هل تخلّت إيران عن المقاومة الفلسطينية؟

في تقرير حصري، ذكرت وكالة "رويترز"، إن إيران أبلغت قيادة حماس أنها لن تشارك في الحرب. وحسب الوكالة، طالب المرشد الإيراني علي خامنئي، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية، بإسكات الأصوات التي تدعو طهران وحزب الله إلى المشاركة في الحرب في 6 نوفمبر الجاري.

نقلت "رويترز" عن ثلاثة مسؤولين كبار إن الزعيم الأعلى الإيراني وجه رسالة واضحة لرئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) عندما التقيا في طهران في أوائل نوفمبر، قائلًا إن حماس لم تبلغ إيران بهجوم السابع من أكتوبر على إسرائيل، ومن ثم فإن الجمهورية الإسلامية لن تدخل الحرب نيابة عنها.

وقال آية الله علي خامنئي لإسماعيل هنية إن إيران -التي تدعم حماس منذ فترة طويلة- ستواصل تقديم دعمها السياسي والمعنوي للحركة، لكن دون التدخل بشكل مباشر، حسبما أفاد المسؤولون، وهم من إيران وحماس ومطلعون على المناقشات وطلبوا عدم الكشف عن هوياتهم حتى يتسنى لهم التحدث بحرية.

ونفت حركة "حماس"، الأربعاء، ما نشرته وكالة "رويترز" عما دار في لقاء "هنية" و"خامنئي". وقالت الحركة في بيان: "إننا في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ننفي صحة ما ورد في هذا التقرير، ويؤسفنا نشر خبر لا أصل له، وندعو الوكالة لتحري الدقة".

إيران والقضية والمقاومة

بعد أن شنت حركة حماس هجومها في السابع من أكتوبر على كيان الاحتلال الإسرائيلي، خرج المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، وأشاد بما سماه "الزلزال المدمر" لإسرائيل، وقال: "نحن نقبل أيادي أولئك الذين خططوا للهجوم".

هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023
هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023

ولكن سرعان ما نفى في نفس الوقت تورط إيران في هذه العملية.

وعند السؤال عن دعم إيران لحماس، قال غازي حمد، المتحدث باسم حماس، خلال مقابلة مع برنامج "نيوز أور" على قناة "بي بي سي": "أنا فخور بأن هناك العديد من الدول تساعدنا، إيران تساعدنا، ودول أخرى تساعدنا، سواء بالمال أو بالسلاح أو بدعم سياسي، لا بأس أن نفعل ذلك".

اقرأ أيضًا: المقاومة حق

وقال البيت الأبيض إنه لم يرصد أدلة تربط إيران مباشرة بهجوم حماس. وعلى الرغم من ذلك، قال مسؤول أمريكي بارز لصحيفة "الجارديان": "ظلت إيران منذ فترة طويلة داعما رئيسيا لحماس والجماعات الأخرى التي تعتبر إرهابية".

لم تكن إيران معادية للكيان الصهيوني حتي قامت الثورة الإسلامية وعاد أية الله الخميني إلى السلطة. حينها رأى النظام الإيراني في القضية الفلسطينية الطريق نحو المشروعية الإسلامية والإقليمية، فقد رفعت شعار "اليوم إيران وغدًا فلسطين".

وسرعان ما أصبحت القضية الفلسطينية جزءًا لا يتجزأ من اهتمامات إيران، حيث اكتسبت شعبيةً هائلة، ليس فقط بين الأوساط الإسلامية بل أيضًا داخل المجتمعات الفكرية واليسارية.

وبعد ستة أيامٍ فقط من اندلاع الثورة الإسلامية، أصبح ياسر عرفات، زعيم منظمة التحرير الفلسطينية آنذاك، أول شخصية أجنبية رفيعة تلتقي بآية الله الخميني والحكومة المؤقتة في طهران.

وبعد ساعاتٍ فقط من لقاء عرفات بالحكومة الجديدة، قطعت إيران علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل نقلًا عن "بي بي سي".

ولكن اصطدمت العلاقات بين الزعيم الفلسطيني وإيران بحجر عثرة بسبب محاولات إيران لمصادرة القرار الفلسطيني، وبدأت في بناء علاقات مع الفصائل الفلسطينية وحركات المقاومة المعادية لكيان الاحتلال الإسرائيلي.

وبالرغم من اختلاف الأيديولوجية الدينية بين إيران وحركات المقاومة الفلسطينية السنية فهذا لم يكن عائقًا في دعم إيران للمقاومة الفلسطينية وخاصة حماس منذ نشأتها وتطورها حتي عام 2012، حيث توترت العلاقات بين حماس وإيران؛ عندما رفضت الحركة تأييد الرئيس السوري بشار الأسد، حليف إيران المقرب، وسط الحرب الأهلية في بلاده. وردًا على ذلك، أوقفت إيران المساعدات المالية عن حماس وقلصت دعمها للأنشطة المسلحة التي تقوم بها الحركة.

وفي عام 2015، تعمق الانقسام بسبب التقارب الواضح بين حماس والمملكة العربية السعودية، الخصم القديم لإيران. ودعمت إيران الحوثيين الشيعة في الحرب الأهلية في اليمن، ووضعتهم في مواجهة السعودية، التي تدعم القوات الحكومية هناك.

محور المقاومة

في بداية الشهر الجاري، طلب وزير الخارجية البريطاني (الذي أصبح وزيرًا للداخلية يوم الإثنين) جيمس كليفرلي، في اتصالٍ هاتفيّ مع نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، على إيران استخدام نفوذها على الجماعات المسلحة في المنطقة لمنع تصعيد التوترات المحيطة بحرب غزة.

وبعد أسبوعٍ من هجوم السابع من أكتوبر، ووسط إدانةٍ غربية واسعة النطاق لتصرفات حماس، التقى عبد اللهيان بإسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس، في قطر.

حسين أمير عبد اللهيان بإسماعيل هنية
حسين أمير عبد اللهيان بإسماعيل هنية

واغتنم الوزير الإيراني تلك الفرصة لتحذير إسرائيل من أنه إذا استمرت في قصفها لغزة، فقد تكون هناك عواقب غير متوقعة في المنطقة.

اقرأ أيضًا: عن لعنة العقد الثامن.. المخاوف التلمودية التي أثارتها المقاومة

وردد آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى لإيران، هذا التحذير، حيث قال: "إنّ قوى المقاومة سينفد صبرها، ولن يتمكن أحد من إيقافها" نقلًا عن "بي بي سي".

وقال محللون سياسيون في مؤسسة الأبحاث "The Century Foundation" والتي مقرها الولايات المتحدة، في تعليق في 16 أكتوبر: "إن التدخل الإسرائيلي الواسع في غزة يهدد بتصعيد من قبل حلفاء حماس فيما يسمى بمحور المقاومة، وهو تحالف إقليمي تقوده إيران ويضم أيضاً حزب الله اللبناني ومختلف الفصائل شبه العسكرية العراقية وحركة الحوثيين في ​​اليمن".

ويقول الكاتب والمحلل السياسي، فيصل عبد الساتر لجريدة بلقيس: "محور المقاومة هو الوحيد الذي أثبت حضوره، وإن كان بحجم معين، على الأقل هو يحاول ويقدّم ويدافع من لبنان إلى العراق إلى اليمن إلى سوريا بكل ما لديه من وسائل في هذا الإطار".

وأضاف: "لا ننسى أن الآخرين إما أنهم متواطئون، وإما أنهم مشاركون، وإما أنهم صامتون، وفي الأحوال الثلاث هم يقتلون الشعب الفلسطيني".

وتابع: "أما محور المقاومة يحاول ما استطاع أن يقدّم شيئا من الدفاع، لا سيما في الجبهة اللبنانية، التي منذ قليل اعترف العدو الإسرائيلي بأن الطائرات المسيّرة المسلحة التي أطلقها حزب الله أصابت أهدافا كبيرة، وألحقت خسائر كبيرة، وهذا تطوّر خطير على صعيد الجبهة مع لبنان".

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة