المرض الغامض بأسوان.. الصحافة المحلية ضحية “حكومة كله تمام”

لا صوت يعلو فوق صوت الحكومة وبياناتها الرسمية. كانت هذه الفكرة مثار اهتمام السلطات المحلية والحكومة منذ اللحظات الأولى للحديث عن الأزمة الأسوانية، التي عُرفت إعلاميًا فيما بعد بأزمة “المرض الغامض”، تحت ضغط مواقع التواصل الاجتماعي.

لعبت “السوشيال ميديا” دورًا مهمًا في إثارة الاهتمام بصوت الجماهير، فيما غابت الصحافة المحلية، التي تسيطر عليها أجهزة الدولة ومؤسساتها الصحفية الرسمية بشكل كبير. ولم تحظَ بوابة مصر الجنوبية بتغطية ميدانية مستقلة نزيهة في تلك الأزمة، وفقًا لمراقبين وأهالي تحدثوا لـ”فكر تاني”.

وركزت السلطات المحلية منذ بداية الأزمة في 11 سبتمبر على اتهام من يتحدث عبر مواقع التواصل الاجتماعي بنشر الشائعات. وكان لافتًا تركيز اللواء إسماعيل كمال، محافظ أسوان، على تكرار تلك الاتهامات، مستخدمًا ورقة الإضرار بـ”الموسم السياحي”، دون الحديث عن القصور المحلي.

ورفعت الرواية الحكومية شعار “كله تمام”، وهو ما ظهر في تصريحات خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، في الساعات الأخيرة. وهذا يطرح علامات استفهام حول سر قصور الصحافة المحلية في تغطية الأزمة.

كيف اختبر المواطنون “المرض الغامض”؟

بعيدًا عن تلك الجلبة، كانت “سعدية العمدة”، المواطنة الأسوانية القاطنة في نجع الجديد تعيش لحظات مضطربة بسبب ما يُقال عن المرض الغامض، بعدما شعرت بمغص شديد لمدة 3 أيام متواصلة بالتزامن مع بدء الجدل حول المرض، وفق ما قالت لـ”فكر تاني”.

مواطنون في طرقات إحدى المستشفيات بأسوان أثناء العلاج
مواطنون في طرقات إحدى المستشفيات بأسوان أثناء العلاج

توجهت “سعدية” إلى طبيب خاص شخص حالتها بالتهاب في المعدة، حيث لم تجد الأدوية نفعًا معها. وبعد يومين، اشتد الألم ورافقته أعراض تشبه أعراض النزلة المعوية مثل القيء والإسهال الشديد، دون معرفة السبب، الذي بات جليًا بعد اضطرارها لدخول المستشفى، حيث فوجئت بالعشرات من أبناء النجع الجديد الذي تسكنه وأسرتها، والنجوع المجاورة التابعة لقرية أبو الريش.

لم تظهر الأعراض على “سعدية” فقط، بل ظهرت أيضًا على زوجها وابنتها البالغة من العمر 18 عامًا.

قضت “سعدية” عدة ساعات في المستشفى، تلقت خلالها “كشفًا خارجيًا سريعًا على البطن، وقياسًا للضغط، مع أخذ عينة دم للتحليل”، وبعدها أكدت لها الطبيبة أنها لا تجد أي مرض محدد مُسبب لحالتها، لكن كتبت لها روشتة طلبت منها صرفها عقب خروجها من المستشفى، تضمنت مضادًا حيويًا ومطهرًا معويًا.

تؤكد “سعدية” أن أحدًا لم يحصل على عينة من مياه الشرب من منزلها، وحتى نتائج التحاليل لم تُحصل على نتيجتها حتى كتابة هذا التقرير.

اقرأ أيضًا: البلشي: كلنا سجناء لحظة “يناير”.. ومن الخطورة انحياز الصحفيين للسلطة وقت معاناة الناس (حوار)

أشارت “سعدية” إلى أن حالة ابنتها في تدهور بسبب رفضها السابق لشرب المياه المعدنية، أما حالة زوجها فقد تحسنت بعد توقفه عن استخدام مياه الحنفيات في الشرب، بل أيضًا بسبب استمرارها وزوجها في بلع فصوص الثوم السليمة يوميًا، وفق ما تعتقد.

في المقابل، قالت النائبة ريهام عبد النبي، عضوة مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، في بيان وصلت “فكر تاني” نسخة منه، إن وزارة الصحة تحركت فور رصد الحالات وتمت السيطرة عليها، وبدأت حالات النزلات المعوية في الانخفاض، كما سحبت الوزارة عينات من المصابين لتحليلها.

كذلك، أشارت النائبة إلى تواصلها مع مسؤولي شركة المياه بأسوان للتأكيد من تعقيم المياه، موضحةً أن وفدًا من الشركة زار القرى والبيوت وشرب من المياه داخل المنازل أمام المواطنين لطمأنتهم.

رغم آثاره.. لا معلومات عن “المرض الغامض”

يشتكي مواطنون في محافظة أسوان من تجاهل المسؤولين دائمًا للشكاوى، قبل نشر معلومات على مواقع التواصل الاجتماعي تفيد بانتشار حالات القيء والإسهال، وأحيانًا ارتفاع درجات الحرارة في قرية أبو الريش.

وتنتشر الشائعات التي تربط هذه الأعراض بوباء الكوليرا، خاصة بعد تداول أنباء عن انتشار الوباء في عدة مناطق بالسودان، الذي تستقبل أسوان الفارين من الحرب الأهلية به، وفق ما يفيد به أحمد عبد الملك، أحد سكان القرية لـ”فكّر تاني”.

يوضح عبد الملك أن الأزمة بدأت يوم الأربعاء 11 سبتمبر، ووصلت إلى ذروتها يوم السبت 14 سبتمبر، حيث سجلت القرية في الأيام الثلاثة الأولى نحو 200 حالة، كما دخل عدد من المصابين في مرحلة الفشل الكلوي، وتوفيت سبع حالات من أعمار مختلفة، حسب المعلومات التي حصل عليها. لم يتسن لـ”فكر تاني” التأكد من مصدر محايد.

لازال في مستشفيات أسوان حالات خاضعة للعلاج وفق البيانات الرسمية
لا تزال في مستشفيات أسوان حالات خاضعة للعلاج وفق البيانات الرسمية

وأعلن محمد عوض تاج الدين، مستشار رئيس الجمهورية لشئون الصحة والوقاية، مساء أمس الثلاثاء، وفاة 5 حالات بين مصابي أسوان، يعانون أمراضًا مزمنة، مؤكدًا أنه لا يمكن ربط الوفاة بتلوث مياه الشرب والإصابة “بكتيريا الإيكولاي”، بصورة قاطعة.

“الذعر أصاب أهالي أسوان، ووصل إلى رواد السوشيال ميديا حتى أصبح السؤال المعتاد إيه اللي بيحصل في أسوان حد يفهمنا. بدأ عدد من الأهالي في نشر فيديوهات عبر حساباتهم الشخصية لتوضيح ما يحدث لهم، وطالبوا المسؤولين بتحليل المياه للوقوف على أسباب الأعراض، حيث اعتبر الأهالي المياه هي العامل المشترك الأوسع بين المرضى”؛ يقول عبد الملك.

وهو يضيف أن أحدًا من المسؤولين لم يتحرك إلا بعد التصعيد من قبل الأهالي والكتابة على مواقع التواصل الاجتماعي وتنظيم وقفة احتجاجية من قبل الأهالي يوم الجمعة الماضي.

أزمة الصحافة المحلية في مصر

 

“مش هنتعامل مع الصحافة لو مش هتنقل صوتنا”؛ يضيف ابن قرية أبو الريش بمحافظة أسوان، مؤكدًا أن الصحافة المحلية تعمدت نقل كلام المسؤولين، دون الاكتراث بصوت الأهالي والمرضى، وفق ما قاله عبد الملك

ويوضح أن المراسلين المحليين اكتفوا بنقل البيانات الرسمية فقط، بينما “السوشيال ميديا” نقلت صوت أسوان لكل مؤسسات الدولة، ما جعل الجميع يتحرك للاطمئنان بعد إنكار وتجاهل.

بدوره، يشير محمد سعد عبد الحفيظ، وكيل نقابة الصحفيين ورئيس لجنة التدريب، إلى وجود أزمة حرية تلاحق الصحافة المحلية في ظل القيود المفروضة على الصحفيين في المحافظات. ويضيف أن رؤساء التحرير يميلون إلى المصدر الرسمي المعلن على حساب المصادر الميدانية والمصدر غير المعلن المتردد في الإفصاح عن اسمه.

اقرأ أيضًا: تضامن واسع مع نقيب الصحفيين.. ومطالب باعتذار “التشريعية”.. والمحصلة: بيان تصحيح أخطاء

محمد سعد عبد الحفيظ وكيل نقابة الصحفيين - فيس بوك
محمد سعد عبد الحفيظ وكيل نقابة الصحفيين – فيس بوك

ويضيف “عبد الحفيظ” أن فكرة الاشتباك الميداني مع القضايا المطروحة أصبح غير متاح، باستثناء عدة منصات، جزء منها محجوب، بينما باقي المؤسسات بها من يحاول وبها من رفع الراية البيضاء نتيجة المناخ غير المناسب.

ويوضح وكيل النقابة “يجب علينا أن نطالب وندفع في اتجاه تهيئة المناخ مرة أخرى للصحافة والصحفيين، وإزالة القيود والحصار حتى نستطيع أن نصنع محتوى يؤدي المهمة الأساسية للصحافة، وهي نقل المعلومات وإخبار الناس”.

“أي سلطة في العالم لا تفضل ألا يسمع صوت غير صوتها، وتحتاج لصحافة لتلميعها، وترفع من رصيدها الشعبي عند الجمهور، لكن في المقابل الجماعة الصحفية تعلم جيدًا أن مهنتنا هى تعرية المؤسسات، لأننا بنشتغل عند الجمهور، وبالتالي نحن أعين الجمهور على مؤسسات الحكم ولكن ما يحدث هو القلق والخوف من المسائلة والخوف من الملاحقة والخوف على لقمة العيش”؛ يقول عبد الحفيظ.

ويؤكد رئيس لجنة التطوير بنقابة الصحفيين أن الوضع الحالي يستدعي إعادة النظر في مجموعة القوانين والتشريعات التي تقيد حرية الصحافة في مصر. ويوضح أن هناك العديد من المواد التي تتعلق بقضايا النشر والعلانية، رغم أن الدستور قد حظر هذه الاتهامات.

ويشير إلى أن قانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم 180 لسنة 2018 يمثل أزمة حقيقية، حيث يحتوي على مواد تقيد العمل الصحفي بدلًا من تنظيمه بشكل فعال. وبهذا، يشدد عبد الحفيظ على ضرورة العمل على إصلاح هذه القوانين لضمان حرية الصحافة وتهيئة المناخ الملائم لها.

حراس بوابات الصحف

يعاني الصحفيون المحليون في مصر من تعقيدات أمنية وضغوط متعددة تعوقهم عن أداء مهامهم المهنية، وهو ما تجلى بوضوح خلال أزمة تغطية الأوضاع الصحية بأسوان، كما يشير الصحفي تامر المهدي في حديثه لـ “فكر تاني”.

يوضح “المهدي” أن تعامل السلطة المحلية مع الصحفيين يحول دون أداء واجبهم المهني. ويكشف أنه تعرض سابقًا لتعسف من قبل محافظ الدقهلية السابق، أيمن مختار، بعد انتقاده له، هو وصحفيتين من “المصري اليوم” و”بوابة الأهرام”.

ورغم عدم تجاوزهم في حق المحافظ، تفاجأ المهدي وزملاؤه بمنعهم من دخول المحافظة وحذفهم من مجموعة الواتساب الخاصة بالصحفيين، والتي تستخدم لتبادل البيانات والصور المتعلقة بالمحافظة.

تامر المهدي
تامر المهدي

في هذه الواقعة، رفع الصحفيون الثلاثة دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري، التي أصدرت حكمًا يسمح لهم بدخول محافظة الدقهلية ومتابعة عملهم. لكنهم فوجئوا بأن المحافظ رفع دعوى ضدهم لمنعهم من دخول المحافظة، ما أدى إلى عدم قدرتهم على دخولها حتى انتهاء فترة توليه المنصب، رغم تدخل نقابة الصحفيين وبعض المهتمين بالموضوع.

يعوّل الصحفي تامر المهدي على تطوير الصحافة المحلية من خلال التدريب، مستشهدًا بتجربته في مؤسسة “أولاد البلد للخدمات الإعلامية” التي كانت تقدم تدريبات مستمرة للصحفيين المحليين، بهدف التحول إلى مفهوم الصحافة الحقيقي من خلال التواجد في قلب الحدث وكيفية صناعة المحتوى بشكل متكامل. ورغم نجاح التجربة في بدايتها، إلا أنها واجهت عدة عراقيل.

هنا، يقول وكيل نقابة الصحفيين محمد سعد عبد الحفيظ إن النقابة قدّمت عددًا من التدريبات المهنية خلال السنة الماضية خارج القاهرة، بالإضافة إلى تدريبات أخرى موزعة جغرافيًا في الإسكندرية وغرب الدلتا، ومحافظات القناة وشرق الدلتا، والصعيد.

ويضيف أن التركيز على غياب التطوير والتدريب فقط كسبب لأزمات الصحافة، دون الإشارة إلى القيود التعسفية التي يواجهها الصحفيون، يُعد جزءًا من الظلم الذي يتعرض له الصحفيون في جميع أنحاء مصر. ويوضح أن تجربة مركز التدريب بالنقابة ساعدت الصحفيين في الحصول على دورات تدريبية متقدمة، أثبتت تميزهم من خلال إنتاج مشروعات منافسة وجريئة.

ويشير وكيل النقابة إلى أنه عندما يعود الصحفي إلى بيئة العمل بعد التدريب، يواجه مؤسسات محاصرة بمجموعة من القيود التشريعية والممارسات، مع وجود “حراس بوابة” ممثلين في بعض قيادات التحرير الذين يتبرعون بالمنع خوفًا من أي محتوى قد يسبب مشكلات مع السلطة.

ويتفق “المهدي” مع وكيل النقابة في أن الأزمة ليست فقط في التدريب والتطوير، بل في القيود المفروضة على الصحفيين الجريئين، الذين يُنظر إليهم على أنهم منبوذون من المجتمع وإدارة التحرير.

ويشير “المهدي” إلى أن العام الحالي لم يشهد أي تحقيقات استقصائية أو تقارير صحفية من النوع الثقيل في المحافظات، مشددًا على أن أي محتوى جريء يأتي غالبًا من مؤسسات صحفية خارجية مثل مؤسسة “أريج”، التي تتحمل التكاليف وتنشرها، بينما تظل المؤسسات المصرية عاجزة عن مخالفات المسؤولين، واصفًا هذا المشهد بـ “العبثي”.

ويطالب “المهدي” بإطلاق حرية الصحافة من دون قيود، وتعزيز حرية تداول المعلومات، مؤكدًا أن الصحفي الذي يعتمد فقط على البيانات هو “محولجي وليس صحفيًا”.

قصور الأداء المحلي

“الدولة لا تخفي أي شيء في تعاملها مع الحالات المرضية في أسوان”؛ هكذا أوضح الوزير خالد عبدالغفار في مؤتمر صحفي في الساعات الأخيرة، مشيرًا إلى إجراء 11 مداخلة تلفزيونية، وإصدار 23 بيانًا صحفيًا، إلى جانب نشر فيديوهات وإنفوجرافات للتوعية بالأزمة، مؤكدًا أن ما يتردد على مواقع التواصل الاجتماعي غير صحيح ونسبة الإشغالات بمستشفيات أسوان حاليًا حوالي 37%.

الصوت الحكومي احتكر الرواية في أزمة المرض الغامض بأسوان جنوبي البلاد وسط تساؤلات عن دور الصحافة المحلية في كشف الحقائق - فيس بوك
الصوت الحكومي احتكر الرواية في أزمة المرض الغامض بأسوان جنوبي البلاد وسط تساؤلات عن دور الصحافة المحلية في كشف الحقائق – فيسبوك

وأضاف نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان، أن متوسط تردد الحالات على مستشفيات أسوان تراوح ما بين 18 و19 حالة على مستوى جميع مستشفيات المحافظة، وهو معدل منخفض مقارنة بحجم المحافظة وتعداد السكان فيها.

وأضاف الوزير الذي تصدر مشهد الرد الحكومي أن عدد حالات التردد على المستشفيات بلغ 480 حالة، كانت في معظمها حالات بسيطة، وفق تقديره، عدا 168 حالة احتاجت إلى دخول الأقسام الداخلية بالمستشفيات، بسبب تأخر توجهها للمستشفى، حيث خرجت 49 حالة وباقي 78 حالة يتماثلون للشفاء، إضافة إلى 36 حالة في العناية المركزة لكونهم من أصحاب الأمراض المزمنة.

وأكد الوزير أنه تم التأكد من سلامة مياه الشرب في جميع محطات المياه بأسوان من خلال سحب عينات من عدد من المحطات لفحصها، مشيرًا إلى أن هناك نظام لحوكمة مياه النيل تشترك فيه أكثر من وزارة، إضافة إلى وجود منظومة معقدة للاطمئنان على صلاحية مياه الشرب في الظروف العادية.

وأكد أن السبب الرئيسي للإصابة بالنزلات المعوية في أسوان بكتيريا تسمى “الإيكولاي” وهي عدوى بكتيرية قولونية، موضحًا أن تلك السلاسة من الميكروبات تنتقل نتيجة اختلاط مياه الشرب بالصرف الصحي، وفي بعض الأحيان تسبب مرضا شديدًا، خصوصًا للمصابين بضعف المناعة وتؤدي لتقلصات شديدة في المعدة وإسهال وقيء.

كما لفت إلى أن الأعراض تتراوح من يوم لـ5 أيام، ويمكن أن تنتقل العدوى بين الأشخاص، ولذلك ينصح بضرورة الالتزام بقواعد النظافة الشخصية للوقاية من العدوى بالبكتيريا، مشددًا على أن الأزمة ستنتهي بالكامل خلال 7 أيام.

في حين أشار “عبد الملك” ابن قرية أبو الريش، إلى القصور المحلي، وغياب المحليات، قائلًا: “مرشح المياه قديم ويعمل يدويًا بإضافة الشبه والكلور.

وقد حرر الأهالي منذ فترة عددًا من الشكاوى لشركة مياه الشرب والصرف الصحي ضد العاملين بالمحطة، بعد أن اكتشفوا أن بعض العاملين يبيعون الكلور والشبة، ويفصلون المياه عن القرية لفترات طويلة.

ويعتقد “عبد الملك” وآخرون من قريته أن سبب الأعراض، بسبب تلوث المياه، لأنها العامل المشترك بين الجميع، خاصة أن القرية تتغذى على محطة مياه شرب واحدة، تغير لون مياهها وطعمها منذ فترة، وفق تأكيده.

ويشير إلى أن هناك خوف بين الأهالي في جميع النجوع التابعة لقرية أبو الريش، مع بداية العام الدراسي الجديد، خاصة مع استخدام الأطفال لمياه الشرب في المدارس، ما دفع الكثير منهم للمطالبة باتخاذ قرار لتأجيل الدراسة لمدة أسبوع لحين استقرار الأمور والاطمئنان لسلامة المياه.

المحافظ يروج لنظرية المؤامرة

متجاهلًا الحديث عن القصور المحلي، يصر اللواء إسماعيل كمال محافظ أسوان، في أحاديثه على التمسك بـ”نظرية المؤامرة”، ويقود حملة تخويف ضد نشر أي بيانات حول الأوضاع في أسوان، مبررًا ذلك بضرورة “الحفاظ على الموسم السياحي”.

وتعتبر أسوان أفضل مشتى سياحي، ومتحف مفتوح، بها المئات من المواقع الأثرية، والمباني الفندقية.

ولكن تطور الأحداث، أجبر المحافظ على الخروج عن تلك السردية، حيث التقى عدد من الأهالي يوم السبت الماضي، عقب وقفة احتجاجية نظموها الجمعة الماضية، ضد الإهمال المحلي، وتم الاتفاق على البدء في مشروع إنشاء شبكة صرف صحي للقرية، بعد مطالبات كثيرة من الأهالي تم تجاهلها لفترة طويلة.

بدء أعمال متأخرة منذ 2010 في الصرف الصحي بعد الأزمة الصحية - فيس بوك محافظة أسوان
بدء أعمال متأخرة منذ 2010 في الصرف الصحي بعد الأزمة الصحية – فيس بوك محافظة أسوان

كما وعدهم المحافظ بربط شبكة المياة المغذية للقرية بشبكة مياه الشرب والصرف الصحي بأسوان مباشرة.

اللافت أن محافظة أسوان في بيان رسمي الثلاثاء 24 سبتمبر، بدء العمل في مشروعات الصرف الصحى لقرى أبو الريش بحرى وقبلى بأسوان والرقبة بدراو، والتي كانت من المشروعات المتعثرة ، ومتوقف العمل فيها منذ عام 2010، وفق نص بيانها.

واعترف شريف الشربيني وزير الإسكان والمجتمعات العمرانية، في تصريحات رسمية، بأن “الصرف الصحي وصل إلى 92% من قرى أسوان فقط”، فيما يتبقى 8% من القرى في انتظار مجهول جديد كما يرى البعض.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة