“اسمع واتكلم” منصة للأمل.. وفي النقاش مقاومة للتطرف

تتسارع وتيرة الحياة وتتضارب الأفكار، يظل الحوار هو السبيل الأقرب لبناء جسور التفاهم بين الأجيال.
وفي هذا السياق، انطلقت أمس بمركز الأزهر للمؤتمرات فعاليات النسخة الرابعة من منتدى “اسمع واتكلم” الذي ينظمه مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، بوصفه منصة فعالة تجمع الشباب وصناع القرار، وتسعى إلى بناء وعي مختلف تجاه الأفكار المغلوطة التي تحاصر المجتمعات.
شهد المنتدى حضور وزراء ومسؤولين وعلماء من الأزهر وأعضاء في البرلمان وأساتذة جامعات وإعلاميين وشخصيات عامة وشباب من مختلف الجامعات.
وما ميز هذه النسخة أن جلستها الأولى ناقشت دور المجتمع المدني في سد الفجوة المجتمعية ومكافحة التطرف.

ناقشت الجلسة حوارية الأولى الكور الحيوي للعمل الأهلي والتطوعي في مكافحة التطرف، الجلسة التي أدارها الإعلامي محمد سعيد محفوظ، وحضرتها السفيرة نبيلة مكرم رئيس الأمانة الفنية للتحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، والمستشار محمود فوزي وزير شؤون المجالس النيابية، والدكتورة آمال إمام المديرة التنفيذية لجمعية الهلال الأحمر المصري.

يظل الحوار هو السبيل الأقرب لبناء جسور التفاهم بين الأجيال

وفي هذه الجلسة جرى نقاشًا موسعًا حول دور العمل الوطني في سد فجوة المجتمع؛ حيث أكدت السفيرة نبيلة مكرم، رئيس الأمانة الفنية للتحالف الوطني للعمل الأهلي، على ضرورة اهتمامات المؤسسات الأهلية ودور المتطوعين في دعم القضايا الإنسانية المختلفة، خاصةً تلك الأحداث التي شهدها العالم في فترته الأخيرة، على سبيل المثال حراك التحالف الوطني لدعم القضية الفلسطينية.

وأكدت السفيرة أن العمل التطوعي ليس وقتًا فائضًا بل هو ضرورة ومشاركة أساسية في صناعة إنسان قادر على التغيير وبذل الجهود لبناء المجتمعات، موضحةً: “جميع المتطوعين في مختلف الجمعيات الإنسانية مثل الهلال الأحمر قد قاموا بدور عظيم في التضامن الإنساني وقدموا نموذجًا رائعًا للجميع، سواء من خلال توفير المستلزمات الطبية أو من خلال التطوع بالوقت والجهد”، مشيرةً إلى أن التحالف الوطني للعمل الأهلي قد أطلق منصة “إنسان” وهي تلعب دورًا مهمًا في تجميع جهود التطوع، وهذا ما يعزز تأثير العمل الأهلي في المجتمعات.

فيما أكدت الدكتورة آمال إمام المدير التنفيذي لجمعية الهلال الأحمر المصري، أن الأسرة هي الركيزة الأساسية ‏لغرس قيم التطوع، مشيرة إلى إحصائية تظهر أن 53% من أبناء المتطوعين يميلون لممارسة التطوع.

‏”قد تكون دوافع التطوع دينية أو وطنية أو شخصية، ما يعزز استدامة هذا العمل، ف‏الأسرة تلعب دورًا حاسمًا في تشجيع الشباب على الانخراط في أعمال الخير منذ الصغر، وهو ما يتماشى ‏مع رسالة الأزهر في تعزيز القيم الإنسانية”.

اقرأ أيضًا:مبادرة “كوني حذرة”:التوعية بـ “الابتزاز الإلكتروني” تبدأ من الأهل.. والخوف يدفع الفتيات للانتحار

 ‏طوق نجاة

في سياق آخر، أكد المستشار محمود فوزي وزير الشؤون النيابية، أن العديد من الفرص العالمية الآن تضع البعد التطوعي ضمن معاييرها الأساسية، ويعتبر التطوع ميزة تمنح المتقدمين أفضلية في الفرص، وأضاف أن العمل التطوعي هو أحد أوجه التنمية المجتمعية التي تساهم في بناء قاعدة شعبية واسعة من الأفراد الملتزمين بقيم الخير والعطاء، مشيرًا إلى أن التطوع يسهم في سد الفجوات ‏الاجتماعية والسياسية بما يتماشى مع احتياجات المجتمع وطموحات الشباب.

وأشاد المستشار فوزي بمبادرة “حياة كريمة” كنموذج بارز يعكس شغف الشباب بأعمال الخير، مؤكدًا أنها ‏أصبحت رمزًا لدعم الدولة للتطوع.

“التطوع سمة مشتركة في الدول التي تواجه تحديات الفقر ‏والجهل والمرض، حيث يعزز الشباب المتطوعون تماسك المجتمع، مشيدًا بمنتدى “اسمع واتكلم” فهي منصة ‏مثمرة لتعزيز حوار الشباب، وهو ما يعكس رؤية الأزهر الشريف في تمكين الشباب ومواجهة التطرف.

مكافحة التطرف الفكري

في حديثها لـ فكّر تاني، أوضحت الدكتورة رهام عبد الله مدير مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، عن رؤية المرصد في التعامل مع الأفكار المتطرفة وكيفية التصدي لها، حيث أكدت على أن المرصد يعمل على تطوير برامج توعية تركز على الفكر المنفتح والمستنير، مشددة على أن مواجهة التطرف ليس بالأمن فقط، بل بالأفكار والتعليم.

وأشارت إلى أن المرصد يقيس أثر المنتدى من خلال الاستبيانات التي يتم توزيعها على المشاركين، وكذلك من خلال التفاعلات والأسئلة التي يتم طرحها في نهاية كل جلسة، مضيفة أن المرصد لا يقتصر على نشر الوعي حول مخاطر التطرف، بل يعمل على تفكيك الأفكار المغلوطة التي تنتشر بين الشباب على منصات التواصل الاجتماعي، مثل تيك توك وتليجرام.

وأكدت أن القضية الفلسطينية، على الرغم من كونها قضية مركزية، تُعرض في بعض الأحيان بشكل مغلوط أو مشوّه، مما يستدعي ضرورة التصدي لهذا التضليل الإعلامي.

التطوع والمواجهة الفكرية

أما عن مشاركة الشباب في المنتدى فكانت لافتة للنظر، خاصةً مع حضور الطلاب والطالبات من الجامعات مثل جامعة جنوب الوادي، وجامعة طنطا، وجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، وجامعة بنها، وجامعة الأهرام الكندية، والجامعة المصرية الصينية.

الطالب عبد الله الحفني مع فكّر تاني

قال عبد الله الحفني الطالب في كلية الصيدلة بالجامعة المصرية الصينية، لـ فكّر تاني، إن المنتدى قدم له فرصة للتعرف على دور مرصد الأزهر في مكافحة الفكر المتطرف.

“أشعر بفخر لحضوري هذا المنتدى الذي يعزز الوعي بالقضية الفلسطينية ويكشف التشابه بين التنظيمات المتطرفة مثل داعش والكيان الصهيوني”.

وأوضح عبد الله، أن الأفكار المتطرفة التي تهدد الشباب، تحتاج إلى مزيد من التوعية، مشيرًا إلى أن التطوع في الجمعيات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني يمكن أن يكون سلاحًا قويًا ضد هذه الأفكار، حيث يساهم التطوع في تعزيز الوعي المجتمعي ويساهم في تفعيل دور الشباب في بناء مجتمعاتهم.

اقرأ أيضًا:“جسمها حقها”.. حملة تكسير التابوهات عن حقوق النساء الصحية

نحو حوار مستمر

في النهاية؛ قدم منتدى “اسمع واتكلم” في نسخته الرابعة نموذجًا حيًا لكيفية تفاعل المجتمع المدني مع قضايا الشباب وتحديات العصر، وإذا كان التطرف يشكل تهديدًا للمجتمعات، فإن الوقاية منه تبدأ من تعزيز العمل الأهلي والتطوعي، وتنمية الفكر الواعي المستنير، والشباب قادر على المساهمة في هذا التغيير.

لكن يبقى سؤال: كيف يمكننا جميعًا، فرادى ومؤسسات أن نشارك في خلق بيئة عمل أهلية متسامحة تحارب التطرف بجميع أشكاله؟ هذا ما حاول المنتدى نفسه الإجابة عنه عن طريق مائدة حوار مختلفة، ليس لطرح الأفكار فقط بل دعوة للعمل الأهلي أيضًا.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة