يريدونه إسلامًا شكليًا.. وأول ما يبحثون عنه الحجاب

نحن هنا لا نناقش فرضية الحجاب، ولكننا نعرض الآراء الفقهية المختلفة، وهذا جزء صغير جدًا من اختلاف العلماء. وفي المقابل ومع اختلاف أهل العلم والفقه ورجال الدين على مستوى العالم الإسلامي، تجد شخصًا ليس بعالم و لا دارس ولا فقيه يُحرِّم ويُحلِّل، يفتح أبواب الجنة والنار، وأيضًا يحكم على الناس أخلاقيًا تبعًا لمظهرهم فقط.

غير المحجبة أو من خلعت الحجاب فاسقه ومتحررة ولا تصلي ولا تقيم فروض الله، وتفعل الكبائر وخارجة عن الإسلام أو ستخرج من الدين تدريجيًا، كل هذه الأحكام فقط لأنها اختارت لمساحتها الشخصية أن تتحرر من الحجاب و تكشف عن شعرها، وفي المقابل المحجبة لا تترك فرضها، لا تفعل الكبائر، وتقيم فروض الله كاملة وستدخل الجنة، كل هذا لأنها غطت شعرها. وهنا نستطيع أن نشير إلى أن ما يحكم المراة هي مبادئها وإيمانها وأخلاقها ورؤيتها للمعايير المجتمعية، سواء محجبة أو لا، فكم من محجبات ينافقن ويكذبن ويسرقن ويفعلن الكبائر سرًا وعلانية.

سيظل الضمير الأخلاقى والإنساني هو ميزان النفس.

شيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب قال إن تصوير المرأة التي لا ترتدي الحجاب أنها خارجة عن الإسلام أمر لا يجوز، ولكن حكمها أنها عاصية، فهي كبقية المعاصي، وهذه المعصية ليست من الكبائر، فترك الحجاب مثلًا أقل من الكذب.

إلى من يصدرون الأحكام على غير المحجبات، أو اللاتي قررن خلع الحجاب، ألم تقرأوا عن قصة امرأة دخلت النار في هرة ولم نسأل هل كانت محجبة أم لا؟! فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دخلت امرأة النار في هرة ربطتها، فلم تطعمها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض، حتى ماتت»، كما روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قوله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بينما كلب يطيف بركية، كاد يقتله العطش، إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل، فنزعت موقها، فسقته فغفر لها به».

واعتمد الدكتور سعد الهلالي أستاذ الفقه المقارن على تقديم ما يثبت أن الحجاب ليس فرضًا، سواء فى السنة النبوية أو من خلال ما قدمه من تفسيرات لآيات القرآن التي يستند إليها جمهور العلماء في تأكيد أن الحجاب فرض، وتنتهي أطروحته بالأدلة التي تشير إلى أن الإسلام لم يحدد زيًا للمرأة، وأن الحجاب ليس فرضًا.

اعتمد الدكتور سعد الهلالي في مناقشته على تضعيف الأحاديث النبوية التى يستند إليها جمهور الفقهاء، وتقديم تفسيرات لأحاديث تؤكد أن رسول، صلى الله عليه وسلم، لم يفرض الحجاب على نساء المسلمين، ومن الأحاديث التي شكك فيها، حديث رواه أبو داود عن خالد بن دريك عن عائشة أن الرسول رأى أسماء وعليها ثياب رقاق فقال لها يا أسماء إذا بلغت المرأة المحيض لا يظهر منها سوى هذا وذاك، وأشار إلى وجهه وكفه.

وأكد الهلالى أن أبو داود مات سنة 275 هجرية، أي بعد وفاة الرسول بما يقرب من 264 سنة، وأنه أكد حين روى هذا الحديث أن خالد بن دريك لم ير السيدة عائشة، وأن هذا يعيب الحديث ويضعفه.

الحديث الثانى نقله البخارى ومسلم، عن سعد بن أبي وقاص، أن عمر بن الخطاب جاء يستأذن على رسول الله وعنده نسوة يسألن ويستفسرن عالية أصواتهن، فلما سمعن صوت عمر قمن يبتدرن الحجاب، وأن رسول الله ضحك حين رأى عمر، وعندما سأله بن الخطاب أخبره بأمر النسوة، فنظر إليهن عمر وقال: «ياعدوات أنفسهن أتهبنني ولا تهبن رسول الله؟»، قلن: «نعم لأنك أغلظ».

وهناك تفسيرات لآيات الحجاب في القرآن عن عورة المرأة ورأي الفقهاء فيها، فمنهم من رأى بوجوب تغطية سائر جسد المرأة، بما فيها الوجه والكفين، وهم الحنابلة وبعض المالكية والشافعية، ومنهم من رأى أنه يجوز لها إظهار الوجه والكفين، وهم جمهور الفقهاء، ومن أضاف إلى ذلك القدمين، وهناك رأى رابع لأبي يوسف يجيز فيه أن تظهر المرأة ذراعيها حتى المرفقين، وطبقًا لهذا الرأى يمكن للمرأة ارتداء ملابس «نصف كم»!!

كما فسر الهلالى قوله تعالى: «وليضربن بخمرهن على جيوبهن»، بأن الجيب هو الصدر، وأن الضرب له أكثر من تفسير، قائلًا: «أشيل الحجاب وأضعه على الصدر، لأن الصدر أولى بالتغطية من الرأس»، مؤكدًا أن هذا تفسير محتمل، وأن التفسير الثاني هو أن يطول الخمار من الرأس حتى ينزل على الصدر، وأن على المرأة أن تعرف التفسير وتختار ما يناسبها.

كذلك فسر الهلالى آيات سورة الأحزاب التي تحدثت عن الحجاب فى قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا»، قائلًا إن الجلباب ليس له مواصفات، ويمكن أن يكون قصيرًا حتى الركبتين أو منتصف الساق، أو طويلًا إلى القدمين، أو بكم قصير، وإن الله الذي حدد في آيات القرآن التي تحدثت عن الوضوء أن المسلم يغسل يديه إلى المرفقين، لم يحدد فى هذه الآية التي تتحدث عن زي المرأة مواصفات محددة لجلبابها، ولم يحدد كلمة «يدنين» إلى أين!

الشيخ سعد الهلالي هنا لا يقدم فتاوى، ولكنه يقدم معلومات فقهية، وهو يحاول نقل السلطة من صاحب الخطاب الديني إلى الشعب مرة أخرى. وقال الهلالي في أحد لقائاته: «أصحاب الخطاب الديني الوصائي ما صدقوا يهزموا نصف المجتمع متمثلًا في المرأة، بإعطائها أوامر وتعليمات دينية ومنعها من التفكير، رغم أن المرأة من حقها أن تفكر.

وكان هذا رأى الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر في الاختلاف على فرضية الحجاب.

https://2u.pw/vtjR0M

https://2u.pw/RpRjJR

إنما الأعمال بالنيات، والعبادة في الإسلام علاقة خاصة بين العبد وربه، وهي قناعة قبل أن تكون فعلًا، قال الأحناف مثلًا: «أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ»، أي أن ليس هناك إجبار على العبادات، فلن يزيد ذلك من حسنات المجبر أو يشفع له، كما أن لن يعاقب أحد بذنب أحد، و «لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى».

إن الإسلام ضمن للعباد حرية الاعتقاد، فـ«فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ»، أما حديث «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده» فهو حديث مشروط بألا يؤدِ التغير لمفسدةٍ أعظم، وليس هناك مفسده أسوأ من التي تبغض النفوس بدين الله بدلاً من تقريبها إليه!

فالإجبار يصنع الرياء والنفاق بدلًا من الإيمان، وحتى إيران التي فرضت الحجاب بقوة القانون بدأت تتراجع عن تلك الصرامة بعد ثورة الغضب.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة