أعاد مسلسل «تحت الوصاية»، الذي بدأ عرضه في النصف الثاني من شهر رمضان الكريم، الجدل حول معاناة الأمهات بعد وفاة الأزواج بسبب قانون الوصايا في مصر.
وتدور أحداث المسلسل حول قصة أم تحاول الهرب لخلق حياة جديدة بعيد عن أهل زوجها المتوفي، الراغبين في التحكم بها وبأولادها، بعد أن انتقلت الولاية للجد بعد وفاة الأب.
وتنص المادة (1) من قانون الولاية على المال على أنه «للأب ثم للجد الصحيح إذا لم يكن الأب قد اختار وصيًا للولاية على مال القاصر وعليه القيام بها ولا يجوز له أن يتنحى عنها إلا بإذن المحكمة».
والولاية على مال القاصر يقصد بها السلطة التي تخول الولي حق الإشراف على الشؤون المالية للقاصر، ومن ذلك حفظ المال واستثماره وإبرام العقود والتصرفات المتعلقة بالمال وتنفيذها بما يحقق مصلحة القاصر - الذي لم يبلغ سن الواحد والعشرون من عمره- وتكون تلك الولاية للأب بحسب الأصل ثم للجد الصحيح إذا لم يكن الأب قد اختار وصيًا.
تقول المحامية هيام الجنايني إن قانون الولاية يظلم النساء بعد وفاة أزواجهن، نظرًا لأن الولاية تذهب للجد تلقائيًا بعد وفاة الأب، فالأم هي الأجدر أن تكون وصية على أموالهم.
وأضافت: «هذا ليس به أي تفريط إطلاقًا في حقوق القصر، لأن هناك نيابة حسبية تحاسب الكل في النهاية على كل شيء، حتى في حالة زواج الأم تظل أموال القصر تحت تصرف النيابة الحسبية الذي يتعاملون مع هذه الأموال بشكل حريص جدًا، حتى يبلغون السن القانوني 21 سنة، وبالتالي لا تستطيع التفريط في أموال الأطفال إطلاقاً».
وتابعت: «لا الجد ولا الأم يستطيعون التصرف في أموال القصر بدون المجلس الحسبي، ولذلك لا يوجد ما يمنع أن تكون ولاية المال للأم بعد وفاة الأب كما حدث للولاية على النفس( الحضانة) والولاية التعليمية».
وأوضحت المحامية أن الولاية التعليمية تذهب للحاضن، في حالة وفاة الأب تكون للأم، وهي ليست دعوى قضائية وإنما هي طلب على عريضة يتم بإجراءات يسيرة وصور من مستندات الأساسية الموجودة لدى الأم الحاضنة، وتحصل عليها من خلال طلب تقدمه إلى رئيس محكمة الأسرة بصفته قاضيًا للأمور المستعجلة لإصدار أمر على عريضة بحق الحاضن في الولاية التعليمية.
تنقسم الولاية إلى الولاية على النفس، والتي يقصد بها الإشراف على شؤون القاصر الشخصية، من رعاية وتربية وحفظ وتأديب وتعليم وغيرها من الأمور (الحضانة)، وتذهب إلى الأم تلقائيًا بعد وفاة الأب ومعها الولاية التعليمية.
أما الثانية فهي الولاية على المال، ويقصد بها الإشراف على شؤون القاصر المالية من بيع وشراء وإجارة، بشرط أن يراعي في إدارتها معاملتها كأموال أولاده، كما أنه يلزم بتقديم حسابات دورية عن تصرفاته في إدارة أموال القاصر، وتذهب للجد بعد وفاة الأب وفقًا للقانون.
أما الولاية التعليمية، فهي الحق في تولي الأمور التعليمية للطفل وخاصة المستندات الموجودة بالمدرسة وجهة التعليم، وحق الولاية التعليمية على الطفل يكون للحاضن له، وذلك لرعايته ولتحقيق المصلحة الفضلى للطفل.
وتكون الولاية التعليمية للأم أو حتى غيرها من ذوي الشأن أن تطلب الحصول على الولاية التعليمية للصغير طالما كانت هي الحاضنة، سواءً كانت أرملة أو متزوجة أو مطلقة، كما أنها قد لا تحتاج إلى اللجوء إلى أي إجراءات بالمحكمة للحصول على الولاية إذا ما كان الوالدين منفصلين بالطلاق، لأنها تقوم بإعلان المدرسة أو الإدارة أو المديرية التعليمية المختصة بانتهاء العلاقة الزوجية وإرفاق ما يفيد ذلك، فتكون الولاية التعليمية لها بقوة القانون. أما إذا كانت هناك خلافات بين الزوجين قد تؤثر على مصلحة الصغير التعليمية فإنه يحق للأم الحاضنة المطالبة بها.
من جهتها ترى الناشطة النسوية إلهام عيداروس أن أكبر مشكلة في القانون افتراض أن الأب هو الولي الوحيد حتى في حالة وجود الأب، وأن الأم ليس لها حق الولاية نهائيًا. وأضافت: «الأمهات هن من يتعاملن فيما يخص أطفالهن أكثر من الأباء، وهناك الكثير من الدول تجعل الولاية مناصفة بين الأباء والأمهات».
وتابعت: «القانون يفترض أن دور الأم يقف عند التربية ومتابعة التعليم والصحة، وكل ما يخص الأطفال وله علاقة بالتعامل مع الدولة والمال يذهب إلى الأب وفي حالة الوفاة الجد، وهذه أزمة تقسيم للأدوار أصبحت لا تتناسب مع العصر الحالي ومتطلباته، وأخص بالذكر حالات الوفاة وليس الانفصال الذي من الممكن أن يتم بسبب ضرر واقع على أحد الأطراف وبالتالي لابد أن نخضع لحكم المحكمة فيما يخص مصلحة الطفل».
وأوضحت: «في حالات الوفاة أرى أن الولاية لابد أن تنتقل للأم تلقائيًا بعد الأب وتخضع للمحاسبة، بما أنه في كل الأحوال هناك نيابة حسبية تراقب على أموال القصر».
ونصت المادة 15 من القانون رقم 1 لسنة 2000 على أنه «لا يجوز للجد بغير إذن المحكمة التصرف في مال القاصر ولا الصلح عليه ولا التنازل عن التأمينات أو إضعافها». كما نصت المادة 16 منه على أنه «على الولى أن يحرر قائمة بما يكون للقاصر من مال أو ما يؤول إليه، وأن يودع هذه القائمة قلم كتاب المحكمة التي يقع بدائرتها موطنه في مدى شهرين من بدء الولاية أو من أيلولة هذا المال إلى الصغير، ويجوز للمحكمة اعتبار عدم تقديم هذه القائمة أو التأخير في تقديمها تعريضًا لمال القاصر للخطر». كذلك نصت المادة 24 منه على أنه: «لا يُسأل الأب إلا عن خطأه الجسيم أما الجد فيُسأل مسئولية الوصية».
ولم يقتصر الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي وحسب، بل امتد إلى مجلس النواب، ففي أول تحرك برلماني طالبت النائبة ريهام عفيفي، بضرورة إجراء تعديلات على قانون الولاية على المال الصادر منذ خمسينيات القرن الماضي.
وقالت نائبة مجلس الشيوخ: «إن قانون الولاية على المال والجاري العمل به يواجه العديد من القصور التشريعي الأمر الذي يتطلب المعالجة السريعة، لاسيما أن الكثير من الأمهات الأرامل تعانين الأمرين بعد وفاة الزوج للحصول على مستحقات أبنائها سواء من الجد أو العم».
وأشارت النائبة إلى أنها تعكف حاليًا على إعداد طلب مناقشة موجه إلى المستشار عمر مروان وزير العدل، سيتم تقديمه عقب إجازات الأعياد، يتضمن ضرورة تعديل قانون الولاية على المال والصادر في عام 1952، خاصة وأنه لم يعد يتناسب مع هذا العصر، ولا يراعي حقوق المرأة الأم في انتقال الولاية لها على أبنائها حال وفاة الزوج، وما ينتج عن ذلك من مشاكل وقضايا تضر في المقام الأول الأبناء وتهدد مستقبلهم.
كما تقدمت الدكتورة رانيا الجزايرلي، عضو مجلس النواب، باقتراح برغبة إلى المستشار حنفي جبالي رئيس مجلس النواب، موجه إلى المستشار عمر مروان، وزير العدل، بشأن تعديل نظام المجلس الحسبي. وقالت في مقترحها، إن النظام الأساسي للمجلس الحسبي مجحف ويجب تعديله وجعله اختياريًا للزوج في حالة رؤيته أن زوجته جديرة بالولاية على القصر في جميع المجالات ماديًا وتعليميًا.
وطالبت النائبة بإلغاء نظام المجلس الحسبي على المرأة الأرملة وجعله اختيارًا، مشيرة إلى أن المجلس الحسبي بنظامه القائم حاليًا الذي يتم تطبيقه على المرأة الأرملة، كما لو كانت فاقدة الأهلية، وفاقدة الضمير، وغير مؤهلة لتحمل المسؤولية، بينما لا يتم تطبيق هذا النظام على الحالات المماثلة من الرجال في حالة وفاة الأم.