من دمية للهو واللعب في أيدى الفتيات الصغيرات إلى عمل كرتونى يمثل خطرا على المجتمعات ويهدد استقرارها وينزع ويحطم هويتها.. هذه الجملة كانت الركيزة الأساسية التي استند إليها النقاد الفنيون في نقدهم للفيلم المعروض "باربى" الذى يسرد قصة حياة الدمية باربى في عالمها الكرتوني.
فنرى قرارا للسلطات في دولتى الكويت ولبنان بحظر عرض الفيلم من جميع دور العرض استنادا على أنه عمل فنى يتعارض مع جميع القيم الأخلاقية وأنه يروج للمثلية والشذوذ، والتحول الجنسى، وهدم هوية الأسرة، والتقليل من شأن الأب، والتسخيف بدور الأم، بجانب خدش الآداب العامة والتحريض على مخالفة النظام الكوني العام كما جاءت تلك التصريحات على لسان لافي السبيعي، رئيس لجنة الرقابة على الأفلام السينمائية في الكويت بوكالة الأنباء الكويتية (كونا) وأيضًا على لسان محمود المرتضى، وزير الثقافة اللبناني بوكالة الأنباء اللبنانية الرسمية.
كما منعت السلطات الباكستانية عرض الفيلم في دور السينما بإقليم البنجاب، أكبر أقاليم البلاد لمحتواه المخالف لعاداتهم. كما حذرت سلطنة عمان من عرض الفيلم لاحتوائه على مشاهد كثيرة غير ملائمة للأطفال لأنه يركز على قصص الشخصيات المثلية .
أيضا، حذرت فيتنام من عرض الفيلم بسبب مشهد يظهر خريطة الأراضي المتنازع عليها، والتى تزعم الصين ملكيتها في بحر الصين الجنوبي. وتطالب هانوي، الصين بكامل بحر الصين الجنوبى.
كما علقت الصين على صورة خريطة بحر الصين الجنوبى في فيلم "باربى" التي أظهرت الجانب المتنازع عليه من البحر، وصرحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو ننغ، بأن موقف الصين من قضية بحر الصين الجنوبى واضح.
كما أن الفيلم "باربى" هو أحدث فيلم يعرض خط الفواصل التسعة الصيني الذي عليه خلاف وجدال في المحاكم الدولية.
وكان من المتوقع حظره في كل من مصر والسعودية ودولة الإمارات، وتم تأجيل العرض إلى تاريخ غير معلوم بالنسبة للسعودية، فيما أجلت الإمارات والبحرين ومصر عرضه من يوليو إلى أغسطس الجاري.
وقد لاقى هذا العمل انتقادات عديدة على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي بالعديد من الدول، حيث شعر هؤلاء النقاد بأن هذا العمل ما هو إلا أجندة ممنهجة هدفها توجيه وبث ثقافة عدم الانخراط بين الرجال والنساء بجانب أنه يدعو إلى استقلالية النساء وحدهن في مجتمع نسوي بحت يعتمد في كل آلياته وأنشطته الحياتية المختلفة عليهن كنساء وتهميش دور الرجل أو مشاركته في أنشطة وقيادة هذه الحياة الخاصة بهذا العالم الباربي، وذلك بسبب الأفكار التي هيمنت على هذا العالم بخصوص الرجل واعتقادهن أن وجود الرجل يمثل عقبة في طريق إثبات وجودهن واستقلالهن ونجاحهن، وكان ذلك على عكس الحقيقة والواقع حيث أن وجود النساء والرجال بجانب بعضهم البعض في أى مجتمع هو أمر حتمي ومفروغ منه، فالنساء تكمل وجود الرجال والرجال تكفل تواجد النساء ويسند كل منهم الآخر وذلك لاستمرار وجود العنصر البشرى على وجه الأرض.
فماذا لو تخيلنا عدم وجود الرجل بجانب المرأة وأصبح كوكب الأرض لا يوجد به رجال، فكيف سيكون هو الحال والعكس صحيح؛ فلا وجود للرجل على الأرض في غياب المرأة.
فنجد في هذا العمل الفنى أن المؤلفان جريتا جيروج و نواه بومباك قد جسدا المجتمع الباربي على أنه مجتمع نسوى تتمتع فيه النساء بالاستقلال والنجاح والتميز في العمل الذى يجعلهن مستقلات ماديا واجتماعيا، وعلى الجانب الآخر يوجد كين الذي يحاول بشتى الطرق والوسائل أن يتقرب ويتودد إلى باربي في محاولة لإرضائها والفوز بإعجابها والارتباط بها وهي في المقابل تعامله بكل جفاء وترفضه من أجل الاستقلال، وذلك وفقا للمعتقدات والأفكار المترسخة في ذهنها هي ومثيلاتها من الباربي، وبذلك فهى تقوم بكل الأدوار المهمة والرئيسية في الحياة وتشغل جميع المناصب الهامة والقيادية إلى أن واجهتها بعض المخاوف التي تجعلها لا تستطيع أن تكمل روتينها في الحياة التي اعتادت عليها في ظل هذا المجتمع النسوي وتشعر بأزمة وجودية فتم الاقتراح عليها الانتقال إلى عالم الإنسان.
وأثناء رحلتها إلى هذا العالم فوجئت بكين رفيقا لها في رحلتها - دون علمها - حيث اكتشفت بوجوده داخل سيارتها أثناء الرحلة، وعندما علمت بوجوده أصبحت مضطره إلى قبوله معها أثناء رحلتها على غير ارتياح نفسي من وجوده وبعد وصولهم إلى عالم الإنسان الحقيقي بدأ كين بالتعرف على النظام الأبوي السائد في هذا العالم وشعر بالاحترام والقبول لأول مرة في حياته وحاول أن يعود إلى باربي لاند في محاولة منه لإقناع الآخرين من أقرانه بتولي جميع الأمور ومحاولة تغيير المبادئ والنظام الذي اعتادوا على العيش به، ومحاولة منه إقناع وإجبار باربي بمختلف السبل على التخلي عن جميع المناصب القيادية والمهمة والتي تتناسب معهم لكونهم رجال وحصر دور باربي في أدوار ربات البيوت والعاملات والصديقات اللطيفات بصفتهن الكائن اللطيف في هذا المجتمع.
ووصلت باربي لتحاول إقناع كين بعودة النظام القديم ولكنه قابلها بالرفض لأنه شعر بوجوده في هذا النظام الأبوي، فأصيبت باربى بالاكتئاب الشديد وقامت إحدى صديقاتها بإخراجها من هذه الحالة بكلمة ملهمة تحررها هى وكل الباربي من دمى كين بعد رحلة قتال بين كلا الجانبين، حتى تراجع كين عن قراره وسمح لباربي العودة إلى مواقعهم القيادية داخل السلطة وأوقف جميع التعديلات الدستورية الخاصة بالموقف الذكوري، وفي ظل ذلك تدرك باربي أنهن كن مخطئات في حق مجتمعهن بقراراتهن التي كانت تجنب دمى كين وتهمش دورهم من المشاركة الحقيقية والتعاون بينهم في إدارة حياتهم على جميع الأصعدة والمستويات.
ففى نهاية الفيلم يعتذر كل منهم للآخر باربى وكين، ويعترفان بالفشل في تجاربهم السابقة في الإدارة باتباع وسائل تهميش كل منهم لدور الآخر، ويعترف كين أنه ليس لديه هوية بدون باربى، وبدأت باربى تشاركه وتدعمه في الحصول على هويته الخاصة والمستقلة به ولكن لا تزال باربى غير متأكدة من هويتها، وقالت إن قصتها كامرأة قصة متطورة طوال الوقت وليس لها نهاية وقررت أن تصبح إنسانة وتعود إلى العالم الإنساني لتعيش حياة حقيقية.
من الجدير بالذكر أن هذا الفيلم قد تخطت إيراداته مبلغ المليار دولار منذ بدء عرضه، في فترة لا تتجاوز الأسبوعين. أيضا حصل الفيلم على أعلى نسبة بحث على محركات البحث العالمية.
اقرأ أيضاً: هل ستحسم النساء انتخابات الرئاسة القادمة؟