عن خرافة “الختان الطبي” التي تهدد أجساد النساء

شاهدت في مقطع مصور على اليوتيوب داعية إسلامي شهير على السوشيال ميديا، يتحدث عما هو معروف بـ”الخفاض الإسلامي”، في محاولة لإنكار صلته تمامًا بما حدث ويحدث للإناث في مصر، ومؤكدًا على السلامة والأهمية الطبية التي يتسم بها هذا النوع من الختان، مع رفع شعار “سيب الطبيب يكشف ويحدد”.

من بين التعليقات استوقفتني جمل عابرة من رجال متابعين للداعية الشهير، مؤكدين حديثه والمعلومات الطبية التي تم تناولها أثناء الفيديو، وعبارات تحريض واضحة وتشجيع على الاستمرار في هذه الجريمة، وترك الأمر في يد الآباء والأمهات دون اعتبار للقانون “اللي عاوز يختن يختن يا رجالة”، تجمدت عروقي وأنا أقرأ حديثهم ونقاشاتهم حول جسد الإناث، وعدم احترامهم القانون الذي يصدر ويقر عقوبة مشددة على الطبيب والأب أو الأم.

المادة 171 من قانون العقوبات المصري رقم 58 لسنة 1937 المعدل بالقانون رقم 10 لسنة 2021، تنص على أن يعاقب بالسجن كل من طلب ختان أنثى وتم ختانها بناء على طلبه على النحو المنصوص عليه بالمادة (242) مكررا من هذا القانون، كما يعاقب بالحبس كل من روج أو شجع أو دعا بإحدى الطرق المبينة بالمادة 171 من هذا القانون لارتكاب جريمة ختان أنثى ولو لم يترتب على فعله أثر.
كما نصت المادة رقم 242 مكررا من قانون العقوبات المصري رقم 58 لسنة 1937 المعدل بالقانون رقم 10 لسنة 2021 على المعاقبة بالسجن لمدة لا تقل عن 5 سنوات لكل من أجرى ختان الأنثى بإزالة جزء من أعضائها التناسلية الخارجية بشكل جزئي أو تام أو ألحق إصابات بتلك الأعضاء، فإذا نشأ عن ذلك الفعل عاهة مستديمة تكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن 7 سنوات، أما إذا أفضى الفعل إلى الموت تكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن 10 سنوات. وتكون العقوبة بالسجن المشدد لمدة لا تقل عن 5 سنوات إذا كان من أجرى الختان المشار إليه بالفقرة السابقة طبيبا أو مزاولا لمهنة التمريض، فإذا نشأ عن جريمته عاهة مستديمة تكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن 10 سنوات، أما إذا أفضى الفعل إلى الموت فتكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن 15 سنة ولا تزيد على 20 سنة.

على الرغم من هذه المواد القانونية التي عدلت وشددت العقوبة، ليس فقط لمن يعتدي على أجساد إناث مصر، بل من يحرض على ذلك كما ذكرت في هذا الفيديو الشهير وفي التعليقات المحرضة والمشجعة على القيام بجريمة الختان، وكان لذلك أثر على ازدياد ظاهرة “ختان الإناث”، حيث أظهر المسح الصحي للأسرة المصرية عام 2021، انخفاض نسب وارتفاع أخرى مقارنة بنسخته السابقة الصادرة في 2014.
شاركت مصر في خلق مصطلح جديد في قضية الختان وهو ما تصفه منظمة الصحة العالمية بـ”إضفاء الطابع الطبي على تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى”، وهو ما عرضه الداعية الشهير في المقطع المصور الذي ذكرته من قبل، وتصفها المجتمعات المحلية في مصر بالـ”ختان الطبي” أو “الطهارة عند دكتور” أو “الختان التجميلي” أو “الخافض الإسلامي”، وهي عملية جراحية لم ترد في كتب الطب وتعد جريمة طبية لتسببها في تشويه وإزالة البظر، وهو عضو فعال في جسد الأنثى، تسببت هذه الظاهرة في ازدياد نسب ختان الإناث خاصة في المناطق الريفية.

ينعكس تأثير الترويج للخرافة الطبية، إلى ارتفاع نسبة الختان في الريف عن الحضر بأكثر من 10 نقاط مئوية بواقع 90% مقابل 79%. كما تشير النتائج إلى ارتفاع نسبة الختان في الوجه القبلي بنسبة 92% مقارنة بالمحافظات الحضرية والوجه البحري. 84% من حالات ختان الإناث في مصر تتم على يد الأطباء وطواقم التمريض، ما يجعل مصر على قائمة الدول التي تحدث فيها جريمة الختان الطبي للإناث.

ما قد يقلص من هذه الظاهرة هو الخطاب المستمر الذي يدحض هذه الادعاءات والخرافات الطبية بصوت العلم والدين، وعدم السماح باستخدام الطب كأداة جديدة لتشويه وانتهاك أجساد الإناث. قد تستمر النسب في ازدياد إن لم يؤخذ هذا الخطاب على محمل الجدية وإدراك خطره على البسطاء، وخاصة مع تبني العديد من الدعاة ورجال الدين هذه الخرافة للترويج إلى “الخفاض الإسلامي”. وكذلك حرص الدولة على تطبيق القانون بشأن من يحرض أو يدعو أو يروج الإشاعات والخرافات حول تشويه أجساد الإناث على يد الأطباء بغرض التجميل أو ما يعرف بـ”ختان الإناث الطبي”.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة