٢٥ يناير .. مابين الثورة والصحوة

عندما أهلت على الجميع دعوات هذا اليوم الموعود، وانشغلت العقول بالتفكير في ماهية هذه الدعوات ومدي مصداقيتها وحقيقتها، فلو كانت واقعًا حقيقيًا فهل هي ثورة لرحيل حاكم؟ أم صحوة فكرية لرحيل أفكار وعادات وتقاليد طاغية على مجتمعاتنا بمختلف أطيافها وبيئاتها وثقافتها المجتمعية والفكرية وآن الآوان للتغيير والتجديد؟!

فالشباب الحقيقي الذي شارك وساهم في هذا اليوم شارك بإرادة حرة، فيهم من أراد مواجهة ظلم ومنهم من أراد تحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، وفيهم من أراد التغيير الحقيقي على أفكار سامة تميت هذا المجتمع موتًا بطيئًا بمعتقدات وطنية ودينية خاطئة، وفقًا لتحقيق مصالح خاصة لفئات عديدة من المتصارعين على الحكم على كل شيء، كما شاهدناها وعايشناها قبل هذه الثورة.

بزغ صباح الحرية والعزة والأمل والصمود، فالجميع ردد الحرية التي تعني الكثير من آماله وطموحاته وقناعاته الداخلية التي يريد أن يحررها من قيود ثقافة مجتمع معتمة ومضللة وهو تائه بين جدرانها وداخل أعماقها، وكأنه ينتظر الفرصة الكبرى لتعلو صيحاته الداخلية بما يريده أن يتحقق، حتى جاءت ثورة يناير، فبعد أن ردد بالحرية وآخر ردد عدالة اجتماعية وكرامة إنسانية، نظرًا لشعوره وتعرضه لالمهانة والظلم والقهر، يمكن أن يكون هذا الظلم والقهر نابع من ظلم معلم فاسد، طبيب جشع، أب متسلط، أم مستسلمة، أخ حاقد، زوج سلطوي، ظلم وقع من سياسة لحاكم أو مسؤل مهمل لم يقم بدوره الحقيقي في الحفاظ علي الوطن والكرامة الوطنية والهوية الإنسانية لتحقيق مساواة وعدالة اجتماعية للمواطن وغيره من أشكال الظلم المتنوعة.

والجميع أيًا كان سبب مشاركته اتحدوا وهتفوا عيش حرية عدالة اجتماعية كرامة إنسانية..

فهذه المتطلبات الإنسانية البسيطة اجتمعت في هتافات بسيطة حالمة بمستقبل أفضل، استطاعت من خلالها أن تسترد حريتها وتتمتع بأمانها الفكري، حالمة مستبشرة بالقضاء على الظلم وتوفير عدالة حقيقية لكل مواطن.

جيل يناير رغم أنه كان جيلًا مكبوتًا فكان أيضًا جيلًا حالمًا، ولكن كان يسيطر على حلمه العديد من النماذج الفاسدة والأفكار الظالمة والموروثات الطاغية، فالعقل المفكر الحر كان بالنسبة لجماعات متأسلمة كبيرة من الكبائر، فمصير بعض شبابها العصيان على السمع والطاعة، مصير شبابها كان في فرصة يناير التي أعطتهم مساحة للتمرد، مساحة مشتركة من  الجنسين كي يتمتعوا بحريتهم.

فرصة يناير لجيل كامل كانت فرص متعددة فريدة من نوعها كي تنال كل نفس حريتها بماهيتها المختلفة..

صحوة يناير كانت بمثابة شرارة نور لرؤية ضي الأمل المتجدد الذي ينير العقول ويبحث عن الذات في تكوينه السليم الرشيد..

ثورة يناير كانت ثورة على النفس الحائرة التائهة المستسلمة قبل أن تصبح ثورة على الحكم..

ثورة يناير كانت بالنسبة لي ولشباب وشابات كثيرون الحرية من قيود واقع فكري ومجتمعي متطرف وسلطة مستبدة، فكانت النور الذي جعل التمرد واقعًا فريدًا، والعصيان واجبًا حتمي التطبيق، فكانت صحوة يتبناها عقل رشيد وقلب حكيم وروح حرة لا تقبل المهانة وتتبنى الكرامة والعدالة الإنسانية.

وللحلم بقية..

فهل الحلم مازال له بقية؟ أم أنه أصبح واقعًا في خيال كل حالم؟ أم أصبح الحالمون يحاولون التعافي من أحلامهم؟ أم يناهضون ويناضلون من أجلها بصحوة متجددة الآمال والأمنيات؟!

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة