المقصود بمحو الأمية هو القضاء على الجهل العلمي والفكري، إلى جانب الوعي الشامل بكافة مشكلات المجتمع والتنمية وعلاقتها بكافة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. فالأمية لا تعني وفقط عدم الإلمام بالقراءة والكتابة ولكنها أيضًا، تشمل الأمية المجتمعية والسياسية والاقتصادية وأمية العمل والفكر وأمية التمكين وأمية سياسية وديموقراطية بجانب أمية الاستقلال.
ننظر للأمية هنا بصورة غير نمطية، ننظر لها من منظور نسوي، فعندما نتحدث عن محو أمية النساء فنحن نطالب ونركز على محو أميتهن بجميع الجوانب المعرفية، لأن أمية النساء على وجه العموم تعيق مشاركتها السياسية والتي لا تستطيع مناقشة كافة البرامج الحزبية فيؤدي ذلك إلى فراغ كبير في البناء السياسي والديموقراطي سليم البنية.
إن أمية النساء تُحدِث خللًا مجتمعيًا نحو كافة أنماط التغيير داخل المجتمع بالكامل واستمرار السيطرة النمطية للثقافات غير العقلانية والذكورية على عقول الجميع من أفراد هذه المجتمعات، وهذا الخلل يترتب عليه العديد من المشكلات المتنوعة والمؤثرة عليهن إلى حد كبير. فالأمية تعيق عملية الإدراك المعرفي والوعي والتغيير، فتتعقد عملية التمكين النسائي سواء تمكين علمي اقتصادي، سياسي , فالتمكين المجتمعي هو الركيزة الأساسية التي يُبنى عليها كافة حوائط التمكين المعرفي لكافة النساء مهما كانت اختلافاتهن واهتماماتهن وهذا ما يحققه نمو الوعي لدى كافة الأطراف سواء من خلال محو أمية القراءة والكتابة لغير المتعلمين وأيضًا تنمية الوعي لديهم من خلال محاولات التعرف على البناء الثقافي والاجتماعي الذي يعيشون فيه، وذلك بأن يصاحب أو تندمج البرامج التعليمية لمحو أمية القراءة والكتابة ببرامج تعليمية لإبراز أهمية وجود النساء كإنسان لمحو أميتها المعرفية، أيضا اختيار الفريق المسئول عن التعليم بصورة جيدة بجانب التدريب الشامل لهم بما يتناسب مع الرؤى المتجددة والاستراتيجيات العالمية لتحقيق تشاركية الجميع في كافة أمور الحياة كحق من حقوقهن الإنسانية .
يحتفل العالم ويحيى يوم الثامن من سبتمبر من كل عام منذ عام 1867 م باليوم العالمي لمحو الأمية والذي يكون بمثابة محاولة لتذكير العالم والشعوب جمعاء بحتمية بذل الجهد لمحو أمية كافة الأفراد على اعتبار أنها السبيل للحصول على كرامة إنسانية وتحقيق التنمية نحو مجتمع أفضل ومتقدم في ظل تزايد التحديات. ووفقًا لإحصاءات العام الماضي، هناك نحو 771 مليون فرد "أمي" بكافة المهارات الأساسية للقراءة والكتابة، التحديات هائلة وشديدة الصعوبة والمؤشرات خطيرة عند استمرار تجاهل المشكلة، خاصة لدى النساء لأنهن دائما ما يحصدن نتائج السيء من الأفكار النمطية للمجتمعات التي تسلبها أبسط حقوقها في التعليم والصحة وغيرها، ما يٌعطل عملية التمكين، وهو أمر يتطلب التغيير الشامل في هيكل التعليم
قوانين ومناهج
قانون رقم (8) لسنة 1991 هو من أهم القوانين التي تعمل على تنظيم العمل في ملف محو الأمية وكان يحتاج إلى إعادة النظر في مضمونه، وكذلك المناهج التعليمية التي لم تتطور منذ أكثر من عشر سنوات إلا من بعض التغيرات السطحية، إضافة إلى النظر في عملية اختيار المعلمين وتدريبهم والتعاون المؤسسي الفعلي داخل كافة الوزارات بجانب حتمية تغيير أعمار الدارسين لأنه وفقا لهذا القانون يشمل أعمار الدارسين من ١٥ إلى 35 عامًا وحتى أربعين عامًا، ولم يتم تعديل ذلك إلا في عام ٢٠١٨ بطلب مقدم من النائب البرلماني محمد الحسيني بمشروع تعديل قانون رقم ٨ لعام ١٩٩١ وأيضا بشأن القانون المعدل رقم ١٣١ لعام ٢٠٠٩ والذي كنا نري فيهما تجاهل تام لأمور عديدة شملت عدم وجود آليات تفعيل حقيقية لهذه القوانين إذا وضعت بما يتلاءم مع منهجية إصلاح المشكلة كما شملت تجاهل تام لفئة الدارسين الأقل من ذلك في العمر وهم الفئة المحرومة من فرص التعلم نتيجة لظروفهم الاجتماعية والاقتصادية رغم وجود الرغبة في تحصيل العلم، لكنهم يشعرون بالتجاهل، ويُتركون للجهل والتطرف، ما يسهم في تفاقم الأزمة
توصيات هامة
حتمية وضع برامج تأهيلية متجددة لحملة المؤهلات العليا وإشراكهم في عملية التعليم ومحو الأمية بصورة متكاملة ومحاولة إمدادهن بالمهارات اللازمة لكيفية التعامل مع الكبار حتى لا يكون التدريب عملية سطحية. فالواقع يقول أن التدريبات سطحية والمدربين يفتقرون للمهارات التطبيقية والجمود في الأسلوب التدريبي في حد ذاته .
العمل على وضع مناهج تعليمية مكثفة لتوعية وتثقيف النساء بشكل خاص والذكور بصورة عامة، تشمل التوعية بمخاطر العنف المجتمعي والتوعية الأسرية ومخاطر الزواج المبكر (زواج القاصرات) وختان الفتيات (تشويه الأعضاء التناسلية) وأهمية التمكين والاستقلال والمساواة بجانب التوعية القانونية، على سبيل المثال، التوعية بقوانين الأسرة والأحوال الشخصية والعنف وقانون العمل وخلافه من حقوق وواجبات أو تجاه مؤسسات العمل.
برامج تدريبة خاصة بالملف الصحي لتقديم التوعية الشاملة للدارسين.
-العمل على وضع عدد من العوامل المحفزة للتشجيع على التعلم، على سبيل المثال إقامة مشروعات صغيرة وبسيطة للدارسين بجانب توفير دعم مادى مناسب كافي.
ضرورة إنشاء حملات توعية من قبل جهات الإعلام والصحافة والفن للتوعية بمخاطر الأمية، وتكريم الأفراد الدارسين الذين نجحوا في عملية التعلم.
وأخيرًا وليس آخرًا تطوير المناهج بما يتلاءم مع المستجدات المجتمعية.