كتب – حسن القباني – معتز ودنان – داليا موسى
في حواره مع منصة “فكر تاني”، أجاب المفكر والأكاديمي الدكتور زياد بهاء الدين، نائب رئيس الوزراء وزير التعاون الدولي الأسبق، عن مبادرته لإحياء المسار الديمقراطي التي لم تجد لها مكان في 2013، بأنها قابلة لإعادة الإحياء في ظرفنا السياسي والاقتصادي الراهن، وأن قناعته بكل ما جاء فيها لم تتغير، مبديًا تقبلًا لإدخال كل تطوير عليها يحيلها من مرحلة الجمود إلى التفعيل، في سبيل إنهاء الوضع المصري المأزوم، بإيمان أن الديمقراطية “ليست ضربة واحدة وإنما خط له بداية ونهاية وضمانات”.
للاطلاع على بنود المبادرة.. اضغط هنا
واستكمالًا منها للبناء على هذا الخط، اتساقًا مع ما طرحه نائب رئيس الوزراء الأسبق، بادرت “فكر تاني” بطرح “مبادرة زياد بهاء الدين” لاشتباك سياسي، استطلعت خلاله آراء عدد من أبرز الفاعلين السياسيين في مصر، حول: كيف نحيي المسار الديمقراطي في بلد مأزوم؟
المبادرة وجدت داعميها.. الوقت مناسب
“هذا هو الوقت المناسب”؛ يقول الدكتور مجدي عبد الحميد، منسق عام الحركة المدنية الديمقراطية، الذي يصف أفكار د.زياد بهاء الدين خلال حواره مع “فكر تاني”، بأنها “دقيقة العبارات وفي أنسب وقت نحن بحاجة فيه إلى استعادة المسار الديمقراطي”.
ويكشف منسق عام الحركة المدنية الديمقراطية، في حديثه لـ”فكر تاني”، أن تحركات مكثفة بدأت بالفعل في الوقت الحالي بين عديد من الأطراف؛ لبحث كيفية إحياء هذا المسار المتعثر منذ تجميد مبادرة “بهاء الدين” لأول مرة في العام 2013. وهو ما يأتي نابعًا من حرص على مصالح الوطن وإدراكًا لاحتياجاته، وعلى رأسها القلق على الأمن القومي المهدد من أكثر من جهة.
ويقول “عبد الحميد” إن الديمقراطية هي المفتاح السحري للتعامل مع كل التحديات الراهنة والمستقبلية، مشيرًا إلى أن هناك شرفاء عديدين في الوسط السياسي والأكاديمي، متنوعي الأجيال، يفكرون في استعادة المسار الديمقراطي بجدية.
وبينما يشيد منسق عام الحركة المدنية الديمقراطية بربط د.زياد بهاء الدين استقالته في العام 2013، برفضه تعطيل المسار الديمقراطي، ومحاولته اليوم استعادة هذا المسار بعد تعثره، يضيف أن أي محاولة لإحياء المسار الديمقراطي هي مرتبطة في أساسها بتطبيق دستور 2014، وفي إطار ضوابطه الحاكمة وليس خروجًا عليه، وهو ما أكده الدكتور زياد بهاء الدين أيضًا.
“متى نقيم الصلاة؟”.. أن نتحول من الدعوة للفعل
“مشكلتنا أننا أفضل من يؤذن في الناس ولكن لا نريد إقامة الصلاة”؛ يعلق المهندس كمال زايد، عضو مجلس الأمناء واللجنة التنسيقية بالحوار الوطني المصري القيادي الناصري البارز في الحركة المدنية الديمقراطية عضو مجلس الأمناء في حزب الكرامة، على عدم الاستجابة الرسمية لمبادرة “بهاء الدين” طوال هذه السنوات، بينما يراها مناسبة أيضًا في الظرف الراهن، مبديًا استعدادًا للمشاركة في أي جلسات للنقاش حولها هذه المبادرة لاستعادة المسار الديمقراطي.
ويقول “زايد” في حديثه لـ”فكر تاني”: “أخي زياد من الشخصيات صاحبة الأمل في إحداث إصلاح في ظل ما هو موجود، ومن هنا أقدر أنا أتفهم رؤيته، وإذا دعيت للمشاركة في المناقشة حولها، سأرحب وأشارك، رغم أني من الذين يقفون الآن على الجانب الآخر مع الذين يرون أنه لا أمل ظاهر إلى الآن”.
ويضيف عضو مجلس الأمناء واللجنة التنسيقية بالحوار الوطني المصري أنه مع حق د.زياد بهاء الدين” في الحلم والتمسك بالأمل في استعادة المسار الديمقراطي، متمنيًا له التوفيق والسداد في مساره، الذي يرى أنه يتجاوب مع مبادرات مماثلة نادت بإقرار الديمقراطية قبل فوات الآوان بإصلاح ضروري لا يجب أن يتأخر.
ويوضح القيادي البارز في الحركة المدنية الديمقراطية، أنه كأحد مدراء الحوار الوطني الذين بذلوا جهدًا كبيرًا لتفعيله، يشعر بتضاؤل الأمل في التغيير، لكنه يتمسك في الوقت ذاته بضرورة مواصلة السعي وتحويل الحلم والأمل إلى فعل، خاصة بعد أن أخفق الحوار الوطني في تنفيذ مخرجات المرحلة الأولى منه.
