الموقف المصري من الصراع في السودان.. بين الحياد والانحياز

عندما تندلع الحروب، وتزداد الصراعات، في حدود دولة ما، لا تؤثر فقط على مواطنيها أو القاطنين داخل حدودها، ولكن يمتد أثرها على كل دول الجوار، سواء من الناحية الأمنية أو الاقتصادية. وبعد دخول السودان – الجار الأقرب لمصر- في أزمة الصراع المسلح، التي قد يطول أمدها، تراقب مصر ما يحدث بقلق بالغ. ولكن لم تتخذ مصر موقفا واضحا تجاه الصراع، ولم تنحاز إلى أحد طرفي النزاع، رغم التقارب الشديد بين النظام المصري، وعبدالفتاح البرهان قائد الجيش السوداني.

لماذا لا يستطيع النظام المصري دعم البرهان علنا؟

كانت استراتيجية النظام المصري واضحة، بخصوص الصراعات في المنظقة، حيث التزمت مصر بدعم الحكومات والجيوش الوطنية في مواجهة الميليشيات المسلحة. ولكن الوضع هذه المرة أكثر تعقيدا، حيث يندلع الصراع بين طرفي الدولة.

يعتبر النظام المصري الجيش السوداني عموما، وعبدالفتاح البرهان خاصة، هو الحليف الاستراتيجي لمصر، خاصة في مواجهة التعنت الاثيوبي في ملف “سد النهضة”.

ولكن الموقف المصري – المحايد علنا – قد ازداد صعوبة وتعقيدا، بعد أن أعلن الجيش السوداني نبأ أسر جنود مصريين من قبل قوات الدعم السريع. وقد تعهد الرئيس عبد الفتاح السيسي بعدها بيومين بعدم الانحياز إلى أي من طرفي النزاع، وعرض الوساطة من اجل حل الازمة.

علي الرغم من نفي الحكومة المصرية أي دور عسكري لها داخل الصراع، إلا أن ثمة أخبار حول ارسال مصر طائرات مقاتلة، في منتصف ابريل الحالي، وقبل بدء الحرب بأيام، إلى السودان، حيث نفذت غارات على مستودع ذخيرة خاص بقوات الدعم السريع، بناء على تصريحات ملحق عسكري سوداني، لجورنال وول ستريت.

وسبق أن أعلنت الدولة المصرية، تواجد قوات عسكرية تابعة لها بالسودان، ضمن التدريبات العسكرية المشتركة بين الجيش السوداني والمصري.

من الصعب على مصر الانحياز إلى البرهان، إذ تمر الدولة المصرية بأزمة اقتصادية غير مسبوقة، في ظل انخفاض قيمة العملة المصرية أمام الدولار، وزيادة التضخم، والتخوفات من عدم قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها.

كذلك فان دعم دولة الإمارات العربية لحميدتي، يعتبر معضلة بالنسبة للنظام المصري، حيث تعتبر الامارات أكبر الداعمين لمصر، وإعلان الإمارات برفع استثماراتها في مصر من ٢٠ مليار إلى ٣٥ مليار دولار.

 لذلك فإن النظام المصري لا يستطيع دعم طرفا على حساب الآخر، فقد تعلمت مصر الدرس جيدا من الصراع الليبي، فبعد أن دعمت مصر الجنرال “خليفة حفتر” ، إلا أنه قد فشل في الانتصار، وترك الدولة المصرية في وضع سئ مع باقي أطراف الصراع في ليبيا.

اقرأ أيضا: السودان الجريح.. إلى أين؟

اللاجئين السودانيين في مصر

قد تتحمل مصر أكثر من غيرها فاتورة الصراع السوداني، وخاصة في ملف اللاجئين، وبالرغم من أن السودان يشترك في حدوده مع ٧ دول أفريقية، إلا أن غالبيتها تعاني من الصراعات وعدم الاستقرار، لذلك تعتبر مصر هي الوجهة الأكثر أمانا، لجموع النازحين.

تستضيف مصر أكثر من خمسة ملايين سوداني فروا من الحروب والصراعات في السنوات الماضية، كذلك هناك اتفاقية لحرية الحركة بين البلدين والتنقل في الاتجاهين من أجل الاقامة والعمل، بما في ذلك ستين ألف لاجئ وطالب لجوء، وقد تستمر هذه الأعداد في الزيادة في حالة استمرار الصراع في الشارع السوداني.

المطار السوداني في مصر

بناء على ما نقله موقع بي بي سي الإخباري، فإن الزيادة في أعداد السودانيين أدت إلى وجود محطتين للحافلات في وسط القاهرة، يطلق عليهم اسم “المطار السوداني”.

يذكر أن الرحلة بين القاهرة و الخرطوم تستغرق ثلاثة أيام بتكلفة قدرها ٨٠٠ جنيه مصري، وهناك ٢٥ حافلة تتحرك ذهابا وإيابا بين العاصمتين المصرية والسودانية يوميا بمقدار ٣٧ ألف رحلة شهرية في الاتجاهين.

اقرأ أيضا: مطالبات بتفعيل اتفاقية “الحريات الأربع”والسماح بدخول السودانيين مصر بدون تأشيرة

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة