجددًا.
يجب أن تكون الولاية الرئاسية الحالية هي الأخيرة حتى نعطي فرصة لتداول السلطة.
لقد شكل تمديد الفترة الرئاسية في 2019 إلغاءً لمبدأ تداول السلطة، وهذا أمر خطير. ولا يزال أي تفكير في هذا الصدد غير مبرر على الإطلاق.
بديل آمن
هل تمتلك مصر بديلًا مدنيًا آمنًا بعد 2030؟
نعم.. مصر بلد كبير جدًا، وليس لديها مشكلة نهائيًا في البديل.
عدد السيناريوهات المحتملة الآمنة بلا حصر، ولا قلق في هذا المسار تمامًا على مصر.
نحن بلد مؤسسات، ويسهل جمع البلد في أي مسار توافقي. يمكن أن ننظر إلى تجربة انتخابات الرئاسة والبرلمان في عام 2012، كنموذج رغم حالة الاستقطاب والانقسام والزخم الموجود بحكم توابع الثورة.
لقاء الرئيس
عندما قابلت الرئيس عبد الفتاح السيسي بعد نتيجة الانتخابات، ماذا دار في المقابلة؟
أغلب الظن أن اللقاء كان يسير في اتجاه بروتوكولي، ولكنه تطور تلقائياً إلى مقابلة فيها نقاش سياسي وحديث لمدة 50 دقيقة، وهذا شيء إيجابي.
الرئيس وقتها تحدث عن الوضع الإقليمي والوضع في غزة ومعاناة الشعب الفلسطيني، والضغوط التي تمارس على مصر للقبول بالتهجير القسري وتمسكه الكامل برفض ذلك السيناريو.
أنا حييت الرئيس على موقفه بشدة وطالبته بالاستمرار في هذا الموقف المتسق مع دور مصر التاريخي، حتى لا تتورط في أي مسارات لا تناسب مصالحها.
تحدث الرئيس كذلك عن اعتزازه بتجربة الانتخابات الرئاسية، ومن جانبي أكدت ذلك وأثنيت عليه، وأوضحت أني لا أنسبها إلى تقييم مثالي نموذجي، لأنه إذا حدث ذلك سيكون التقييم على غير المستوى، واعتبارها خطوة يمكن البناء عليها. تمنيت أن تكون الانتخابات القادمة بلا مشاكل هذه الانتخابات.
تحدثت مع الرئيس عن الحوار الوطني، ووعد بفتح مرحلة جديدة منه بعد انتخابات الرئاسة، وأنا أثنيت على ذلك كثيراً، وقلت: إن الملاحظ أن الحوار الوطني توقف لفترة طويلة، وهذا غير حسن.
من جانبه، أكد الرئيس أنه أعطى توجيهاته باستمرار الحوار الوطني وتنفيذ مخرجاته، وأثنيت على ذلك بشدة.
أشرت إلى ارتباط الحوار الوطني في بدايته بالإفراج عن بعض سجناء الرأي، وطالبت باستمرار هذا التوجه خاصة بعد تعثره في الفترات الأخيرة بشكل ملحوظ. فأوضح الرئيس أنه لا تأتيه أي قوائم إفراج من الأجهزة المختصة ويرفضها.
من جانبي، طلبت من الرئيس بأن يعطي توجيهات جديدة للأجهزة لتفعيل مسار الإفراجات، وأن تتكرر مثل هذه اللقاءات. وفي انتظار هذا.
وأذكر في هذا الإطار أن الرئيس مبارك كان يحافظ في أول 20 سنة من حكمه على لقاء قيادات الأحزاب، وهي فرصة مهمة لتخفيف حدة الاحتقان وتعزيز قنوات التواصل.
القضية الفلسطينية وغزة
في القضية الفلسطينية، ماذا قدم الحزب لدعمها؟
لم نقدم المأمول على مستوى الحدث، كحزب، فهناك الكثير، ولكن ركزنا على الدعم المعنوي والسياسي.
ربما ما يميزنا عن باقي الأحزاب المصرية أننا موجودون في التحالف التقدمي الدولي وعضو في الاشتراكية الدولية، ونحاول فعل ما في وسعنا من خلال علاقاتنا الحزبية الدولية عبر طرح القضية كما يجب أن تكون.
أعدنا إحياء المنتدى الديمقراطي العربي بعد سنوات من الجمود لدعم القضية الفلسطينية، بجانب عرض القضية في زيارات المسؤولين الدوليين للحزب والتقينا معظم السفراء.
استخدمنا وزننا في الحضور العربي والدولي لعرض القضية ودعمها.
برأيك، هل لدى مصر أدوات أخرى لوقف العدوان على غزة؟
إسرائيل في لحظة ضعف تاريخي ومفككة، ورغم ذلك وضعنا العربي أضعف منها.
ولو لم تكن مصر، على وجه التحديد، بهذا القدر الحالي من الضعف، لم تكن إسرائيل بهذا القدر من الغطرسة.
مصر الضعيفة تسمح بغطرسة إسرائيل.
ليست قضية ضعف مسؤول أو مؤسسة ما، فهذا تلخيص مخل.
هذا خطأ متراكم منذ 7 عقود، رسخ لما يمكن تسميته “استراتيجية بناء الضعف”، ولذلك لن تجدي نظرية الحلول الفورية لفك هذه الإشكالية المتراكمة.
ولكن أعتقد أن مصر بتاريخها الكبير لديها المزيد من الأدوات.
فقط لا بد من تحديد مسار جديد وواضح.