ساعة رضاعة.. هل بيئة العمل في مصر صديقة للنساء؟

من يوم 1 أغسطس حتى 7 أغسطس يتم الاحتفال بالأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية سنويا، للتشجيع على الرضاعة الطبيعية وتحسين صحة الرضّع في أنحاء العالم.. وهذا العام اختارت منظمة الصحة العالمية شعارا للحملة وهو “دعونا نجعل الرضاعة الطبيعية والعمل أمراً ممكناً!”.

ويكفل القانون المصري بعض حقوق النساء الحوامل والمرضعات، حيث جاء – على سبيل المثال لا الحصر – في المادة 52 في قانون العمل المصري أن «يكون للعاملة التي ترضع طفلها خلال السنتين التاليتين لتاريخ الوضع، فضلا عن فترة الراحة المقررة، الحق في فترتين أخريين للرضاعة لا تقل كل منهما عن نصف ساعة، وللعاملة الحق في ضم هاتين الفترتين. على ألا تخصم هذه الفترة من راتب العاملة المرضع، ويظل راتبها مكتملًا دون إنقاص هذه الأوقات منه على مدار الشهر”.

كما ينص قانون العمل المصري بعد تقديم إثبات الوضع، أن تحصل المرأة على إجازة وضع لمدة 90 يوم بدون خصم هذا المبلغ من الأجر. ويحظر فصل المرأة العاملة المرضع أثناء فترة الإجازة، لأنها لا تعتبر منقطعة، ولا في إجازة عادية، ولكنها قد حصلت على إجازة بنص القانون، ولم تخالف أي بند فيه.

ويُلزم القانون المصري أي صاحب عمل بتخفيض ساعات العمل للمرأة الحامل والمرضع على النحو التالي: يلتزم صاحب العمل أمام القانون بتوفير الساعة المطلوبة للمرأة العاملة المرضع، سواء تأخيرًا أو تبكيرًا في العمل، كذلك يوفر لها نصفي الساعة الخاصة بالرضاعة وصاحب العمل الذي يخالف ذلك يعاقب بنص القانون، وتسري هذه المادة على القطاعين العام والخاص. ويتم التخفيض في ساعات العمل لمدة ساعة تأخيراً أو تبكيرًا بداية من الشهر السادس للحمل، وصاحب العمل الذي يخالف ذلك سيتعرض للمساءلة القانوني.

وعلى الرغم مما كفله القانون المصري من بعض حقوق النساء الحوامل والمرضعات، إلا أن أكبر المشكلات التي تواجه النساء في مساحات العمل هو الإقصاء غير المعلن لكونهن أمهات محتملات، وهو ما تعانيه الكثير من النساء عند تقدمهن على فرصة عمل متاحة، حيث أن صاحب العمل يرى – في الغالب – أنه غير مجبر على تعيين عامل/ة له الحق بموجب القانون في اجازة مدفوعة أكثر من مرة واقتطاع وقت من فترة العمل بشكل يومي لمدة سنتين بسبب الرضاعة.

كذلك الوضع عند تعيين أمهات لديهن طفل أو أكثر، حيث نصت المادة (56): “على صاحب العمل الذي يستخدم 100 عاملة فأكثر في مكان واحد أن ينشئ دارًا للحضانة، أو يعهد إلى دار للحضانة برعاية أطفال العاملات بالشروط والأوضاع المحددة باللائحة التنفيذية لقانون الطفل”، وهي مادة إقصائية للنساء بشكل فج، حيث من السهل التلاعب بهذه المادة لحرمان النساء من حقهن في العمل. أولا حصر القانون الدور الرعائي فقط للعاملات، مما يعزز التمييز ضد النساء ويزيد من إقصائهن، وثانيا تحديد عدد معين يتيح لصاحب العمل التهرب من تحقيق الشرط وخاصة أن العدد المطلوب كبير إلى حد واضح، فما المانع أن يقوم بتعيين 99 سيدة فقط ويمتنع عن التعيين بعد ذلك.

كل هذا يعكس بيئة عمل غير صديقة للنساء بل و معرقلة دوما لمسيرتهن كأمهات وكعاملات معا.

وإلى جانب قوانين كما وضحنا غير كافية بل وتعزز التمييز ضد النساء في بيئة العمل، نجد أن المجتمع نفسه لا يرى أهمية للدور الذي تقوم به المرأة وكم التضحيات التي تبذل لتأديته، ولا يعترف بحاجة النساء لحصولهن على دعم وتوفير أدوات لتمكينهن ولتمهيد الطريق لهن ليحصلن على حياة كريمة ومستقبل آمن، بل يقف المجتمع أمام النساء عقبة في طريقهن للتمكين، بحصرهن في أدوار الرعاية وبتحميلهن واجب التضحيات وابتزازهن بمصطلحات فطرة المرأة والأمومة، وأن الدور الحقيقي للنساء هو الإنجاب، كما يتم تهميش دورهن الاقتصادي في إعالة الأسر لتبقى النساء في الظل يعملن وينفقن على أسرهن بلا امتيازات أو مقابل للأعباء المزدوجة التي تقوم بها.

أول طريق الإصلاح يبدأ بمواجهة المجتمع بالقيمة الاقتصادية لأعمال الرعاية التي تقوم بها النساء، وأن هذا الدور له ثمن، ومقابله تبذل تضحيات التخلي عن التمكين، لذلك تستحق النساء امتيازات لتستعيض عن تلك التضحيات بأدوات تحميها من العنف الاقتصادي والمستقبل المجهول، كما يجب تعديل القوانين لتحمي النساء من الإقصاء الممنهج والممهد له من خلال القانون، وهذا التعديل لن يحدث إلا بأن نظر القانون للعمال نظرة محايدة بلا تنميط لجندر بعينه في دور واحدة ومحدد.

اقرأ أيضاً: الطاعة مقابل النفقة.. الحرية أم الزواج؟

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة