ورقة بحثية : برلمان 2015 كان سببًا رئيسيًا في أزمات حقوق الإنسان بمصر

تناولت ورقة بحثية جديدة لمنصة فكر تاني ملامح تعامل برلمان 2015 مع قضايا الحقوق والحريات، باعتباره البرلمان الأول الذي جاء في أعقاب ثورة 30 يونيو 2013، فضلًا عن أنه جاء بالتزامن مع سياق عام أُثير فيه جدل كبير على مستوى التشريعات الخاصة بهذا الملف.

ركزت الورقة البحثية التي أعدها محمد فوزي، الباحث في الشأن السياسي، على أهمية برلمان 2015 باعتباره البرلمان الأول الذي جاء في أعقاب ثورة 30 يونيو 2013، والإطاحة بحكم جماعة الإخوان المسلمين. وكان التعويل كبيراً على دور هذا البرلمان في إطار مساعي احتواء حالة الاحتقان المجتمعي، وتعزيز حالة الحقوق والحريات في مصر، وفقًا للباحث.

للاطلاع على الورقة.. اضغط هنا

برلمان يلاحقه العوار

كشفت الورقة البحثية عن بعض أوجه العوار الذي اعترى عمل مجلس النواب لعام 2015 على مستوى التعامل مع منظومة الحقوق والحريات، وهو العوار الذي جعل من المجلس جزءًا وسببًا رئيسيًا للعديد من الإشكالات التي واجهتها الساحة في مصر على المستويات السياسية والحقوقية.

على عبد العال رئيس مجلس النواب السابق- فيس بوك
على عبد العال رئيس مجلس النواب السابق- فيس بوك

أوضحت أن المجلس لم يكتفِ بعدم تمرير بعض مشاريع القوانين التي تعزز من منظومة الحقوق والحريات، بل إنه وضع اللبنات الأولى لبعض الإجراءات التي تفرض المزيد من التحديات في هذا الملف.

أشارت إلى أنه، حتى وإن كان ظاهرًا أن البرلمان المصري غير مسؤول عن الفترة التي سبقت تنصيبه، وبالتحديد الفترة ما قبل العام 2015، إلا أنه مسؤول دستورياً وسياسيًا عن مراجعة كافة التشريعات التي صدرت في تلك الفترة، لا سيما وأن هذه الفترة شهدت حالة من السيولة على مستوى إنتاج العديد من القوانين التي كانت مرتبطة بشكل مباشر بملف الحقوق والحريات.

تنص المادة (158) من لائحة مجلس النواب المصري على أن رئيس مجلس النواب يعرض مشروعات القوانين المقدمة من رئيس الجمهورية أو مجلس الوزراء أو عشرة أعضاء من مجلس النواب على أول جلسة تالية لورودها أو تقديمها، بحسب الأحوال، ليقرر المجلس إحالتها إلى اللجان النوعية المختصة، وللرئيس أن يحيلها إلى اللجان النوعية مباشرة، ويخطر المجلس بذلك في أول جلسة.

أساس مشروع قانون الإجراءات الجنائية

رغم أن المخاض النهائي لقانون الإجراءات الجنائية، الذي يلاحقه الرفض المجتمعي حاليًا، سوف يُحسب للبرلمان الحالي 2020، على اعتبار المداولات المستمرة الرامية إلى إقرار القانون، إلا أن برلمان 2015 كان سباقًا في مناقشة القانون وتعديلاته المقترحة، بحسب الورقة البحثية.

جانب من اجتماع حزب مستقبل وطن لمناقشة قانون الاجراءات الجنائية 2024 - فيس بوك الحزب
جانب من اجتماع حزب مستقبل وطن لمناقشة قانون الاجراءات الجنائية 2024 - فيس بوك الحزب

أوضحت الورقة البحثية أنه في العام 2017، ذهبت العديد من الآراء إلى أن الرؤية التي كانت مطروحة آنذاك لقانون الإجراءات الجنائية كانت تتعارض بشكل كبير مع مبادئ الحقوق والحريات، خصوصًا فيما يتعلق بضمانات المحاكمة العادلة.

وفي هذا السياق، ناقش برلمان 2015 قانونًا مقترحًا للإجراءات الجنائية برقم 11 لسنة 2017 في 27 أبريل 2017، وهو المقترح الذي استهدف تعديل بعض مواد قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون 150 لسنة 1950، وقانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون 57 لسنة 1959.

وفي سياق متصل، شهد البرلمان عدم إصدار قانون "إزدراء الأديان"، وتجاهل إقرار قانون "المواطنة"، فيما شهد مناقشة مشروع قانون "لمواجهة الإلحاد" الذي أعده أمين سر اللجنة الدينية بمجلس نواب 2015، عمرو حمروش.

تضمن مشروع حمروش عقاب الملحدين بعقوبات تتراوح بين الحبس والغرامة، وهو الأمر الذي ارتبط بدلالات تناهض المادة 64 من الدستور المصري، التي نصت على أن "حرية الاعتقاد مطلقة، وحرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة لأصحاب الديانات السماوية حق ينظمه القانون"، كما أن هذا المقترح يتعارض مع المواد الدستورية التي تنص على حرية الرأي والتعبير.

أوضحت الورقة أن "أخطر ما في هذا الطرح، حتى وإن لم يناقشه البرلمان آنذاك ولم يقبله بطبيعة الحال، يتمثل في أن مسألة 'اللادينيين' وغير المؤمنين لم تعد مقتصرة في التعامل معها على النبذ المجتمعي والعنف الأمني، بل امتدت للسعي من قبل المجلس التشريعي لمأسسة التعامل القمعي مع الظاهرة".

للاطلاع على الورقة.. اضغط هنا

سقطات تاريخية كثيرة

أكدت الورقة البحثية، أن لمجلس نواب 2015، سقطات تاريخية كبيرة على مستوى الأداء الداخلي له فيما يتصل بمنظومة الحقوق والحريات، بما في ذلك قرارات الفصل التي صدرت بحق بعض النواب، ورفض تنفيذ حكم محكمة النقض بخصوص عضوية كرسي مجلس النواب عن دائرة الدقي، فضلاً عن إحالة العديد من النواب للجنة القيم ومغاقبتهم بحرمانهم من حضور جلسات المجلس، وكلها ممارسات أدت بطبيعة الحال إلى عدم شعور العديد من النواب بفكرة الأمان والاستقلالية، وانعكست على ممارساتهم ورؤيتهم تجاه القضايا الحقوقية.

شهد برلمان 2015 اسقاط تعسفي لعضوية النائب محمد أنور السادات- موقع السادات
شهد برلمان 2015 اسقاط تعسفي لعضوية النائب محمد أنور السادات- موقع السادات

شهد المجلس واقعتين بارزتين لإسقاط العضوية تمثلت في حالتي توفيق عكاشة ومحمد أنور السادات، كما امتنع المجلس عن تنفيذ حكم محكمة النقض المصرية بخصوص عضوية الدكتور عمرو الشوبكي بالبرلمان عن دائرة الدقي، وترك المقعد شاغراً بعد إقصاء أحمد مرتضى منصور بموجب حكم المحكمة، وهو الموقف الذي مثل ، بحسب الورقة البحثية، ازدراءاً لحق التقاضي كأحد أهم مبادئ الحقوق والحريات وحقوق الإنسان.

صدرت العديد من العقوبات كذلك بحرمان عدد من الأعضاء من حضور الجلسات لمدد مختلفة، بقرارات من لجنة القيم، في مؤشر طغى عليه العوامل السياسية وغابت عنه الاعتبارات الموضوعية، الأمر الذي أثر على فكرة حق النواب في ممارسة عملهم بشكل حر ومستقل دون ضغوط.

أشارت الورقة البحثية  إلى أن السردية الرئيسية التي كان يُركز عليها مجلس نواب 2015 في إطار رفضه للتعامل مع العديد من القضايا الملحة في إطار ملف الحقوق والحريات تتمثل في "مسألة الأمن القومي"، رغم أن هذه السردية كانت في غير محلها في العديد من الحالات، وتكرس لفكرة "الأمن مقابل الحريات".

شددت في توصياتها على أهمية تنفيذ الاستحقاق الدستوري المتمثل في إنشاء المفوضية المصرية لمكافحة التمييز، ومن ثم البناء على ذلك في العديد من القضايا الخاصة بالحقوق والحريات، إذ أن المفوضية سوف تضمن من جانب التعامل مع قضايا التمييز في مصر بشكل أكثر فاعلية، ومن جانب آخر سوف تكون مفتاحاً لسن العديد من التشريعات والقوانين المهمة في هذا الصدد، خصوصاً في ظل معدلات الكراهية المتنامية التي يعاني منها المجتمع المصري.

للاطلاع على الورقة.. اضغط هنا

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة