الآمان الرقمي للنساء.. مهمة مستحيلة

خلال الـ 16 يوم لمناهضة العنف ضد النساء حول العالم، تأتي حملة مبادرة أنثى “النسوية” عن العنف الإلكتروني ضد النساء في مصر بعنوان #احمي_نفسك للتوعية بالمخاطر الرقمية التي تتعرض لها النساء في مصر في ظل التطور التكنولوجي لوسائل التواصل الاجتماعي مع قلة الوعي حول طرق استخدامها الآمنة.

تأتي هذه الحملة بعد عامين شهدت مصر فيهما عدة جرائم إلكترونية أدت لمقتل فتيات وتعنيف وتدمير حياة أخريات وهو ما يدفعنا بالتأكيد للحديث اليوم عنما تواجهه النساء في الفضاء الإلكتروني وكيف جعلت مصر مهمة الأمان الرقمي لهن تكاد تكون مستحيلة.

يُمكن تعريف العنف الرقمي على أنه” السلوك المُتعمد الذي يقوم به فرد أو مجموعة أفراد عبر أحد تقنيات مواقع التواصل الاجتماعي الإلكترونية وأدواتها المختلفة بهدف الإيذاء المادي أو المعنوي للآخرين”.

كما يمكن تعريفه على أنه أي عمل من أعمال العنف ضد المرأة يتم ارتكابه باستخدام الهواتف المحمولة، أو الإنترنت، أو الرسائل النصية، أو البريد الإلكتروني، أو وسائل التواصل الاجتماعي.

اقرأ أيضًا:“حسام” و”ولاء”.. حكايات العابرين/ات إلى إثبات الهوية

عادة ما يؤدي العنف الرقمي على النساء إلى نتائج تفوق في تأثيراتها السلبية أنواع العنف التقليدية، إلى جانب التداعيات النفسية حيث تعاني النساء اللاتي تعرضن لنوع أو أكثر من أشكال العنف الإلكتروني من الاكتئاب والانعزال والشعور بالوصم والخزي وفى بعض الأحيان قد يلجأن إلى الانتحار. ولكن على المستوى الاجتماعي تتعرض الفتيات والنساء إلى وصم مجتمعي وضغوط تجعلها تفقد دوائرها وحياتها كما تدفع الأهل إلى منع الفتاة من أي خطوات قانونية للتكتم على الحادث ظنا منهم إن ذلك ينهي الأزمة ويحد من الفضيحة على حد قولهم. وكذلك قد يؤدى العنف الرقمي والتشهير بالضحية إلى فقدانها للعمل وتقليص فرصتها فى الالتحاق بعمل آخر.

يختلف كل يوم أشكال العنف الرقمي والتي قد تجعل اليوم مثلا أحد أنواعه هو مواجهة الفتيات والنساء تهديد التصوير في الشوارع من أشخاص مجهولة ثم تداول صورهن داخل مجموعات مغلقة على التليجرام والفيس بوك مما يصعب مهمة الإبلاغ أو حتى معرفة الضحية بالجريمة من الأساس، كذلك التهديد والابتزاز من أشخاص مجهولين أو شركاء سابقين سواء كان ذلك في إطار رومانسي أو علاقة شرعية كالزواج أو الخطوبة، من خلال استخدام صور مأخوذة بمعرفة الضحية أو بدون معرفة أو عن طريق اختراق هاتفها أو صفحاتها الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي، ويتم ذلك عن طريق مباشر كالتهديد اللفظي على الواتساب أو المكالمات الهاتفية أو من صفحات مزيفة يتم غلقها فيما بعد والتخلص منها على الفيس بوك.

بالإضافة إلى الهجمات الإلكترونية التي أصبحت تتم بشكل ممنهج على الفتيات والنساء من مجموعات منظمة على التليجرام والفيس بوك، حيث يتم استهداف الفتيات لآرائهن أو لنشرهن صورهن وطابع حياتهن المختلف على السوشيال ميديا، وصولا لتتبعهن داخل الجروبات المغلقة، وتقييم سلوكهن وتقرير مصيرهن، من خلال الوصول إلى بيانات هؤلاء الفتيات وأرقام تليفونات الأهل والأقارب وكذلك صفحاتهم الشخصية ونشر ما وجدوه وما عرفوه عنها في كل مكان مما يخلق عنفا أسريا ناتج عن عنف إلكتروني من خارج إطار الأسرة.

كل ذلك قد يكون هو الجزء الأول من حكايات النساء ضحايا العنف الرقمي في مصر، حيث يعانين أيضًا في رحلتهن للتبليغ إذا استطعن إقناع من حولهن على دعمهن في تلك الخطوة ، هذا الفصل من القصة تعاني فيه النساء من التجاهل أو التبرير حيث قد تواجه النساء أسئلة حول شكل علاقتها مع المبتز وهل حصل على المواد التي يستخدمها في جريمته بعلمها أم بشكل خارج عن إرادتها، وذلك لسهولة تصنيفها هل هي ضحية أمام المنظومة الأبوية أم تستحق ما تناله!

كما يتعذر على القانون والوحدات المختصة بالإبلاغ عن العنف الرقمي عن مساعدة الضحية ويعود ذلك لمعرفة المجرمين الآن طرقا آمنة تحميهم أثناء القيام بالجريمة وأيضًا القصور التكنولوجي الموجود الآن في الوصول إلى المجرمين وفي التواصل مع تلك المنصات خاصة وعلى سبيل المثال موقع التليجرام، الذي يأوي المئات والآلاف من الإرهابيين وأصحاب خطاب الكراهية ضد النساء ومروجي الجرائم والإشاعات والمحميين بسبب خصائص هذا التطبيق.

تعاني أيضًا النساء من التعامل مع قضايا العنف الرقمي باستخفاف دون تقدير كم المخاطر المترتبة عليها مما يجعل العديد من القضايا ذات الخطر المحتمل الحقيقي تنتهي قبل أن تبدأ مما يجعل الضحية دون حماية قانونية وفي مواجهة المبتز وحدها دون أي دعم، وهو ما يجعلها ضحية لجرائم أكبر كالقتل والتشويه البدني أو للاعتداء الجنسي أو الابتزاز المادي وغيره.

كل ذلك قد يضعنا الآن في حاجة ملحة إلى تعديل القوانين والإجراءات وتطوير الوحدات المختصة بالتحقيق في تلك القضايا، واهتمام أكبر من الدولة والجهات المسؤولة بالتعريف بمخاطر هذا العنف الذي قد يصبح أي فتاة في المجتمع ضحية محتملة له، كما يجب علينا الاهتمام بالتوعية حول آلية استخدام المنصات الإلكترونية بشكل آمن وخاصة للنساء لحمايتهن من أية جرائم محتملة، وأخيرا كشف أنواع الابتزاز الذي يمارس على النساء من شركاء حاليين أو محتملين حتى يسلمن بأنفسهن أدوات الجريمة المستقبلية كالصور والمحتوى الجنسي.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة