يبدو أن تحولًا ما قد تشهده المعارضة خلال الساعات المقبلة من انتخابات الرئاسة المصرية، التي بدأت أولى مراحلها الإثنين بجمع توكيلات المرشحين المحتملين. فبعد أن علقت حملة المرشح أحمد الطنطاوي أعمالها احتجاجًا على ما اعتبرته "تضييقًا" بحق مؤيديها أمام بعض مقار الشهر العقاري، انتشرت مقاطع فيديو توثق تمكن آخرين من تحرير توكيلات لمرشحي المعارضة، في وقت كشفت مصادر عن لقاءات ومشاورات مرتقبة للحركة المدنية الديمقراطية، إعدادًا للخطوة القادمة.
دخلت المعارضة -ممثلة في الحركة المدنية- هذه الانتخابات بثلاثة مرشحين، دون اتفاق على واحد منهم ممثلًا لها، بعد اجتماع قرر خلاله فريد زهران اتخاذ مسار تزكية 20 من أعضاء مجلس النواب لطلب ترشحه، بينما سلك أحمد الطنطاوي وجميلة إسماعيل طريق التوكيلات الشعبية.
ساعات المخاض الأولى
بدت الساعات الثماني والأربعين الأولى من فتح باب جمع التوكيلات قاسية على مرشحي المعارضة؛ أحمد الطنطاوي وجميلة إسماعيل على وجه الخصوص، اللذان لم يتمكنا من جمع أكثر من 3 توكيلات فقط؛ اثنين للطنطاوي وواحد لجميلة، وسط مشاهدات سجلتها مواقع التواصل لاعتداءات تعرض لها مواطنين راغبين في تحرير التوكيلات أمام عدد من مقار الشهر العقاري.
اقرأ أيضًا: منع التوكيلات.. انتهاكات داخل مقار الشهر العقاري ضد مؤيدي "الطنطاوي"
حدد الجدول الزمني الذي أعلنته الهيئة الوطنية للانتخابات، ستة عشر يومًا فقط، متضمنة أيام الإجازات الرسمية، مدة زمنية ممنوحة للمرشحين لجمع توكيلاتهم.
في الأثناء، أعلن الطنطاوي - في بث حي أذاعه الثلاثاء لداعميه عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك" - تعليق أعمال حملته لمدة 48 ساعة، ذكر أنها لالتقاط الأنفاس والسماح لداعميه باتخاذ قرارهم بالاستمرار أو الانسحاب من المعركة الانتخابية، بينما طالب الهيئة الوطنية بـ"ضمانات تسمح لمؤيديه بتحرير التوكيلات دون انتهاكات بحقهم".
بادرة انفراج
مع دخول مرحلة جمع التوكيلات يومها الثالث، أعلن عدد من المواطنين، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تمكنهم من إصدار توكيلات تأييد لمرشحيهم المحتملين عبر عدد من مكاتب الشهر العقاري في مناطق مختلفة، دون التعرض لأي مضايقات أو انتهاكات، بالمقارنة لما تم رصده خلال يومي الإثنين والثلاثاء.
هذا الأمر، علق عليه مصدر داخل حملة الطنطاوي، بأنه يمثل مفاجأة لأعضاء ومنسقي الحملة، الذين انسحب اثنين منهم في اليوم الأول، تأثرًا بما تعرضا له.
وفي حديثه لمنصة "فكر تاني"، أضاف المصدر أن أعضاء الحملة يتمنون أن تستمر عملية تحرير التوكيلات دون انتهاكات أخرى، وأن يتمكن مرشحهم من ممارسة حقه الدستوري خلال المدة المحددة قانونًا.
اقرأ أيضًا: بجدول الضرب.. المعارضة "قد تكون ممنوعة" من تخطي عتبة توكيلات الرئاسة
أحد هؤلاء الذين تمكنوا من تحرير توكيل للطنطاوي كان الدكتور يحيى القزاز، الأستاذ بجامعة حلوان، الذي كتب عبر حسابه على موقع "إكس – تويتر سابقًا": "تم عمل توكيلين من د. عبد الجليل مصطفى ود.يحيى القزاز بمكتب (مدينتي) للمرشح الرئاسي المحتمل السيد أحمد الطنطاوي، التعامل كان محترمًا. وللقصة بقية. لسه خارجين".
كما أعلن أحد المواطنين يُدعى عماد إبراهيم عن تمكنه من تحرير توكيل آخر للطنطاوي بسفارة مصر في سلوفينيا بسهولة ويسر دون مضايقات.
وفي السياق، كشف وليد العمري، عضو حزب الدستور، أن الحزب لم يبدأ إلى الآن في جمع توكيلات الترشح لرئيسته المرشحة جميلة إسماعيل بشكل رسمي، انتظارًا لقرار الجمعية العمومية المقرر في 5 أكتوبر المقبل، لحسم أمر ترشحها. بينما أكد عضو الحزب -لمنصة "فكر تاني"- أنهم لم يتلقوا أي شكاوى خاصة بتعرض من حرروا توكيلات لمضايقات أو انتهاكات.
اجتماع طارئ ومشاورات مرتقبة
في المقابل، أكد مصدر داخل الحركة المدنية الديمقراطية - فضل عدم ذكر اسمه - أن الحركة تستعد لعقد اجتماع طارئ خلال الساعات القادمة؛ لبحث ما تعرضت له حملة الطنطاوي خلال اليومين الماضيين، ومناقشة كيفية دعمها خلال الفترة المقبلة. بينما كشف مصدر مقرب من الطنطاوي -لـ"فكر تاني"- أن حملته تُجري حاليًا مشاورات مع الحركة المدنية لبحث الخطوة القادمة.
وأشار مصدر الحركة المدنية إلى أن المعارضة ممثلة في الحركة تواجه حاليًا مأزقًا سياسيًا بسبب وجود مرشحين آخرين لم يعلن أي منهما دعمه للطنطاوي، في ظل الانتهاكات التي تتعرض له حملته.
وأضاف المصدر أن المسؤولية السياسية المنوطة بالحركة المدنية الآن تدفعها نحو دعم الطنطاوي ضد ما يتعرض له من تجاوز في حقه الدستوري بالترشح، خاصة مع ما يحظى به من دعم لابأس به داخل الحركة.
اقرأ أيضًا: انتخابات الرئاسة.. توكيلات من داخل الحركة المدنية للطنطاوي وتزكية برلمانية لزهران
وطالب حزب التحالف الشعبي الاشتراكي الهيئة الوطنية للانتخابات بالتحقيق فيما ورد من أنباء حول تعرض بعض المواطنين إلى اعتداءات من قبل مجموعات تواجدت أمام مقار الشهر العقاري في بعض المحافظات.
وقال رئيس الحزب، مدحت الزاهد، إن الحزب سيقدم مذكرة رسمية تتضمن وقائع الانتهاكات، لافتًا إلى أن الهيئة الوطنية أعلنت وقوفها على الحياد خلال فترة الانتخابات، وهو ما يستدعي حياد جميع المؤسسات الأخرى بلا استثناء، وإتاحة الفرص المتكافئة أمام جميع المواطنين دون تمييز.
وأضاف الزاهد، أن ازدحام الشهر العقاري -في نهاية يوم العمل- بجماهير لتحرير توكيلات للرئيس الحالي والمرشح في الانتخابات المقبلة عبدالفتاح السيسي، هو أمر مستغرب؛ لأنه جاء بعد دقائق قليلة من انتهاء مؤتمر الهيئة الوطنية للانتخابات في الرابعة عصر يوم إعلان جدول الانتخابات، ما يثير الشكوك حول تسريب ما، ويُهدد بالعملية برمتها.
ونبه الزاهد إلى أنه خلال الساعات الماضية تكررت شكاوى المواطنين من تعرضهم لكثير من المضايقات والاعتداءات أثناء عملية تحرير التوكيلات لممثلي المعارضة.
وفي السياق، أطلق محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، نداء إلى القوات المسلحة المصرية، بأن تحافظ على النظام الديمقراطي في البلاد.
وطالب السادات بضمان إجراء الانتخابات بشكل حر ونزيه، في إطار سياسي عادل، يضمن حقوق جميع الأطراف المشاركة، وفقًا للمادة 200 من الدستور، وأن تتمتع هذه الانتخابات برقابة دولية حقيقية.