الحرب هي القتل المرخص به. الموت هو النتيجة المؤكدة لأي صراع مسلح. القتل المجرم في كل الشرائع والقوانين يصبح مباحًا ورمزًا للشجاعة. المقتول يترك الحياة مع لقب شهيد، ويقلد القاتل بأوسمة النصر. المأساة تتوارى خلف مواكب النصر المزيف. ويحصد القادة خلف مسارح القتل الغنائم الملوثة بالدم.
كيف إذا يبرر القادة القتل العمد بساحات الحروب؟ كيف يسمح القانون بالقتل؟ الحقيقة أن الإجابة ليست معقدة، فتبريرات الحرب دائمًا حمقاء، وخطب القادة ليست سوى كذب فاضح تصل لدرجة الكوميديا السوداء، دعونا فقط نستمع لقادة العالم الحر!! وهم يدافعون عن حق قوات الاحتلال في الدفاع عن نفسها ضد الشعب الذي سرقت أرضه، وحريته، وحياته، والمتهم بمقاومة الاحتلال، دعونا نسمع قائد العالم الحر وهو ينفي تعمد قتل المدنيين الذي يشاهده العالم كله على الشاشات، ويقدم الدعم للمحتل بأطنان من الأسلحة التي توجه لرؤوس الأطفال، وليكتمل المشهد الساخر. يتبرع ببعض المال لضحايا أسلحته. الساسة كاذبون، ولم يعودوا بحاجة لتجميل الكذب.
ماذا عن القانون إذا؟ الحقيقة أن القانون منطقة رخوة، لكن دعونا قبل الخوض فيها. أن نكشف عن الوضع القانوني للحرب القائمة، فهذه المرة الوضع من الوضوح بحيث لا يحتاج لجهد متخصص أو انتظار رأي الخبراء. نظرة سريعة علي نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية تكفي لنعرف أن إسرائيل ارتكبت ومازالت جرائم ضد الإنسانية الواردة بالمادة الخامسة خاصة جريمة (إبعاد السكان أو النقل القصري) كما ارتكبت العديد من جرائم الحرب المنصوص عليها بالمادة الثامنة ومنها تعمد توجيه هجمات ضد السكان، تعمد توجيه هجمات لمناطق مدنية، قصف المدن، تعمد قصف المرافق المدنية خاصة المستشفيات، وغيرها من جرائم.
ماذا عن المقاومة؟ هل ما قامت به يوم 7 أكتوبر 2023. عمل إرهابي كما يقول زعماء العالم الحر؟ نظرة سريعة علي قرارات الأمم المتحدة الخاصة بحق تقرير المصير، والقرارات الخاصة بفلسطين تحديدا تؤكد بوضوح أن مقاومة الاحتلال بكل الطرق حق قانوني لا شك فيه خاصة القرار 3031 سنة 1973 الذي يؤكد الحق في المقاومة المسلحة للاحتلال، ويؤكد أن ذلك نضال شرعي ضد الاستعمار، والعنصرية، والقرار 2649 سنة 1970. الذي يدعو لدعم فلسطين في كفاحها ضد الاستعمار الإسرائيلي. ما قامت به المقاومة هو تطبيق لقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو فعل قانوني باعتراف المنظمة الأممية الأكبر والأهم في العالم.
أما القانون في حالة الحرب، فيخضع لاتفاقيات جنيف التي تضع الحدود التي على أطراف الحرب الالتزام بها، خاصة الاتفاقية الرابعة الخاصة بتوفير الحماية للمدنيين بما في ذلك الأراضي المحتلة، فطبقا لهذه الاتفاقية، علي العالم أن ينشغل الآن بحماية المدنيين، ويستخدم في ذلك كل الوسائل الممكنة، خاصة بالأراضي المحتلة. إن الدول الكبرى ملزمة قانونًا بالدفاع عن الفلسطينيين، وتوفير كل سبل الحماية لهم، وعلي الدول القريبة من الأرض المحتلة. أن تقوم بذلك دون إذن من أحد.
لماذا إذا يقدم العالم الدعم لإسرائيل المعتدية وليس لفلسطين المحتلة؟ هنا نعود للأرض الرخوة. فالقانون شبكة عنكبوت معدة للضعفاء فقط. القانون نظريًا قواعد عامة تطبق علي كل المخاطبين به، لكن الواقع أن القوة هي فقط القادرة علي فرض القانون أو تجاهله تمامًا، فالقانون بدون قوة تنفيذ ليس أكثر من توجيهات أخلاقية. يمثل مجلس الأمن قوة تنفيذ القانون الدولي بكل الوسائل بما فيها تحريك قوات مسلحة من الدول الأعضاء بالأمم المتحدة، لكن هذا المجلس يخضع بالكامل للدول الخمس الكبرى، التي تفرض مصالحها علي العالم دون أي إمكانية لمواجهتها، أما محكمة العدل الدولية والجنائية الدولية فهي سراديب طويلة، مستندات، وثائق، مذكرات ومرافعات، دائرة تكاد لا تنتهي.
هل معني ذلك رفض القانون الدولي؟ بالتأكيد لا، حتي لو كان القانون الدولي قواعد أخلاقية، علينا دائما التمسك بتلك القواعد التي تعكس الجانب الجيد من الإنسانية، علينا فضح الدول التي تنتهك القانون، علينا اللجوء للشعوب لتكون أداة ضغط علي حكومتها، علينا دائمًا وأبدًا التمسك بالمبادئ الإنسانية.