المؤتمر العام السادس لـ"الصحفيين".. نسخة فلسطين ومستقبل الصحافة

وسط آمال بانفراجة مهنية ودعم لافت للقضية الفلسطينية، تجري الاستعدادات على قدم وساق، بقيادة الكاتب الصحفي خالد البلشي، نقيب الصحفيين، للتجهيز للمؤتمر السادس للنقابة، الذي ينعقد تحت رعاية رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي خلال الفترة من 14 إلى 16 ديسمبر المقبل.

تحمل هذه النسخة اسم دورة فلسطين، ويتضمن برنامج المؤتمر العديد من الجلسات والموائد المستديرة التي تناقش أوضاع وأزمات الصحافة المصرية للوصول إلى توصيات يمكن العمل عليها بناء على رؤية الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين مع المؤسسات المعنية والهيئات ذات الصلة.

وكان مجلس نقابة الصحفيين، قرر اختيار الكاتب وحيد عبد المجيد، مستشار مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية ومديره الأسبق، أمينًا عامًا للمؤتمر العام السادس للصحفيين، فيما قرر المجلس اختيار عبد الله عبد السلام، منسقًا للجنة مستقبل الصحافة، وعبد الفتاح الجبالي، منسقًا للجنة اقتصاديات الصحافة، ومحمد بصل منسقًا للجنة التشريعات والحريات.

واختار المجلس لجنة استشارية للمؤتمر تُمثّل مختلف التيارات والمؤسسات الصحفية ضمت ما يقرب من 100 زميل صحفي، وتضم جميع النقباء السابقين: (جلال عارف، وممدوح الولي، وضياء رشوان، ويحيى قلاش، وعبد المحسن سلامة).

اقرأ أيضًا: البلشي: كلنا سجناء لحظة "يناير".. ومن الخطورة انحياز الصحفيين للسلطة وقت معاناة الناس (حوار)

أبرز القضايا المطروحة

ومن أبرز القضايا المطروحة على المؤتمر قانون حرية تداول المعلومات، والصحفيون/ات المحبوسين ورؤية النقابة والصحفيين لتعديلات القوانين الحاكمة للصحافة والإعلام ومشروع قانون العمل.

ويناقش المؤتمر قضايا الأوضاع الاقتصادية وفي مقدمتها : الاجور والبدل وأوضاع العمل وأزمات التعطل والصحف المغلقة واقتصاديات الصحافة وتطوير موارد النقابة، وموقف النقابة من قانون العمل  وتحسين أوضاع المؤسسات وأزمات التوزيع والادارة.

نقيب الصحفيين خالد البلشي
نقيب الصحفيين خالد البلشي

كما يناقش قضايا الحريات والتشريعات ومنها أزمة حرية الصحافة والصحفيين المحبوسين والقيود التشريعية على حركتنا ورؤية النقابة لحرية الإصدار وحق الصحفيين في التنوع وممارسة المهنة بدون قيود ومشروعي قانون لحرية تداول المعلومات ومنع الحبس في قضايا النشر ومناقشة تعديلات على قوانين الصحافة والاعلام والصحافة وعلاقتها بحرية المجال العام

ويتصدى المؤتمر كذلك لقضايا مستقبل الصحافة والمهنة في ظل التطورات التكنولوجية والذكاء الاصطناعي وأزمات الصحافة الورقية والالكترونية ورؤية النقابة لتطوير قواعد مزاولة المهنة وبيئة العمل الصحفي وتطوير ميثاق الشرف المهني ولائحة القيد وتطوير التدريب وتطوير المحتوى الصحفي بين الحرية والمسئولية.

وتعقد الأمانة العامة للمؤتمر عددًا من الندوات خلال الفترة القادمة في إطار استمرار النقاش حول فعاليات المؤتمر وهذه القضايا.

استبيان حول المهنة

أطلقت الأمانة العامة للمؤتمر استبيانا للصحفيين كجزء من أعمال المؤتمر العام للتعرف على ملاحظاتهم ورؤيتهم لآليات تطوير العمل والمؤسسات وإيجاد حلول لأزمات الصحافة والصحفيين، ومستقبل صناعة الصحافة واقتصاديات الصحافة والتشريعات الصحفية.

ويهدف الاستبيان الوصول إلى مخرجات معبرة عن الواقع الصحفي في مصر من خلال المؤتمر، فيما ينتهي التسجيل في الاستبيان يوم 7 ديسمبر المقبل على أن تكون نتائجه وإحصائياته على طاولة فاعليات المؤتمر.

وعلى التوازي، أطلقت النقابة موقعًا إلكترونيًا خاصًا بالمؤتمر، تضمن موادًا تتعلق بالمؤتمر وأعمال اللجان الثلاث الرئيسية التي تشكلت لبحث قضايا وأزمات الصحفيين واستمر عملها منذ عدة أشهر .

وبدأ الموقع نشر عدد من التقارير المتعلقة بالاجتماعات التحضيرية المختلفة التي عقدتها النقابة والأمانة العامة للمؤتمر مع الجمعية العمومية ورؤساء التحرير ومجلس الإدارات والنواب الصحفيين وغيرهم في سبيل توصيف الأزمات والقضايا الملحة المتعلقة بالصحافة المصرية وكيفية وضع حلول لها من خلال رؤية الجمعية العمومية وطموحاتها.

نداء النقيب

ووجه البلشي نداءً ورسالة إلى الصحفيين/ات وممتهني الصحافة للحضور والمشاركة بفاعلية في أعمال المؤتمر.

وقال نقيب الصحفيين في رسالته: "حضوركم مهم، الكلمة الآن لكم، والرسالة رسالتكم. لا تتركوا مجموعة صغيرة فقط تصنع الرسالة، لأن قوتنا دائمًا في تنوعنا، قوتنا في توحدنا على قضايانا. والرسالة الآن تعود إليكم خارج ضغوط وحسابات الانتخابات من أجل صياغة برنامجكم للأيام القادمة، تعود من أجل صياغة المستقبل عبر نقاشات جادة نشارك فيها جميعًا."

وأضاف أن قوة هذا الحضور ظهرت في الكثير من المناسبات والمعارك الكبرى خلال تاريخ النقابة، ويتطلب حضورها هذه المرة رسم طريق للتغيير وتحقيق مطالب الجماعة الصحفية، وإرسال رسالة جماعية إلى كل الأطراف بأن هذه المهنة مهمة ويجب أن تكون حاضرة.

ومن المقرر أن يبدأ البلشي، خلال الأيام القادمة، جولات على المؤسسات الصحفية في إطار التحضير للمؤتمر العام، بالتزامن مع تشكيل مجموعات عمل من الصحفيين أعضاء الجمعية العمومية للجان التنظيمية والترويجية والإعلامية للمؤتمر.

المشاركة ضروة الوقت

"الصحافة تمر بمرحلة صعبة؛ لذا نحاول في هذا المؤتمر طرح أفكار جديدة للخروج من عنق هذه المرحلة. فالصحافة جزء من المجتمع ومن الوضع العام، وترتبط ارتباطًا وثيقًا بكل المشكلات المتعلقة بالمجال العام"، يقول وحيد عبد المجيد.

وأضاف أنه كلما ضاقت المساحة المتاحة أمام الصحافة للتعبير، يزداد وضع الصحافة صعوبةً ووضع المجتمع أيضًا، مؤكدًا أن التعبير عن المشكلات والمعاناة التي يعاني منها المواطنون هو بداية الطريق إلى تطور المجتمع، وهو دور الصحافة الذي إن لم تؤده، فإنه سيُصبح هناك خلل كبير في وظيفتها.

وأوضح أن المؤتمر العام للصحفيين هو أهم حدث وأهم مناسبة يمكن أن يُنطلق منها لمعالجة مشكلات وأزمات الصحفيين، مشددًا على أن كل صحفي في مختلف المؤسسات والصحف والمواقع الإلكترونية عليه واجب تجاه هذا المؤتمر، وبالتالي كل من يتخلف عن أداء هذا الواجب يقصر في حق نفسه وفي حق المهنة التي يمتهنها، ويخصم من قدرة الصحافة على تجاوز أزماتها.

وحذر عبد المجيد الصحفيين مما أسماه الاستسلام لليأس، قائلًا: "أظن أن أي صحفي اليوم يتردد في المشاركة في هذا الحدث أو يتصور أن هذا المؤتمر لن يغير شيئًا، والاستسلام الكامل لليأس أعتقد أنه تقصير شديد في حق المهنة وفي حق العمل الذي يقوم به كل منا في مؤسسته أو في صحيفته أو في موقعه الإلكتروني. فالمشاركة في هذا المؤتمر اعتبرها فرض عين وليس فرض كفاية".

اقرأ أيضًا : أكثر من 23 صحفيًا محبوسًا.. "الصحفيين" تسعى لإنهاء قلق أعضائها

فرصة عظيمة

ويراهن شيوخ المهنة على تضافر جميع الجهود وقدرة شباب وشابات النقابة على إنجاح هذا المؤتمر.

في هذا السياق، تقول النقابية البارزة والصحفية خيرية شعلان لـ"فكر تاني": "رغم تراكم المشاكل، لكن حلمي وأملي وتوقعاتي أن هذا المؤتمر سيتمكن من وضع خارطة طريق جذرية على أن يتم تطبيقها ولو بشكل تدريجي بعد ذلك، في ظل أزمات تضرب الصحفيين والصحفيات من كل جانب".

وتضيف أن المؤتمر العام السادس فرصة عظيمة لوضع خارطة طريق لحل أزمات الصحافة ومستقبلها، مؤكدة أن النقابة لديها توصيات وحلول 5 مؤتمرات سابقة يجب أن تكون نصب عين الحضور من أجل وضع تصورات مناسبة وعملية ومتدرجة تفكك مشاكل متراكمة منذ عقدين ويزيد.

النقابية خيرية شعلان رفقة زوجها النقابي الراحل رجائي الميرغني
النقابية خيرية شعلان رفقة زوجها النقابي الراحل رجائي الميرغني

وتوضح خيرية أن الأزمات المتصلة بالمهنة تضرب الشباب والشيوخ والصحافة الورقية والإلكترونية، وقد طالت كل جوانب المهنة، وبالتالي لا يجب أن يكون المؤتمر العام السادس مجرد مؤتمر وحسب، بل يجب أن يبذل الجميع طاقته في سبيل إنجاحه بشكل استثنائي يتوافق مع الأزمات غير المسبوقة والمتراكمة في المهنة.

وتشير النقابية البارزة إلى أنها حضرت مؤتمرات النقابة العامة منذ المؤتمر الثالث، وتعتبر المؤتمر الرابع الذي قاده النقابي الكبير الراحل رجائي الميرغني في العام 2004 هو أعظم المؤتمرات من الأول إلى الخامس، لما حدث فيه من مناقشات ثرية أسفرت عن أوراق عمل مهمة وحصول الصحفيين على وعد رئاسي وقتها بعدم الحبس في قضايا النشر.

وتعرب خيرية عن ثقتها في قدرة الكاتب الصحفي خالد البلشي، نقيب الصحفيين، وأعضاء مجلسه، ومجموعة الشباب والشابات في لجان المؤتمر، على تحقيق ما يصبو إليه الصحفيون، مرجعةً ثقتها إلى رصدها حالة من الاهتمام من الصحفيين/ات بالمؤتمر وحديثهم عنه بشكل كبير وحشدهم له رغم تنوعهم الفكري والمؤسساتي.

5 مؤتمرات

وفي أبريل 2016، أطلقت النقابة مؤتمرها الخامس في إطار فعاليات الاحتفال باليوبيل الماسي للنقابة لمناقشة قضايا المهنة، تحت شعار 'نحو بيئة تشريعية جديدة'، برئاسة النقيب الأسبق الكاتب الصحفي يحيى قلاش، ومشاركة النقيب الحالي خالد البلشي.

نقابة الصحفيين
نقابة الصحفيين

وعقد المؤتمر الرابع، في عام 2004، برئاسة النقيب الأسبق الكاتب الصحفي جلال عارف، فيما كان مقرر المؤتمر النقابي رجائي الميرغني، بينما كانت الأجواء العربية ملتهبة حيث كانت تزداد ضراوة العدوان الصهيوني والأميركي على الشعبين الفلسطيني والعراقي

وطالب الصحفيون في المؤتمر، بإجراء إصلاح سياسي ودستوري شامل يضمن التداول السلمي للسلطة وإضفاء الطابع الديمقراطي على جميع مؤسسات الدولة والمجتمع، مؤكدين أهمية النهوض الشامل بأحوال الصحافة المصرية وإسقاط جميع القيود التي تحد من حريتها وقدرتها على تحمل مسؤولياتها  الوطنية والمهنية، مشددين على أن ضمان حرية الصحافة وتوفير متطلبات نهوضها هو المقدمة الضرورية لبناء ديمقراطي يتمتع بالمصداقية ويعزز استقلال الوطن ونهضته.

وفي الفترة من 5 ـ 7 سبتمبر 1995، عقدت النقابة مؤتمرها العام الثالث، تحت شعار " نحو تشريع جديد لحرية الصحافة في مصر" وسط حضور كبير من الصحفيين ، وعلامات توتر واحتقان في علاقة الصحافة والصحفيين بالسلطة.

وعقد المؤتمر العام الثاني للنقابة في 12- 14 يناير 1991، بعد مرور 27 عامًا على المؤتمر الأول، وأصدر 16 توصية تتراوح بين الدعوة للإصلاح الديمقراطي العام وإلغاء القوانين والأوضاع الاستثنائية وبين الدعوة الى إطلاق حرية إصدار الصحف وحق استقاء وتداول ونشر المعلومات وإلغاء صور الرقابة المختلفة على المطبوعات.

وكانت المؤتمر العام الأول للنقابة عُقد في عام 1964، ومن أبرز إنجازاته وضع أول مسودة لمشروع قانون للنقابة يتلافى الثغرات التي حاصرت ضمانات الممارسة الحرة للمهنة.

وقت حرج وتحولات جذرية

ويرى أحمد أبو القاسم، الصحفي وخبير الإعلام الرقمي، أن المؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين يأتي في وقت حرج للغاية، وبعد فترة طويلة من الغياب منذ عام 2016، ليشكل فرصة حاسمة لإعادة تقييم الدور الحقيقي للنقابة في ظل الأوضاع المعقدة التي تمر بها الصحافة المصرية، حيث تعاني من حصار مفروض على حرية التعبير، وتراجع في مستوى الشفافية، وتدني الأجور، بالإضافة إلى التأثير الكبير للأزمة الاقتصادية على الصحافة بشكل مباشر.

ويضيف أبو القاسم، في حديثه لـ"فكر تاني"، أن تلك الأوضاع وغيرها تفرض أن يكون المؤتمر أكثر من مجرد حدث تقليدي أو جلسات للنقاش والتنفيس، بل يجب أن يتحول إلى منصة لإطلاق رؤى خلاقة تسعى لحماية المهنة وإعادة صياغة دور الصحافة في المجتمع. فالصحافة ليست مجرد ناقل للأخبار، بل هي شريك أساسي في تشكيل الوعي وصياغة الرأي العام من خلال دورها التاريخي كسلطة رابعة.

أحمد ابو القاسم
أحمد ابو القاسم

ويُوضح أن النقابة التي واجهت تحديات كبيرة خلال السنوات العجاف الماضية، والتي هددت صورتها ودورها، لديها اليوم فرصة تاريخية تحت قيادة النقيب خالد البلشي، بعدما أعاد خلال العامين الماضيين للنقابة دورها الحقيقي كصوت حقيقي للصحفيين بعيدًا عن الحسابات الضيقة، وجعلها قبلة لكل الصحفيين، مستعيدًا قوتها ورونقها بحكمة وسط ظروف غاية في التعقيد وضغوط هائلة.

ويشير إلى أن المؤتمر في هذا الظرف التاريخي يمكن أن يكون فرصة كبيرة يجب استثمارها لإعادة الصحافة إلى مكانتها التاريخية كمدافع عن القضايا الوطنية ومراقب لأداء السلطة، لأن نقابة الصحفيين ليست مجرد مؤسسة تدافع عن حقوق أعضائها، بل هي خط الدفاع الأول عن المجال العام وضمانة أساسية للحرية والديمقراطية في المجتمع.

وحول مستقبل الصحافة الإلكترونية وحضورها في النقابة، يقول أبو القاسم: "النقابة أصبحت مدركة لأهمية مواكبة التحولات الجذرية في صناعة الصحافة، خاصة مع وجود النقيب وعدد من أعضاء المجلس الذين يُعدون من رواد الصحافة الرقمية التي تشهد تطورًا يوميًا ومستجدات مستمرة. ومع ذلك، تأخرنا كثيرًا في تقنين أوضاع الصحفيين الإلكترونيين ووضع الضوابط التي تتيح لهم العضوية الكاملة للنقابة".

ويضيف أنه على الرغم من ذلك، فإن تعديل قانون النقابة يظل خطوة معقدة وشائكة، خصوصًا في ظل الأوضاع الحالية التي قد لا تتيح فرض رؤيتها التشريعية التي تضمن حقوق الصحفيين. لكن يجب أن تكون الصحافة الإلكترونية في صميم عمل نقابة الصحفيين، لأنها تمثل الحاضر والمستقبل، بينما الصحافة الورقية باتت جزءًا من الماضي، وأي حديث غير ذلك هو مجرد أمنيات غير مبنية على واقع أو حقائق.

ويأمل أبو القاسم أن يكون المؤتمر فرصة لفتح حوار بين الأجيال المختلفة من الصحفيين، بحيث تطرح الأجيال الشابة رؤيتها وأفكارها على الجمعية العمومية لصياغة مستقبل أقوى وأكثر تطورًا للنقابة، مؤكدًا أن تحقيق هذا الهدف يتطلب شجاعة تبدأ بالتوقف عن مقاومة التغيير الحتمي وقبول الواقع الجديد.

ويشدد على أن المؤتمر فرصة ثمينة لإعادة صياغة مستقبل الصحافة في مصر في ظل واقع معقد. يمكن للنقابة أن تصبح منصة جامعة ومتجددة تعيد ترسيخ دورها التاريخي الرائد كمدافع عن حرية الصحافة ومصدر قوة للمجتمع الصحفي ككل.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة