زي مموه، وصديرية بدرع لحماية قلوبهن من الرصاص، وخوذة بلون السماء، وعلى أذرعتهن اليسرى ثلاثة نجوم وعلم مصر. هكذا سلط عليهن النهار نوره في أحد حقول الألغام. وبخطوات ثابتة دخل أول فريق بحث وكشف نسائي بالكامل من المصريات بأقدامهن إلى «مالي»، ضمن بعثة الأمم المتحدة لتحقيق السلام.
فريق مصري يشارك في تحقيق الاستقرار والسلام للمدنيين في مالي، هكذا نُشر الخبر عبر المواقع الإخبارية المصرية وبعض القنوات، ولكن الجانب الأكثر واقعية من ذلك هي الحياة الخطرة التي تتعرض لها هؤلاء النساء، نساء في الأصل هم أخواتنا وأمهاتنا و زوجاتنا، يحملن أرواحهن وأعلام مصر في آن واحد، مع كل عملية تنشيطية في منطقة من مناطق مالي. والأكيد أنهن يشعرن قبل كل عملية يذهبن إليها وكأنها الأخيرة.
ظهرت صورة «رنا غراب» بالزي العسكري و شعار الـ UN عليه، وهي تتحدث عبر اللاسلكي لتوجه فريقها خلال العملية. يتلقى فريق البحث والكشف عن الألغام معلوماته من الكابتن «دعاء موسي» للكشف عن الذخائر المتفجرة والعبوات الناسفة، ويرشدهما المقدم «إبراهيم راضي» من مطار «دوينتزا». كل منهم يعرف مهمته، وفي خلال عشر دقائق من وصولهم إلى موقع العملية - كما ذكر موقع المينوسما التابع للأمم المتحدة- يتنقل الفريق المكون من النساء إلى مستودع الأسلحة، يلتقطن أسلحتهن ومعدات الكشف، وفي غضون 10 دقائق، يتعرف الفريق على لغم أرضي ويفككه.
وكما أوضح الموقع، كانت العملية هذه المرة وهمية، لضمان استعداد الفريق جيدًا. فمنذ عام 2013 زاد عدد الهجمات على قوات حفظ السلام في مالي 6 مرات، وكانت مصر ثاني بلد في مد مجلس الأمم المتحدة بعناصر شرطية، مع العلم أن الدول المشاركة في قوات حفظ السلام في مالي لحمايتها من العناصر الإرهابية والهجوم على المدنين عددها 10 فقط.
يسرد كتاب ««Women Facing War لـ«شارلوت ليندسي» تجربة النساء في الحرب بأوجهها العديدة، بينها فراق الأهل أو فقدان أحد أفراد الأسرة، وتزايد مخاطر العنف الجنسي والإصابات والحرمان والموت، كذلك تجبر الحرب النساء على الاضطلاع بأدوار غير مألوفة، وتقتضي منهن تعزيز ما لديهن من مهارات للتغلب على الصعاب واكتساب مهارات جديدة. ومع هذا، فإن الحماية العامة والخاصة التي يحق للنساء التمتع بها يجب أن تصبح حقيقة واقعة.
جهاد المرأة قبل الإسلام وفي عصر الإسلام
دأبت المرأة العربية على المشاركة في الحروب منذ فجر التاريخ، وقبل الإسلام، ونذكر هنا مقولة هند بنت عتبة: «نحن بنات طارق نمشي على النمارق، إن تقبلوا نعانق وإن تدبروا نفارق، فراقًا غير وامق»، عندما قام المشركون باصطحاب النساء معهم في غزوة بدر من أجل شحذ عزيمة الجنود ومنعهم من التخاذل أو الفرار.
لا بد من إشراك الجميع في تحمل مسؤولية تحسين الوضع الصعب الذي تعيشه النساء في زمن الحرب، ولا بد أيضًا من إشراك النساء إشراكًا أوثق في جميع التدابير التي تتخذ لصالحهن.