كيف تتأثر الموازنة المصرية بارتفاع أسعار النفط؟ 

يفرض ارتفاع أسعار النفط ضعوطًا كبيرة على الموازنة العامة للدولة للعام المالي الحالي 2024/ 2025 فيما يتعلق بدعم المواد البترولية. كما يضغط أيضًا على مستهدفات البنك المركزي للسيطرة على التضخم، حال قررت وزارة البترول رفع أسعار المحروقات في اجتماعاتها التي تتم كل ثلاثة أشهر. 

وقد شهدت أسعار النفط ارتفاعًا إلى مستوى 100 دولار للبرميل، بعد الهجوم الذي شنته إيران ضد إسرائيل التي استهدفت القنصلية الإيرانية قبلها في سوريا، والمخاوف من إمكانية أن تشعل الأخيرة فتيلًا جديدًا للتوترات العسكرية في منطقة الشرق الأوسط التي تمثل المورد الأساسي للنفط في العالم.

ما تأثير النفط على الموازنة المصرية؟

تقدر الموازنة العامة للدولة للعام المالي الحالي 2023/ 2024 أسعار النفط عند مستوى 80 دولارًا للبرميل. وهو رقم أقل من مستوى الأسعار الحالي بـ 20 دولارًا، الأمر الذي يكبد الدولة قرابة الـ 60 مليار جنيه تضاف لعجز الموازنة؛ فكل دولار زيادة يفرض تكلفة على الخزانة العامة تبلغ نحو 3 مليارات جنيه.

كانت مصر مصدرًا صافيًا للنفط ومنتجاته خلال الفترة من (1981 – 2006)، ثم تحولت إلى مستورد منذ العام 2007، نظرًا لزيادة الاستهلاك السنوي بنسبة بلغت في المتوسط 3% خلال السنوات الـ 15 الأخيرة، ليفوق الاستهلاك مستوى الإنتاج.

وبلغت الصادرات المصرية من النفط نحو 8.5 مليار دولار عام 2021، بينما بلغت قيمة الواردات المصرية من النفط نحو 8.6 مليار دولار في العام نفسه. أي أن العجز التجاري النفطي المصري بلغ 7.6 مليون دولار في العام ذاته.

اقرأ أيضًا: التضخم وقياسه.. وكيف يمكن مواجهته؟

وتستهلك مصر حاليًا نحو 12 مليون طن سولار، ونحو 6.7 مليون طن بنزين، حسب أحدث بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بينما يبلغ دعم الطاقة والمواد البترولية والكهرباء في الموازنة الحالية نحو  119.4 مليار جنيه.

واستوردت وزارة البترول شحنات وقود بقيمة بلغت نحو 3.3 مليار دولار خلال الربع الأول من العام الجاري، بزيادة تصل نحو 6% مقارنة بالربع ذاته من العام الماضي الذي شهد واردات بقيمة 3.1 مليار دولار.

أسعار النفط والذهب مهددة

الدكتور أشرف غراب
الدكتور أشرف غراب

“أي توتر جديد أو تصعيد عسكري بين إسرائيل وإيران سيؤدي بالضرورة إلى زيادات في أسعار النفط والذهب عالميًا”؛ يقول الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، والذي يشير إلى أزمات مركبة تتواكب يتعرض لها سوق النفط العالمي مع خفض صادرات المكسيك والعقوبات الأمريكية والغربية على روسيا، وهجمات الحوثيين التي تسببت في تأخير شاحنات النفط الخام عبر البحر الأحمر.

كما تواكب ارتفاع الأسعار أيضًا مخاوف بعد تخفيضات الإنتاج من قبل  “أوبك بلس” التي زادت الضغوط على العرض؛ فإيران ثالث أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للبترول، وحال تعرضها لهجوم قد ترد على المصالح الأمريكية في الخليج العربي.

ويتجاوز ارتفاع أسعار برميل النفط بكثير توقعات بنوك الاستثمار مثل “جي بي مورجان تشيس” الذي رجح ارتفاع الأسعار إلى 100 دولار للبرميل بحلول أغسطس أو سبتمبر المقبل، وكذلك “ستاندرد تشارترد” ورجح أن يبلغ متوسط سعر خام برنت 94 دولارًا للبرميل خلال الربع الحالي (مارس ـ يونيو 2024).

ارتفاع أسعار النفط يزيد التضخم

ويزيد ارتفاع أسعار النفط من موجات التضخم العالمية، ويؤثر على الاقتصاد العالمي، وقد يؤخر من خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي “المركزي الأمريكي”، وفق “غراب” الذي يرهن إمكانية تراجع سعر النفط باستقرار الشرق الأوسط وهدوء الأحداث الجيوسياسية ونمو إمدادات البلدان المصدرة للنفط.

اقرأ أيضًا: نشرة “فكر تاني” الاقتصادية: تراجع 21% بتحويلات المصريين بالخارج وقرض جديد بمليار يورو وانخفاض بأسعار بعض السلع الغذائية

ياسر عمر
ياسر عمر

لكن ياسر عمر، وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، يقول إن الحكومة تحوطت من ارتفاع سعر برميل النفط حتى وإن تجاوزت 100 دولار للبل عبر الاتفاق مع الشركاء الأجانب في امتيازات إنتاج الخام المحلية. 

وبحسب النائب، فإن مصر تحصل على حصة من امتيازات النفط الخام التي تشغلها الشركات الأجنبية وتتيح لها العقود المبرمة مع تلك الشركات الحصول على الخام من حصص الشركات نفسها في حال احتاجت السوق المحلية إلى إمدادات إضافية وتلك الكميات هي التي تُطبق عليها الأسعار التحوطية.

هل ننتظر زيادة في أسعار البنزين؟

ويزيد ارتفاع النفط من المخاوف بشأن قرار لجنة التسعير التلقائي للمواد البترولية في مصر، والتي تجتمع كل 3 أشهر، ويُفترض أن تعقد اجتماعها في يونيو المقبل بعد قرارها خلال مارس الماضي رفع أسعار البنزين جنيهًا واحدًا، ليصبح لتر بنزين 80 بـ 11 جنيهًا، وبنزين 92 بـ 12.50 جنيه، وبنزين 95 بـ 13.5 جنيه وأسطوانة البوتاجاز بـ 100 جنيه.

يؤدي ارتفاع أسعار المحروقات على المدى القصير أيضًا إلى تحفيز التضخم، بداية من تكاليف المنتجات الزراعية التي تعتمد على السولار في الحرث والري والحصاد، وتكاليف نقلها إلى المدن، وصولًا إلى إنتاج السلع الصناعية، وأعباء تعريفة وسائل المواصلات، وهي مجموعات من شأنها رفع مستوى التضخم الذي تراجع في مارس الماضي إلى مستوى 33.7%.

كذلك، يؤثر ارتفاع أسعار النفط بشكل سلبي على الميزان التجاري المصري والموازين الخارجية عمومًا، كما يزيد من الضغوط المتعلقة بالاحتياج للعملات الأجنبية لتمويل الواردات النفطية، وبالتالي يمكن أن يؤثر بشكل سلبي على قيمة الجنيه المصري، وأسعار السلع المستوردة من الخارج.

وارتفع الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري، الإثنين، مع عودة البنوك للعمل بعد إجازة عيد الفطر التي استمرت 6 أيام، إلى 49 جنيهًا مقابل 47.5 جنيه قبل العيد، بينما ارتفع الاحتياطي النقدي أخيرًا بفضل صفقة رأس الحكمة إلى 40.36 مليار دولار.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة