استعدادات بدء الملء الرابع لسد النهضة.. إثيوبيا تفرض الأمر الواقع

“اقترب موعد العملية الرابعة لملء سد النهضة الإثيوبي. لم تضر العمليات الثلاث الأولى الدول المطلة على النهر، العمليات الأخرى لن تكون مختلفة”، بتلك الكلمات أعلن نائب رئيس الوزراء الإثيوبي ديميكي ميكونين في نهاية يونيو الماضي، عن استعداد أثيوبيا إطلاق المرحلة الرابعة لتعبئة سد النهضة على النيل الأزرق، رغم معارضة مصر، وذلك أثناء افتتاح المؤتمر الإقليمي الثاني في أديس أبابا حول الاستخدام العادل والمعقول لنهر.

والخميس الماضي، اعترف رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، بوجود استعدادات إثيوبية للملء الرابع لسد النهضة، طالباً استئناف المفاوضات مع مصر والسودان.

وقال آبي أحمد، خلال الدورة العادية الثامنة والعشرين لمجلس النواب الإثيوبي، إن “التعبئة الرابعة لسد النهضة ستمتد حتى سبتمبر القادم كي لا نلحق الضرر بدولتي المصب”، مشيراً إلى أن السد يقترب حالياً من الملء الرابع، والمراحل الثلاث السابقة لم تؤثر على مصر والسودان.

وخلال الأشهر القليلة الماضية أثير الجدل مجددًا بين مصر وإثيوبيا حول مواعيد ملء سد النهضة ومدى التأثير السلبي على مصر، الأمر الذي دفع مسؤولين مصريين للقول إن التصرفات الأحادية التي تقدم عليها أديس أبابا ستؤدي إلى أزمة مائية. لكن في الوقت نفسه خرج رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد لينفي إلحاق بلاده أضرارًا بدولتي المصب مصر والسودان.

كانت الدولتان المصرية والسودانية قد طلبتا من إثيوبيا التوقف عن ملء خزان سد النهضة بانتظار اتفاقية ثلاثية بشأن طرق تشغيل السد باعتباره الأكبر في إفريقيا. وفي ختام المرحلة الثالثة من تعبئة السد، التي اكتملت في أغسطس عام 2022، كان الخزان يحتوي 22 مليار متر مكعب من المياه من أصل 74 مليارًا من طاقته الكاملة.

ويعمل حاليًا اثنان من التوربينات بقدرة إجمالية من 750 ميجاواط، من أصل الـ13 المخطط لها والتي يفترض أن تنتج في النهاية أكثر من خمسة آلاف ميجاواط، ما يجعل من الممكن مضاعفة إنتاج الكهرباء الحالي في إثيوبيا.

وتستهدف إثيوبيا تخزين ما يوازي نصف حصة مصر السنوية من مياه النيل. حسب عباس شراق أستاذ الموارد المائية في جامعة القاهرة، فقد قال إن إثيوبيا تستهدف تخزين ما بين 20 إلى 25 مليار متر مكعب في الملء الرابع لسد النهضة.

وتسعى مصر لحشد رأي عربي ودولي داعم لموقفها. والخميس الماضي، تضمن بيان مصر أمام الاجتماع الوزاري لحركة عدم الانحياز في العاصمة الآذرية باكو إشارة إلى مخاطر ندرة المياه.

وشدد البيان على «ضرورة إعلاء روح التعاون والتعامل بحسن النية واحترام القانون الدولي، خاصة فيما يتصل بالأنهار والمجاري المائية العابرة للحدود والعمل على ضمان عدم وقوع أضرار على أي من دول حوض النهر الواحد حفاظاً على السلم والاستقرار الإقليميين والدوليين».

ووصف خبراء حديث رئيس وزراء إثيوبيا بأنه «لا توجد أضرار على مصر من الملء الرابع لسد النهضة» بـ «الأكذوبة»، وأشاروا إلى أن إثيوبيا ترى أن الضرر على مصر يعني أن المصريين يموتون من العطش أو يتوقفون عن الزراعة.

ويؤكد الخبراء أن تخزين كمية كبيرة من المياه مرة واحدة داخل سد النهضة، وهي 25 مليار متر مكعب، يمثل خطرًا على سلامة السد، ويعني أيضَا توقف مليون فدان عن الزراعة”.

من جهته أعرب حزب الدستور عن قلقه من الأضرار المتوقعة من عملية الملء الرابع لخزان السد. وقال في بيان له إن هذه الخطوة «ستؤدي إلى تأثيرات بيئية واجتماعية وسياسية على بلدان الحوض وبالأخص دولتي المصب».

وأضاف الحزب في بيانه أن إثيوبيا «لم تقدم حتى الآن دراسات كافية، على الرغم من اعتراضات مصر والسودان على سد النهضة، وإنشاء لجنة النيل الثلاثية في نوفمبر 2021، لتقييم آثار السد على دول مصر والسودان وإثيوبيا».

ولفت إلى أن تقرير اللجنة أشار إلى «مشاكل مختلفة في التحليل والوثائق التي قدمتها إثيوبيا بشأن السد، وانتقد نقص المعلومات المقدمة من قبل إثيوبيا بشأن العديد من القضايا الهامة الأخرى، وأوصى بإجراء دراستين شاملتين لتقييم الآثار البيئية والاجتماعية والاقتصادية ونموذج محاكاة للموارد المائية وأنظمة الطاقة الكهرومائية» ومع ذلك «قبل ثلاثة أيام من نشر هذا التقرير، حولت إثيوبيا مسار النيل الأزرق لبدء بناء السد، دون موافقة دولتي المصب، في بادرة توضح سوء النية من قبل الجانب الإثيوبي» وفق الحزب.

وتناول حزب «الدستور» في بيانه «الأضرار التي ستقع على مصر نتيجة سنوات ملء الخزان، ومنها تقليل حجم تدفق النيل وتقليل كمية المياه المتاحة لمصر، والتي لن يقتصر تأثير سد النهضة فيها على وقت ملء خزانه على المدى القصير، ولكنه سيستمر في التأثير على النيل على المدى الطويل».

وأكد «وجود ظروف إضافية لن تساعد في الحفاظ على المستوى العادي لنهر النيل على المدى الطويل مثل زيادة حجم البخر بسبب المياه المخزونة في المسطح المائي الجديد في خزان سد النهضة وتغير المناخ، وهذا بشأنه سيؤدي إلى انخفاض كمية المياه المتاحة للاستخدام البشري والاستخدامات الزراعية والصناعية».

وفيما يخص التأثير على الأراضي الزراعية المصرية بسبب النقص الكبير في حصة المياه المصرية مقارنة بالحصة الحالية، بين الحزب أن «سد النهضة «سيؤدي إلى القضاء على أي إمكانية للتوسع الزراعي المصري في المستقبل مع وجود احتمال كبير لتقليل الأراضي المزروعة».

واستشهد الحزب ببيان وزارة الري المصري عام 2013، عن عواقب ملء خزان سد النهضة خلال ست سنوات، الذي أكد أنه سيتسبب في خفض تدفق النيل بمقدار 12 مليار متر مكعب إلى مصر سنويًا، في حالة السنوات الست المفترضة، وتمثل هذه النسبة حوالى 23 ٪ من حصة مصر السنوية من مياه النيل».

كما أشار البيان إلى التأثيرات البيئية، إذ إنه من المتوقع زيادة نسبة البخر بمقدار 5.9٪، والذي بدوره سيؤثر على كمية ونوعية مياه النيل، وسيزيد من ملوحة المياه في دول المصب، وانخفاض سرعة تدفق النيل مما سيؤثر على جودة المياه، وبالتالي ستؤثر على كفاءة محطات الضخ وخصائص سطح الماء. علاوةً على ذلك، ستزداد نسبة الملوحة في الجزء الشمالي من الدلتا، مما سيؤدي في النهاية إلى انهيار القنوات والمصارف، وستؤدي زيادة الملوحة إلى زيادة تكاليف تنقية وتوفير مياه الشرب.

فضلًا عن زيادة المشكلات المتعلقة بالري ومحطات المياه والملاحة، وارتفاع معدلات البطالة فمن المتوقع أن تحدث زيادة في معدلات البطالة بسبب الانخفاض المتوقع في الأراضي المنزرعة في مصر، الأمر الذي سيؤثر بالسلب في النهاية على رفاهية المصريين.

ولجأت مصر خلال السنوات الماضية الى التوسع في إنشاء محطات تحلية مياه البحر ومحطات معالجة مياه الصرف، كما نفذت مشروع تبطين الترع لتقليل الفاقد في المياه.

ومنذ عامين تقريبًا توقفت المفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، وذلك عندما شرعت إثيوبيا بشكل أحادي في الملء الثاني لخزان السد، وأقدما مصر والسودان على الانسحاب من المفاوضات التي يقودها الاتحاد الأفريقي.

اقرأ أيضاً: سامح شكري: إثيوبيا لازالت تماطل في التوصل لاتفاق لملء وتشغيل السد

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة