100 شهر أرباح.. عمال “مصر للألومنيوم” ينتزعون مكاسب جزئية

بنجاح جزئي، أنهى عمال شركة مصر للألومنيوم بنجع حمادي، اليوم الأحد، إضرابًا عن العمل استمر لثلاثة أيام وشمل جميع أقسام الشركة، بعد موافقة الإدارة على تنفيذ جزء من مطالبهم، على رأسها صرف الأرباح السنوية، وزيادة بدل الوجبة، وزيادة البدل النقدي، وعدم احتساب سلف مالية للعمال بقيمة 20 ألف جنيه، على أن تتحملها الشركة تحت بند مكافأة عمالية.

كان أكثر من 4000 عامل دخلوا في إضراب عن العمل منذ الخميس 18 سبتمبر الجاري، في جميع أقسام الشركة عدا الأفران والمسبوكات، للمطالبة بصرف نسبتهم في الأرباح السنوية التي تبلغ 12% من صافي الأرباح، وفقًا للمادة 40 من لائحة النظام الأساسي بالشركة.

على طاولة المحافظ.. مكاسب فورية وتفاوض مستمر

لم تقتصر مطالب العمال على الأرباح السنوية فقط، بل شملت حزمة متكاملة لتحسين أوضاعهم المعيشية، تضمنت زيادة بدل الوجبة، وزيادة البدل النقدي، وزيادة بدل المخاطر بنسبة لا تقل عن 80%، بالإضافة إلى صرف فروق العلاوات المنقوصة منذ عام 2014، وعلاوة غلاء المعيشة التي أقرها رئيس الجمهورية.

الدكتور خالد عبد العال محافظ قنا
الدكتور خالد عبد العال محافظ قنا

وقد جاءت الاستجابة الجزئية لهذه المطالب، بحسب العمال، بعد اجتماع حاسم عُقد برئاسة خالد عبد الحليم عبد العال محافظ قنا، ومحمود عجور العضو المنتدب التنفيذي للشركة، ومؤمن ياسين عضو مجلس الإدارة، بالإضافة إلى ممثلي العمال.

خلال الاجتماع، تم الاتفاق على تحقيق بعض المكاسب الفورية، كان على رأسها زيادة حصة الأرباح الموزعة من 95 شهرًا إلى 100 شهر على الراتب الأساسي، إلى جانب زيادة بدل الوجبة والبدل النقدي، دون أن يتم تحديد قيمة الزيادة بشكل نهائي.

وبشأن باقي المطالب التي لم تُنفذ بعد، أوضح عامل -رفض ذكر اسمه- لـ فَكّر تاني، أن محافظ قنا أبلغهم أن ما تم الاستجابة له هو في حدود صلاحياته المباشرة لحل الأزمة، مؤكدًا لهم أنهم سيواصلون التفاوض مع الإدارة لتنفيذ بقية مطالبهم التي وصفوها بـ”المشروعة”.

وكان مؤمن ياسين عضو مجلس الإدارة، أكد لـ فَكّر تاني، قبل التوصل للاتفاق، حرصه على إيجاد صيغة حل، موضحًا أن اجتماعًا كان من المفترض عقده اليوم لحل الأزمة، وهو ما تم بالفعل بتدخل مباشر من المحافظ أدى في النهاية إلى قرار فض الإضراب.

13 مليار جنيه أرباحًا في مواجهة “لائحة الحقوق”

مؤمن ياسين عضو مجلس إدارة شركة مصر للالومنيوم بنجع حمادي

خلف طاولة المفاوضات، تكمن جذور أزمة أعمق وأقدم من الإضراب الحالي. يشرح عامل بالشركة، طلب عدم ذكر اسمه، ما وصفه بـ”أزمة كبيرة”، قائلًا إن الإدارة تحصل على مبالغ مهولة من الأرباح، “في حين لا يحصل العمال على أرباح عادلة رغم أن هذا من تعبهم وكدهم”.

تكتسب شكوى العامل وزنًا أكبر عند النظر إلى الأداء المالي للشركة؛ فبحسب آخر ميزانية معلنة، حققت الشركة أرباحًا تاريخية تجاوزت 13 مليار جنيه. ويضيف العامل أن أرباح العام المالي الأخير بلغت 13.41 مليار جنيه، مسجلةً قفزة هائلة مقارنة بالعام الذي سبقه والذي بلغت أرباحه “9 مليارات و530 مليون جنيه”.

 

ويوضح أن قرار الإدارة بصرف 95 شهرًا فقط من الأرباح جاء بالمخالفة للائحة النظام الأساسي، التي تحدد نسبة أرباح العمال السنوية بـ 12% من صافي أرباح الشركة، وهو ما كان يعادل، بحسب تقديراتهم، 180 شهرًا من الراتب الأساسي. هذا التباين هو ما دفعهم لتنظيم وقفات احتجاجية داخل أسوار الشركة، والتي تطورت لاحقًا إلى إضراب جزئي عن العمل.

محمد الشيمي وزير قطاع الأعمال
محمد الشيمي وزير قطاع الأعمال

ويشرح المصدر العمالي تفصيلًا آخر يكشف حجم الخلاف: “خلال اجتماع الجمعية العمومية يوم الخميس الماضي، أعلن مجلس الإدارة أن المبلغ المتاح من الأرباح هو 10 مليارات فقط، وأن نسبة العمال من تلك الأرباح 95 شهرًا فقط، بالمخالفة لقرار محمد الشيمي، وزير قطاع الأعمال العام، والذي اعتمد صرف 137 شهرًا من الأرباح للعمال”.

لم يكن هذا الصراع وليد اللحظة، فهذه المطالب قديمة ومتجددة. ففي 21 أكتوبر 2024، سبق للعمال أن نظموا اعتصامًا داخل مقر الشركة احتجاجًا على تخفيض نسبة الأرباح إلى 66 شهرًا على الأساسي، بالمخالفة أيضًا لنص اللائحة.

ويشير عامل آخر إلى أن إدارة الشركة كانت قد قامت بتعديلات على اللائحة في عام 2019، وتم حساب نسبة الأرباح بواقع 12% تُصرف على دفعة واحدة، وكان هذا هو النظام المتبع، مستنكرًا ما وصفه بـ”التلاعب الدائم في نسبة الأرباح أو محاولة الاقتصاص منها”.

خارج طاولة التفاوض.. ضغوط أمنية و1800 عامل بلا حقوق

لم يقتصر الأمر على الخلاف المالي فقط، بل امتد ليشمل ضغوطًا مورست على العمال لإنهاء تحركهم. إذ أوضح مصدر عمالي أن جهات أمنية استدعت عددًا منهم للضغط عليهم لفض الإضراب.

كما أشار إلى أن الأمن طالب مؤمن ياسين عضو مجلس الإدارة بمحاولة فض الإضراب، “وهو الأمر الذي رفضه”، وقابله بأن العمال لهم حقوق يجب التفاوض عليها أولًا.

بعيدًا عن العمالة الدائمة ومفاوضاتها، تكمن أزمة أخرى قد تكون القنبلة الموقوتة داخل الشركة، وهي قضية العمالة المؤقتة. فبحسب مصدر عمالي، توقفت الشركة عن التعيينات الجديدة منذ خمس سنوات، وتعتمد بشكل متزايد على “نظام المقاول”، الذي يتعاقد مع عمالة يومية.

يكشف المصدر أن عدد هؤلاء العمال يصل إلى 1800 عامل، بعضهم يعمل بشكل مستمر في الشركة منذ خمس سنوات كاملة دون تثبيت أو تأمينات اجتماعية، ويتحصلون على مرتبات لا تتعدى 2100 جنيه شهريًا.

ويواجه هؤلاء العمال ما وصفه المصدر بـ”تعسف إضافي”، حيث قامت الشركة بمنع 70 عاملًا منهم من دخول المصنع في أكتوبر الماضي، في خطوة اعتبروها تصعيدية.

ويشير عامل آخر إلى أن رئيس النقابة والعضو التنفيذي وأعضاء مجلس الإدارة “يحصلون على مبالغ طائلة من الأرباح”، بينما على الجانب الآخر، ترفض الإدارة صرف النسبة المقررة للعمال الدائمين، وتتجاهل تمامًا الحقوق الأساسية للعمالة المؤقتة.

تأسست شركة مصر للألومنيوم بنجع حمادي عام 1969، وتعد واحدة من أكبر قلاع صناعة الألومنيوم في المنطقة، حيث تقوم بإنتاج وتصنيع وتسويق وتوزيع المعدن وخاماته في الداخل والخارج.

وتمتلك الشركة القابضة للصناعات المعدنية (وهي جهة حكومية) 92.2% من أسهم الشركة، في حين أن النسبة المتبقية مملوكة لمساهمين آخرين مثل البنوك وشركات التأمين والأفراد.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة