عام على رحيل شيرين أبو عاقلة.. و لا زال القصف مستمرًا

لم تشفى الجراح بعد ولم يستطع أحد أن يفيق من صدمة هكذا ووجيعة دون أن يفيق على كارثة أكبر مما قبلها، ولكن ومع كل هذا لم يفقد الأمل يومًا، و ليس دائمًا الأمل في الغد إنما أيضًا يمكن استنباطه من الدهر، يمكن استخلاصه من أيام كنا نشعر فيها بالأمان وينتج من قلب الحنين الأمل، وهو الأمل في عيش أمان الماضي بوجود من تحب حولك وما تحب بجوارك ولا حياة مع اليأس.

لم يمر سوى عام على رحيل الشهيدة شيرين أبو عاقلة، و لم تشف القلوب من فراقها وصوتها وهي تذيع وتنقل الأخبار وسط القصف والتلاحم، ٢٥ سنة مرت أمام الكاميرا واعتاد العرب والعالم كله على سماع صوتها، عبر كل زملاء شيرين أبو عاقلة عن شعورهم بالحزن والأسي على فراقها عبر السطور، ولكن هل السطور تعيد فقيدًا؟ حتى وإن لم تعده يمكنها إيقاظ العالم العربي أحيانًا وضميره.

 لم تمر سوى سنة وكيف لنا أن نمجد روح الشهيدة شيرين أبو عاقلة؟  التي قتلت بالرصاص الإسرائيلي وهي ترتدي الخوذة ودرعها المضاد للرصاص؟ في رأيي التمجيد الوحيد لأي شهيد وخلاص روحه يقع في ما فقد روحه من أجله، حتى وإن طالت القضية وتسارع الزمن ستظل إسرائيل في أعين كل شعوب البلاد العربية هي المحتل، وهذا بالطبع بعيد كل البعد عن السياسيات والدبلوماسية وبعيد عن تعامل الدول وحكومتها ووزارتها مع بعضها البعض، أتحدث فقط عن درس فطن لكل طفل عربي ولد.

كان يا مكان كان هناك بلد عربي تسمى فلسطين، احتلت أرضها عنوة من قبل الإسرائيليين و خربوا الأرض وهدموا البيوت وقصفوا مع البيوت الأطفال، وأصبحت عدو طاغي لكل البلاد العربية الشقيقة، حتى وإن  أصبحت بلدًا واعترف بها البعض، حتى وإن كان بها مطار وبشر يحملون هوية، ها هنا هويتنا نحن في التاريخ الذي لا يمكن إنكاره أبدًا، وكذب المنجمون ولو صدقوا، هكذا فطنا نحن في صغرنا، هكذا رأينا الدرة الذي إن عاش كان في سننا الآن في سن الشباب له زوجة وأطفال يحتضنهم وسط إطلاق الرصاص كما احتضنه والده يوم استشهد، هكذا تعلمنا كيف هو العدو ونحن أطفال وكيف نستطيع أن نفرق بينه و بين المجني عليه؟

لم يقف الوضع عند أخذ قطعه من الأرض وترك القطاع، لكنهم قاموا ببث الرعب في نفوس الفلسطينيين على مدار خمس أيام فاتت وغارت فيها القنابل على غزة، وحتى بعد تسارع عجلة الزمن ووضع المعاهدات والبنود والاتفاقيات، لكن كيف تأخذ كلمة من ( اللا عربي )  حتى وإن كانت مكتوبة ومتفق عليها شاهد عليها بلاد، هذا هو  المحتل يلحس بكلمته دون تفكير، كيف تظن أنه عربيً يلزمه شرف الكلمة، لم تمر سوى سنة على فراقك يا شيرين وها هي غزة تقصف كل يوم، و لولا تدخل مصر في عمل هدنة بين الجيش الإسرائيلي وحركة الجهاد الإسلامي لما توقف الدم السائل في غزة، وقد تدخلت مصر في الوقت الذي أعرب الكل فيه عن حزنه من خلال نشر بيانات استياء عن طريق وزاراتهم الخارجية، وقد أعربوا عن استيائهم وتعازيهم الخالصة.

كان حديث زملاء شيرين هو الذي أثر في نفسي تأثير حزين وكأني أسمع خبر موتها من جديد، كما قال مجدي بنوره المصور زميلها في العمل (حتي الىن كل يوم أصبح على شيرين في مكتبها) أحلم بيوم عودتها، وقال أيضًا لأحد الأخبار (لم تخرجني ولا ١٠٠ جلسه علاج من فقد شيرين أبو عاقلة).

كيف ينجو أي شخص من مأساته وهو كل يوم يسمع أخبار أسوأ من التي قبلها تخص قومه وبلده وأرضة، ومع كل ذلك لا يزال توجد مقاومة وهناك أمل، و ما زالت مفاتيح الديار تعلق بالحبال على الصدور لأنها هي فلسطين والأرض عرض.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة