توصيات لمناهضة ختان الإناث

"جمالُ صنعِ الله" عنوان درس في مادة الدين، يتم تدريسه للطلبة في الصف الأول ‏الإعدادي، يتحدث الدرس في إحدى أجزائه عن ختان الإناث، ويؤكد على أنه ليس من الشرع ‏ ولا يجوز فعله لأضراره ‏على الفتيات، كذلك جرّمه القانون.‏

لكن كل هذا لم يكن كافياً لإقناع هذه مُدرسة المادة، بضرر هذا الفعل، فتقر بأن ما يقال وتؤكده وزارة التربية والتعليم ‏كلام غير صحيح  وأنها لا توافق عليه، وتؤكد أن عملية ختان الإناث ضرورية ‏للحفاظ على طهارة الفتاة، وأن من واجبها أن تؤكد هذا الكلام للطالبات لأن ما تقوله هي - والكلام لها - هو الصواب من أجل أن تُقبل ‏صلاتكم.‏

"فريدة" طفلة واعية، في مواجهة هذه المدرسة. فريدة تعيش في ظل أسرة واعية، تتناقش ‏معها في كل الأمور، حاولت أن تفتح حواراً صغيراً مع المُدرسة لتقنعها ختان الإناث لا يجب أن يحدث، فكان ‏رد المدرسة عليها بأنها لا تزال طفلة صغيرة ولا تعرف هذا الأمر جيدا،لكن فريدة أكدت بأنها تعرف جيداً ماهو الختان وكيف يحدث، فكان رد فعل المدرسة أنها وجهت كلامها لباقي الطالبات مؤكدةً أن عدم ختان البنات حرام.

ثم التفتت إلى فريدة وسألتها: "انتي بتصلي؟"، قالتلها آه، فكان رد المدرسة: "صلاتك كلها مش مقبولة علشان انتي مش مختونة"، وانتهى الحوار من جانب المدرسة بـ"أنا مش هفضل أجادل معاكي علشان أنتي صغيرة ومش فاهمة".

اقرأ أيضًا: عن خرافة “الختان الطبي” التي تهدد أجساد النساء

الختان في منظمة الصحة العالمية

أصدرت مُنظمة الصحَّة العالميَّة واليونيسف وصُندوق سُكَّان الأُمم المُتحدة بيانًا مُشتركًا في شهر (أبريل) سنة 1997 يُعرِّف ختان الإناث بِأنه (أي عملية تتضمن إزالة جزئية أو كلية للأعضاء التناسلية الأنثوية الخارجيَّة لِسببٍ ثقافيّ أو اجتماعيّ أو أي سببٍ آخر غير طبي).

القانون وفتوى الأزهر

فتوى الأزهر عن الختان

أما في القانون فقد نصت المادة رقم 242 مكرر من  قانون العقوبات المصري رقم 58 لسنة 1937 المعدل بالقانون رقم 10 لسنة 2021 (يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات كل من أجرى ختاناً لأنثى بإزالة جزء من أعضائها التناسلية الخارجية بشكل جزئي أو تام أو ألحق إصابات بتلك الأعضاء، فإذا نشأ عن ذلك الفعل عاهة مستديمة تكون العقوبة السجن المشدد مدة لا تقل عن سبع سنوات، أما إذا أفضى الفعل إلى الموت تكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن عشر سنوات).

وتكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن خمس سنوات إذا كان من أجرى الختان المشار إليه بالفقرة السابقة طبيبا أو مزاولا لمهنة التمريض، فإذا نشأ عن جريمته عاهة مستديمة تكون العقوبة السجن المشدد مدة لا تقل عن عشر سنوات، أما إذا أفضى الفعل إلى الموت فتكون العقوبة السجن المشدد مدة لا تقل عن خمس عشرة سنة ولا تزيد على عشرين سنة.

تاريخ العمل على ختان الإناث في مصر

"ماري أسعد" من أوائل العلماء الذين كتبوا عن موضوع ختان الإناث، وساهمت بجهودها الرائدة في العمل التطوعي داخل المجتمع المصري، وفي الأوساط المسيحية، بدأت أبحاثها عن ختان الإناث في الخمسينيات من القرن الماضي، وكانت أول من ركزت أبحاثها على مصر وشمال إفريقيا، وقد استطاعت التأثير على سياسات المجتمع وتوجهاته لصالح قضايا المرأة والتنمية، وكان عطاؤها الكبير الوطني والإنساني لصالح المرأة المصرية، موضوعا لرسائل علمية نشرت باللغة الإنجليزية، فهي أول امرأة تتولى منصب أمين عام مساعد الأمانة العامة لمجلس الكنائس العالمي سابقًا.

ماري أسعد وعزيزة حسين هما رائدتان من رواد العمل على ختان الإناث خلال فترة التسعينيات، من خلال قوة العمل task force التي قامت بتكوينها ماري لجمع المهتمين بالقضاء على هذه العادة في المجتمع.

وبجانب قوة العمل task force أيضاً بذل المجتمع المدني –ومازال- الكثير من الجهود لهذه القضية من خلال حملات التوعية في جميع أنحاء الجمهورية.

"قوة العمل".. لمناهضة الختان

في ورقة بحثية لمركز تدوين يقول:" بالرغم من جهود مؤسسات الدولة والمجتمع المدني خلال العقدين الماضيين في محاولة القضاء على ختان الإناث، تشير النتائج إلى أن حجم التغيير لا يتناسب بأي حال مع حجم الموارد البشرية والمالية المخصصة لهذا الشأن، وإيمانا من مركز "تدوين" بأهمية استعادة المنظمات الحقوقية والنسوية لزمام العمل على قضية مناهضة ختان الإناث، وأنه لا سبيل لتغيير حقيقي في هذا الصدد دون شراكة حقيقية بين الدولة والمجتمع المدني، اجتمع مركز تدوين مع عدد من منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال مناهضة العنف ضد المرأة، واتفقوا على ضرورة توحيد الجهود المبذولة في مناهضة ختان الإناث، كما اتفقوا أيضاً على ضرورة إعادة تشكيل ”قوة العمل المناهضة لختان الإناث”، وتم الإعلان عن ذلك من خلال (مؤتمر تأسيسي لقوة العمل المناهضة لختان الإناث)، يوم 6 فبراير 2018 والذي يوافق اليوم العالمي لعدم التسامح مطلقاً مع جريمة تشويه الأعضاء التناسلية، حيث ترى المنظمات والأفراد المشاركون في مجموعة العمل، أن هناك حاجة ماسة إلى النظر بعين ناقدة لجهود السنوات الماضية، فجزء من أسباب ضعف التغيير في القناعات الخاصة بالختان هو استئثار الدولة بالعمل على هذه القضية، وتراجع دور منظمات المجتمع المدني رغم دورها الريادي في العمل على مقاومة ختان الإناث.

و في ضوء ما سبق تهدف قوة العمل المناهضة لختان الإناث إلى إنجاز الآتي:

  1. العمل على تغيير القناعات المجتمعية الخاصة بالختان لتتماشى مع واقع التجريم القانوني والتأكيد على مسؤولية الدولة في حماية الفتيات وخلق آليات لجعل هذه الحماية فعالة.
  2. استكمال مسار الإصلاح القانوني الهادف لتعديل المواد المتعلقة بختان الإناث، ومتابعة إنفاذها، وتقديم المساعدة القانونية في الحالات اللازمة.
  3. الضغط من أجل تضمين مواد خاصة بالتثقيف الجنسي الشامل في المدارس، وتطوير دروس التوعية بختان الإناث موجهة لطلبة المدارس.
  4. تطوير خطاب حقوقي مناهض لختان الإناث لا يقتصر على المقاربات الدينية والطبية، ولكنه يمتد ليشمل حقوق الفتيات والنساء في الحياة الصحية السليمة، والسلامة الجسدية والحقوق الجنسية والإنجابية.
  5. مقاومة ظاهرة "تطبيب الختان" عبر عقد شراكات مع شباب الأطباء ومحاولة تطوير التعليم الطبي، وتشجيع نقابة الأطباء على ممارسة دورها الرقابي لمنع إجراء جرائم الختان.
  6. حفظ تاريخ المنظمات النسوية في مناهضة ختان الإناث، من خلال توثيق تاريخ قوة العمل السابقة، وجمع الدراسات والتقارير الصادرة في هذا الشأن سواء على المستويات المحلية أو الإقليمية.

ختان الإناث ممارسة ضارة لا مبرر لها، وبالرغم من أن هناك قانون يجرمه وفتاوى تحرمه لكنه ما زال يمارس، لذا لا بد من استمرار الجهود في مناهضته حتى يتم القضاء عليه تمامًا.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة