لك الله يا فلسطين وحي الله المقاومة، لا يخفى على أحد ما يحدث في قطاع غزة من إبادة جماعية وكل أنواع وأشكال جرائم الحرب. فلا جديد يقال ولا شيء يكتب، لكن علينا أن نوثق وأن نفتح الكادر بلغة صناع السينما لكي نرى الصورة من كل الزوايا.
واليوم أنظر من زاوية "الداعمين" للجرائم الصهيونية في فلسطين وقطاع غزة، بالتحديد الذين يطلقون على حركة المقاومة الإسلامية حماس "منظمة إرهابية" وهم كثر، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية وبالتبعية المذلة والمشينة بريطانيا وفرنسا ومعظم دول الاتحاد الأوروبي.
حين تأملت المشهد طرحت على نفسي بعض الأسئلة لعل وعسى أجد منطق ولو ضعيف يجعل كل هؤلاء الداعمين لا يروا كم هذه المذابح والتصفية والإبادة الجماعية لسكان قطاع غزة، ٢مليون إنسان، شهداء محتملين طوال ما يقرب من ٢٠ يومًا. ما الذي يمنع تلك الدول من رؤية الحقيقة؟ ما المشترك بينهم لكي يتخذوا نفس الموقف بنفس الحدة؟
اقرأ أيضًا:حجب الحقائق وتغييب الوعي في حرب غزة
وأخيرًا، توصلت للرابط، أو أظن هذا.
جميعهم دول وامبراطوريات استعمرت دول سابقًا. أمريكا ومذابح الهنود الحمر، بريطانيا قامت باستعمار دول عدة ومارست كل أشكال القمع في كل الدول التي فرضت "الحماية" عليها ومنها مصر لأكثر من ٧٥ عامًا. وفرنسا وهي حكاية اليوم، من أكبر الدول التي لها تواجد استعماري في إفريقيا بشكل عام. لكن دعونا نرى لماذا تدعم فرنسا الجرائم الصهيونية في فلسطين!
الفرنسيون، نفس العصابة لكن في أزمنة مختلفة، فتاريخ استعمار فرنسا للجزائر يوضح لنا لماذا تدعم الجمهورية الفرنسية الديمقراطية الحديثة كل هذه الجرائم الواضحة وضوح الشمس في كبد السماء.
دخلت فرنسا الجزائر عام ١٨٣٠، وخرجت منها عام ١٩٦٢، ١٣٢ عام من الاستعمار قرن وثلث من التجبر وكل الجرائم التي تُرتكب في حق الجزائريين، أجيال تسلم أجيال رايات المقاومة والنضال، لكن دعونا نرصد ونوثق الآن جزء من مذابح الفرنسيين البشعة في حق الشعب الجزائري.
كان أبرز تلك الجرائم، الإبادة الجماعية، والتعذيب، والقتل، والنهب الذي طال حتى أرشيف الوثائق. مارس الاستعمار الفرنسي أبشع أنواع التنكيل والقتل ضد الجزائريين، وكانت حصيلتها حسب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أكثر من 5 ملايين قتيل طيلة قرن وربع القرن.
طبعا هناك آلاف المذابح والجرائم البشعة التي قام بها المستعمر الفرنسي في حق الشعب الجزائري على مدار قرن وربع، سنسرد هنا بعض منها لكي أبرهن أن الكيانات الاستعمارية مهما مر من سنيين ومهما حاولت أن تتجمل بالديمقراطية وتطبيق معايير حقوق الإنسان وتقبل الآخر إلى آخره، فإنها تخفي أسفل هذا المكياج الوجه الحقيقي والقبيح للمستعمر، البلطجي القديم للحي، فهذه بعض جرائهم.
مذبحة العوفية
أجمع الباحثون على أن "مذبحة العوفية" واحدة من أبشع عمليات الإبادة البشرية تمت في العصر الحديث، قبيلة تعيش لياليها هادئة، تقطن في الجنوب الشرقي من مدينة الجزائر، في الإقليم الذي صار بعد ذلك بلدية من الضاحية وهي بلدية الحراش خلال مرحلة الاحتلال، وكانت مكلفة خلال مرحلة إيالة الجزائر بحراسة البرج المحصن الذي أقامه الأتراك.
أعطى دوق روفيغو الأمر لقواته في ليلة 5 أبريل 1832م بسحق «قبيلة العوفية» وإبادة أفرادها بالحراش، حيث هاجمتهم قوات العقيد ماكسيميليان جوزيف شوينبيرغ، تم مفاجأة هذه القبيلة قبيل فجر 7 أبريل 1832م من أجل معاقبتها بهمجية، حيث تم اعتقال شيخها واقتياده إلى مدينة الجزائر لتتم محاكمته وإدانته ثم يُطَبَّقَ عليه حكم الإعدام، ولقد هلك الكثير من الأهالي الجزائريين الأصليين خلال هذه الحادثة، ولم ينج من هذه الإبادة إلا أربعة رجال.
عند عودة هذه الحملة الإجرامية المخزية ضد المدنيين العزل والنائمين الذين قُتلوا جميعًا وقطعت رؤوسهم، حمل فرسان فوج شاونينبيرج عند مدخل مدينة الجزائر رؤوس الجزائريين من قبيلة العوفية الذين قُطعت رؤوسهم على رؤوس رماحهم.
محرقة الأغواط
هي جريمة أخرى أشد فتكا من سابقاتها حيث استعملت فيها مواد كيماوية محرمة دوليا، وقع ذلك في الرابع من شهر ديسمبر من سنة 1852 بولاية الأغواط، وخلفت ورائها استشهاد ثلثي سكانها، بما يقارب 2500 شهيدا من أصل 3500 ساكن، ومن ضحاياها أطفال ورضع تم وضعهم في أكياس وحرقهم أحياء وهم مخدرين بمادة" الكلوروفورم "الغازية السامة.
وكما يفعل الطغاة دائمًا، قام الجنرال وجوسيف برايسي، بإنذار سكان الأغواط بتسليم المدينة قبل اللجوء إلى القوة، وهي الدعوة التي تركت بواسل وحرائر المدينة يرفضون ويقسمون أن يموتوا تحت أسوارها مهما كانت النتائج. حاصرت القوات الفرنسية المدينة، لتعلن إثرها حرب الأسلحة الكيماوية ووابل الذخيرة الحية، وكذا عمليات الحرق والتنكيل والتعذيب الجماعي، التي انتهت بسقوط مدينة الأغواط، بعد استشهاد ثلثي السكان وكانت حصيلة الإبادة مرشحة للزيادة،
مجزرة سطيف
هي عمليات قتل ارتكبتها قوات الاحتلال الفرنسي ضد الشعب الجزائري، وشملت معظم أرجاء الجزائر ومن أهم المناطق هي سطيف والمسيلة وقالمة وخراطة وسوق أهراس، بعد أن قامت الشرطة الفرنسية بقمع المظاهرات فيها يوم إعلان انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، أتاحت المظاهرات التي جرى تنظميها في مدينة سطيف، الفرصة للقوميين للمطالبة باستقلال البلاد عن فرنسا. ثم تدخلت الشرطة. وقتلت شابًا (بوزيد سعال 22 سنة) وتحولت المظاهرات إلى أعمال شغب. وقررت السلطات تطبيق القانون العُرفي وشرعت الشرطة في قمعها. ما أدّى لمقتل آلاف الأشخاص.
هذه نبذة بسيطة جدًا لضيق المساحة لا أكثر عن جرائم المستعمر الأوروبي الفرنسي في كل الأزمنة حتى وصلنا إلى هذه النقطة. ففرنسا الدولة الديمقراطية المتقدمة الحديثة لا تستعمر ولا تقتل. لكن تؤيد وتدعم الكيان الصهيوني بكل قوة لكي يستكملوا الإبادة الجماعية لشعب فلسطين وأهل قطاع غزة بالتحديد.
المجرم القديم النائب زورًا يدعم قتل الأطفال والنساء والمدنيين العزل من أجل حق الصهاينة في حياة أفضل.