الـ"تيك توك" من أكثر المنصات الاجتماعية التي لاقت استخداما وإقبالا واسعا خاصة من طرف الشباب والمراهقين، وكغيره من التطبيقات الاجتماعية فإن الـ"تيك توك" يتميز بالسهولة في الاستخدام، فما عليك سوى تسجيل مقاطع فيديو قصيرة وارفاقها بالموسيقى ومن ثم مشاركتها وأنت وحظك وطبيعة الفيديوهات التي تنشرها، فيمكنها أن تتخطى عتبة الملايين من المشاهدات أو لا تتجاوز عدد المعجبين بضع المشاهدات أو التعليقات.
إن الهدف الذي أُنشئ لأجله هذا التطبيق هو تنمية مهارات مستخدميه وتشجيعهم على الإبداع واكتشاف ميولاتهم ومهاراتهم، لكنك وبمجرد أن تلقي نظرة خاطفة على محتوياته حتى تُفاجأ بكم الميوعة والابتذال والتدني الأخلاقي، الذي بات ينشره معظم شبابنا وشاباتنا اليوم، ولعل ما يميز أيضا هذا الوسيط التفاعلي هو تواريه عن الرقابة الأسرية، فبإمكان أي شاب أو شابة أن يصور مقاطع فيديو من داخل غرفة نومه أو في المدرسة أو في أي مكان عام، ويشاركها دون أن يراه أو يعلم به أحد من أهله لسبب بسيط يتعلق بكون أفراد الأسرة خاصة الأبوين منهم لا يبدون اهتماما بهذه المنصة لانشغالاتهم أو لتقدمهم في السن ما يجعل هذا التطبيق خارج اهتماماتهم، أو لسبب آخر وهو أنه غالبا ما يتم تعديل صور وفيديوهات المستخدمين قبل وأثناء عرض محتوياتهم من خلال الفلاتر وبرامج التعديلات الموجودة في هذا التطبيق ليبدوا أكثر جمالا واختلافا، وحتى لا يتعرف عليهم أحد.
لا تختلف مقاطع الفيديو التي يشاركها الكثير من مهوسي الـ"تيك توك" من حيث المحتويات، فهناك من فضَّل مشاركة مقاطع موسيقية متبوعة بغنائه وحركاته المتمايلة، وهناك من اختار مواضيع "تافهة" لا ترقى للمناقشة حتى، وهناك أيضا من اتخذت من غرفة نومها فضاءًا لإثارة الغرائز الشهوانية والجنسية لدى المتابعين من خلال التعري وارتداء ملابس فاضحة أو الرقص والغناء أو حتى من خلال الكلام البذيء أو الحديث عن مغامراتها العاطفية بأسلوب سوقي مبتذل، وكل ذلك في سبيل جمع مشاهدات ومتابعات لا تغني ولا تسمن من جوع؛ إذن فالقاسم المشترك بين هذه المحتويات هو الانحلال الأخلاقي والبعد عن قيمنا الدينية والاجتماعية التي نشأنا وتربينا عليها.
من المعلوم تاريخيا أنه ما إن تظهر وسيلة اعلامية أو اتصالية حتى تواكبها موجه من الانتقاد والبحث في سلبياتها وتأثيراتها على قيم وأعراف وتقاليد المجتمع وما إلى ذلك من الانتقادات، غير أن العيب لا يكمن في الوسيلة بل في مستخدم الوسيلة، ذلك أنه وكما استغل العديد من الشباب والشابات هذا التطبيق في مشاركة المحتويات الهابطة من رقص وهز خصر وكلام بذي، فإننا في المقابل نجد أن هناك من الشباب الواعي والمثقف من استخدمها في نشر ومشاركة المحتويات الهادفة التي تدلِّل على حسن استخدامهم للتَّطبيق فيما يفيد ويستفاد منهم.
*رسالتي
من يذكرك بالخير تذكره بالخير.. والوقت يرجع للذي احبك واحببته.