عقدت حملة “نحو قانون عادل للإجراءات الجنائية” مؤتمرًا صحفيًا، اليوم الخميس، في مقر المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بالدقي، لعرض أسباب رفض مشروع قانون الإجراءات الجنائية الحالي، ومناقشة مقترحات تعديل نصوصه لتحقيق توافق مع الدستور وضمان حقوق الأفراد، حيث قدم القائمون على الحملة مشروعًا بديلًا لقانون الإجراءات الجنائية، عملت عليه مجموعة من محامين/ات الحريات وحقوقيين/ات ونقابيين/ات ومحامين/ات مستقلين/ات، اجتمعوا بدعوة من مكتب “دفاع – خالد علي للمحاماة”، وباستضافة من مؤسسة “الحق لحرية الرأي والتعبير- طارق خاطر وشادي أمين”.
خلال المؤتمر، قدم المحامي خالد علي، تعريفًا بالحملة، مشيرًا إلى أنها لا تمثل منظمة حقوقية بعينها أو حزبًا سياسيًا، بل هي تجمع من محامي الحريات والحقوقيين والمستقلين الذين ناقشوا المشروع الحكومي فور صدوره.

للاطلاع على مقدمة القانون البديل.. اضغط هنا
للاطلاع على نص القانون البديل.. اضغط هنا
وأضاف علي أن فكرة مناقشة المشروع جاءت بشكل جماعي لتعزيز رؤيتهم المهنية، خصوصًا مع عدم طرح نقابة المحامين رؤيتها على الأعضاء، رغم صياغتها لموقف مسبق. كما أشار إلى الجهود المبذولة من نقابة الصحفيين عبر ورش عمل أفضت إلى أوراق مكتوبة قُدمت للبرلمان. وتحدث علي عن دعوة “مكتب دفاع خالد علي” للمهتمين واستضافة المناقشات في مركز “الحق لحرية الرأي والتعبير”.
وحصلت منصة “فكّر تاني” على نسخة من القانون البديل للإجراءات الجنائية الذي أصدرته حملة “نحو قانون عادل للإجراءات الجنائية”، بمشاركة عدد من مؤسسات المجتمع المدني والحقوقيين والمحامين، بعد عقد 15 ورشة عمل لمناقشة مشروع القانون المقترح من قبل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب.
في الفترة الماضية، توسعت دائرة المعترضين على مشروع قانون الإجراءات الجنائية المطروح أمام النواب، فشملت نقابة الصحفيين، ونادي قضاة مصر، وجموع المحامين والحقوقيين، وضمت أيضًا الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، الذي سجل رفضه من حيث المبدأ على مشروع القانون في أولى جلسات مناقشاته العامة بالبرلمان.
كما أرسل 7 مقررين خواص بالأمم المتحدة خطابًا إلى السلطات المصرية في 8 نوفمبر الجاري، أعربوا فيه عن مخاوفهم من التعديلات المقترحة، والتي تمنح صلاحيات موسعة لموظفي إنفاذ القانون والمدعين العامين دون مراجعة قضائية، مشيرين إلى صياغات فضفاضة تهدد ضمانات المحاكمة العادلة. وحذروا من أن بعض التعديلات قد تنتهك الدستور المصري وتحد من الحقوق المحمية دستوريًا.
نصوص بديلة
كان من المشاركين في وضع مشروع القانون البديل المحامون: ندى سعد الدين، ووئام قاسم، وآيات حمادة، وماهينور المصري، وأسماء نعيم، وهالة دومة، وسارة ربيع علي سليمان، ومحمد ناصف، وهيثم محمدين، وأحمد أبو حنيش، وباسل خالد، ومختار منير، وأحمد أبو العلا ماضي، ومحمد عزب، وإسلام سلامة، ومحمد شعبان، ونبيه الجنادي، وعمر عيد، وأحمد معوض، وعبد الله عبد الكريم، وخالد الأنصاري، ومحمد فتحي، وهشام رمضان، وممدوح جمال الدين، وشادي أمين، وطارق خاطر، وخالد علي.

وتناول المشروع البديل كل جوانب المشروع المطروح وعلاقته بالدستور المصري والاتفاقيات الدولية وباقي التشريعات الوطنية الأخرى والتطبيقات القضائية.
وتم ذلك في ورش عمل مكثفة، اتفق المشاركون/ات فيها من حيث المبدأ على رفض مشروع قانون الإجراءات الجنائية الذي تقدمت به اللجنة التشريعية لمجلس النواب، وما أعقبه من موافقة مجلس النواب على مناقشة المشروع من حيث المبدأ، في 3 نوفمبر الجاري.
وأكد المشاركون في المشروع البديل أنهم عملوا جاهدين على وضع نصوص ومقترحات بديلة لمواد المشروع، قد تسهم في توضيح الصورة لدى أعضاء مجلس النواب وتحسين نصوص المشروع عند مناقشته والتصويت عليه.
وأعد المشاركون في الحملة جدولًا تضمن نص المشروع المقترح من اللجنة التشريعية، ونص قانون الإجراءات الجنائية الحالي رقم 150 لسنة 1950، والتعديلات المقترحة من جانبهم بالحذف والإضافة، والتي شملت 184 مادة من المشروع، موضحين بها أسباب اقترحاتهم.
الهدف من إعداد القانون
وأشار المشاركون بالمشروع البديل أن الهدف من تعديل قانون الإجراءات الجنائية هو أن القانون بصفة عامة له دور أساسي في تحويل السياسات والأهداف العامة للدولة إلى قواعد تشريعية فاعلة لدعم مسار التنمية، ورفع لواء العدل بين المواطنين، وتعزيز السلم الاجتماعي، وتأسيس حالة الرضا المجتمعي، وفتح الآفاق أمام الجميع نحو مستقبل أفضل، عبر صياغة جيدة للتشريع ومتناسقة، منسجمة مع بعضها البعض، بصورة تمكّن من تحقيق أهداف التشريع في إطار من سهولة التطبيق دون غموض أو لبس يخرجه عن مضمونها، ومن بين جميع التشريعات.
عرض المشاركون في المشروع البديل أسبابًا عدة لرفض مشروع القانون، منها أن مصر بحاجة إلى قانون جديد للإجراءات الجنائية يتوافق مع مبادئ الدستور المصري والتطورات الحديثة التي يشهدها العالم، بينما لا يُلبي المشروع المطروح طموحات الشعب المصري، خاصة وأن أكثر من 70% من بنية هذا المشروع هي تكرار لقواعد واردة في القانون الحالي.
وكان من أسباب الرفض أيضًا أن المشروع لم يقدم جديدًا، حتى وإن تم تعديل بعض الصياغات، إذ إن ذلك لم يمس جوهر القواعد، بل انتقص المشروع من بعض الضمانات التي يكفلها القانون الحالي مثل تعريف حالات الخطر التي تتيح دخول المنازل دون إذن النيابة العامة أو موافقة أصحابها، وكذلك الآثار الخطيرة التي رتبها المشروع على الأحكام الغيابية.
للاطلاع على مقدمة القانون البديل.. اضغط هنا
للاطلاع على نص القانون البديل.. اضغط هنا
سبب آخر للرفض، وفق الحملة، هو أهمية التعاطي مع كافة الوسائل الحديثة لتطوير منظومة العدالة الجنائية، إلا أن المشروع اهتم بهذه الوسائل في شأن طريقة الإعلان وآثاره، وإمكانية عقد التحقيقات والمحاكمات عن بعد باستخدام الوسائط الإلكترونية، دون أن يولي ذات الاهتمام لهذه الوسائل في تطوير منظومة حقوق المتهم ودفاعه وضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة. فقد خلا التشريع من أي نصوص تتيح تصوير عمليات القبض والتفتيش، وكذلك تصوير جلسات التحقيق والمحاكمة العلنية بالصوت والصورة، لتكون تلك الفيديوهات جزءًا مكملاً ومتممًا ومصححًا للإجراءات الجنائية الورقية.

وأوضح المشاركون في المشروع البديل أنه لم يتم تمكين المتهم ودفاعه من الحصول على نسخة كاملة منها، سواء كان التحقيق والمحاكمة عن بعد أم لا، ليتمكن من إعداد دفاعه في جميع مراحل الدعوى الجنائية.
انتقادات عديدة
انتقد المشروع البديل للحملة تكريس المشروع الحكومي لبعض النصوص التي لا تحارب الفساد بشكل حقيقي، ولا تكفل تحقيق الردع العام أو الخاص بشأن جرائم بالغة الأهمية، حيث تتيح التصالح في جرائم الاعتداء على المال العام والعدوان عليه والغدر في جميع مراحل الدعوى الجنائية، بما في ذلك بعد صيرورة الحكم باتًا، أي بعد صدور حكم بإدانة المتهم من محكمة النقض، وفق ما جاء في المشروع.
وأشارت الحملة إلى أنه إذا تم التصالح أثناء التحقيقات أو المحاكمة، فإن الدعوى الجنائية تنقضي بجميع أوصافها طالما لم يصبح الحكم باتًا (أي بعد صدور حكم محكمة الجنايات في الدرجة الأولى والثانية بإدانة المتهم).
وأضافت حملة مشروع القانون البديل أن المشروع المقدم من الحكومة لم ينص على حرمان هذا المتهم المدان بعد تصالحه من تولي الوظائف العامة أو مباشرة الحقوق السياسية، وبعد صدور الحكم من محكمة النقض، يترتب على التصالح وقف تنفيذ العقوبة، ليس للمتهم الذي تصالح فقط، بل لجميع المتهمين.
ولفتت الحملة إلى أن التوسع في منح السلطات لمأموري الضبط القضائي يتجاوز مرحلة جمع الاستدلالات إلى القيام بعمل أو أكثر من أعمال التحقيق التي تختص بها النيابة، مثل سماع أهل الخبرة، وتحليفهم اليمين، وإصدار أوامر الضبط والإحضار واستجواب المتهم (المواد 31، 39، 63 من المشروع).
المادة 116 والسلطات الواسعة للنيابة
في تصريحاته خلال المؤتمر، قال المحامي الحقوقي خالد علي: “طالبنا بحذف المادة 116، لأنها تتوسع في منح سلطات واسعة للنيابة العامة على حساب القاضي الطبيعي”.
وبينما ناشد خالد علي كل أعضاء مجلس الشعب النظر في المادة 116، أضاف: “لابد من إلغاء تلك المادة والعودة إلى مواد القانون القديم قبل عام 2008، حيث تظل قاعدة أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته هي الأساس. كما أنها منحت النيابة حق التسجيل دون حد زمني أقصى، على نحو يتجاهل السبب الأساسي لمراقبة الاتصالات، فهي بالأساس وسيلة للكشف عن الجريمة بعد ارتكابها، وليست وسيلة لجمع التحريات والمعلومات قبل وقوع الجريمة”.
ومن جانبه، أضاف المحامي علي سليمان، أن القانون يفترض له أن يستهدف حماية حقوق وحريات المواطنين، مشيرًا إلى أن بعض الدول اعتبرت المحقق قاضيًا وليس مجرد موظف قانوني، في حين أن دولًا أخرى، مثل مصر، تضع سلطة الاتهام في يد النيابة العامة.
للاطلاع على مقدمة القانون البديل.. اضغط هنا
للاطلاع على نص القانون البديل.. اضغط هنا
وتطرق “سليمان” إلى التوسع المفرط في منح سلطات لمأموري الضبط القضائي، منتقدًا مشروع القانون الذي يمنح الضبطية القضائية تقريبًا لجميع العاملين في الشرطة، بدءًا من أمناء الشرطة والمساعدين وصولًا إلى شيوخ الغفر، رغم أن هؤلاء قد لا يكونون مؤهلين لأداء هذا الدور.
