منذ بداية سياسة الانفتاح، تغيَّر موقع رجل الأعمال في مصر: لم يعد مجرد طرف اقتصادي يبيع ويشتري، بل أصبح جزءًا من الهندسة السياسية.
فالنائب في البرلمان، والوزير في الحكومة، ومالك وسائل الإعلام… كثيرًا ما كان رجل أعمال قبل أن يكون سياسيًا. لم يكن هذا التحول صدفة، بل جاء ضمن مسار منظم ربط استمرار النظام بتحالفه مع رأس المال.
هذا التحوّل أفرز نمطين مختلفين:
- رجل الأعمال الشريك: الذي يرى أن نجاحه مرتبط بنجاح الدولة، وأن استقرارها وعدالة قوانينها هما الضمانة الأولى لاستمراره.
- رجل الأعمال المالك: الذي يتعامل مع الدولة باعتبارها مزرعة خاصة، يطوّع قوانينها ويستغل مواردها بما يخدم مصالحه الشخصية، ويظل نجاحه مرهونًا بنجاح النظام لا بنجاح الوطن. فإذا تعثّر النظام، تهاوى مشروعه معه.

رجل الأعمال أحمد عز أحد رموز نظام مبارك وأحد الأسباب الرئيسية في سقوطه وفق المراقبين – مواقع الكترونية
رأس المال والسلطة
الفارق بين الاثنين ليس مجرد تفاصيل شخصية، بل خيار سياسي للدولة.
- حين تمنح الدولة الفرصة لرجل الأعمال الشريك، فهي تفتح الباب أمام استثمار منتج حقيقي يخلق فرص عمل، ويعزز الثقة بين المواطن والاقتصاد. في هذه الحالة، يصبح رأس المال قوة داعمة للاستقرار السياسي والاجتماعي، لأنه قائم على إنتاج فعلي لا على امتيازات خاصة.

مجلس النواب - أما حين تعتمد الدولة على رجل الأعمال المالك، فهي تربط بقاءها السياسي بتحالف المال والنفوذ، وتحوّل البرلمان والإعلام إلى أدوات لحماية مصالح أفراد بعينهم. هنا يصبح الاقتصاد هشًا، لأن قوته قائمة على امتيازات مؤقتة، وأي أزمة أو هزة مالية سرعان ما تهدد السياسة نفسها.
كيف يصنع النظام رجل أعمال مالكًا؟
النظام لا يكتفي بانتظار رجال الأعمال، بل هو من يحدد أيهم يقترب وأيهم يُهمَّش.
- يمنح امتيازات خاصة: قروض بلا ضمانات، تسهيلات في الأراضي، أو إعفاءات ضريبية لا يحصل عليها غيره.
- يوفر حماية سياسية: مقعد في البرلمان أو موقع تنفيذي رفيع يُؤمّن المصالح.

مجلس النواب في العاصمة الإدارية (وكالات) - يفتح له أبواب الإعلام ليُقدَّم باعتباره “رمز النجاح”، بينما دوره الحقيقي قد لا يتجاوز السيطرة والاحتكار.
في المقابل، يُترك رجل الأعمال الشريك – الذي يطالب بمنافسة عادلة وشفافية – في الهامش، بلا دعم ولا مساحة للظهور.
وكأن تغييب هذا النمط مقصود، لصالح “المالك” الذي يرتبط وجوده ببقاء النظام نفسه.
تكلفة مجتمعية كبيرة
هذا الاختيار له كلفة باهظة:
- تتحول القوانين إلى نصوص تُفصَّل على المقاس، تُحصّن مصالح قلة وتُقصي الأغلبية.
- تتراجع الصناعة الوطنية أمام موجات الاستيراد، فيفقد الشباب فرص العمل الحقيقية.
- تتسع الفجوة الطبقية حتى تصبح جزءًا من المشهد اليومي، ويشعر المواطن أن الدولة لا تنحاز له بل ضده.
والأخطر أن الفساد الاقتصادي ينعكس مباشرة على السياسة، فالمواطن حين يرى رجال أعمال “مُلاكًا للدولة” يتمتعون بامتيازات استثنائية، يفقد ثقته في النظام السياسي كله، وينحسر انتماؤه تدريجيًا.
هنا لا يكون رجل الأعمال مجرد فاعل اقتصادي، بل يصبح أداة مباشرة لإضعاف المجتمع وتفكيك مناعته.
مستقبل الوطن أم النظام؟
المسألة في جوهرها ليست عن أفراد ناجحين أو فاسدين، بل عن شكل العلاقة بين رأس المال والدولة:
- هل نفتح المجال لرجل الأعمال الشريك، الذي يربط نجاحه بنجاح الوطن ويستمد قوته من عدالة القانون؟
- أم نترك الساحة لرجل الأعمال المالك، الذي يشتري النفوذ ويستأثر بالثروة ويُطوِّع السياسة لخدمته، ويظل نجاحه مرهونًا ببقاء النظام نفسه؟
الإجابة على هذا السؤال ليست نظرية، بل عملية وملموسة، فاختيار الدولة هو ما سيحدد إن كان الاقتصاد المصري سينهض على أساس إنتاجي عادل، أم سيظل رهينة لتحالف المال مع السلطة.
استقرار مصر
إن مستقبل الدولة لا يُبنى على أكتاف “مُلاكها” الذين يحتكرون الثروة ويشترون القوانين، بل على شراكة حقيقية بين رأس المال والمجتمع.
فإذا كان الهدف المعلن هو الاستقرار، فإن الخطوة الأولى لتحقيقه هي كسر تحالف المال الطفيلي مع السلطة، وفتح المجال أمام رجال الأعمال الشركاء الذين يملكون مشروعًا إنتاجيًا وطنيًا، لا مجرد شبكة مصالح خاصة.
هنا فقط يصبح الاقتصاد قوة للبناء، ورأس المال أداة للتنمية لا وسيلة للإفساد.
أما “المالك” فنجاحه يظل قصير الأجل، لأنه مرتبط بنجاح نظام قد يضعف أو يزول، بينما “الشريك” هو الذي يحمل مستقبل الوطن على كتفيه .

ان جميع ما جاء هو اقرار بالواقع ، و لكننا نحتاج الي امثلة تدرس ، و اخطأ نعمل علي تصحيحها ، و لا نرتكن علي الدولة بل ان نخلق لنا دور فعال في تنمية و ازدهار بلدنا الحبيبة مصر
…..
و انا علي استعداد تام ان اكون ضمن لجنة تتولي دعم الشركات التي ترغب ان تكون داعم فعلي للاقتصاد و ان للشركات التي ترغب في تصحيح مسارها ليصبح لها دور فاعل في التنمية