أزمة جديدة تلاحق عمال شركة كومكس الهندسية والصناعية بمدينة 6 أكتوبر، بعد سلسلة من قرارات الفصل التي طالت عشرات العاملين والعاملات في الشركة. جاء ذلك على خلفية تنظيمهم وقفة احتجاجية في نهاية أغسطس الماضي، اعتراضًا على الأجازات الإجبارية المتكررة التي فرضتها الإدارة دون دفع الأجر المستحق.
حرر العديد من العمال والعاملات محاضر في قسم الشرطة ومكتب العمل التابعين له، حيث أحيلت الشكاوى إلى المحكمة العمالية للنظر في أمر فصلهم. وفي خطوة جديدة، بدأت المحكمة أولى جلسات النظر في الدعاوى المرفوعة ضد الشركة يوم أول أمس، ما يمثل بداية الملاحقة القضائية للشركة.
تأسست شركة كومكس في عام 1986، وتضم نحو 500 عامل وعاملة، وتعمل في مجال صناعة مقابض الأبواب، واكسسوارات الموبيليا، والزجاج السيكوريت، والمفصلات، على مساحة 11000 متر مربع.
تفاصيل الأزمة
من جانبها، توضح نسمة عبد الوهاب، محامية العمال والعاملات لـ"فكر تاني"، أنها توجهت منذ بداية الأزمة إلى قسم ثاني في السادس من أكتوبر، وحررت محضر إثبات الحالة، كما حررت شكاوى في مكتب العمل المختص التابع له الشركة، للمطالبة بعودة العمال بعد صدور قرارات فصل بحقهم ومنعهم من دخول مقر العمل دون إطلاعهم على القرارات أو إيضاح الأسباب، مشيرة إلى عدم الرد من قبل الشركة إزاء كل تلك الشكاوى.
وتعتبر محامية العمال أن هذه الحالة هي الأسوأ لحالات الفصل التعسفي التي نص عليها قانون العمل رقم 12 لسنة 2003، حيث صدرت قرارات فصل جماعية ضد ما يقرب من 45 عاملاً وعاملة بالمخالفة لأحكام القانون.
وتوجهت نسمة إلى المحكمة العمالية للنظر في أمر فصل العمال، ومطالبة إدارة الشركة بالتعويض عن سنوات العمل التي امتدت في بعض الأحيان لعشرين سنة، والمطالبة بالتعويض عن الضرر المادي والأدبي الذي أصابهم جراء الفصل التعسفي.
فصل تعسفي
وتوضح وفاء عبد العظيم، إحدى العاملات المفصولات، لـ"فكر تاني"، أن إدارة الشركة قامت بفصلها بعد منعها من دخول العمل، واستدعائها من قبل المدير الإداري لإخبارها بأنه تم إنهاء عملها، وأن عليها توقيع استقالة مقابل الحصول على تعويض قدره 10 آلاف جنيه، وذلك بعد عملها بالشركة لمدة تجاوزت 16 عامًا، نتج عنها إصابتان أثناء العمل في القدم واليد اليسرى (قطع في العصب وثلاثة أوتار)، كما امتنعت الإدارة عن صرف راتب شهر سبتمبر.
![جانب من وقفة العمال](https://www.fakartany.net/wp-content/uploads/2024/11/1-4.jpg)
تؤكد وفاء أن الشركة أعدت قائمة تضم ما لا يقل عن 150 عاملة وعاملًا تمهيدًا لفصلهم، وبالفعل قامت الإدارة بفصل العشرات منهم حتى الآن عقابًا على مشاركتهم في تنظيم وقفة احتجاجية منذ أكثر من شهرين، احتجاجًا على منعهم من دخول الشركة بحجة أنهم في إجازة إجبارية. وذلك بالرغم من صدور قرار نشر في أرجاء الشركة بإجازة مدفوعة الأجر، إلا أن الإدارة امتنعت عن صرف الأجر كاملًا وخصمت منه مدة الإجازة.
وأوضحت وفاء أن الإدارة اتخذت عدة قرارات غير مبررة، منها: إيقاف وسائل النقل التي توفرها الشركة، وإيقاف صرف الوجبة، وفرض إجازة إجبارية غير مدفوعة الأجر لمدة أسبوع من كل شهر بالتبادل بين عمال المصنع. وفرضت تلك الإجازة مرتين خلال العام الماضي، وثلاث مرات خلال العام الحالي، مما دفع العمال لتنظيم وقفة احتجاجية داخل أسوار الشركة منذ شهرين.
وبحزن شديد، تتساءل العاملة، التي تعول أسرتها بعد وفاة زوجها: "راتبي لا يتخطى 6 آلاف جنيه، وأعمل منذ عام 2008 في قسم الفرز. لكن ماذا يعني إجباري على إجازة لمدة أسبوع غير مدفوعة الأجر إلا أن راتبي سينخفض إلى الربع؟ ولمصلحة من يتم ذلك؟".
وأشارت وفاء إلى أنهم سبق أن توجهوا إلى المصنع ليتفاجأوا بإجبارهم على إجازة. وعندما طالبوا بالعودة للعمل، استدعت الإدارة مكتب العمل وقسم الشرطة، اللذين أكدا لهم عدم تكرار الإجازة الإجبارية. ومع ذلك، لم يُنفذ هذا الوعد حتى صدر قرار فصلهم.
لا اعتبار للقانون
![جانب من وقفة العمال](https://www.fakartany.net/wp-content/uploads/2024/11/2.jpg)
ويضيف إيهاب حسني، عامل في قسم السبك منذ عام 2013، أنه تم فصله ضمن مجموعة وصل عددها إلى 45 عاملًا وعاملة. وأكد أن الإدارة طلبت منه التوقيع على استقالة مقابل صرف تعويض نصف شهر عن كل سنة عمل، وذلك بالمخالفة للقانون، وفق قوله. وعندما رفض، أبلغته الإدارة بأنه لن يحصل على أي مستحقات، بما في ذلك راتب شهر سبتمبر، الذي امتنعت عن صرفه.
وأوضح "حسني" أنه حرر شكوى في مكتب العمل، والتي أحيلت بدورها إلى المحكمة العمالية بعد مضي 21 يومًا للنظر في أمر فصله. وأشار إلى أن الدعوى تم تأجيلها بعد الجلسة الأولى إلى يوم 17 ديسمبر المقبل.
وأشار حسني إلى أن راتبه يبلغ 6,500 جنيه بعد 11 عامًا من العمل، تعرض خلالها لما وصفه بالتعسف من قبل الإدارة. وأوضح أن الإدارة تعمدت الخصم من راتبه بشكل متكرر بسبب إجازاته الاضطرارية لمتابعة حالة ابنه المريض بمرض في المخ. وقال إنه في إحدى المرات، صرفت له الإدارة راتبًا قدره 150 جنيهًا فقط بعد غياب 8 أيام.
وأكد حسني أن قرارات الفصل الصادرة عن الإدارة جاءت على خلفية الوقفة الاحتجاجية التي شارك فيها عمال المصنع. وتهدف الوقفة إلى المطالبة بوقف الإجازات الإجبارية، وعودة صرف الوجبة ووسائل النقل الخاصة بالعمال.
صدمة عمالية
لم يختلف وضع نسرين سعيد عن باقي زملاءها فقد مُنعت من دخول مقرعملها، وتم إبلاغها بقرار فصلها، كما تم تهديدها بتلفيق قضية سرقة في حال رفضها التوقيع على الاستقالة مقابل تعويض نصف شهر عن كل سنه عمل.
![يفتقد العمال الأمان الذي تؤكده الشركة في دعاية لها - فيس بوك](https://www.fakartany.net/wp-content/uploads/2024/11/417424900_806358494839698_1870563133765115650_n-e1732179147367.jpg)
وتقدمت نسرين بشكوى لمكتب العمل وحررت محضر في قسم الشرطة بالواقعة، مؤكدة أن كل هذا التعسف سببه الوقفة الاحتجاجية التي نظمها العمال احتجاجا على الأجازة الإجبارية غير مدفوعة الأجر.
وتساءلت نسرين:" هل من المنطقي أن تجبر الإدارة العمال على الأجازة ثم تقوم بخصم ربع الراتب بسبب الأجازة؟!، مضيفة أن العمال حررت محضر جماعي في مكتب العمل يوم الوقفة الاحتجاجة يثبت رفضهم الأجازة وإصرارهم على الاستمرار في العمل بشكل متواصل".
وتعاني نسرين من أمراض بسبب طبيعة عملها، بعد نقلها من قسم التجميع لقسم الطلاء مما جعلها عرضة للمواد كيماوية التي أصابتها بالتهاب في الرئة والشعب الهوائية، وتآكل في مفصل الركبة بسبب كثرة العمل على الماكينة.
وتوضح نسرين أن إدارة الشركة أبلغتها أن القرار صادر عن رئيس مجلس الإدارة بحجة أن كفاءتهم أصبحت قليلة ودون المستوى، وعندما طالبت بالرجوع لرئيس القسم ، الذي أقر بكفاءتها في العمل هى وزملاءها، تجاهلت الإدارة تقريره وقامت بفصلها.