لليوم الثاني، استمرار إضراب واعتصام ما يقرب من 1500 عامل، بشركة “الرباط والأنوار” -محافظة بورسعيد التابعة لهيئة قناة السويس. احتجاجًا على تخفيض أجور العاملين بنسبة 25%، بحجة إضافة تلك النسبة إلى صندوق الكوارث والأزمات بالشركة.
وبحسب مصدر مقرب من العمال لـ فكّر تاني، أن الشركة قامت بتعديل اللائحة بحيث تقوم بتخفيض نسبة الأرباح لـ 25%، وصرفها دفعة واحدة نهاية كل سنة، بدلًا من صرفها على 12 شهر، وهو ما يعني صرف الأرباح القادمة بنهاية 2026.
إجراءات تعسفية تخسف بالأجر للنصف
ويضيف المصدر، أن رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب طارق مخاريطة اتخذ قرار تعديل اللائحة دون مشاركة العمال، على أن تنفذ بداية من شهر أكتوبر الجاري، ما دفع المئات من فرع الشركة بالسويس إلى الإنضمام للإضراب.

كما يوضح المصدر أن الإدارة لم تكتف بذلك فقط، بل قامت بتخفيض حوافز العمال من 15% إلى 10%، وتخفيض علاوة غلاء المعيشة، وهو ما يعني تخفيض أجور العمال لما يقرب من النصف بسبب الإجراءات التعسفية التي اتخذتها الإدارة.
يذكر أن الشركة ملتزمة بتطبيق الحد الأدنى للأجور، لكن في نفس الوقت النسبة الأكبر في الأجر تعتمد على الأرباح والحوافز.
ويؤكد المصدر، الذي تحفظ على ذكر اسمه، أنه حتى الآن لم يتواصل أي من الإدارة أو وزارة العمل ممثلة في مكتب العمل، مع مئات العمال المضربين منذ الأمس. مشيرًا إلى توجه مجموعة منهم إلى مقر هيئة قناة السويس بالإسماعيلية لمقابلة الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس، لكنهم لم يتمكنوا من ذلك، على وعد بتحديد لقاء خلال الأيام القادمة.
تواجد أمني مكثف حول الشركة
وبحسب بيان أصدرته دار الخدمات النقابية والعمالية، فإن قوات الأمن التي تواجدت بالشركة فور الإعلان عن الإضراب، منعت عمال الإدارة بمكاتب الشركة من الانضمام إلى زملائهم، وسط حصار أمني مشدّد على الشركة ومنع الدخول أو الخروج منها.

وأعلنت الدار تضامنها الكامل مع العمال المعتصمين في مطالبهم المشروعة، كما طالبت الجهات المسؤولة ووزارة العمل بالتدخل لإنهاء الأزمة ورد حقوق العمال، واعتماد الحوار والمفاوضة الجماعية مع ممثليهم.
قرارات الإدارة وهشاشة علاقات العمل
حذرت المفوضية المصرية للحقوق والحريات، من نتائج استخدام القبضة الأمنية ضد العمال، وترى أن الحكومة بمثل هذه القرارات تخالف القانون وتكرّس لهشاشة علاقات العمل.
كما أعلنت المفوضية، عبر بيانٍ لها، تضامنها الكامل مع الاعتصام السلمي الذي ينظمه عمال الشركة، احتجاجًا على القرارات التعسفية التي اتخذتها مؤخرًا، في إجراء منفرد ودون الرجوع إلى الجمعية العمومية أو إشراك ممثلي العمال في أي حوار أو تفاوض.

وقالت المفوضية في بيانها، أن قوات الأمن ألقت القبض على أحد العمال المشاركين قبل أن تُفرج عنه لاحقًا، فيما رفض رئيس هيئة قناة السويس مقابلة وفد العمال ورئيس اللجنة النقابية الذي توجّه للتفاوض معه، حيث أبلغتهم السكرتارية بأن الهيئة “سترد خلال أيام”، وهو ما زاد من حالة الغضب والتوتر داخل الاعتصام.
وحذرت أيضًا، من استخدام القبضة الأمنية في مواجهة الاحتجاجات العمالية السلمية، كما تؤكد أن مثل هذه الممارسات لا تزيد الأوضاع إلا احتقانًا، وتتناقض مع التزامات الدولة المصرية في احترام حرية التنظيم والتعبير والحق في التفاوض الجماعي، كما تكرّس نهجًا خطيرًا يهدد الاستقرار والسلم الاجتماعي.
وترى المفوضية، أن ما جرى داخل شركة تتبع هيئة قناة السويس يمثل سابقة خطيرة، إذ تعمدت جهة حكومية مخالفة القانون الذي يُفترض أن تكون أول الملتزمين به، في انتهاك واضح لقانون العمل رقم 14 لسنة 2025 الذي يُلزم أي جهة بتطبيق مبدأ الحوار الاجتماعي والمشاركة العمالية في القرارات التي تمس الأجور وشروط العمل، وكذلك لقانون الخدمة المدنية الذي ينظم تلك الحالات، فضلًا عن مخالفة اللائحة التنفيذية التي تُقر وجوب وجود ممثل للعمال في مجالس إدارة الشركات العامة.
وتطالب، بالتحقيق الفوري في قرارات إدارة الشركة ومساءلة المسؤولين عنها، والاستجابة العاجلة لمطالب العمال بإعادة العمل باللائحة الداخلية القديمة وصرف الحوافز والأرباح وفق النظام السابق، وضمان إشراك ممثلي العمال في أي قرارات تخص الأجور والمزايا المالية مستقبلًا.
