رائد سلامة في حوار خاص: مصر بحاجة للتخلص من السلفية الاقتصادية والسوق السياسي في حاجة إلى تأسيس جديد

-مصر على الطريق الصحيح وعلى عكس ذلك أيضًا..  وما يرجح أيًا من الكفتين هو التصرف الاقتصادي المقبل

– السلفية الاقتصادية لا تصلح لمصر.. وتوصيف الواقع مهم جدًا لإيجاد حلول مستقبلية
– صندوق النقد والبنك الدوليين سيفشلان في ملف المديونيات العالمية الضخم
– لمست تغيرًا في استجابة السلطة لآراء الخبراء في الملف الاقتصادي

– قبول صفقة “رأس الحكمة” مرهون بحكمة التصرف في أموالها..  وطبقة المستثمرين في مصر بدأت تنخفض وتتقلص
– اللي غلا ممكن يرخص لو توفرت الرقابة الشعبية والحكومية.. ولا مفر من تطبيق العدالة الاجتماعية

– نمط الاقتصاد الاستهلاكي-الريعي لا يصلح لمصر الآن.. ومصر ناجحة في تسوية ديونها ولكن بتكلفة صعبة
– الواقع سيتجاوز الحركة المدنية اذا لم تقدم بدائل لا احتجاجات.. والدولة تُدرك الآن أهمية انتخابات المحليات
–  لست مع أي تعديل للدستور لا تقتضيه ظروف المجتمع.. والبرلمان الحالي هاديء أكثر من اللازم

– لم نخسر من الانخراط في الحوار الوطني ولمسنا مكاسب ملموسة.. ومنحاز للقائمة النسبية
– نسعى لتأسيس حزب “برامجي” جديد لا أيديولوجي عقائدي
– حركة المحافظين والمحليات ومجلس النواب في حاجة إلى الشباب
– القضية الفلسطينية في خطر شديد و”نتنياهو” بات عبئًا على واشنطن

تصوير: محمد ليل

 

يقدم الخبير الاقتصادي والمصرفي، الدكتور رائد سلامة، مقرر مساعد لجنة التضخم وغلاء الأسعار بالحوار الوطني المصري، رؤية اقتصادية وسياسية مختلفة، ينادي فيها بتجديد “السوق السياسي”، والتخلص من “السلفية الاقتصادية”، تحت مظلة الحوار الدائم والمستمر.

وفي حواره الشامل مع منصة “فكر تاني”، ينتقد أن تحيا الحركة المدنية الديمقراطية على إرث الماضي، كاشفًا عن سعيه للعمل مستقبلًا بشكل مختلف سياسيًا، تحت إطار حزب جديد يجمعه ورفاق أحلام مشتركة، من أجل الإصلاح الوطني العام، متسلحًا بالتفاؤل والأمل، مؤمنًا بما قاله شاعره المفضل فؤاد حداد: “أنا في اختراع الأمل.. صاحب عشر براءات.. صاحب مزاج فلسفي..”.

فإلى نص الحوار

علينا التخلي عن السلفية الاقتصادية

في 22 أغسطس 2022، حذرت من خطورة ظاهرة السلفية الاقتصادية على مصر.. ماذا تقصد؟

السلفية الاقتصادية التي أقصد، معنية بالرجوع إلى خبرات الماضي والآخر غير المتواجد في نفس مكاني، بحثًا عن حلول جاهزة لأزمات محلية مختلفة.

للأسف لا تزال مصر تسير بهذه الفلسفة، التي ترتبط بثقافة وتصورات أيديولوجية لمدارس فكرية اقتصادية بعينها، تقوم على نموذج الدوجمائي (الذي يتمسك بالأفكار التقليدية دون إخضاعها لجدال عقلي ومنطقي)، كحلول للمشاكل، بغض النظر عن ظروف المشاكل أين تقع، ولذلك التخلص منها بات ضرورة.

ويمكن رصد هذه الظاهرة بوضوح في علاج مشكلة التضخم بمصر، حيث أن التضخم فنيًا ينتج عن الفجوة بين العرض والطلب، فكلما زادت هذه الفجوة زادت مشكلة أسعار البضائع والمنتجات.

هناك مدرسة تقول: السبب في التضخم هو الطلب، بمعنى أن الناس تقبل بشكل كبير على سلعة ما، بغض النظر عن سعرها، رغم رفع التجار للسعر، ما يزيد الثمن، وهذه هي المدرسة الأمريكية التي خرجت بتصورها هذا من واقع المجتمع الأمريكي، ولعلاج ذلك تُرفع أسعار الفائدة، ما يجبر الناس على عدم شراء هذه المنتجات مرتفعة الثمن، ويدفع إلى خفض ثمنها، وهو ما يحاول المؤمنون بالسلفية الاقتصادية للأسف تطبيقه في مصر، وهي ذات طابع شعبي استهلاكي مختلف.

هؤلاء السلفيون الاقتصاديون يذهبون مع أي أزمة إلى الكتب القديمة، وإلى واقع مختلف عنا، لينقلوا عنه ما قد لا يناسب مجتمعنا وظروفنا اقتصاديًا، رغم أن الواجب دراسة هذه الظروف المحلية الخاصة والمتمايزة عن غيرها، ومن ثم إيجاد حلول تصلح لها. وهذا ما تمت مناقشته في الحوار الوطني، وبعد أخذ ورد عميق، توصلنا إلى أن المسألة بالأساس في التضخم بمصر تتوقف عند ندرة العملة الأجنبية.

هل هذا يعني أن التشخيص الاقتصادي الصحيح لمصر تأخر طوال العقد الأخير؟

أنا وآخرون لم نتوقف عن التشخيص، بل قدمنا العديد من التصورات.

التشخيص يبدأ بإقرار أن إشكالية الاقتصاد المصري تتعلق بنمط هذا الاقتصاد، الذي تحول منذ منتصف سبعينيات القرن الماضى من إنتاجي-تنموي إلى استهلاكي-ريعي.

الإصلاح الاقتصادي المرجو يتوقف على معالجة ما أسميه “الملفات 3+1″، وهي أولًا: ملف الاستثمار والتنمية، والمالية العامة، وتشمل العجز في الموازنة العامة والموازين التجارية وكيفية تسوية الدين العام، والتضخم وغلاء الأسعار، أما الملف الأخير فهو ملف عابر للثلاث ملفات الأساسية، ويتعلق بمسألة توافر العملة الأجنبية.

ولأن هذه الملفات متداخلة فيما بينها ويؤثر كل منها على الآخر، فقد أتت أهمية استعادة مهام وزارة الاقتصاد، ليكون التنسيق مستمرًا ودائمًا بين القائمين على هذه الملفات بالوزارات المعنية، وحتى لا تطغى حلول إحداها على الأخرى، خصوصًا في ضوء حجم التمويلات الأخيرة والتمويلات المتوقعة.

أما عن السلطة، فقد بات لديها في الفترة الأخيرة قدرًا من الإنصات والاستماع في الملف الاقتصادي. وقد تعمقت المناقشات، لإيجاد حل مصري مناسب لظروفنا، يبدأ بالتشخيص الصحيح.

أنا شخصيًا لمست هذا التغير، تحديدًا مع بدء جلسات الحوار الوطني، حيث اقترحت زيادة حد الإعفاء الضريبي، ووجدت رئيس الجمهورية بعدها بفترة بسيطة يستجيب للمقترح، مع زيادة الحد الأدنى للأجور.

لا مفر من تطبيق العدالة الاجتماعية

في العام 2014، قلت إن العدالة الاجتماعية غائبة عن قرارات السلطة في مصر، كيف هي الآن؟

الظروف اختلفت تمامًا منذ 2014 وإلى اليوم، إذ تغيرت الشرائح الاجتماعية في العقد الأخير، ولم يعد هناك رفاهية الاختيار أمام المسؤول في إقامة عدالة اجتماعية أو التخلي عنها. الأوضاع كلها تؤكد أهمية التمسك بتعزيز العدالة الاجتماعية.

هذا التغير، جعل مصر الآن طبقتين فقط: الطبقة العاملة التي تكسب من كد يدها سواء بعد جهد ذهني أو عضلي، وطبقة المستثمرين الكبار التي تكسب من استثماراتها ومشروعاتها الكبرى، وحتى هذه الطبقة بدأت تتآكل وتتقلص، بل أن بعض المستثمرين هَجّروا أموالهم إلى الخارج، ومنهم عائلة ساويرس.

وبطبيعة الوضع، فإن الطبقة العاملة بمختلف شرائحها تعاني بلا شك. لكن اللافت في هذا الوضع ظهور وسائل دعم جديدة في السنوات الأخيرة لاستيعاب احتياجات الشرائح الأقل، مثل “حياة كريمة” و”تكافل وكرامة”. هذا أمر إيجابي ينبغي أن يتواصل؛ فتمسك مصر بمسارات العدالة الاجتماعية أمر في غاية الأهمية، وهذه الضرورة لا تخفى على أحد، وهذا ما ناقشناه في الحوار الوطني، ووضعنا حلولًا كثيرة له، وخاصة من هو منا محسوب على أحزاب الاتجاه الاشتراكي.

اللي غلا يرخص بالرقابة

في هذا الوضع، يسأل المواطن البسيط: “هو اللي غلا ممكن يرخص؟”، كما تقول الحكومة في الفترة الأخيرة؟

هذا أمر تُبنى مصداقيته على شقين؛ الأول: مدى تحقق السعر العادل في السلعة من عدمه، والثاني: الرقابة الشعبية والحكومية.

إذا كان سعر السلعة مرتبط بتكلفتها/ استيرادها وهامش الربح، فإن سعرها لن ينخفض مجددًا مهما فعلنا، ولكن إذا كانت غير ذلك وتقدر جزافًا، فمن المفترض مع وجود رقابة شعبية وحكومية أن تنخفض.

نحتاج وبشدة إلى تفعيل الرقابة الحكومية على الأسواق، وخاصة رقابة وزارة التموين على الأسعار، وتفعيل وتمكين مؤسسات المجتمع المدني وجمعيات حماية المستهلك من دورها في هذا الشأن، وهذه أيضًا إحدى توصيات لجنة التضخم وغلاء الأسعار بالحوار الوطني.

الأزمة ليست في “رأس الحكمة” ولكن في التصرف بأموالها

انخفاضات الجنيه أيضًا تقلق المصريين. رأينا هذا عقب إجازة عيد الفطر مع الزيادات الأخيرة في سعر الدولار، كيف تُقيم الوضع اقتصاديًا من هذه النقطة؟

أمر منطقي جدًا بعد إجازة طويلة أن ترى طابورًا من المستوردين على أبواب البنوك، يطلبون عملة من أجل الاستيراد، وبالتالي منطقي جدًا أن تحدث زيادات.

ومن غير المنطقي، أن نتوقع رقمًا مستقبليًا محددًا، كأن يقول أحدهم إن الدولار سيصل إلى سعر 93.7 جنيه. هذا حديث لا علاقة له بأي حسابات علمية أو منطقية.

لا يمكن أبدًا الجزم برقم قطعي في ظل ظروف الجيوسياسية المتقلبة الحالية حولنا.

أما تحديد مستقبل العملة المحلية، فإنه يتوقف على كيفية التعامل مع العملة الأجنبية التي دخلت مصر في الفترة الأخيرة. وبصرف النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع صفقة “رأس الحكمة”، الأمر مرهون بالتعامل مع ما توفر من دولارات على نحو صحيح. مصر على الطريق الصحيح وعلى عكس ذلك أيضًا، وما يرجح أيًا من الكفتين هو التصرف الاقتصادي المقبل، خاصة في ظل ما يقال عن صفقات مماثلة لـ”رأس الحكمة”.

هل ترحب بصفقات جديدة من نوعية “رأس الحكمة”؟

نعم، أرحب بأي صفقات جديدة من هذا النوع، لأنه لابد من تطوير أفكارنا ورؤيتنا ولا نتمسك بالسلفية الاقتصادية، كما قلتُ سلفًا.

سابقًا، كنت أعارض الخصخصة والاستثمار في أصول الدولة. ولكن الظروف تغيرت، والدنيا تبدلت حولنا، وأفكارنا يجب أن تتماشى مع أولويات الواقع. وهذه نظرة فلسفية مهمة يجب أن يتدبرها الجميع من خلال الإجابة على تساؤل رئيسي: هل الواقع الذي يخلق الفكر أم الفكر هو الذي يخلق الواقع؟.

هذا سؤال وجودي سبق وأن أجاب عليه ماركس (فيلسوف ألماني مؤسس الاشتراكية العلمية) وهيجل (فيلسوف ألماني يؤمن بأهمية فهم التاريخ وتطوره لفهم الظواهر الاجتماعية والاقتصادية). وباختصار، يجب أن يكون تقييمنا للأوضاع الحالية مدفوعًا ومرتبطًا بهذا المفهوم الجدلي بين الواقع والفكر.

أؤمن باليسار الإصلاحي لا الثوري

 في حواراتهم مع “فكر تاني”، أخذ الدكتور علي الدين هلال، والدكتور حسام بدراوي والدكتور هاني سري الدين على التيار اليساري، أنه لا يملك مشروعًا اقتصاديًا واضحًا، فهل حديثك الذي يميل لأفكار رأسمالية وأنت قيمة اقتصادية في اليسار معناه أنكم تفتقدون فعلًا للمشروع أم أنكم تجددون الخطاب الاقتصادي لديكم؟

هذا يتطلب منا بدايةً تعريف اليسار. في تصوري اليسار توصيف سياسي، وليس توصيفًا أيديولوجيًا ولا طبقيًا؛ بمعنى أن اليسار هو كل من يسعى إلى إحداث تغيير، والتغيير له شكلان؛ إما ثوري أو إصلاحي.

الشكل الثوري لا يصلح للحالة المصرية الحالية. هذا الفكر الثوري انتهي، ومن يطلب عودته لا يعيش معنا في الحاضر.

إما إذا تكلمنا عن التغيير الإصلاحي؛ فإنه يتركز على قدر من التدريج والتفاهم والأخذ والرد. وفي هذا الإطار يستوعب الأمر أن نطور من أفكارنا، وهو ما حدث في فرنسا على سبيل المثال عقب ثورتها، حيث كانت البرجوازية جزءًا من اليسار، في سبيل إقصاء الإقطاع.

نحن في مصر الآن نركز على اليسار بشكله الإصلاحي؛ بمعنى أنه الآن لدينا وضع قائم يحتاج إلى نظرة مختلفة وتقديم حلول غير تقليدية، بعيدًا عن السلفية الاقتصادية، غير ملتزمين لا بتراث الرأسمالية أو تراث الاشتراكية.

ويمكن أن نعتبر هذا التطور هو جزء من تجديد الخطاب الاقتصادي في أفكارنا كما قلت.

هذا يحيلنا إلى انتقاد مباشر لك ولتيارك.. البعض يلومكم على تدشين حملات ضد قرض صندوق النقد وبيع أصول الدولة في وقت سابق، ثم وقوفكم بشكل كامل مع نظام يفعل ما رفضتوه سابقًا.. فكيف ترد؟

اليسار ليس طيفًا واحدًا. موقفي معروف منذ زمن، وهو موقف يأخذ بعدًا سياسيًا وإطارًا اقتصاديًا فنيًا؛ أما الإطار الفني، فأقول فيه إن مصر بحاجة إلى مصادر تمويل متعددة، وأما الإطار السياسي، فإنه يتعلق بشكل التمويل، والمصدر الذي تختاره كي تتجنب أزماتك السياسية.

مصادر التمويل مفتوحة، ومن ضمنها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والاستثمار الأجنبي المباشر، وهذا الأخير الأهم بالنسبة لي.

اختيار السلطة، هو الذي تُبنى عليه المواقف السياسية، وموقفي من صندوق النقد الدولي كان ولا يزال هو تجنبه قدر الإمكان.

من المهم توضيح أن صندوق النقد يموّل سد الاختلالات الهيكلية بموازنات الدول، على خلاف البنك الدولي الذي يموّل مشروعات تنموية، ومن هنا، فإن الاقتراض من صندوق النقد يجب أن يتم التعامل بمقادير محسوبة بدقة شديدة في إطار سياسة منضبطة لإدارة النقد الأجنبي.

يجب كذلك الانتباه إلى أن صندوق النقد لم يعد يقدم روشتة للمقترضين كما كان الحال سابقًا، لكنه يطلب أن تقدم الدول المقترضة برامجها الخاصة بالإصلاح وفقًا لمعاييره، للتأكد من التزام هذه الدول بالبرامج التي أعدتها بنفسها.

الصندوق إذن لا يقدم تمويلات لأعمال التنمية، ولهذا وعلى الرغم من ضرورة حفاظنا على علاقات مع الصندوق كمصدر وارد للتمويل، لابد من الاهتمام بتمويل التنمية من خلال الاستثمار الأجنبي المباشر.

وفي تصوري أن كل المؤسسات التي نشأت بعد الحرب العالمية الثانية، مصيرها إلى الزوال، وأعتقد أن صندوق النقد والبنك الدوليين سيفشلان في ملف المديونيات العالمية الضخم، لأن الحكاية كلها تحكمها المصالح التي تُمليها الصراعات الدولية.

المشروعات الصغيرة ممكنة التحول إلى صناعات مغذية

ما رؤيتك للمشروعات الاقتصادية المفتوحة والمأمولة في ظل مخاوف البعض من استنزاف الوارد إلينا من ضخ دولاري؟

الحكومة أعلنت وضع ضوابط جديدة لترشيد الإنفاق العام على المشروعات القومية لمواجهة نقص العملات الأجنبية، فأعلنت تأجيل المشروعات القومية التي لم تدخل حيز التنفيذ بعد ولها مكون دولاري واضح حتى نهاية العام المالي الحالي الذي ينتهي بعد شهرين اثنين فقط، وهو ما ستتضح آثاره المالية في الحساب الختامي.

ربما يحتاج الأمر إلى قياس أثر هذا القرار على الاقتصاد الحقيقي والاجتماعي، خصوصًا وأن المشروعات الكبرى استوعبت نسبة لا بأس بها من العمالة في وقت عصيب كان العالم بأسره يمر فيه بأزمات متتالية.

في تقديري، على المستوى الاستراتيجي لابد من حشد كل إمكانات المجتمع المالية والموارد الطبيعية والبشرية لتغيير نمط الاقتصاد المصري من استهلاكي-ريعي إلى إنتاجي-تنموي، مع الاهتمام بالاستثمار الأجنبي المباشر وتحويل البورصة المصرية إلى وعاء لاستقطاب هذا الاستثمار، وهذا أمر يمكن الاستعانة فيه ببنوك الاستثمار الوطنية لقدرتها على ذلك.

كذلك، أتمنى التركيز على تحقيق أقصى استغلال ممكن لتواجد مصر في التجمعات الدولية الحديثة التي تولي الشأن الاقتصادي أهمية كبرى، مثل “البريكس”، ما يقتضي ضرورة وضع خريطة استثمارية على المستوى القومي يكون فيها اقتصاد الخدمات على وضعه الحالي قائمًا إلى جانب اقتصاد الصناعة، لأجل تحقيق الاكتفاء الذاتي والتصدير.

كما يستلزم الأمر النظر للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر بما تستحقه من رعاية ودعم، فتلك المشروعات بالإضافة إلى مساهمتها الهائلة في قطاع التصدير، يمكنها أن تسهم في تطوير الاقتصاد المصري بشكل ملموس وفي فترة محدودة، ما يحولها إلى صناعات مُغَذية للصناعات الكبرى في منظومة صناعية ضخمة، وهو ما حدث في دولة مثل ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، على يد العبقري لودفج إرهارد (وزير الاقتصاد في أول حكومة ألمانية تتشكل في جمهورية ألمانيا الاتحادية)، والذي يُعرف بـ “أب المعجزة الاقتصادية الألمانية“.

هذه أزمة المشروعات الصغيرة في مصر

لماذا لا نرى صعودًا للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر في مصر رغم حديث الجميع عن أهميتها؟

تبرز هنا مشكلتان؛ أولًا:هناك ضرورة لوضع خريطة استثمارية لسلسلة الإنتاج على المستوى القومي والمحلي في إطار منظومة متكاملة.

وثانيًا: هناك ضرورة لتوفير تمويل غير تقليدي لهذه المشروعات. وأقول غير تقليدي، لأنه على الرغم من مبادرات البنك المركزي في هذا الإطار، إلا أنها لم تنجح بسبب الاعتماد على منح قروض وتسهيلات ائتمانية لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وهو أمر لم يكن مغريًا للبنوك المصرية لارتفاع تكلفته وللمخاوف من الإخفاق في السداد، فكانت تطلب ضمانات كبيرة لا يستطيع أصحاب المشروعات الصغيرة الوفاء بها فيتعثر البعض منهم ويحجم البعض الآخر.

وقد تقدمت للحوار الوطني بورقة عمل لعلاج هذا الأمر وفق سلاسل النشاط والمشاركة برأس المال، والتي تم تأسيسها على معايير جمعت بين مفاهيم كل من سلاسل القيمة والإمداد، يمكن من خلالها دمج الفئات التي تعاني وإخراجها من دائرة الفقر والفقر المدقع.

الأساس في علاج مشكلة التمويل وفقًا لهذه المبادرة هو المشاركة برأس المال وليس بالإقراض، بحيث ينشئ البنك صندوقًا استثماريًا يتم تداول وثائقه بالسوق ليشارك صاحب المشروع الصغيرة في رأس المال ويساعده في الإدارة والمتابعة كمالك، ثم يتخارج من المشروع تاركًا إياه لصاحبه بعد فترة يحقق منه عائدًا طيبًا على مساهمته.

مصر ناجحة في تسوية ديونها ولكن بتكلفة صعبة

وسط هذه الأوضاع، ما رؤيتك لمسار مصر في سداد التزاماتها وتسوية الديون؟

من المهم للغاية الاستمرار في سداد التزامات مصر. هذا أمر ضروري أن نشير إلى نجاحه، حيث لم تخفق مصر أبدًا في سداد ديونها، ولكن لابد لنا من البحث عن وسيلة لتسوية الديون بصورة لا تؤثر على تصنيفنا الائتماني ولا تضعنا في موقف اقتصادي صعب.

فكرنا في هذا الأمر في إطار تنامي المديونية العالمية بشكل كبير، والتي تعدت 300 تريليون دولار، تبلغ حصة الدول الست الكبرى منها نسبة تصل إلى 30% مقابل نسبة لا تزيد عن 1% للدول الإفريقية جميعها.

هنا تكون إمكانية إسقاط أو جدولة الديون الإفريقية واردة بشكل كبير، شريطة البدء في التفاوض الجماعي مع الدائنين، خصوصًا في ظل الظروف التي يمر بها العالم، والتي تجعل المجتمعات الغنية تنصت لمطالب الدول الفقيرة.

ولقد تقدمت أنا والدكتور عمرو حمزاوي للحوار الوطني بمبادرة تفصيلية لإسقاط ديون مصر من خلال التفاوض الجماعي بالتعاون مع الإتحاد الأفريقي.

الحوار الوطني ضرورة والبناء عليه مهم

نذهب إلى ملف الحوار الوطني وقد تحدثت عنه كثيرًا.. كيف تراه وما هي أهم المكتسبات؟

من الناحية المبدئية، أرى الحوار الوطني واحدًا من أهم الأحداث السياسية في السنوات العشر الماضية، ومن المهم للغاية أن يتم ترسيخه كحالة مستدامة، والبناء على توصياته لتطوير الحياة السياسية في مصر، فهو بمثابة أحد صيغ الديمقراطية التشاركية التي نتحدث عنها منذ زمن طويل.

يأتي هذا في ظل ضرورة فهم أن الحوار الوطني بمحاوره الثلاثة ولجانه المتنوعة، والذي جاء تشكيله متوازنًا للغاية، لا يحل محل السلطتين التنفيذية أو التشريعية والرقابية، إذ أن دوره مقتصرًا فقط على توصيات تُرفع لرئيس الجمهورية لاتخاذ ما يراه مناسبًا بشأنها.

وبرأيي أن الحوار الوطني خلق حالة من التفاهم والتحاور بين ممثلي القوى السياسية المختلفة والمتعارضة، ساهمت في إزالة التوجسات وبناء مساحات مشتركة حيوية في المجتمع السياسي، وهو ما لمسته خاصةً في المحور الاقتصادي، حيث وصلنا إلى توافقات وتفاهمات مطلوبة بين جميع من حضر، بعيدًا عن الدوجما (المعتقد المغلق الرافض للرأي الآخر) والطوباوية (المثل الأعلى الخيالي).

هناك إنجازات؛ فقد أتيحت الفرصة لكثير من الوجوه التي شاركت بالحوار للظهور في الإعلام وطرح رؤاهم بعد غيبة طويلة، بالإضافة إلى إقفال قضية المنظمات، وإلغاء قرارات منع السفر وعودة الكثيرين من الخارج، والإفراج عن عدد من المحبوسين احتياطيًا، وصدور قرارات من رئيس الجمهورية بالعفو عن البعض ممن صدرت بحقهم أحكامًا، وكلها أمور طيبة نُقدرها ونتمنى المزيد.

بمعنى آخر، لم يخسر أحد شيئًا من الانخراط في الحوار، بل على العكس تحققت مكاسب ملموسة.

هذا ما حققناه في المحور الاقتصادي

تحدثت عن التوافق فيما يتعلق بمناقشاتكم ضمن المحور الاقتصادي.. ما أبرز ما توصلتم إليه؟

لدينا الآن مجموعة من التوصيات العامة المهمة.

كان أحد هذه التوصيات ورقة عمل قدمتها تتعلق باقتراح تشكيل المجلس الاقتصادي الاستشاري الذي يستمد أهدافه من الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وفقًا للمعايير الدولية.

أيضًا قدمنا ورقة عمل أخرى تتعلق بالشركات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر وطريقة تمويلها بشكل غير تقليدي. وقدمنا مقترحات أخرى تتعلق باستعادة مهام وزيري الاقتصاد والاستثمار.

كما قدمنا توصيات تفصيلية في الملفات النوعية؛ تضمنت مثلًا في ملف التضخم إجراءات لرفع المعاناة عن المواطن المصري، ومقترحات بشأن السياسات النقدية والمالية والاقتصاد الحقيقي والمنافسة وحماية المستهلك، ومقترحات بشأن ترشيد الإنفاق العام وإعادة تشكيل دور الدولة في الاقتصاد، وتوفير بدائل تمويل تنموية وتفعيل مبدأ شمولية الموازنة، وزيادة الإيرادات العامة، وتسوية الدين العام والحماية الاجتماعية، وتكافؤ الفرص وسياسات التوزيع، وتوطين الصناعة وتحديث الزراعة، مع إيلاء أهمية كبرى للسياحة.

على الحركة المدنية تحديد هويتها

إشادتك الواسعة بالحوار الوطني تقابلها تحفظات كبيرة في معظم أحزاب الحركة المدنية الديمقراطية التي تلوّح بمقاطعة الحوار.. كيف ترى هذا وأنت مرشح من قبل الحركة المدنية؟

هذا يدفعني إلى تقييم ما أسميه “السوق السياسي” الذي يحتاج إلى تجديد، وتحديد نظرتنا للحركة المدنية: هل هي مجرد حركة احتجاجية أم تصلح أن تقدم نفسها كبديل؟

لست عضوًا رسميًا بالحركة، كنت فقط مرشحًا من قبلها للانضمام إلى الحوار الوطني، والمنتمون إليها أصدقاء وأساتذة أعزاء لهم كل تقدير، ولكن لي تحفظات كبيرة على أداء هذه الحركة على الأرض، مع تقديري لوجود ظروف حاصرت القائمين عليها في المقرات، دفعتها إلى الالتزام بنشاط محدود.

لم نرى إلى الآن تقييمًا ذاتيًا من الحركة لمشاركتها في الحوار الوطني، رغم أنها قدمت في وقت سابق رؤية واضحة في المجال السياسي والاقتصادي، شاركت أنا في جزء منها، وبالتالي، فإن الاستمرار في التمسك بمنهجية الحركة الاحتجاجية في تقييم المشاركات السياسية لن يكون أبدًا دقيقًا.

مكثنا 10 سنوات نتحدث عن الآراء المختلفة والحلول والتصورات لدينا، وعندما جاءت الفرصة لنتحدث ونتحاور، قالوا: “مش هنلعب”. هذا أمر لا يليق بأحزاب الحركة المدنية التي كان من المفترض أن تقدم رؤيتها ونفسها كبديل يمتلك رؤية.

هل هذا يعني أن دور الحركة المدنية انتهى؟

الحركات بشكل عام لها وقت وهدف، مثل “جبهة الإنقاذ” التي كان لها هدف معين في وقت معين، والسؤال الآن للحركة المدنية: هل حققت الحركة هدفها أم لا؟

شخصيًا، أرى أن الحركة المدنية لم تحقق هدفها بعد، لأنها اقتصرت في أدائها على مفاهيم الحركة الاحتجاجية ولم تتطور، ولذلك لابد من التطوير التنفيذي قبل التطوير الاستراتيجي، بتحديد واضح لأهدافها من أحزابها.

الواقع هو من يفرض الفكر والمؤسسات، وبالتالي سيتجاوز الواقع كل من لم يتغير، وفي القلب من ذلك كله الحركة المدنية الديمقراطية إذا لم تتغير.

الحركة المدنية ينقصها إدراك الواقع، وأن تتخذ قرارًا واضحًا وصريحًا بالخروج من أسر كونها حركة احتجاجية. لا بد أن يفهم القائمون عليها أنهم مجموعة أحزاب لا حركات، في نظام رئاسي، ودور الحزب يختلف عن دور الحركة، والعمل في ظل نظام رئاسي يختلف عن العمل في ظل نظام برلماني، والحاجة باتت ملحة إلى التركيز على بناء كوادر تستطيع أن تقدم نفسها في المحليات والبرلمان وأن تشتبك مع آمال الجماهير. وأقول لهم: “أرجوكم بصوا للنهاردة وبكره”.

هذا نقدمه للحاضر والمستقبل

نعود لمشاركاتك الكثيرة في أحزاب عدة في السوق السياسي المصري كما تسميه.. كيف تراها؟

عندي 62 سنة، وأنا من “الجيل اللي اتزنق”، فلا أنا من جيل السبعينيات الذي شهد أوج الحركة الوطنية المصرية، ولا أنا من جيل ثورة 25 يناير 2011، وبالتالي دوري اليوم استشاري.

ما فات أكسبني خبرات نظرية وخبرات على الأرض، ودفعني إلى اعادة النظر في كثير من أفكاري، ولكن أرى أن تجربتي في السوق السياسي ثرية ومشرفة.

ما الجديد الذي سنراه في حزبكم المنتظر الذي ستتشارك حلمه مع الدكتور عمرو حمزاوي والناشط السياسي ياسر الهواري؟

الجديد هو البرنامج؛ فنحن نسعى إلى حزب “برامجي” إذا صح التعبير، لا ننفي فيه البعد الأيديولوجي، فكلنا جاء من مساحة معينة، ولكن نركز على لقاء أفكار يدفع إلى تطوير البرامج.

كل منا خاض تجارب سياسية عدة، فيها تناقضات شاسعة، شهدنا فيها الليبرالي المنفتح الذي كان ينكر في وقت من الأوقات وجود شيء اسمه العدالة الاجتماعية، لكن وصلنا اليوم إلى سياسيين يتحدثون عن ليبرالية اجتماعية، ونفس الأمر لدى الاشتراكيين، وتحضرني هنا تجربة اليسار في اليونان الذي حكم من 2015 إلى 2019، والذي اتجه مع الضغوط الاقتصادية الهائلة إلى صندوق النقد.

الدنيا تتطور، وإذا لم يحدث التغيير في الرؤى الاستراتيجية سنتواصل التخبط، ولذلك نعمل في الحزب الجديد على البرامج، ولا نطرح أنفسنا كحزب أيديولوجي عقائدي، وقريبًا جدًا سننتهي من المشاورات حول الشكل والطريقة التي سيخرج بها الحزب.

تهمنا في هذا الإطار التحالفات الانتخابات البرلمانية، ومواقف الأحزاب السياسية من هذه التحالفات، ولكن ليس هذا المعيار الأساسي لخروج حزبنا.

منحاز للقائمة النسبية والبرلمان الحالي هاديء أكثر من اللازم

نذهب إلى قانون الانتخابات الأقرب إلى رؤيتك.. ما الشكل الأنسب لهذه المرحلة؟

شخصيًا، أتمني أن تجرى الانتخابات بالقائمة النسبية.

في الحوار الوطني تمت مناقشة قانون الانتخابات، ولم نصل إلى التوافق على الشكل الأنسب، وتم رفع مقترحات بشأن القانون ربما تسفر عن تبني ثلاثة أطر تماشيًا مع النص الدستوري؛ فقد نشهد انتخابات تشمل قائمة نسبية وأخرى مطلقة وثالثة فردية.

أتمني أن يشهد البرلمان القادم تمثيلًا برلمانيًا لكل القوى السياسية الموجودة على الأرض، بشكل يراعي نسبة المرأة، حتى نلبي تطلعات التطوير والتغيير.

ويكفينا ما حدث في نموذج البرلمان الحالي الذي كان “هادئًا أكثر من اللزوم”، رغم وجود نجوم بزغوا في هذا البرلمان.

 

 

 

توصيف الواقع مهم جدًا لإيجاد حلول مستقبلية

ما تطلعاتك لمستقبل الحياة السياسية في مصر انطلاقًا من الواقع الحالي؟

توصيف الواقع مهم جدًا لبحث ما يمكن تقديمه للمستقبل.

أرى أن دعوة الرئيس للحوار الوطني حركت المياه الراكدة وفتحت شهية الكثير من السياسيين لتعميق مساهماتهم في الحياة السياسية، وكذلك، المناقشات التي دارت بجلسات الحوار الوطني في ملفات هامة كملف مكافحة التمييز الذي قدمت مسودة لمشروع قانون بشأنه ولتأسيس المفوضية المستقلة لمكافحة التمييز، وهو أمر تم التوافق الكامل عليه، بالإضافة إلى ملفات أخرى بالغة الأهمية تمت مناقشتها كقوانين الانتخاب وملفات أخرى ربما تطرح في الجولة القادمة من الحوار الوطني، مثل تعديلات قانون العقوبات بخصوص الحبس الاحتياطي.

تقديري أننا بحاجة إلى تأسيس سياسي جديد يحترم كل مرحلة لأجل تقديم برامج قابلة للتحقق في إطار ظروف المرحلة.

في هذا الإطار، يمكن للأحزاب والقوى السياسية القائمة أن تُعيد تقديم نفسها، وتطرح الأحزاب والقوى السياسية الجديدة نفسها عمليًا وعلميًا بعيدًا عن الطوباويات والدوجمائيات.

وفي حفل إفطار الأسرة المصرية الأخير، جدد رئيس الجمهورية تعهده بتنفيذ توصيات الجولة الأولى من الحوار الوطني، ودعم حالة الانفتاح والإصلاح السياسي، موجهًا الحكومة ومؤسسات الدولة برعاية مُخرجات جلساته الأولى وتنفيذها.

هنا، أظن أن القوى السياسية يجب أن تتلقف هذه الدعوة الرئاسية وتعد أجندتها للتعاطي معها، وفقًا للدستور والقانون ووفقًا لظروف وشروط المرحلة.

ولعل من أهم التجارب الناجحة في هذا السياق هي تجربة كتلة الحوار، فهم يخططون بشكل غير تقليدي لتدشين حزبهم كمؤسسة سياسية تحمل فكرًا وأسلوب عمل مختلفين.

استيعاب الشباب ضرورة في مجلس الوزراء والبرلمان والمحليات

الكثير من الشباب لا يزال رهن الغياب عن المشاركة السياسية أو رهن الحبس.. كيف ترى التغيير في ظل هذا الوضع؟

أتمنى أن يتم إطلاق سراح كل سجناء الرأي ممن لم يثبت بحقهم ضلوعًا في أعمال الإرهاب، وفق القانون، وفي مقدمتهم الشباب.

وأتمنى كذلك أن تضم حركة المحافظين الجديدة شبابًا ممن أثبتوا جدارتهم وكفائتهم فيما أُسنِد إليهم من ملفات في دوائر حكومية عديدة، ومنهم من عمل بالفعل كنواب محافظين، مع استمرار هذا النهج بضم آخرين كنواب للمحافظين من أجل تنمية قدراتهم وخلق كوادر جديدة لتولى العمل في المستقبل.

وأتمنى أن أجد الشباب في انتخابات المحليات المنتظرة، والتي أعتقد أن النية على عقدها قد حسمت وأنها ستعقد خلال الفترة المقبلة.

الدولة أيضًا باتت مدركة أن هناك احتياج حقيقي لإجراء انتخابات المحليات.

هناك فرصة مهمة لاستيعاب الشباب في انتخابات مجلس النواب، لأنه في حاجة إلى نشاطهم وجهوده في حركة التشريعيات، على عكس مجلس الشيوخ الذي لا أحبذ ضم شباب له، لأنه يجب أن يكون وعاء المستشارين وأصحاب الخبرات، اتساقًا مع اسمه ودوره المهم للغاية.

لست مع أي تعديل للدستور لا تقتضيه ظروف المجتمع

بعض الموالين يتحدثون عن أهمية تعديل الدستور لفتح مدد الرئاسة.. كيف ترى ذلك؟

لست مع أي تعديل للدستور لا تقتضيه ظروف المجتمع ومنه مدد الرئاسة.

برأيك.. ما أهم أولويات الحكومة الجديدة المزمع تشكيلها؟

كلمة واحدة هي “الاقتصاد”.

الوحدة الوطنية الفلسطينية ضرورة مرحلة

تشغل القضية الفلسطينية حيزًا كبيرًا في كتاباتك بالفترة الأخيرة.. ما مستقبلها بعد أكثر من 6 أشهر من العدوان الصهيوني على غزة وانطلاق معركة ‘طوفان الأقصي’؟

ما لم يحدث وحدة وطنية حقيقية في الفترة المقبلة، فالقضية الفلسطينية في خطر شديد.

لا بد أن تستوعب كل فصائل المقاومة والقوى الفلسطينية أن هناك ممثل شرعي للشعب الفلسطيني وهو منظمة التحرير الفلسطينية، شئنا أو أبينا.

لدى فصائل المقاومة الرئيسية سواء حماس أو الجبهة الشعبية أو الجهاد الإسلامي فرصة للانضمام إلى المنظمة والتغيير من الداخل للحفاظ على وحدة الصف الفلسطيني.

في ظل قراءتي للواقع، أتوقع أن تطول المذبحة للأسف المذبحة التي تحدث في غزة، لأنها أصبحت ثأرًا شخصيًا لدى بنيامين نتنياهو، ولكن أتوقع كذلك أن المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأمريكية سيصلون في وقت ما إلى التخلص من نتنياهو، لأنه أصبح عبئًا على مساندتهم الاستراتيجية لإسرائيل.

والواضح، أن البديل المطلوب أمريكيًا حاليًا يجب أن يكون براجماتيًا وليس لديه ثأرًا شخصيًا مع “حماس”، وبدون علاقات مع المتطرفين الصهاينة. ولعل سفر بيني جانتس الوزير في حكومة الحرب إلى واشنطن ولندن، يحمل في طياته تقديم هذا البديل المحتمل.

ولذا، نحن نحتاج إلى الاستعداد إلى ما بعد هذه اللحظة، بوحدة وطنية داخلية كحتمية وطنية.

ماذا تقول عن هؤلاء؟

محمود محيي الدين؟

لا أتخيل أن يحدث تغيير ثوري في مصر ضد نظام مبارك، ثم نستدعي رموزه المتورطين في الأزمة كمحمود محيي الدين، ليقدموا لنا حلولًا لأزماتنا الحالية، خاصة أن لدى مصر كفاءات عديدة تحمل أي ملف مقترح لمحمود محيي الدين، وبالتالي فهو لا يصلح لحل مشاكل مصر.

وهنا، أشير إلى أن نموذج مختلف هو الدكتور حسام بدراوي، الذي لم يكن متورطًا في أزمات نظام مبارك، رغم وجوده في المشهد، وقتها، ولا يزال صوته مسموعًا إلى الآن.

د.محمد البرادعي؟

لعب دورًا هامًا في فترة من الفترات، وانتهى دوره، ولا دور له نهائيًا في المستقبل.

علاء عبد الفتاح؟

أتمني أن يكون في حضن ابنه قريبًا، وأن يتفرغ لحياته.

محمد القصاص؟

لا أعرفه شخصيًا، ولكن أتمني أن ينال حريته مثله مثل الآخرين الموجودين في مثل ظروفه.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة