المفوضية المصرية للحقوق والحريات: 8 توصيات بشأن المهاجرين في مصر

منذ العام 2019، شهدت مصر زيادة ملحوظة في المهاجرين إليها تأثرًا بالصراعات في دول الجوار، والذين وصلت أعدادهم إلى ما يقرب من 9 ملايين (8.7% من سكان مصر) لاجئ ومهاجر من ملتمسي اللجوء قيد الانتظار حاليًا، وفق آخر بيانات للمنظمة الدولية للهجرة.

يأتي ذلك في وقت تشير بيانات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، إلى أن 3% فقط من هؤلاء هم النسبة الفعلية المسجلة، بينما تعيش الأعداد المتبقية وفق إقامات الدراسة أو العمل أو الزواج أو إقامات سياحية أو بالمخالفة لشروط الإقامة، بسبب عدم توافر الإمكانات المالية وفقدان الوثائق، وغيرها من الأسباب المتعلقة بوضع الفارين من الحروب والأزمات.

هذا الأمر يفتح الباب أمام تساؤلات حول وضعهم في بلد يعاني أزمة اقتصادية كبرى، حاولت المفوضية المصرية للحقوق والحريات (القاهرة) معالجته في تقرير تحليلي، تتبعت فيه سياسات الحكومة التشريعية والتنظيمية بشأن المهاجرين واللاجئين منذ بداية هذا العام؛ بغرض فهم سياسات الدولة ورؤيتها حول تقنين وتنظيم وتحسين أوضاع اللاجئين.

مصر المحاصرة بصراعات الجوار

تواجه مصر حاليًا وضعًا صعبًا مع اشتعال الصراعات والحروب في دول جوارها على حدودها الثلاث؛ غربًا في ليبيا وجنوبًا في السودان وأخيرًا شرقًا في غزة، التي أعادت الحرب الإسرائيلية العنيفة عليها، الحديث مجددًا عن مخططات تهجير الفلسطينيين، المرفوضة مصريًا شعبيًا ورسميًا.

مخيم للنازحين الفلسطينيين من الحرب في غزة (وكالات)
مخيم للنازحين الفلسطينيين من الحرب في غزة (وكالات

وفق آخر إحصائيات مفوضية الأمم المتحدة عن عدد اللاجئين المسجلين الصادر فى سبتمبر 2022، فإن مصر تستضيف 287 ألفًا و937 لاجئًا وطالب لجوء من 65 دولة، بلغ تعدادهم بحسب الجنسية: سوريا: 144768، السودان: 58405، جنوب السودان: 23283، إريتريا: 21990، إثيوبيا: 15895، اليمن: 8911، الصومال: 6531، جنسيات أخرى: 8151.

وازدادت هذه النسبة تفاقمًا مع أزمة الصراع المسلح فى السودان، الذي تدفق على إثره الآلاف من السودانيين إلى المنافذ الحدودية مع مصر. حتى وصل عدد من دخلوا إلى مصر عبر المعبرين الرسميين "أرقين" و"قسطل" حتى 22 يونيو الماضي إلى 250 ألف سوداني، وفقًا لوزارة الخارجية المصرية. ذلك بالإضافة إلى ما يقرب من 5 ملايين مواطن سوداني موجودين بالفعل من قبل الأزمة.

اقرأ أيضًا: من أجل اللاجئين

قرارات حكومية أثرت على المهاجرين

يشير تقرير "المفوضية المصرية للحقوق والحريات" إلى قرارات حكومية أثرت على حياة اللاجئين في مصر، فيلفت إلى 3 منها بشأن تنظيم وجود المهاجرين في مصر، تضمنت:

  • قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 369 لسنة 2023 بشأن تنظيم صندوق مكافحة الهجرة غير الشرعية وحماية المهاجرين والشهود، والذي يهدف إلى تقديم المساعدات المالية والنفسية للضحايا، وتمويل برامج رعاية وتأهيل المهاجرين المهربين، وتوفير الرعاية الصحية والنفسية للنساء والأطفال وغير المصحوبين، وتمويل الأنشطة المنصوص عليها في الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الهجرة، والمساهمة في تمويل الإعادة الآمنة للمهاجرين المهربين إلى بلادهم، وتمويل إعادة إدماج المصريين العائدين.
  • قرار وزير الداخلية رقم 1105 لسنة 2023 بتعديل بعض أحكام القرار الوزاري رقم 31 لسنة 1960 في شأن التأشيرات، والذي فرض رسوم تأشيرة تسمح بالإقامة لمدة 90 يومًا بقيمة 700 دولار أمريكي.
  • قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3326 لسنة 2023 والذي ينص على وجوب تقديم طالبي جميع أنواع الإقامات، سواء للسياحة أو لغيرها، ما يفيد سداد (الإقامة – غرامات التخلف – تكاليف إصدار بطاقة الإقامة) بعد تحويلها من الدولار الأمريكي أو ما يعادله من العملات الأجنبية عن طريق أحد البنوك أو شركات الصرافة المعتمدة. كما ينص على ضرورة توفيق أوضاع الأجانب المقيمين في مصر خلال 3 أشهر من صدور القرار ومع مراعاة شرط وجود مستضيف مصري، وسداد مصروفات إدارية ما يعادل ألف دولار أمريكي توضع بالحساب المخصص لذلك.
مهاجرون سودانيون في مصر (رويترز)
مهاجرون سودانيون في مصر (رويترز)

ويعلق التقرير بأن هذه القرارات وإن كانت مجرد إجرائية، فإن الدافع لإصدارها تحصيل الرسوم وليس تنظيم وحصر الأعداد والبيانات لاستخدامها في مواجهة الأزمة، مضيفًا أن الحكومة تصدر لهم أغلب مشكلاتها، وتستخدمهم لتبرير ارتفاع الأسعار وكذلك لتبرير فرض المزيد من الرسوم.

الاحتياجات الضرورية للمهاجرين في مصر

يقسم التقرير احتياجات المهاجرين في مصر إلى 3 أقسام رئيسية:

المساعدة الإنسانية: يحتاج اللاجئون والمهاجرون إلى المساعدة في الحصول على الطعام والسكن والرعاية الصحية والتعليم، وضمان حرية التنقل داخل البلاد وبين المدن، وإقرار الحق في لم شمل الأسرة وفق نصوص القانون، وضمان الحق في الحماية وعدم الترحيل القسري المخالف للاتفاقيات والقانون الدولي.

الفرص الاقتصادية: يحتاج اللاجئون والمهاجرون إلى فرص عمل قانونية لتوفير تكاليف المعيشة لأنفسهم وأسرهم، ولتسهيل ذلك يلزم الاعتراف بالمؤهلات ومعادلة الشهادات الدراسية، وإتاحة الدخول لسوق العمل والكسب، وتسهيل الحصول على سكن مناسب وإتاحة الفرص أمام الأطفال لاستكمال التعليم.

الخدمات الاجتماعية: يحتاج اللاجئون والمهاجرون إلى الدعم الاجتماعي والنفسي للمساعدة في التكيف مع الحياة الجديدة في مصر، وإتاحة حرية التعبير والعمل الأهلي وحق التقاضي تحقيقًا للاندماج المطلوب، والحصول على الخدمات بمقابل عادل وإتاحة وسائل الاتصال دون قيود للاتصال بذويهم والقيام بأعمالهم، وكذلك تقنين شروط التجنس بقواعد عادلة لا تحدد بناء على دفع مبالغ مالية.

اقرأ أيضًا: انتهاكات وعنف وحقوق ضائعة.. تقرير جديد للعفو الدولية يرصد واقع حقوق الإنسان في مصر

توصيات المفوضية لحل أزمات المهاجرين

وتقدم المفوضية 8 توصيات، تراها مناسبة لمعالجة أزمات المهاجرين الأجانب في مصر، وتحسين مستوى معيشتهم، ضمنتها في:

  1. المشاركة المجتمعية وتبديد الغموض المحيط بمشروع القانون المنتظر.
  2. التوقف عن التعامل مع أزمة اللاجئين باعتبارها من الأعباء يستوجب المساعدة النقدية للحكومة دون النظر إلى التوافق المجتمعي والحقوق الأساسية للمقيم والواجبات الملزم بها دون مغالاة أو استغلال للوضع في زيادة إيرادات الحكومة من العملة الأجنبية دون النظر للحالة السيئة للاجئين وما يزيدها سؤا من تردى الوضع الإقتصادى فى مصر بشكل عام.
  3. ضرورة المشاركة الحقيقية والفعالة للمجتمع المدني وللمنظمات الدولية المعنية والشريكة للحكومة المصرية، حيث لا يوجد تمثيل حقيقي للمؤسسات الدولية وخصوصا المفوضية السامية لشئون اللاجئين باعتبارها صاحبة الاختصاص الأول لقبول حالات اللجوء والالتماس وحمايتهم (في تحديد صفة اللجوء أو زوالها أو التماس اللجوء وخصوصية المعلومات)، كما لا يوجد تمثيل لمنظمة الهجرة الدولية بصفتها معنية بالمهاجرين.
  4. الانتباه إلى أن فرض رسوم إقامة بالدولار قد يتسبب في أزمة بسبب اضطرار اللاجئين لتوفير العملة من السوق السوداء بأعداد ضخمة قد تحدث ارتفاعا فى سعر الدولار والمزيد من التضخم.
  5. الالتزام بالقانون رقم 82 لسنة 2016 بإصدار قانون مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين، والذي يعتبر المهاجر ضحية كما تنص المادة (2): "لا تترتب أية مسئولية جنائية أو مدنية على المهاجر المهرَّب عن جرائم تهريب المهاجرين المنصوص عليها فى هذا القانون، ولا يعتد برضاء المهاجر المهرَّب أو برضاء المسئول عنه أو متوليه فى جرائم تهريب المهاجرين المنصوص عليها فى هذا القانون".
  6. تسهيل الإجراءات المشددة للدخول عبر المعابر والسماح بدخول الأسر ودخول وحماية الأطفال غير المصحوبين. (معبر ارقين وقسطل على الحدود السودانية المصرية)
  7. تطبيق مثل تلك القرارات قد يكون له تبعات خطيرة لزيادة الضغط المادي على المهاجرين وملتمسي اللجوء غير المسجلين بالمفوضية السامية وقد يلجأ البعض إلى قوراب الهجرة غير النظامية عن الطريق سواحل مصر أو ليبيا ثم إلى أوروبا، وهو بخلاف ما تعلن الحكومة أنها تسعى إلى مكافحة تلك الهجرة وتنظيمها.
  8. على مجلس الوزراء التزام بالقوانين والاتفاقيات الدولية المعنية بمعيار توفير الحماية والإقامة وتحسين شروطهم للمهاجرين والأجانب.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة