ظاهرة مقيتة تشي وتفضح أصحاب النفوس الضعيفة مِمَّن لا همَّ لهم سوى التلصُّص على أخبار الناس ونجاحاتهم وأين وصلوا في مشاوير حياتهم المهنية أو العلمية أو الشخصية، ليس حبًّا فيهم أو حبًّا في مشاركتهم أفراحهم واهتماماتهم، وإنما الدَّافع هو الغيرة والحسد نتيجة العجز عن المنافسة وعن تحقيق ما وصل إليه الآخرون، وبالتالي تمنِّي زوال النِّعم عن الآخرين، والشُّعور بالنشوة لانكساراتهم وأحزانهم.
شكت لي إحدى الصديقات يوما عن تذمرها من إحدى جاراتها، التي كانت دائمة الاختلاط معها، والَّتي كانت بمثابة الصديقة الوفية لها، ترافقها في معظم مشاويرها من تسوق، حضور أفراح ومناسبات وغيرها، إلى أن لاحظت أنها تتدخل في كل صغيرة وكبيرة في بيتها، وتحاول معرفة كل تفاصيل حياتها الشخصية مع عائلتها، ليتطور إلى محاولة التلصُّص عنها من الآخرين، إذْ اكتشفت هذه الصديقة في الأخير أن جارتها تذهب إلى أساتذة أبنائها لتسأل عن معدلاتهم ومستواهم الدراسي لتقارنه بمعدلات أبنائها هي، وهنا وضعت حدا لهذه العلاقة السِّلبية التي كان ظاهرها الصَّداقة والحب وباطنها الغيرة والحسد.
نعم، فالغيرة والحسد موجودان في كل الأوقات والأزمان، مع اختلاف طفيف في صورهما فقط، لن يدوم الأمر طويلا فغالبا ما يفتضحُ أمر من يحسدك أو يغار منك، فالمواقف كفيلة بأن تظهر لك معدن الأشخاص الطيب منهم والخبيث، ولك أن تختار بعدها ما يصلح لك من صداقات ورفقة وأحباب، ولك أن تتجنب كل ما يُعكر صفو حياتك والابتعاد عن كل ما يؤذيك أو يعوق مسار نجاحك.
لم يحدث أبدا أن صادفتُ في حياتي شخصًا نجح على الصعيدين العلمي والمهني أو الشخصي، وقد اتَّسم بصفتي الحسد أو الغيرة، ذلك أن الشخص الناجح المتفوق لن يُهدر وقته في تتبع نجاحات الآخرين من باب الغيرة، ذلك أن وقته ثمين جدا، فهو يمضي من تجربة إلى تجربة ومن نجاح إلى نجاح، ولن يلتفت إلى ما لدى الآخرين، فما لديه أثمن وأرقى وأهم.
رسالتي الختامية
من أقصى واسوء المعاملات معامله التصنع والتظاهر بالحب وبالقلب قسوة وحقد.