محمد القصاص.. في انتظار عفو رئاسي يرسم “ضحكة المساجين”

“وحتفضل العصافير على الشبابيك

والفجر.. يستنى أدان الديك

وطن.. وحلم.. وفجر.. متعانقين”

عبد الرحمن الأبنودي – قصيدة ضحكة المساجين

أيام ثقيلة تمر على السيدة إيمان البديني، بالتزامن مع محاولات الأصدقاء على مواقع التواصل الاجتماعي استعادة أشعار الخال عبد الرحمن الأبنودي، في ذكرى ميلاده 11 أبريل، لبث الأمل والتفاؤل.

لقد فشلت كل محاولات “البديني” في الفترات الأخيرة، لاستعادة زوجها محمد القصاص، نائب رئيس حزب “مصر القوية” من خلف الأسوار، قبل أن يصدر حكم بات عليه بالسجن لمدة 10 سنوات، لكنها تنتظر مثلها مثل أخريات، مع كل فجر جديد، أي بشرة خير، بإطلاق سراح زوجها بعفو رئاسي يتجاوب مع آمال واسعة في الوسط السياسي والحقوقي، ترفع مطالب فك قيود القصاص وآخرين.

لم تفلح محاولة منصة “فكر تاني” للحديث مع “البديني”، احترامًا لضغوط نفسية، كثيرة، تحول بينها وبين الحديث، لكنها ثمنت التواصل، وبدت متمسكة بالأمل في عفو رئاسي إنساني، يعيد زوجها لبيتهما ولو بعد طول انتظار.

ورغم أن حالة “القصاص” مستقرة صحيًا حاليًا، إلا أنه يعاني من “اضطراب ضغط الدم والسكر”، وهو اضطراب مزمن يحتاج إلى رعاية طبية مستمرة، ولم يكن يتناسب مع حبسه في وقت سابق بحجز انفرادي في سجن طرة شديد الحراسة 2 (المعروف باسم العقرب 2)، حيث ظروف احتجاز مشددة وفق شكاوى سابقة لذويه ومحاميه.

ومع انتقال “القصاص” في أكتوبر 2022، إلى سجن “بدر الجديد 1″، تحسنت بعض ظروفه، لكنه لا يزال تحت ضغوط نفسية مستمرة، حيث يعاني من الحبس  الانفرادي.

“سامعَه أنيني وساكته ليه يا مصر؟

الحلم.. فارشين بيه في سوق العصر

قدّام عينين اللي ما لهشي عينين”.

القصاص والقضايا الأربع

مساء الخميس 8 فبراير 2018. تتذكر أسرة “القصاص” هذا التاريخ جيدًا، حيث ألقت قوات الأمن القبض عليه، في تصرف اعتبره حزب “مصر القوية” ومؤسسات حقوقية عديدة “غير قانوني واستهداف للأحزاب السياسية الرسمية، وتصعيد ضد المعارضة”، وذلك بعد أيام من توقيع حزبه على بيان مبادئ المعارضة، التي تدعو لمقاطعة الانتخابات الرئاسية، وقتها، إلى جانب رئيس حزب الإصلاح والتنمية السياسي البارز ، محمد أنور السادات، وآخرين.

اقرأ أيضًا: مروة عرفة والرقم 45 وكآبات الحبس الاحتياطي

سُجل اسم “القصاص”، على مدار 6 سنوات، في سجلات 4 قضايا متتالية، وفق مؤسسة حرية الفكر والتعبير (أفتي)، تصدت لإحداها محكمة الجنايات (الدائرة الثالثة إرهاب) في 24 مارس الماضي، حيث جددت حبس “القصاص”، لمدة 45 يومًا، في ثالث قضية يُدرج بها، وهي القضية 786 لسنة 2020 حصر أمن دولة.

وبحسب المؤسسة الحقوقية المستقلة، فقد تم إدراج “القصاص” كمتهم في القضية الأولى رقم 977 لسنة 2017، والمعروفة إعلاميًا باسم “قضية مكملين 2″، وبعد ما يقارب 22 شهرًا في الحبس الاحتياطي، قررت نيابة أمن الدولة العليا إخلاء سبيله، لكنها بعد أيام معدودة قررت مجددًا التحقيق معه، وإدراجه في قضية ثانية حملت رقم 1781 لسنة 2019، وبنفس الاتهامات التي واجهها من قبل.

وفي 5 أغسطس 2020، أمرت محكمة الجنايات بإخلاء سبيل “القصاص” مع إجراءات احترازية، لكن القرار لم ينفذ، وفق مؤسسة حرية الفكر والتعبير، حيث تم ، للمرة الثالثة إدارج “القصاص” في القضية الحالية رقم 786 لسنة 2020 وبنفس الاتهامات أيضا.

وفي 2021، قررت نيابة أمن الدولة العليا ، إدراج القصاص في قضية رابعة، حملت رقم 440 لسنة 2018، وأحالت تلك القضية فيما بعد أمام محكمة أمن الدولة طوارئ (محكمة استثنائية)، والتي قضت بسجن “القصاص” لمدة عشر سنوات، والمراقبة الشرطية لمدة خمس سنوات بعد انتهاء عقوبة السجن المقررة.

طوال هذه السنوات، واجه “القصاص” ومنذ توقيفه على ذمة القضية رقم 977 لسنة 2017، اتهامات بالانضمام إلي جماعة إرهابية، ونشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة، وتم ضمه بالتوالي بنفس التهم على ذمة ثلاث قضايا أخرى على الرغم من حبسه انفراديًا، وفق مؤسسة حرية الفكر والتعبير.

وعادة تؤكد السلطات المصرية، في بيانات متواترة، على احترامها لاستقلال السلطة القضائية والنيابة العامة وعدم التدخل في قراراتهما، رافضة أي اتهامات لها في هذا الإطار.

والليل.. نديمك صبر ع الرحلة

بتغنى.. والليل فى السواد كُحْلَة

وارث غُناه معاناه من السابقين

“القصاص”.. صوت معتدل

أحمد ماهر
أحمد ماهر

يرى المهندس أحمد ماهر، مؤسس حركة “6 أبريل”، أهمية أن يشمل العفو الرئاسي “القصاص” وآخرين في الفترة المقبلة. ويقول في حديثه لمنصة “فكر تاني”: “القصاص كشخص، يشهد له الجميع بالعقلانية، والاعتدال، والاحترام، وصاحب دور في ثورة 25 يناير 2011، ومن الأصوات المعتدلة المهم أن تكون موجودة في المشهد في الفترة المقبلة، مثله مثل محمد عادل وآخرين كثيرين ينتظرون حريتهم والعفو الرئاسي عنهم أو إخلاء سبيلهم”.

اقرأ أيضًا: أكرم إسماعيل في حوار خاص: على النظام أن يسمح للمعارضة بالمنافسة على 30% من مقاعد برلمان 2025.. و“الضباع” تريد أن تحافظ على مصالحها ولو على جثة البلد

ويؤكد “ماهر” على ضرورة تفعيل مسار العفو الرئاسي مجددًا، بعد توقف وتعطل لفترة دون مبرر، رغم وجود توجه منذ عامين بتحريك المياه الراكدة.

ضرورة تفعيل المادة 155

من جانبه، يوضح المحامي محمد رمضان، رئيس مؤسسة الإسكندرية للحماية القانونية، لـ”فكر تاني”، أن المادة 155 من دستور 2014 وتعديلاته تمنح الحق لرئيس الجمهورية بالعفو الرئاسي عن المسجونين، ومن هنا جاءت لجنة العفو الرئاسية، لتيسر هذا الحق وتفعله، ما يجعل من الأهمية بمكان استمرار دورها وعدم تجميده.

ويدعو “رمضان” السلطات المختصة إلى النظر في موقف محمد القصاص وأمثاله من سجناء الرأي المحكومين، المنتظرين لعفو رئاسي مستحق، خاصة وأن رئيس الجمهورية بنفسه أكد أن “مصر وطن يتسع للجميع، وأن الاختلاف فى الرأى لا يفسد للوطن قضية”.

في العتمة عاتِب مصَر وِدَاديها

أنت اللي روحك من زمان فيها

توأم.. فى لحظةْ عِشق مولودين.

..

“اوعى تنسى تكتب اسم محمد القصاص”

أكرم إسماعيل
أكرم إسماعيل

“اوعى تنسى تكتب اسم محمد القصاص”.. بهذا التذكير كان، رد أكرم إسماعيل، القيادي البارز في الحركة المدنية الديمقراطية وحزب العيش والحرية “تحت التأسيس” ، على سؤالي حول أوضاع جيل الوسط  في الأحزاب السياسية، وذلك في حوار “فكر تاني” معه مؤخرا، قائلا :” جيلنا  اتهرس بكل معاني الكلمة، ولا تزال بعض قياداته في السجون وفي مقدمتهم محمد القصاص”.

كان “إسماعيل” حريصًا على تسجيل اسم القصاص في رده باعتباره واحدًا من أصدقائه خلف الأسوار الذين يحتاجون إلى كل اهتمام وتضامن.

وبحسب مصادرنا، فإن إطلاق سراح “القصاص”، يشغل مساحة اتفاق كبيرة في الأوساط السياسية المعارضة، باعتباره أنه قيادة حزبية وطنية، صاحبة مساحات مشتركة وقبول مع الجميع.

وفي هذا الإطار يحاول أصدقاء “القصاص”، من اتجاهات عديدة؛ الكتابة عنه وعن حريته بشكل انساني، على فترات على مواقع التواصل الاجتماعي.

حسام علي النائب الأول لرئيس كتلة الحوار كتب مؤخرًا، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، يصف “القصاص”، بأنه “معتدل ومتزن دائمًا، وحريص على التوافق وإنسان طيب”، متمنيًا أن يحصل على حريته في وقت قريب.

وفي السياق نفسه، دون محمد المصري، عضو الحملة الشعبية المصرية لمقاطعة إسرائيل، عبر حسابه على موقع “فيس بوك مؤخرا، يصف القصاص “، بأنه “اقتراح بوجود بشر أفضل”، تعلم منه البحث عن المشترك في العلاقات والمعاملات والبناء عليها، والقبول بالاختلافات، مضيفا أن الجميع يعتبره ” أطيب واحد عمل بالسياسة” ويطالبون بالإفراج عنه.

 

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة