ارتفع الإنفاق على فوائد الديون في الموازنة العامة للدولة ليصل إلى 730.6 مليار جنيه خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام المالي الحالي 2024/ 2025، مقارنة بـ 713.4 مليار جنيه في الفترة نفسها من العام المالي السابق 2023/ 2024، بزيادة بلغت 17.4 مليار جنيه.
بحسب البيانات، بلغت الفوائد خلال الفترة من يوليو إلى أكتوبر 2024 نحو 583.5 مليار جنيه، بينما ارتفعت إلى 730.6 مليار جنيه في الفترة من يوليو إلى نوفمبر من العام ذاته، ما يعني زيادة في الفوائد خلال شهر واحد بلغت 17.1 مليار جنيه.
خلال الفترة نفسها، سجلت الفوائد الخارجية ارتفاعًا ملحوظًا لتصل إلى 97.54 مليار جنيه، مقارنة بـ 64.7 مليار جنيه في الفترة ذاتها من العام الماضي، بينما بلغت الفوائد المحلية 632.9 مليار جنيه.
وبحسب الموازنة العامة، شكلت الفوائد 52% من إجمالي مصروفات الدولة خلال الخمسة أشهر الأولى من العام المالي 2024/ 2025، في مقابل 48% لبقية بنود المصروفات التي تشمل الأجور والدعم وشراء السلع والخدمات والاستثمارات. بينما من المتوقع أن تصل فوائد الديون بنهاية العام المالي 2024/ 2025 إلى نحو 1.8 تريليون جنيه، مقارنة بـ 1.12 تريليون جنيه في العام المالي السابق 2023/ 2024.
تخفيف أعباء الموازنة.. كيف يمكن خفض الديون؟
مسؤول بوزارة المالية تحدثت إليه فكر تاني أكد أن الوزارة تسعى لخفض فوائد الديون من خلال تحسين كفاءة إدارة الدين العام، في إطار الجهود المستمرة التي تبذلها الحكومة المصرية لتعزيز الإيرادات وضبط الإنفاق بهدف تحقيق التوازن المالي.
ويؤكد المسؤول أن الحكومة تواصل دعم الأنشطة الاقتصادية وتنويع مصادر التمويل، مع التركيز على خفض الاستثمارات العامة الممولة من الخزانة العامة، بالالتزام بسقف الإنفاق الاستثماري المحدد عند 1 تريليون جنيه في العام المالي الحالي.
ويوضح أن فوائد الديون تتوزع بين 699.5 مليار جنيه لجهات الموازنة العامة للدولة و24.1 مليار جنيه لبنك الاستثمار القومي، بينما بلغت الحكومة العامة 723.7 مليار جنيه، والتي تشمل الموازنة العامة للدولة و59 هيئة اقتصادية، وفقًا للتسمية الجديدة بموجب قانون المالية العامة الموحد.
اقرأ أيضًا: كيف تتأثر الموازنة المصرية بارتفاع أسعار النفط؟
ولكن، كيف أثرت الفوائد على الموازنة؟
تعادل فوائد الديون في الأشهر الخمسة الأولى من العام المالي نحو 88.2% من إجمالي ما تم تحقيقه من إيرادات عامة خلال الفترة ذاتها، والتي تبلغ 828.1 مليار جنيه، كما تتجاوز الحصيلة الضريبية المحققة في الفترة ذاتها بنسبة 102%.
المسؤول بالمالية يقول إن العبرة ليست بحجم الفوائد أو الدين العام ولكن بنسبته من الناتج المحلي الإجمالي، وفي مصر لا يزال الدين عند المستويات الأمنة، والفوائد التي تم تحقيقها في الأشهر الخمسة الأولى من العام المالي الحالي لا تتجاوز 6% من الناتج المحلي الإجمالي.
لكن الخبراء في المقابل يرون أن فوائد الديون تؤدي إلى "دائرة جهنمية" في الاقتصاد، إذ تزيد عجز الموازنة فتضطر الدولة للاقتراض مجددًا لتغطيتها عبر طروحات أذون وسندات الخزانة التي ارتفعت عوائدها بشكل كبير أخيرًا.
ويطالب هؤلاء الخبراء بكسر تلك الحلقة المفرغة عبر الاستثمار الخاص والتوقف عن الاقتراض الخارجي.
رفع الفائدة.. ظلال ثقيلة على الموازنة
المسؤول يوضح أيضًا أن رفع البنك المركزي الفائدة من أجل استهداف التضخم في 2024 يلقي بأعباء ثقيلة على الموازنة العامة للدولة. رفع البنك الفائدة 6%، ومعروف أن كل زيادة 1% في سعر الفائدة تؤدي إلى زيادة أعباء الدين العام بما مقداره 80 مليار جنيه.
وبلغ العجز المالي الكلي بالموازنة خلال الفترة من يوليو ـ نوفمبر 560.4 مليار جنيه، رغم تحقيق الموازنة العامة فائضًا أوليًا (الفرق بين الإيرادات والمصروفات دون احتساب فوائد الديون)، وهو الأعلى تاريخيًا بعد تسجيله 170 مليار جنيه، تمثل 3 أضعاف الفترة ذاتها من العام السابق، لكن بعد إضافة الفوائد يتحول الفائض إلى عجز.
اقرأ أيضًا: الموازنة الحائرة بين شروط "النقد الدولي" وتوصيات الحوار الوطني وأزمة "الصناديق الخاصة"
ووفقًا للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، فإن المخصصات التي ستوجه إلى سداد أقساط وفوائد الديون المحلية والأجنبية تقلل المساحة المتاحة للإنفاق على كل شيء يمس حياة المواطنين ويساعد على تطوير الاقتصاد عامةً بعد عام، لذا فالتوسع في الاقتراض وعدم الالتفات لتحذيرات المتخصصين على مدار السنوات الماضية ليس مجرد مسألة فنية، ﻷنه يضر بشكل مباشر بمصالح الناس وقدرتهم على الاستفادة من مواردهم.
في مسألة الموازنة.. هل الحكومة مضطرة للاقتراض؟
تقول حنان رمسيس، محللة أسواق المال، إن الفوائد تشكل الجزء الأكبر من مصروفات الموازنة لكن الحكومة مضطرة لرفع الفائدة على أدوات الدين الحكومية من أجل توفير تغطية جيدة لتلك السندات لسد عجز الموازنة، ومواصلة خطتها التنموية، لأن الاقتراض من الخارج لا يدخل في تمويل مشروعات طويلة الأجل، ولا تغطية مصروفات مثل الأجور والبنية التحتية، فضلًا عن تراجع بعض المصادر المعتادة للدخل مثل قناة السويس.
بحسب البيانات المتاحة عن وزارة المالية للفترة من (يوليو ـ نوفمبر 2024) بلغ الإنفاق الأجور وتعويضات العاملين 240.7 مليار جنيه، وشراء السلع والخدمات 68.8 مليار جنيه، وشراء السلع والخدمات 68.7، والاستثمارات 68 مليار جنيه، والدعم والمزايا الاجتماعية 210.7 مليار جنيه، والمصروفات الأخرى 63.8 مليار جنيه، بإجمالي 408 مليارات جنيه، وهي تعادل كلها نحو 56% مما تم إنفاقه على الفوائد.
تضيف حنان رمسيس أن الدولة تسعى لتعزيز إيراداتها غير الضريبية عبر زيادة النمو في الصادرات وخفض الواردات ومحاولة توطين الصناعات باستخدام الموارد المحلية وزيادة المكون المحلي في المنتجات، خاصة وأن الرسوم والضرائب تمثل أكثر من 87% من موارد الموازنة حاليًا، ما يفرض عبئًا كبيرًا على المواطن الذي يشكو من ارتفاع رسوم الأوراق والمعاملات الحكومية.