اقرأ أيضًا: العقد الماضي والولاية الأخيرة.. مع ثلاثة من رموز جيل يناير (جلسة حوارية)
تهيئة المناخ ضرورة لإنجاح المبادرة
يؤكد الحقوقي نجاد البرعي عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، في حديثه لـ”فكر تاني”، أن استعادة المسار الديمقراطي، فكرة جيدة، لكنها تتطلب مناخًا كاملًا من حرية الصحافة والإعلام ومرونة في حركة المجتمع المدني، وإجراء انتخابات نزيهة، وتعديل القانون فيما يخص الحبس الاحتياطي، وعدم الالتفاف على القوانين، والارتقاء بالمحليات.
ويضيف “البرعي” أنه من الأهمية بمكان أن نصل لفكرة استعادة المسار الديمقراطي بالتدريج ، بما يراعي عدم المساس باستقرار الوطن، مؤكداً أن الفتح المفاجيء كالمنع التام خطأ ، داعيا القوى السياسية إلى وضع خارطة طريق للانتقال الديمقراطي وحل الأزمة الاقتصادية خلال السنوات الخمسة القادمة.
ويشير عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، إلى أنه يمكن وضع هذه الخطة الخمسية لإنجاز مسار ديمقراطي كامل، في خطة من سنوات خمس، تنتقل بوضوح من خطوات السنة الأولى إلى السنة الثانية وهكذا، وصولًا إلى اكتمال مسار ديمقراطي آمن للوطن.
تفاعل يرتقي للمسؤولية الوطنية
كذلك، ترحب النائبة أميرة صابر عضو الهيئة البرلمانية لحزب المصري الديمقراطي، بطرح المبادرة. تقول في حديثها لـ”فكر تاني”: “أي سعي في اتجاه تحريك المسار الديمقراطي، ودعم الإصلاح السياسي في مصر، هو جهد مهم ونحن داعمون لهذا الأمر، وذلك في إطار رؤية عامة للإصلاح من خلال الحوار والمبادرات السياسية، خصوصا في ظظل الأزمات التي تمر بها مصر في المرحلة الأخيرة نتجية عوامل مختلفة خارجية وداخلية”.
وتضيف النائبة أن مصر في مفترق طرق في اللحظة الراهنة، ويجب أن تتوافق تحركاتنا وجهودنا مع التحديات التي نواجهها، سواء أزمات اقتصادية أو تحديات خارجية، وإصلاح المسار السياسي خطوة هامة لمواجهة تلك التحديات، والتعاطي بإيجابية مع أي مبادرة تحقق هذا الهدف هو مسؤولية وطنية، وبعد ذلك تكون النقاشات البناءة كفيلة بتحقيق التوافق حول الرؤى والأفكار.
وأكدت صابر ضرورة انفاذ توصيات الحوار الوطني، حيث أنه المسار السياسي الأهم الذي أُطلق منذ عامين، وأسفرت مرحلته الاولي عن مخرجات هامة يتحقق حال إنفاذها خاصة في الشق السياسي انفراجة هامة في المسار الديمقراطي فيما يتعلق بالقوانين المتعلقة بالتمثيل النيابي ومباشرة الحقوق السياسية، ومفوضية مكافحة التمييز، فالأمر معلق علي جدية الحكومة الجديدة وإنفاذ الإرادة السياسية لذلك.
هل نحن بحاجة لمبادرة مع الحوار الوطني؟
ومع ذلك، يرى د.معتز الشناوي، المتحدث الرسمي باسم حزب العدل، أن الحوار الوطني كاف جدًا لإحداث التغيير المطلوب على المستوى السياسي والاقتصادي وبما يعزز الديمقراطية، في حال تطبيق مخرجاته في المحور السياسي وما يخص الأحزاب.
ويضيف “الشناوي”، في حديثه لـ”فكر تاني”، أن التباطؤ سيؤدي إلى التأثير على كل الجوانب سواء السياسية أو الاقتصادية أو غيرهما، ما يتطلب استمرار الأحزاب في ممارسة كافة أشكال الضغط السياسي الديمقراطي السليم، من أجل الخروج بتوصيات الحوار إلى حيز التنفيذ، مشيرا إلى جلسات مجلس أمناء الحوار الأخيرة، تعزز الاهتمام بملف الإصلاح السياسي.
لماذا نشتت أنفسنا؟
وفي السياق نفسه، تقول النائبة راوية مختار، عضو الهيئة البرلمانية لحزب الإصلاح والتنمية، إن الواقع الحالي فى مصر يتطلب طرح مبادرات واقعية، ومن الطبيعي أن تكون هدف المبادرة هو التوفيق بين أحزاب المعارضة والسلطة القائمة، وليست بنود تطلق في الإعلام دون وجود الطرف الفاعل الآخر.
وتضيف مختار، في حديثها لـ”فكر تاني”، أن الحوار الوطني بوتقة موجودة بالفعل لتحقيق الإصلاح السياسي، خصوصا وأن من أطلق هذا الحوار هو رئيس الجمهورية، والأداء الذي حدث كان يحمل أجواء إيجابية في حرية الطرح والمناقشة.
وتؤكد عضو مجلس النواب أن الواقع المصري يتطلب خطوات عملية وعدم التشتت في أطروحات تستهلكنا سياسيا، وتركيز الجهود داخل الحوار الوطني هو السبيل الأكثر واقعية وعملية، ومع تقديرنا الكامل لكل مبادرة وأصحابها، فإننا علينا انتظار ما ستسفر عنه جهود تنفيذ مخرجات الحوار، والتي يمكن أن تحدث نقلة نوعية كبرى في الإصلاح السياسي، وهو الأمر الذي يأمله الجميع.
أوافق عليها مع التعديل
بينما يرى كرم عبد الحليم، رئيس نقابة العاملين بأندية قناة السويس، أن المبادرة كانت وليدة اللحظة في 2013، وبالتالي يجب تعديلها بما يتناسب مع الأوضاع الحالية على كافة المستويات، مطالبا بإعادة صياغة المبادرة، بما يؤدي إلى استيعاب جميع الأطراف السياسية الحالية ومصالحة الشعب.
ويشير عبد الحليم، في حديثه لـ”فكر تاني”، إلى أهمية أن تبدي الإدارة السياسية الحالية استعدادها ورغبتها في التغيير، مؤكدًا أن شرط أساسي لتحسين الوضع الاقتصادي هو تحسين الوضع السياسي، حيث أنه من غير المنطقي ألا يكون بمصر أحزاب ونقابات أو اتحادات للطلبة ثم يتحدث البعض عن تحسين الوضع السياسي.
ويضيف القيادي العمالي رئيس نقابة العاملين بأندية قناة السويس: “مبادرة الدكتور زياد بهاء الدين قتلت بحثا بعد يونيو 2013، وهي من نتاج الحكومة آنذاك لتدارك الاحتقان الحاصل في الشارع المصري حينها، ولكن الوضع الحالي يتطلب فتح مجال نقاش حولها في اطار التمسك بدستور 2014، دون المساس به”.
كما يقترح الاتفاق على وثيقة تشارك فيها جميع الأطراف سواء مؤيدة أو معارضة، لمعالجة السياسة الاقتصادية الحالية وطريقة الخروج من الأزمة، وصولًا إلى إعادة النظر في برنامج صندوق النقد الدولي، وتقديم الحلول في المستجدات في ملف المياه وأزمة سد النهضة خاصة .
هناك مبادرات أولى
بصفته كان فاعلًا في اجتماعاتها الأولية قبل 11 عامًا، يقول كمال عباس المنسق العام لدار الخدمات النقابية والعمالية، أن مبادرة د.زياد بهاء الدين تحتاج إلى مراجعة لأن الظرف كان مختلف تمامًا سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا.
ويتساءل “عباس”، في حديثه لـ”فكر تاني”، عن مدى التشابك بين المبادرة والحوار الوطني، خاصة أن أغلب الأطراف المشاركة أو التي يمكن أن تتحمس للمشاركة فى المبادرة هي من المشاركين أيضًا في الحوار الوطني، وهل هذا سينتج جديدًا على حد قوله، إذا ما وضعنا في الاعتبار أنه رغم مرور عام من الحوار الوطني لم نر أي نتائج منجزة على الأرض.
لذا، يرى الحقوقي العمالي أن مصر تعاني من أزمة حريات بشكل عام، لن تساعد على نجاح أي مبادرة بعيدة عن السلطة، في ظل ضعف التيار المدني وتفككه، مشيرًا إلى أن هناك مبادرات لابد من دعمها بشكل فوري مثل مبادرة أهالي السجناء السياسيين. “هذه مبادرات أولى الآن”؛ يقول “عباس”.
السلطة مطالبة بالاستجابة
بين المؤيدين للتعديل على مبادرة “بهاء الدين”، يقف يسري معروف، رئيس نقابة العاملين بشركة اسكندرية للحاويات، مشيرًا إلى ضرورة تحديث المبادرة بما يتناسب مع التحديات السياسية والاقتصادية التي نشهدها اليوم، في ظل وجود دستور 2014 وتعديلاته في 2019.
ويقول رئيس نقابة العاملين بشركة اسكندرية للحاويات، في حديثه لـ”فكر تاني”: “إن ما يمر به المصريين من صعوبات سيؤدي إلى توسعة المشاركة من جانب جميع الرموز المدنية في تحديث تلك المبادرة لكي تكون حلًا حقيقيًا لما تمر به البلاد”.
ويؤكد معروف ضرورة أن يكون هناك إرادة حقيقية لدى السلطة والحكومة للاستماع والتجاوب مع تلك المبادرة لإنقاذ الوطن من تحديات تلك المرحلة الصعبة التي يسيطر عليها الغلاء وضعف الأجور وغياب البرامج والديون الخارجية ، وغيرها من الأزمات التي تسببت فيها الحكومات المتعاقبة منذ 2013 حتى تاريخه.