المستبعدون من “جنة التعيين”.. أي مصير ينتظر 14 ألف معلم؟

أجلت دائرة العدل بالمحكمة الإدارية في العباسية النظر في القضية التي تقدمت بها “المبادرة المصرية للحقوق الشخصية” عن المعلمات والمعلمين المستبعدين من التعيين بعد فوزهم في مسابقة “30 ألف معلم”، وذلك إلى يوم 11 يونيو 2024.

تعود الأزمة إلى أكتوبر 2023 عندما استبعدت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، ما يقرب من 14 ألف معلم من قائمة الناجحين في مسابقة 30 ألف معلم لعام 2022، بدعوى عدم اجتيازهم التدريبات، الأمر الذي دفع مئات من المعلمين المستبعدين إلى التظاهر والاعتصام أمام وزارة التربية والتعليم في العاصمة الإدارية الجديدة، احتجاجًا على المعايير التي أدت إلى استبعادهم من المسابقة، وألقي القبض على مجموعة منهم في هذه الأحداث.

المستبعدون من القائمة 14 ألف “مقبول”

“أكثر من 90 ألف قدموا في المسابقة، نجح منهم في اختبارات الهيئة 28 ألف معلم، لكن بعد اختبارات الكلية الحربية تفاجأنا بأن عدد المقبولين للتعيين 14 ألف فقط، أين نحن؟ ولماذا تم استبعادنا؟ وأين حقنا؟”؛ شهدت إحدى المعلمات لمنصة “فكر تاني”، فضلت عدم ذكر اسمها.

كانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أدانت -في بيان صحفي- القبض على 14 شخصًا من المعلمين المتظاهرين، وطالبت بالإفراج الفوري عنهم وإسقاط كل الاتهامات الموجهة لهم.

اقرأ أيضًا: “لماذا اُستبعدنا؟”.. نتائج “مسابقة 30 ألف معلم” تسأل عن الجهة المعنية

أحمد محروس، مسؤول وحدة الرصد والتوثيق بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أوضح -في حديث لـ”فكر تاني”- أن المبادرة أوردت طعنها على قرار وزير التربية والتعليم باستبعاد معلمات ومعلمين ممن اجتازوا الاختبارات المؤهلة للتعيين، ضمن مسابقة “30 ألف معلم”، في بيان صحفي يوم الخميس 28 ديسمبر 2023.

“أكثر من 14 ألفًا من الناجحات والناجحين في المسابقة فوجئوا باستبعادهم لأسباب تمييزية تتعلق بالوزن الزائد والحمل والولادة الحديثة، أو عدم اجتياز تدريبات عُقدت للياقة الطبية والبدنية والذهنية وكشف الهيئة، وجميعها تدريبات عُقدت في الكلية الحربية، ما دفع مجموعة منهم إلى تقديم بلاغات كإجراء أخير للمطالبة بحقوقهم وما وعدوا به”.

وبسؤال “محروس” عن مقدمي البلاغات، قال: “نحن نمثل 106 معلمة ومعلم مستبعدين تقدموا إلينا بالبلاغ بعد اجتياز كل الاختبارات؛ 94 معلمة و12 معلمًا من 17 محافظة، اكتشفوا أن أسمائهم لم تُدرج بكشوفات التعيين، وعند سؤالهم عن السبب قُيل لبعضهم: لا يوجد سبب، أما الآخرين، فتنوعت الأسباب التي قيلت لهم؛ إذ أبلغ 50 منهم بأنهم أصحاب أوزان زائدة، و28 تم رفضهن بسبب أنهن حوامل، بينما قيل لـ 28 آخرين أنه بسبب كشف الهيئة، وقد تم تقديم الطعون في مجلس الدولة التي أحالت 86 تقريرًا منها إلى المفوضين، جميعها في صالح المستبعدين، وننتظر أن تتم إحالة البقية من مجلس الدولة قريبًا إلى المفوضين”.

المستبعدون من “30 ألف معلم”.. أي معايير تطبقها الوزارة؟

خلال العام الماضي، تساءلت الدكتورة حنان حسني يشار، عضو لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس النواب، تحت قبة البرلمان عن معايير اختيار المعلمين في هذه المسابقة.

وقد أوضحت –في تصريحات صحفية– أنه نتيجة للعجز الشديد في المعلمين الذي وصل إلى 400 ألف معلم في جميع المراحل التعليمية، تم الإعلان العام قبل الماضي عن تعيين 150 ألف معلم على خمس سنوات، على أن يتم تعيين 30 ألف معلم كل عام. وبالفعل تم الإعلان عن مسابقة التعيين، وكان عددهم 240 ألف معلم تمت تصفيتهم إلى 30 ألف معلم، بعد تجاوز كل الاختبارات والشروط، ونتيجة عدم وجود مخصصات مالية من ميزانية 2022/ 2023 لهذه المسابقة بالتربية والتعليم أو موافقة وزارة المالية تم ترحيل هذه الدفعة لميزانية 2023/ 2024 وتم فرض اختبارات جديدة، أٌلزم المقبولون في الاختبارات السابقة بخوضها مجددًا، وتضمنت اختبارات رياضية واختبارات لياقة وكشف هيئة، إلا أن المفاجأة كانت عندما استبعدت وزارة التعليم الكثير منهم بسبب السمنة والوزن الزائد وغياب اللياقة البدنية والرياضية.

اقرأ أيضًا: رأي| أزمة التعليم في مصر.. تشخيص دقيق وحلول مستعصية

“استقلت من المدرسة الإنترناشيونال التي كنت أعمل بها لأنني صدقت وعد الحكومة بالتعيين، وسجلت في المسابقة. كان الجزء النظري صعبًا بشكل كبير، طُلبت منا الإجابة على معلومات عامة كتيرة وصعبة ومعقدة في كل المجالات، ورغم كل هذه الصعوبات تمكنا من تجاوز الامتحانات، إلا أننا تفاجأنا بأمر الوزير بضرورة إخضاعنا لاختبارات خاصة بالكلية الحربية.. نحن معلمات في وظائف مدنية، لماذا يتم إخضاعنا لاختبارات عسكرية؟؛ تتساءل المعلمة “أ.ن” إحدى المعلمات المستبعدات من نتائج مسابقة الـ 30 ألف معلم.

اختبارات عسكرية لم يتضمنها إعلان المسابقة

كانت خطوة إجبار المعلمين على تلقي دورات تدريبية مُعدَّة من قبل الكلية الحربية غير مُدرجة في الإعلان الرسمي للمسابقة، التي تقدموا إليها، وتمت إضافتها لاحقًا بعد اجتيازهم الاختبارات الأولية.

“في الكلية الحربية لم تكن الموازين المخصصة لاختباراتنا دقيقة، كانت قراءات أوزاننا صادمة، وحينما أخبرنا القائمين على الأمر أبلغونا بأن الإجراء روتيني ليس أكثر، وهو ما خالف تقديرات الأطباء الذين اعتمدوا هذه القراءات أثناء الكشف الطبي ومن ثم استبعد الكثير منا بسبب الوزن”؛ تقول “أ. ن”.

وفق هذا الاختبار، فإن متوسط الوزن المقبول (20 كيلوجرام + الوزن المثالي) وفق أطوال المتقدمين، وما هو أزيد عن 20 كيلو مستبعد.

خضع المتقدمون أيضًا لاختبار جري. “كان علينا أن نقطع مسافة 100 متر في نصف دقيقة! وممارسة تمارين 60 ضغط و60 بطن في دقيقة! نحن معلمون في مدارس خاصة وقادرون على أداء وظائفنا ونؤديها بالفعل منذ سنوات، هل نحتاج إلى مزيد من الكفاءة البدنية؟ ما حدث معنا وتعاملهم معنا كان إهانة وتقليل من شخوصنا وظلم كبير لينا.. سيارة الإسعاف رافقتنا طوال هذه الاختبارات بسبب الإصابات التي لحقت بنا في تدريبات واختبارات تصلح للضباط وليس لمعلمين”؛ تقول “أ. ن”.

التكلفة المادية لاستكمال الأوراق الرسمية المطلوبة لاجتياز المسابقة كانت أيضًا عبئًا إضافيًا على هؤلاء المعلمين، هذا فضلًا عن عبء كم المعلومات المعمقة عن شجرة العائلة لكل معلم ومعلمة بشكل تفصيلي، وهو أمر مرهق لم يُفهم الغرض منه.

“بعد كل ما أنفقناه على هذه الاختبارات وما عانيناه خلال خوضها واستقالة كثير منا من وظائفهم الأساسية على أمل اللحاق بما شعرنا أنه ثورة في وضع المعلم في مصر وعودة هيبتنا، تفاجأنا بأن أسمائنا غير مُدرجة في كشوف التعيين. شاهدت بعيني معلمة زميلة كانت في شهر حملها الثامن، وبفعل ضغط وقسوة الاختبارات نُقلت إلى المستشفى وتوفيت والجنين! من يرضى بهذا الظلم؟”.

وقد أثارت هذه القضية بعض الجدل داخل البرلمان، وأدلى نواب بتصريحات تدعم حق المعلمين والمعلمات، من بينهم النائبة الدكتورة إيرين سعيد، التي أعلنت عبر صفحتها الشخصية على “فيسبوك”، أنها تقدمت بطلب إحاطة موجه إلى الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء والدكتور رضا حجازي وزير التربية والتعليم بشأن تأخير تنفيذ توصيات لجنة التعليم الخاصة بطلبات الإحاطة للمستبعدين من مسابقه 30 ألف معلم، موضحةً أن هناك مرحلة ثانية للمسابقة لم يتم ضم المستبعدين إليها. وطالبت بسرعة توضيح الأسباب بكل شفافية أمام هؤلاء المستبعدين، وتنفيذ ما ذكره السيد الوزير وما صدرت به توصيات من لجنة التعليم بمجلس النواب.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة