مع اقتراب الانتخابات وغياب الرسميين.. من ينفذ توصيات المؤتمر السادس للصحفيين؟

بعد الإعلان عن البيان الختامي للمؤتمر العام السادس للصحفيين، وإصدار توصيات المؤتمر، في 23 ديسمبر الجاري، بات السؤال الرائج في أوساط الجمعية العمومية للنقابة بين متحمس ومحبط: من ينفذ هذه التوصيات، وكيف؟

يُثار جدل نقابي حول مدى إمكانية تنفيذ هذه التوصيات، خاصة مع اقتراب الانتخابات النقابية في الربع الأول من العام الجديد 2025، وعدم مشاركة ممثلي الجهات الرسمية: خالد عبد العزيز، وأحمد المسلماني، وعبد الصادق الشوربجي، رؤساء الهيئات الثلاث للصحافة والإعلام بمصر، وممثل مجلس الوزراء، الذي ينعقد المؤتمر تحت رعايته، واعتذار ضياء رشوان، نقيب الصحفيين السابق ورئيس هيئة الاستعلامات.

ووفقًا لمعنيين تحدثوا لـ"فكر تاني"، فإن هناك تحديات تواجه تنفيذ التوصيات، لكن هناك العديد من السبل الممكنة لتنفيذها بشرط حضور الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين بجوار النقيب خالد البلشي ومجلسه، سواء قبل الانتخابات أو بعدها.

نقيب الصحفيين خالد البلشي
نقيب الصحفيين خالد البلشي

اقرأ أيضًا: المؤتمر العام السادس لـ"الصحفيين".. نسخة فلسطين ومستقبل الصحافة

لجنة تنسيقية.. همزة وصل

قررت الأمانة العامة للمؤتمر العام السادس تشكيل أمانة دائمة لمتابعة تنفيذ التوصيات والمقترحات الواردة في البيان الختامي، على أن تضم هذه اللجنة النقيب والنقباء السابقين وممثلين عن مجلس النقابة، وأمين عام المؤتمر الأكاديمي وحيد عبد المجيد، مستشار مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية ومديره الأسبق، وأعضاء الأمانة، وممثلين من أعضاء الجمعية العمومية.

محمد بصل (يسار الصورة) - فيس بوك
محمد بصل (يسار الصورة) - فيس بوك

يوضح الكاتب الصحفي محمد بصل، مقرر لجنة الحريات والتشريعات بالمؤتمر، لـ"فكر تاني"، أن هناك اتفاقًا بين نقيب الصحفيين واللجنة المعنية بمتابعة التوصيات على طرق أبواب كل الجهات المعنية والمختصة ورفع التوصيات لها، وإيجاد كل السبل اللازمة لتفعيلها.

يحيى قلاش نقيب الصحفيين الأسبق
يحيى قلاش نقيب الصحفيين الأسبق

ويشير الكاتب الصحفي يحيى قلاش، نقيب الصحفيين الأسبق، في حديثه لـ"فكر تاني"، إلى أن كل مؤتمر من مؤتمرات الصحفيين الستة له مهمته الأساسية، وهي إعلان موقف نقابي، وخارطة طريق واضحة للتغيير، ومنصة حوار مهمة، لأن النقابة ليست سلطة تنفيذية، وليست سلطة تشريعية، وبالتالي تناقش بحضور أعضاء وعضوات الجمعية العمومية كل الملفات وتقدم فيها التوصيات المفترضة للحل.

ويضيف قلاش أن كل مؤتمر له أمانة متابعة، هي من تقوم بتذليل كافة السبل لتحقيق توصياته، خاصة أن هذا المؤتمر رافقه إجراء استبيان لم يحدث منذ 20 سنة كشف نتائج مؤلمة وخطيرة حول الأجور وأوضاع الصحفيين الاقتصادية، ما يتطلب سرعة الاستجابة لما صدر من توصيات.

سامح محروس
سامح محروس

يقترح الكاتب الصحفي سامح محروس، عضو الهيئة الوطنية للصحافة، لـ"فكر تاني"، إنشاء لجنة تنسيقية، على سبيل المثال، بين لجنة المتابعة المنبثقة عن المؤتمر العام السادس والأطراف المعنية بتنفيذ التوصيات، مثل الحكومة والهيئات الوطنية للصحافة والإعلام.

ويؤكد أهمية وجود "همزة وصل" بين الحكومة ومجلس النقابة، لتوفير ضمانات لحلول مثل زيادة بدل التكنولوجيا وإصلاح أوضاع الصحف القومية والصحفيين/ات، معوّلًا على طريقة تفكير نقيب الصحفيين الكاتب الصحفي خالد البلشي، الذي يتمتع بعلاقات جيدة مع كافة الأطراف من أجل تنسيق الجهود اللازمة لتفعيل التوصيات.

"غياب الرسميين" يثير جدلًا

يرى البعض في عدم مشاركة رؤساء الهيئات الثلاث للصحافة والإعلام بمصر في المؤتمر، وممثل الحكومة، "أمرًا سلبيًا" قد يؤثر على سرعة الاستجابة للتوصيات، ولا يرتقي لصورة التنوع التي حرص عليها نقيب الصحفيين خالد البلشي في ضيوف جلسات المؤتمر، فيما اعتبره البعض غير مؤثر.

كارم يحيى
كارم يحيى

يتوقع الكاتب الصحفي كارم يحيى، المرشح الأسبق على منصب نقيب الصحفيين، في حديثه لـ"فكر تاني"، استمرار تجاهل الحكومة لأي منتج صدر عن المؤتمر كما تجاهلت الحضور، مؤكدًا أنه ضد وجود رعاية حكومية للمؤتمر، ويرى أنها وضعت النقابة في موضع "التلهف على السلطة والتضحية بما تبقى من ماء وجه استقلال النقابة"، وينطلق مما أسماه "عدم التعلم من الماضي وإنكار الواقع".

أما الكاتب الصحفي يحيى قلاش، فيرى أن الحضور الرسمي من عدمه لا يعني التزامًا ما بشأن التوصيات، أو يُغني الصحفيين/ات عن واجبهم في مساندتها والضغط من أجل تنفيذها، موضحًا أن رعاية مجلس الوزراء للمؤتمر السادس بروتوكولية، وترجع لتقدير الأطراف، فضلًا عن أن غالب المؤتمرات السابقة لم يحضرها ممثلون رسميون.

حنان فكري
حنان فكري

وتتفق معه حنان فكري، عضوة مجلس نقابة الصحفيين الأسبق، وتقول في حديثها لـ"فكر تاني": "الرعاية لا تعني ولا تستوجب المشاركة، وإنما تعني دعم هذه الفئة من المجتمع، دون حضور لمسائل فنية شديدة الاحترافية"، مضيفة أن الأصل هو تضافر الجهود في تنفيذ ما توصل إليه المؤتمر من حلول للمهنة، في ظل وجود توصيات متنوعة تحتاج إلى تجاوب من جميع الجهات المعنية والأطراف المسؤولة.

لا توجد مقاطعة والجميع شركاء في الحل

هذا الغياب الرسمي عن الحضور لا يعتد به مجلس نقابة الصحفيين ودوائر صنع القرار النقابي حاليًا، ولن يؤثر على التوصيات، وفق ما يعتقدون.

"الأصل في تفكير المجلس عند تحديد موعد المؤتمر العام السادس هو دعوة الجماعة الصحفية لمناقشة قضاياها، والبحث عن حلول مع بعضها البعض، وتحديد خارطة طريق واضحة للإصلاح المهني والنقابي، ثم توجيه الحلول إلى صناع القرار كل في اختصاصه، سواء الهيئات الثلاث للصحافة أو الإعلام والحكومة والبرلمان"، يقول الكاتب الصحفي محمد سعد عبد الحفيظ، وكيل نقابة الصحفيين، لـ"فكر تاني".

محمد سعد عبد الحفيظ وكيل نقابة الصحفيين - فيس بوك
محمد سعد عبد الحفيظ وكيل نقابة الصحفيين - فيس بوك

ويضيف أن تباحث النقابة مع مجلس الوزراء حول رعايته للمؤتمر لا يعني حضوره في قاعة المؤتمر، سواء في الافتتاح أو الجلسات، فهو طرف ضمن أطراف معنية بأزمات الصحافة والإعلام، ويجب أن يكونوا جميعًا شركاء في حلها، موضحًا كذلك أن الحضور الرسمي هو إجراء بروتوكولي بحت.

ويشدد عبد الحفيظ على أنه لا توجد جهة رسمية في الدولة تعمدت مقاطعة المؤتمر، فاليوم الأول تصادف مع فعالية رئاسية، فضلًا عن اعتذار رؤساء الهيئات الثلاث للصحافة والإعلام عن الحضور لأسباب لا علاقة لها بمقاطعة المؤتمر، مؤكدًا أنهم معنيون بالمخاطبة بما انتهت إليه الجماعة الصحفية، وسيصلهم من أمانة المتابعة كافة التوصيات.

"ليس صحيحًا أن الهيئات الثلاث غابت، بل شارك أعضاء منها في المؤتمر وجلساته وأوراقه، وأنا منهم، أما حضور رؤساء الهيئات فهذا تقدير شخصي يرجع لظروف كل واحد منهم"، يقول سامح محروس، عضو الهيئة الوطنية للصحافة.

حمدي رزق عضو الهيئة الوطنية للصحافة كان من ضمين المشاركين في جلسات المؤتمر - خاص فكر تاني
حمدي رزق عضو الهيئة الوطنية للصحافة كان من ضمين المشاركين في جلسات المؤتمر - خاص فكر تاني

ويضيف محروس أنه شارك في إعداد أوراق بالمؤتمر العام السادس، وتجهيز الاستبيان الخاص بأوضاع المهنة والصحفيين، والذي لم يحدث منذ 20 سنة في النقابة، كما شارك بعض أعضاء الهيئات الثلاث للصحافة والإعلام، كالكاتب الصحفي حمدي رزق، عضو الهيئة الوطنية للصحافة، والكاتب الصحفي عبد المحسن سلامة، عضو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، فضلًا عن عبد الفتاح الجبالي، رئيس مجلس إدارة مدينة الإنتاج الإعلامي.

ويشير عضو الهيئة الوطنية للصحافة إلى أن توصيات المؤتمر وضعت تصورًا للتعامل مع الكثير من التحديات التي تواجه مهنة الصحافة والإعلام، كما كشف الاستبيان النقابي عن أوضاع الصحفيين/ات الصعبة، فضلًا عن العديد من الأوراق البحثية التي أعدها العديد من الصحفيين والخبراء، والتي ضمت تصورات مفيدة للتصدي للأزمات الراهنة.

اقتراب الانتخابات النقابية

ووفق مراقبين، فإن أحد أهم التحديات التي تواجه التوصيات هو بدء معركة الانتخابات النقابية المقررة في الربع الأول من العام المقبل.

وربط مصدر نقابي مطلع، في حديثه لـ"فكر تاني"، غياب الممثلين الرسميين رغم رعاية مجلس الوزراء للمؤتمر، بإشارة مبكرة، في تقديره، لبدء معركة الانتخابات، بناءً على نصائح من مقربين على السلطة المصرية بعدم تعزيز موقف نقيب الصحفيين خالد البلشي أكثر من اللازم، وفق تعبير المصدر.

المؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين - فيس بوك
المؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين - فيس بوك

بدوره، يرى الكاتب الصحفي معتز الشناوي، المرشح السابق لعضوية مجلس نقابة الصحفيين، في حديثه لـ"فكر تاني"، أنه مع اقتراب الانتخابات النقابية المقبلة، لابد من وجود مخاطبات سريعة من المجلس الحالي لإنجاز منتج واضح بناءً على التوصيات الصادرة عن مؤتمر عام بات بمثابة "بيت خبرة" قدم للوطن ما يلزم للإصلاح الإعلامي والصحفي.

ويشير الشناوي إلى أن نقابة الصحفيين كيان مؤسسي من المفترض أن لا يتأثر بوجود مجلس أو قدوم آخر، مؤكدًا أهمية تبني المجلس القادم للتوصيات في حال عدم إكمال منتجها من قبل المجلس الحالي. وبالضرورة، سيكون على المجلس الحالي، في حال استمرار النقيب والأعضاء الذين سيخوضون انتخابات التجديد النصفي للمجلس، أن يواصلوا دورهم في إنفاذ التوصيات على أرض الواقع.

الإرادة النقابية أولًا

تصدر توصيات المؤتمر العام السادس ملف الحريات والتشريعات، حيث أوصى المجتمعون بالإفراج عن جميع الصحفيين المحبوسين، وتبييض السجون من المحبوسين في قضايا النشر والرأي والتعبير، لا سيما مَن جاوزوا الحد الأقصى للحبس الاحتياطي وهو عامان، والامتناع عن توجيه اتهامات جديدة لهم ليستمروا قيد الحبس.

كما أكدوا ضمن 20 توصية في هذا الصدد، أهمية أن يواصل مجلس النقابة جهوده الحثيثة لمتابعة حالات الصحفيين المحبوسين، وتقديم المساعدة القانونية لهم، ودعم أسرهم.

توصيات المؤتمر أكدت أهمية الافراج عن الصحفيين المحبوسين - تصميم سلمى الطوبجي
توصيات المؤتمر أكدت أهمية الافراج عن الصحفيين المحبوسين - تصميم سلمى الطوبجي

في هذا الإطار، ترى الكاتبة الصحفية منال عجرمة، المفرج عنها حديثًا، أن تنفيذ هذه المطالب يستلزم وجود إرادة نقابية ثابتة، بعد غياب الإرادة السياسية ممثلة في عدم حضور ممثلين رسميين للمؤتمر، في إشارة تراها تعبيرًا رسميًا عن عدم الرغبة في الإحراج أو سماع مثل هذه المطالب التي تختص بالحريات.

الكاتبة الصحفية منال عجرمة - صورة من المصدر
الكاتبة الصحفية منال عجرمة - صورة من المصدر

وتضيف في حديثها لـ"فكر تاني" أن النقابة هي بيت الصحفيين/ات  وكبيرهم، في ظل وجود نقيب بحجم خالد البلشي الذي بذل وآخرون جهودًا كبيرة في ملف الحريات، وبالتالي هي تعول على استمرار جهد النقابة في المسار التفاوضي والتشريعي والتواصلي والقانوني والدعم لغلق ملف الحبس وما يترتب عليه.

وتثمن أماني حمدي، زوجة الصحفي حمدي مختار الشهير بالزعيم، في حديثها لـ"فكر تاني" التوصية الصادرة بدعم أسر السجناء، مؤكدة أنها تتمنى إسراع النقابة في التواصل مع الجهات المعنية لمنع تجديد حبس زوجها خارج إطار القانون أو إحالته لمحاكمة ضمن ما يدور حاليًا من إحالات، والعمل على الإفراج عن كل الصحفيين المحبوسين رفقًا بالبيوت التي تضررت للغاية في سنين حبس ذويها.

في هذه الجانب، ينتقد الكاتب الصحفي كارم يحيى، عدم وضع قضية حبس الصحفيين في وضع لائق بخطورتها في جدول أعمال المؤتمر، موضحًا أنه رغم وجود توصية بالإفراج عن الصحفيين المحبوسين، إلا إنها تأتي كإطار شكلي بعد غياب البند عن فعاليات المؤتمر، وعدم تضمين جلسات المؤتمر أوراق مفصلة عن أوضاع الصحفيين المحبوسين وذويهم أو تنظيم فعاليات لإبراز معاناتهم.

اقرأ أيضًا: أكثر من 23 صحفيًا محبوسًا.. "الصحفيين" تسعى لإنهاء قلق أعضائها

أفق المسار التشريعي

ومن أبرز التحديات التي تواجه التوصيات المتصلة بالتشريعات، المساحة الزمنية الضيقة المتبقية في عمر مجلس النواب الحالي، ما دفع نوابًا مستقلين ومعارضة متضامنين مع توصيات النقابة إلى المراهنة على برلمان 2025.

من بين هؤلاء النواب، النائبة أميرة صابر، عضوة مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي والحوار الوطني المصري، التي شاركت في مناقشات إحدى جلسات المؤتمر العام السادس حول مطالب إصدار قانون حرية تداول المعلومات.

"البرلمان ده شهور وينتهي، مش هنلحق"، تقول أميرة لـ"فكر تاني"، مضيفة أنه من الضروري الاستعداد بالقوانين المرجوة للبرلمان المقبل، واستمرار النقاش حولها بين النقابة وكل الفاعلين البرلمانيين والأحزاب الديمقراطية.

وتشير إلى أن قانون حرية تداول المعلومات هو استحقاق دستوري يجب أن يصدر منذ سنوات، موضحة أنه من الضروري رفع الكفاءة وبناء القدرات والبنى التحتية للأرشفة والإتاحة، ما يجعل النص القانوني في حال إقراره ليس مجرد حبر على ورق.

أميرة صابر
أميرة صابر

وتوضح أميرة أن تبني تشريعات الإفراج عن الصحفيين المحبوسين على قضايا الرأي والنشر أمر أساسي في جدول أعمالها البرلماني، مثلما هو الأمر لدى برلمانيين ديمقراطيين آخرين داعمين لحقوق الإنسان. وأكدت أن الحوار الوطني أنجز جهودًا مهمة فيما يخص الإصلاح الجنائي وقضايا الحبس الاحتياطي، لكنها تأمل أن يتم استيعاب هذه الجهود عند مناقشة القانون المقترح تحت قبلة البرلمان، فيما تشير إلى أن أبواب حزبها المصري الديمقراطي مفتوحة لمناقشة ما يخص مدونة السلوك المهني.

بدوره، يوضح الكاتب الصحفي محمد بصل، أنه طبقًا لما انتهت إليه بعض التوصيات الخاصة بمشروعات القوانين والمسودات القانونية، فإنه بالتنسيق مع اللجنة المعنية ونقيب الصحفيين سيتم عقد ورش عمل لاستكمال المناقشات.

وتدعو توصيات المؤتمر إلى إصدار قانون يلغي العقوبات السالبة للحرية في جرائم النشر والعلانية. وقد أعدّ مشروع قانون متكامل في هذا الصدد سيتم رفعه إلى كل الأطراف لمناقشته. واعتمد المؤتمر حزمة من التعديلات التشريعية لحذف وتعديل عددٍ من مواد قانون العقوبات، وقانون مكافحة الإرهاب، وقانون جرائم تقنية المعلومات، وقانون الإجراءات الجنائية، وذلك على ضوء النصوص الدستورية ومبادئ المحكمة الدستورية العليا.

كما تدعو التوصيات إلى تعديل التشريعات المنظِّمة للصحافة والإعلام، وعلى رأسها "قانون تنظيم الصحافة والإعلام"، بما يرسخ استقلال المؤسسات الصحفية، ويسهّل أداء الصحفيين لواجبهم المهني، ويرفع القيود التي فرضتها بعض مواد تلك القوانين على حرية الرأي والتعبير. كذلك شددت التوصيات على تحسين أجور العاملين في المهنة بما يتناسب مع طبيعة الواجبات الملقاة على عاتقهم ومعدلات التضخم الأخيرة.

إحدى جلسات المؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين بمشاركة أميرة صابر - خاص فكر تاني
إحدى جلسات المؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين بمشاركة أميرة صابر - خاص فكر تاني

وتطالب التوصيات بالمسارعة إلى تنفيذ الاستحقاق الدستوري لحرية تداول المعلومات كحق أساسي للمواطن معطل منذ إقراره في الدستور قبل أكثر من عشر سنوات، والتوسع في استغلال المعلومات باعتبارها مقومات أساسية للاقتصاد الوطني، واعتمد المؤتمر مسودة مبدئية لهذا المشروع من خلال المناقشات داخل المؤتمر لرفعها إلى مجلس النواب، ومجلس الوزراء، والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، ووزارة الاتصالات، وغيرها من الجهات.

وتشدد التوصيات على سرعة البت في طلبات الترخيص المقدمة من جميع المواقع الصحفية، واعتبار عدم الرد أو المراجعة خلال تسعين يومًا بمثابة موافقة نهائية على منح الترخيص، وعدم التمييز بين المواقع بسبب سياساتها أو اتجاهاتها التحريرية، والتعامل معها جميعًا سواء بسواء، والنظر في طلباتهم بنفس القدر من الاهتمام والسرعة.

وتبنت التوصيات إقرار مدونة سلوك مهني تراعي مصالح جميع الصحفيات والصحفيين ، وتحقق بيئة عمل آمنة، بالبناء على ثلاث مدونات تم عرضها خلال أعمال المؤتمر.

مواجهة الفصل التعسفي

في ملف الإصلاح الإداري، تبنت التوصيات العمل على تجاوز الملاحظات الواردة في استطلاع الرأي الذي أجرته النقابة، وبحث سبل تطوير دور النقابة في مواجهة تصاعد الفصل التعسفي ومحاسبة القائمين بذلك، واتخاذ إجراءات ضد المؤسسات التي تقوم بفصل الصحفيين تعسفيًا، وكذلك اتخاذ إجراءات ضد إدارات تلك الصحف دون الإخلال بحقوق باقي الصحفيين، وتدخل النقابة لضبط مواد الفصل في مشروع قانون العمل بما يضمن الحفاظ على مصالح العاملين وحقوقهم الاقتصادية.

كما تدعو إلى تشكيل لجان نقابية بالمؤسسات تابعة للنقابة، خصوصًا بعدما كشف استبيان النقابة عن وجود مشكلة حقيقية في علاقات العمل بالوسط الصحفي، ومساندة رؤية النقابة المقدمة حول مشروع قانون العمل.

من جانبه، يرى الكاتب الصحفي والنقابي هشام فؤاد في حديثه لـ"فكر تاني"، أن توصية مواجهة الفصل التعسفي للصحفيين/ات من أهم التوصيات التي خرجت في مشروع التوصيات، وتتطلب جهدًا جماعيًا متواصلًا لوضع ضوابط وأطر حكيمة تمنع أي فصل تعسفي.

هشام فؤاد
هشام فؤاد

ويقترح فؤاد تشكيل لجان نقابية بالمؤسسات تابعة للنقابة، خصوصًا بعدما كشف استبيان النقابة عن وجود مشكلة حقيقية في علاقات العمل بالوسط الصحفي، بدليل أن نحو 70% من الذين تعرضوا للفصل التعسفي لم تنجح جهود إعادتهم للعمل، مما يستلزم تدخلًا تشريعيًا يلزم أصحاب الأعمال باحترام حقوق العاملين لديهم.

ويدعو فؤاد إلى التدخل قانونيًا ونقابيًا ضد أصحاب الصحف ورؤساء مجالس الإدارات الذين يبرمون عقود إذعان مع محرريها، ويتورطون في جرائم الفصل التعسفي، عبر تشكيل لجنة مشتركة من المجلس ونشطاء النقابة لملاحقة تلك الجريمة، مؤكدًا ضرورة التصدي الفعال لظاهرة فصل الصحفيين وتطبيق قانون النقابة بفاعلية والعقوبات الواردة به، ومخاطبة وزارة العمل لعدم البدء في التعاطي مع إجراءات فصل الصحفي قبل إخطار النقابة وقيامها بمحاولة للتوفيق تطبيقًا للقانون.

كما يدعو فؤاد النقابة إلى استمرار الاشتباك مع سلبيات مشروع قانون العمل الجديد، الذي يتضمن مواد ستكون بمثابة البوابة الخلفية لفصل الصحفيين/ات، من بينها إطلاق يد صاحب العمل/المؤسسة الصحفية في إنهاء عمل الصحفي/ة بشرط إبلاغه/ها قبل 3 شهور من التنفيذ، ما يطلق يد صاحب العمل في الفصل التعسفي للعاملين لديه في غير المواد المنصوص عليها قانونًا للفصل.

ويوضح فؤاد أهمية وجود رؤساء تحرير يكونون عبرة لمن يعتبر، عبر كافة المسارات النقابية العقابية، في حال تورطهم في فصل أي صحفي/ة، مشيرًا إلى أن تقديم نماذج واضحة في الملاحقة الحاسمة سيكون رادعًا لكل من تسول له التفكير في تلك الجريمة.

لائحة الأجور وزيادة البدل

وتدعو التوصيات إلى حث النقابة على التفاوض مع الحكومة لتحقيق زيادة مناسبة على قيمة بدل التدريب والتكنولوجيا بما يواكب الارتفاع في تكاليف التدريب والأجهزة التكنولوجية الحديثة، وإقرار زيادة سنوية للبدل، وإقرار البدل لكل أعضاء النقابة دون قيد أو شرط، لعلاج ما كشفت عنه نتائج استطلاع الرأي الذي أطلقته النقابة قبل المؤتمر.

كما تطالب بالعمل على ضمان ألاَّ يقل أجر أو معاش أي صحفي في المؤسسات الصحفية والصحف عن الحد الأدنى الرسمي للأجور (6 آلاف جنيه)، والسعي لتوفير موارد لرفع معاش النقابة، واستحداث كادر للصحفيين يراعي سنوات الخبرة، وفتح التأمينات للأعضاء المفصولين أو المغلقة صحفهم.

من جانبها، توضح الكاتبة الصحفية، منى عزت، عضوة لجنة مقرري جلسات المؤتمر، في حديثها لـ"فكر تاني" أهمية عدم الربط بين البدل والأجر، عبر تطبيق الشمول المالي في الصحف القائمة والمستحدثة بما يضمن حصول الصحفيين العاملين بها على أجورهم كاملة ويغلق باب التلاعب، بوضع البدل مقابل الأجر طبقًا لما كشفت عنه نتائج الاستبيان من أن أكثر من 13% من المشاركين فيه لا يحصلون على أجر.

منى عزت
منى عزت

وتضيف منى أن البدل حق مستقر، لا علاقة بالأجر الذي يجب أن يحصل عليه الصحفي/ة من مؤسسته، مؤكدة أن الرهان على تحسين الأجور بالبدل يبدد كل التحركات الدائرة في إطار إقرار الحق في أجر عادل.

وتقترح منى في هذا الإطار تقسيم ملفات التوصيات على مجموعة عمل، تشكل لجان من بينها لجنة للتواصل مع المؤسسات الصحفية، للتفاوض تحت إشراف النقابة، على وضع لائحة عادلة للأجور، وإقرار لوائح للمؤسسات الصحفية، ومناقشة كافة الموضوعات ذات الصلة.

وتشير إلى أن هناك مسئوليات على المؤسسات الصحفية، لا يتحملها رؤساء التحرير أو رؤساء مجالس الإدارات فقط، بل لابد من تفعيل حضور الجمعيات العمومية للصحف في المناقشات وصناعة القرار.

وتؤكد عضوة لجنة مقرري جلسات المؤتمر، أهمية وجود هيكلة لقضية البدل، بحيث يكون هناك زيادة ثابتة في موعد محدد، لا علاقة لها بالانتخابات، وتستوعب المتغيرات الاقتصادية التي تؤثر على سعر العملة المحلية.

الضغط النقابي والاستناد للدستور

ورغم إحباط بعض أعضاء الجمعية العمومية، ورؤيتهم عدم إمكانية تنفيذ هذه التوصيات، يراهن البعض على ضغط الجمعية العمومية من أجل التعجيل بالاستجابة للتوصيات، بجانب الاستناد إلى نصوص الدستور.

في هذا الإطار، يعتقد الكاتب الصحفي كارم يحيي أن عدم تنفيذ معظم التوصيات للمؤتمرات الخمسة السابقة، سينعكس على توصيات هذا المؤتمر السادس، في ظل ما يراه من "غياب الإرادة" لدى النقابة وخارجها على مدار العقود الأخيرة للدفاع عن توصياتها وتنفيذها، مؤكدًا أنه رغم أن نقيب الصحفيين خالد البلشي له جهود ملموسة في فتح النقابة، وصنع حالة نقابية جديدة بتواجدها المستمر في 4 شارع عبد الخالق ثروت، لكن التوصيات تحتاج إلى جهود جماعية لتنفيذها، بناء على قواعد تنظيم ديمقراطية، تساعد على تحسين ظروف الضغط.

بدوره، يشير الكاتب الصحفي يحيى قلاش، نقيب الصحفيين الأسبق، إلى أن المؤتمر العام الرابع للنقابة تلاه العديد من الجمعيات العمومية، للضغط على تنفيذ توصياته، مؤكدًا أهمية دور الجمعية العمومية في مساندة التوصيات.

حملت هذه الدورة من المؤتمر العام السادس اسم "دورة فلسطين" - فيس بوك
حملت هذه الدورة من المؤتمر العام السادس اسم "دورة فلسطين" - فيس بوك

ويضيف قلاش أن الجمعية العمومية باعتبارها صاحبة حق ومصلحة وظهير لمجلس نقابتها، معنية بقوة بتعزيز فرص تحقيق هذه التوصيات، كل في مساره وفي ضوء تشابكاتها، بما يحقق المصلحة المرجوة من المؤتمر السادس وجلساته النقاشية، بالتزامن مع تحركات النقابة المسئول عنها مجلسها نقيبًا وأعضاءً، وأمانة المتابعة.

ويشير قلاش إلى أن العديد من التوصيات حازت على التنفيذ من المؤتمرات السابقة منها تغيير قيادات صحفية ولائحة الأجور، وإلغاء الحبس في قضايا النشر في قانون العقوبات، مؤكدًا أن معارك نقابة الصحفيين، هي "معارك النفس الطويل" و"الفعل التراكمي" بحسب وصفه، يتم كسبها بالنقاط.

ويعول نقيب الصحفيين الأسبق على دستور البلاد الصادر في 2014، للاستناد إليه في تنفيذ التوصيات، خاصة أن بعضها مبني على استحقاقات مكملة للدستور مثل إصدار قانون حرية تداول المعلومات، مؤكدًا أن توصيات المؤتمر السادس، بمثابة توصية باحترام الدستور، لأنها بُنيت على العديد من بنوده.

ويتفق النقابي هشام فؤاد مع قلاش في أهمية الجمعية العمومية في المشاركة الفعالة لتفعيل توصيات المؤتمر، حتى لا تتحول إلى حبر على ورق.

وتؤكد حنان فكري، عضوة مجلس نقابة الصحفيين الأسبق، أن اتحاد الصحفيين/ات مع النقيب والمجلس، في تذليل العقبات أمام تنفيذ التوصيات، هو السبيل الوحيد لعدم تحولها إلى "توصيات فشنك"، مؤكدة أهمية تغيير الخطاب العام الرسمي في أقرب فرصة لاستيعاب التوصيات والمتغيرات العامة.

ويوضح الكاتب الصحفي محمد بصل، أن هناك اتفاقًا بين نقيب الصحفيين واللجنة المعنية بمتابعة التوصيات، بطرق أبواب كل الجهات المعنية والمختصة ورفع التوصيات لها، وإيجاد كل السبل اللازمة لتفعيلها.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة