شخصيتك بين الواقع والمواقع ؟

وأنت تتصفح مواقع التواصل الاجتماعي تجد نفسك في الكثير من الأحيان أمام شخصيات مثالية أو قوية وحتى شخصيات ذات ورعٍ ديني؛ من خلال ما تتضمنه حساباتهم  من منشورات وصور هادفة،  فتجدهم يُنظِّرون  ويُسدون النصائح ويعلقون بكل رقي وتحضر، وهناك أيضًا منشورات يحاول أصحابها أن يظهروا بمظهر الضحية دومًا أو بمظهر الأشخاصِ الطيبين حَسني السلوك والمعشر، باختصار؛ لا تتوانى هذه الشخصيات  في أن تُظهر صورتها على مواقع التواصل كنموذج يُقتَدى به. إن الأمر الذي يدفعني إلى الاستغراب والتساؤل دومًا هو هل تعكس هذه المنشورات الأفلاطونية شخصيات ناشريها وأصحابها؟

إذا كانت الاجابة بنعم – ولا أظن ذلك – فهذا يعني أننا في مجتمع أغلبه متوازنين، متدينين، واعين، وغيرها من الصفات الإيجابية التي تُميزه، إذن فلماذا تنتشر في مجتمعاتنا مختلف الأمراض والسلوكيات الاجتماعية غير السليمة؟

وأنا أتابع موقع أحد الصفحات المحلية لفت نظري منشور لإحدى الأخوات وهي تدعو لأخيها بالسَّداد والهداية، منوهة إلى أن أخاها من أعضاء تلك المجموعة، وممن يحرصون على التفاعل والنشر بانتظام وفي مختلف المواضيع التي لا تخرج عن إطارها الديني والأخلاقي القويم، مضيفة أن شخصيته في البيت تختلف تمامًا عما ينشره ويتفاعل معه لدرجة أنها وعائلتها يعيشون جحيمًا نتيجة سوء المعاملة والتعنيف الذي تتعرض له أمها وأخواتها من طرف هذا الأخ العاق، داعية له بالهداية في الأخير، دون أن تُفصح عن هويتها أو هوية أخيها حتى لا يُفتضح أمرها وتزيد الطين بله.

يحرص أصحاب هذه الحسابات على أن يُبرزوا أجمل وأفضل ما فيهم، وإلى إخفاء عيوبهم التي قد لا يدركونها أو لا يرونها عيوبًا أصلًا، وقد تعكس منشوراتهم أيضًا ما يحبون أن يكونون عليه في رحلة البحث عن النفس وكمالها.

الأمر المقلق في هذا الأمر هو الانجرار وراء هذه الحسابات وتصديقها، ومن ثم الموافقة على طلب صداقتهم خاصة لدى فئة الفتيات التي ترى العديد منهن بفطرتهن العاطفية في أصحاب هذه الحسابات شخصيات مثالية ما تلبث أن تتطور علاقات صداقتهم إلى علاقات غرامية، دون دراية كافية  بشخصياتهم وتوجهاتهم، فكل ما يعرفونه عنهم تلك المنشورات الراقية التي غالبًا ما تكون مزيفة ولا تعكس نواياهم أو ما يضمرون في أنفسهم من خبث ودناءة تجاه طرفهم الآخر.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة