عن الإساءة الإلكترونية والابتزاز لنساء و فتيات من قبل إرهابي

مما لا شك فيه أن حياة السوشيال ميديا أثرت بطرق مختلفة وكثيرة في شكل تواصل الأفراد في المجتمع مع بعضهم البعض، وتحولت اللقاءات والتجمعات إلى جروبات على تطبيق فيسبوك، والأخبار الصغيرة المقتضبة إلى تغرديات على تويتر، وأصبح كل فرد يمارس هوايته بكل حرية في برامج علي يوتيوب وتيك توك، حتى ظهرت وظائف جديدة اسمها بلوجر وانفلونسر إلى آخره.

إن تطور شكل الإجرام والإرهاب الإلكتروني الممارس ضد النساء تطور طبيعي وجد مكانه وسط أفراد يمارسون العنف ضد المجتمع ككل، وضد المرأة بشكل خاص، حتى أصبح الابتزاز والتهديد من خلال المواقع الإلكترونية أحد أسوأ التجارب التي يمكن أن تقابلها بناتنا في سن المراهقة، أو نساءنا في العموم.

يؤثر الإبتزاز الإلكتروني على المجتمع كله وعلى الدولة، فالضحية التي تتعرض للابتزاز لدفع مبلغ مالي كبير هي لا تملكه قد يدفعها ذلك إلى السرقة أو السطو أو ممارسة الجنس مقابل السكوت عن صورها وبياناتها الشخصية، ويصبح الحل الوحيد بل السبيل الوحيد لهذا الانتهاك هو اللجوء إلى الشرطة أو إلى محام متخصص في مثل هذه القضايا، لأن كل ما يريده المبتز من الشخص الذي قام بتهديده أو ابتزازه هو أخذ غرضه والانتهاء من هذه الضحية ليجد بعدها ضحية جديدة، فإذا كان موقف الفرد الصحيح هو اللجوء إلى الشرطة أو المباحث الإلكترونية والتبليغ عن الموقف فهو بذلك يحمي ويمنع بالتبعية وجود أي ضحايا آخرين لنفس المجرم، فأنت قد تتحمل نتيجة الابتزاز الإلكتروني لكن غيرك قد يصاب بسكتة قلبية أو يموت من أثر الصدمة وكثرة الانفعال.

ومن طرق الإبلاغ عن الابتزاز الإلكتروني:

الذهاب إلى مركز الشرطة التابع لمنطقتك وتوضيح ما حدث لك، أو الاتصال بالأرقام المعروفة المحددة في كل دولة لتلقي بلاغات الإنترنت، أو توكيل أحد المحامين المتخصصين في الجرائم الإلكترونية ومكافحة الابتزاز الإلكتروني، ولعل هذه هي أفضل طريقة للإبلاغ عن المبتز.

كان آخر ضحايا الابتزاز الإلكتروني هي الطالبة م.ع، فتاة من أرض سيناء تعيش بمنطقة العريش، والوضع الأمني الذي تعيشه هذه المنطقة ليس بسهل، كما لا تزال الشرطة تمشط المنطقة وتتابعها وتعمل على تطهيرها من العناصر الإرهابية والداعشية.

عبرت هذه الفتاة عن رأي خاص لها في تعليق في جروب خاص، وقالت إنها مجبره على ارتداء الحجاب في هذا المجتمع و تتمني اليوم الذي تقوم فيه بخلعه، فأخذ أحد الشباب سكرين لهذا التعليق ووضعه في أحد الجروبات على التلجرام، وهذه الجروبات يضعون فيها صور فاضحه لفتيات وأرقامهم وصفحاتهم الشخصية على أنهم فتيات يقومون بالفحشاء بمقابل مادي، ومن المعروف أن هذا التطبيق غير مؤمَّن على الإطلاق، ولا تستطيع الدولة حتى وقتنا هذا السيطرة عليه إلكترونيًا.

استغل أحد الشباب في جروب التلجرام هذا التعليق، وأخذ للفتاة بعض الصور الخاصة من صفحتها على فيسبوك، ثم بدأ يشهر بسمعة الفتاة على أنها فتاة ملحدة، ولك أن تتخيل أن تروج مثل هذه الإشاعة عن فتاة تعيش في العريش. وبدأ في إرسال رسائل التهديد إلى أخواتها وذويها، وبعدها اختفت الفتاة من على السوشيال ميديا، وأصبحت تظهر كل أيام، وكان آخر تحديث لها أنها توجهت إلى مقر الأمن الوطني للإبلاغ عما حدث معها.

ومن ضرورة التوجه إلى محام أو إلى الشرطة الإلكترونية توجيهك نحو الإجراءات الصحيحة التي تساعدك في كسب القضية، وطمأنتك وإزالة القلق والتوتر لديك، لأن التعامل مع الشخص المختص له تأثير كبير في دوافع الضحية ونظرته، ويجعل السلطات المختصة تفرض على الجاني أقصى العقوبات، لكن السلطات لم تتأخر في ذلك. لذا ننصحك في حال التعرض للابتزاز الإلكتروني أنت أو أحد ذويك أن تتعاقد مع محام مختص في الجرائم الإلكترونية.

ومن الأضرار التي تنتج عن الابتزاز الإلكتروني أضرار نفسية واجتماعية وأمنية، وهي آثار نفسية تحدث بالسلب نتيجة التعرض للابتزاز، مثل انتشار معدل الاكتئاب والإرهاق الدائم والتوتر والرهاب الاجتماعي والوسواس القهري والانتحار، خصوصًا في سن المراهقة، خوفًا من الفضيحة أو من العقاب الذي ستناله الضحية من ذويها. ومن الأضرار الاجتماعية العزلة وقلة الثقة بالنفس وهدم الأسر وزيادة حالات الطلاق وتشرد الأطفال.

عقوبة الابتزاز الإلكتروني

تنص المادة رقم (428) من قانون العقوبات المصري على أن: كل شخص هدد غيره بفضحه أو التشهير به أو نشر معلومات شخصية عنه أو الاستيلاء على ممتلكاته وتحجيم حريته، سواء كان هذا التهديد مكتوبًا أم منطوقًا يعاقب بالسجن مدة 7 سنوات، وإذا نفذ المجرم تهديده يعاقب بالسجن 9 سنوات.

كما نصت المادة رقم (18) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات على أن: «كل شخص استولى أو اخترق أو سرق بريدًا إلكترونيًّا لشخص آخر يعاقب بالسجن شهر وغرامة تتراوح بين 50 إلى 100 ألف جنيه، وإذا كان الضحية من الأشخاص المشهورين يسجن المبتز مدة 6 أشهر ويغرم مبلغًا من 100 إلى 200 ألف». كذلك نصت المادة (22) على أن: «كل من صنع أو استورد أو شارك في نقل أو نقل أو استخدم أحد البرامج والأجهزة التي تستخدم في اختراق حسابات الأشخاص وثبت ذلك عليه وأنه يستخدمه بهدف الابتزاز يعاقب بالسجن مدة سنتين وغرامة تتراوح بين 300 ألف إلى 500 ألف جنيه».

من ناحية أخرى نشرت عدة مؤسسات نسوية وأفراد بيانًا مشتركًا للتضامن مع الطالبة م.ع، قالوا فيه: «تابعت المنظمات والأحزاب والمؤسسات والمبادرات والأفراد الموقعين أدناه ما تعرضت له الطالبة م.ع من تهديد وتتبع وملاحقة ونشر بيانات خاصة بها وبأفراد عائلتها، وتداول تلك البيانات والمعلومات عن طريق تطبيق التلجرام من خلال جروبات منظمة ومن بعض الأفراد معروفي الهوية على الفيس بوك أحدهم يحمل لقب أمير الدويلة، يعكس اسم الجروب واسم الشخص مرجعية هؤلاء الشباب وما يمارسونه من إرهاب فكري يهدد أمن النساء والفتيات».

تابع البيان: «إن الموقعين على البيان يطالبون ضرورة تعديل المسار من تحقيق مع فتاة تتعرض للتشهير والملاحقة، إلى فتح التحقيق في البلاغات المقدمة من الفتيات لحمايتها وحماية الفتيات الأخريات مما يعانون منه مؤخرًا بسبب تلك المجموعات التي تبدو منظمة، كما نطالب بسرعة التحقيق في خلفية تلك المجموعات والكشف عن هوية المسؤولين عن هذه الجرائم واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة تنفيذًا للحماية الدستورية والقانونية التي تلتزم بها الدولة تجاه مواطنيها ومنهم النساء والفتيات المصريات».

كيف تحمين نفسك من سرقة معلوماتك؟

  1. اختاري كلمات سر قوية لحساباتك على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي الكلمات التي يصعب على المخترق تخمينها، بحيث تكون بعيدة عن اسمك وتاريخ ميلادك، وكذلك الأرقام 123 بشكل متتابع، وهي كلمات المرور التي يفضلها غالبًا المستخدمون.
  • لا تثقي في مواقع التواصل الاجتماعي، فمهما كان الشخص الذي ترسلين إليه صورك أو معلوماتك أمينًا، وحتى لو نشرت صورًا ترينها أنت فقط، فلن تضمني أن يتعرض حسابك للاختراق، وتصبح خصوصياتك كلها في متناول يديه.
  • لا تجري محادثات فيديو في أمور خاصة مع شخص لا تعرفينه جيدًا، خاصة إن كان حسابه قد أنشئ حديثًا، فقد يجرك للحديث عن أسرار تخصك أو تخص غيرك، وتصبح فيما بعد وسيلة تهديد للحصول على المال أو لمعرفة المزيد من المعلومات.
  • لا تكتفي بمسح الصور والأرقام والخروج من كافة حساباتك على جوالك قبل بيعه، فيجب عليك عمل فورمات (Format) للجهاز، ثم تشغيل كاميرا الفيديو وترك الهاتف في غرفة مظلمة مثلًا، حتى تمتلئ ذاكرة الهاتف الداخلية تمامًا وحينها سيغلق الهاتف الكاميرا تلقائيًا، بعدها احذفي الفيديو، حتى تتأكدي من أن أي شخص سيحاول استعادة محتويات الكاميرا لن يجد سوى هذا الفيديو المظلم.  وإذا رغبت في مزيد من التأكد، يمكنك من خلال موقع  (Drfone) استعادة محتوى هاتفك لتعرف هل تم التخلص من كافة الصور والفيديوهات أم لا، وهو متوفر على نظامي (iOS) وأندرويد.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة