أيمن أبو العلا: الانتخابات لم تُحسم.. والمعارضة أمامها 10 سنوات لإعداد قائمة خاصة.. والحكومة مدير فاشل (حوار)

في مشهد سياسي يصفه البعض بأنه “محسوم سلفًا”، يخرج النائب أيمن أبو العلا، أحد أبرز وجوه برلمان 2020، ليعلن بثقة أن “الانتخابات ليست محسومة في أي دائرة بمصر”. وهو رهان جريء في مواجهة اتهامات بـ”الهندسة الانتخابية” وهيمنة “المال السياسي”، يضعه في قلب سجال واسع حول مستقبل الديمقراطية في البلاد.

على مدار عقد كامل تحت القبة، تنقل أبو العلا بين أدوار متعددة: التكنوقراط الخبير في الملف الصحي، والسياسي الليبرالي الذي يدافع عن “المعارضة البنّاءة”، ووكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، ورئيس الهيئة البرلمانية لحزب يوصف بأنه جزء من “الحيز المتاح” للممارسة السياسية. وهي أدوار جلبت له الإشادة بقدر ما وضعته في مرمى نيران النقد، خصوصًا مع مواقفه من قوانين جدلية كـ”المسؤولية الطبية” و”الإجراءات الجنائية”.

فهل هو معارض حقيقي يرفض “الشو الإعلامي” للانسحابات، أم أنه صوت للموالاة بلهجة مختلفة؟ وكيف يقرأ مستقبل حكومة مدبولي والملف الحقوقي؟

في حوار شامل جديد ضمن حوارات “سجال برلمان 2025″، يفتح أيمن أبو العلا رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الإصلاح والتنمية، المرشح على المقعد الفردي في دائرة أكتوبر وزايد والواحات البحرية بمحافظة الجيزة، والتي تبدأ جولتها مع المرحلة الانتخابية الأولى في 7 نوفمبر المقبل، أوراقه لـ فَكّر تاني، مدافعًا عن سجله، ومراهنًا على وعي ناخب يراه صاحب الكلمة الأخيرة في حسم برلمان 2025.

النائب والمرشح البرلماني الدكتور أيمن أبو العلا، مع الزميل حسن القباني في حوار خاص من حوارات سجال برلمان 2025 على منصة فكر تاني - تصوير أيمن الشياري
النائب والمرشح البرلماني الدكتور أيمن أبو العلا، مع الزميل حسن القباني في حوار خاص من حوارات سجال برلمان 2025 على منصة فكر تاني – تصوير أيمن الشياري

 

معركة 2025.. هل الانتخابات محسومة؟

مع الجدل الدائر حول استبعاد مرشحين محسوبين على المعارضة، كيف ترى هذه البداية للسباق الانتخابي؟

القانون هو الذي يحسم. من حق أي مرشح اللجوء للقضاء الذي أثق أنه سيقول كلمة الحق. ومن حق كل مواطن له رأي آخر، طالما يلتزم بالثوابت الوطنية، أن يترشح، ومن حقنا أن نعرف بشفافية لماذا استُبعد. لا يوجد مانع من وجود هذه الأصوات.

تخوض المعركة الانتخابية على المقعد الفردي في دائرة “رجال المال والأعمال”.. كيف تواجه تصاعد “المال السياسي”؟

المال السياسي موجود دائمًا. السوشيال ميديا فقط تبالغ في الأرقام المتداولة.

رهاني الدائم على وعي الناخب الذي يكون وحده أمام الصندوق. قد يأخذ البعض “الكرتونة” أو الفلوس، لكنه في النهاية سيختار الأصلح.

قد يأخذ البعض “الكرتونة” أو الفلوس، لكنه في النهاية سيختار الأصلح… رهاني الدائم على وعي الناخب الذي يكون وحده أمام الصندوق.

أحزاب معارضة ومنها التحالف الشعبي الاشتراكي انتقدوا تحويل البرلمان إلى “مجلس للأعيان” بسبب ظاهرة “شراء الكراسي”. ما رأيك وكيف نواجه هذا؟

يجب أن نفرق بين تبرع الأعضاء المشروع للأحزاب، وبين “شراء الكرسي البرلماني”، وهو أمر مرفوض تمامًا لأنه يطمس الكفاءات.

أعرف كثيرين عرضوا مبالغ ضخمة ولم يدخلوا البرلمان.

يجب أن نعترف أن الدعاية الانتخابية نفسها أصبحت باهظة التكلفة للوصول للناس وضمان مراقبة اللجان. وهذا لا يمنع غير القادرين من الترشح، إذ يمكنهم التحالف مع القادرين لدعم بعضهم.

ومرة أخرى أنادي الشعب: أمام الصندوق، اختاروا من يمثلكم بقدرة تشريعية ورقابية حقيقية.

ترقب للانتخابات البرلمانية الوشيكة - تصميم سلمى الطوبجي
ترقب للانتخابات البرلمانية الوشيكة – تصميم سلمى الطوبجي

البعض في الحركة المدنية يصف ما يحدث بأنه “هندسة انتخابية” وأن “الانتخابات انتهت قبل أن تبدأ”. كيف ترد؟

هذا غير ممكن، وما يحدث ليس أكثر من مجرد تنسيق انتخابي وليس تحالفًا سياسيًا.

كنتُ في القائمة الوطنية ولم ألتزم حزبيًا مع مستقبل وطن، وكان لي رأيي المنفصل والمعارض أحيانًا.

وأقولها بصراحة، المعارضة أمامها عشر سنوات حتى تستطيع صنع قوائمها بمفردها. يكفي الآن أن أسماء أحزاب كالمصري الديمقراطي والإصلاح والتنمية أصبح يُسمع صوتها.

بعد عشر سنوات، ربما يتمكنون من المنافسة، وأتمنى وقتها أن تكون الانتخابات بقائمة نسبية حقيقية.

المعارضة أمامها عشر سنوات حتى تستطيع صنع قوائمها بمفردها. يكفي الآن أن أسماء أحزاب كالمصري الديمقراطي والإصلاح والتنمية أصبح يُسمع صوتها.

إذن، هل أصبحت “القائمة الوطنية” هي الجسر الإجباري لدخول المعارضة للبرلمان؟

هذا هو الواقع. لم تصل أحزاب المعارضة لأرضية مشتركة بعد لتشكيل قائمة منافسة.

“ياريت نستطيع، أهلاً بذلك ومرحبًا به”، لكن بالمنطق، عندما تُشرك القائمة الوطنية معها أصواتًا معارضة، فهذا “إيثار” مرحب به. ولو استبعدتهم، فلن تجد للمعارضة نوابًا في البرلمان أكثر من أصابع اليد الواحدة.

لماذا تفشل تحالفات المعارضة بينما تنجح الموالاة؟

المعارضة تفشل بسبب الخلافات الكثيرة “بينهم وبين بعض”. أما الموالاة، فمن اسمهم، هم “على قلب رجل واحد”.

في حواره مع فَكّر تاني، تحدث السياسي البارز أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، عن اتفاق بإخلاء 40 دائرة للمنافسة بين المعارضة والمستقلين، دون مزاحمة من الموالاة. هل ترى هذا التنسيق واقعًا؟

طبعًا نرحب بأنهم لا يرشحون نوابًا أقوياء أمام مرشحي المعارضة، ولا يوجد أي مانع من هذا الاتفاق. لكن كما قلت قوة الناخب أو المترشح هي التي ستفرض نفسها في النهاية؛ قوته في الشارع، قوته التشريعية، وقوته الرقابية.

ألم يغضبك أن أحزاب الموالاة (مستقبل وطن والجبهة) نفسها تنافسك في دائرتك؟

لا طبعًا، هذا حقهم. أحترم كل المنافسين أمامي، وفي النهاية “المواطن هو الذي سيختار” من يمثله ويمثل مشاكله تحت القبة.

جانب من اجتماع القائمة الوطنية من أجل مصر بقيادة حزب مستقبل وطن - فيسبوك
جانب من اجتماع القائمة الوطنية من أجل مصر بقيادة حزب مستقبل وطن – فيسبوك

كشف حساب برلماني.. معارضة أم موالاة؟

يعتبر البعض حزبكم “أقرب للموالاة من المعارضة”. ما حقيقة موقفكم تحت القبة؟

لا أعرف من أين جاءت هذه الفكرة. لقد رفضنا بيان الحكومة، ورفضنا التعديلات الحكومية، والموازنات المتتالية، وكثيرًا من القوانين.
المعارضة ليست بالصوت العالي.

نحن نؤمن بـ”المعارضة البناءة”، وهي أن تضع نفسك مكان صانع القرار وتجد له حلولًا بديلة.

دائمًا عندما نعارض، نقول الحلول، وربما هذه الطريقة غريبة على من يعتقد أن المعارضة هي مجرد قول “لا”.

لماذا إذن لم تقدموا استجوابًا واحدًا ضد حكومة مدبولي رغم الانتقادات الشعبية؟

الاستجواب يجب أن يستوفي أركانه بمستندات قوية عن فساد أو سوء إدارة، وهو ما يصعب الوصول إليه دون قانون حرية تداول المعلومات.

لا تستطيع استجواب وزير لأن الأسعار ارتفعت. الناس تجهل أدوات الاستجواب فيقولون “استجواب ونمشي الوزير”.

من وجهة نظري، طلبات المناقشة والأسئلة والعمل داخل اللجان البرلمانية أقوى تأثيرًا هذه الأيام. “اللجنة هي المطبخ الحقيقي للبرلمان”، وفيها نحاسب الوزير بالتفصيل، لكنها للأسف غير مغطاة إعلاميًا.

بسبب قانون المسؤولية الطبية، قاطع “تيار الاستقلال” انتخابات نقابة الأطباء الأخيرة. كيف ترى هذا المشهد النقابي؟

أولًا: الدكتور أسامة عبد الحي، أنا أحييه جدًا لأنه يؤثر مصلحة الطبيب بالطراز الأول، ويفهم مشاكل النقابة، ولا أعتقد أنه ضحى بالأطباء في قانون المسؤولية الطبية.

ثانيًا، مع كامل احترامي لتيار الاستقلال، له آراؤه الخاصة، لكنني في الأخير أفضل أن أخوض الانتخابات وأفشل على أن أنسحب. شرف المحاولة أفضل من الانسحاب. أنا لست مع المقاطعات والانسحابات نهائيًا.

كنت محل جدل لعدم انسحابك من لجان مناقشة القوانين الخلافية. لماذا ترفض الانسحاب؟

أنا من أنصار الرفض وليس الانسحاب. أبدي اعتراضي وهذا حقي الدستوري، وأرى أن الانسحاب هو “شو إعلامي”.

مثلًا في المادة 105 من قانون الإجراءات الجنائية، حذرتهم بوضوح في اللجنة من أن الصيغة غير دستورية، وهو نفس ما قاله حزب “المصري الديمقراطي” عند انسحابه، لكنني قلته وهو مسجل في المضبطة.

النائب والمرشح البرلماني الدكتور أيمن أبو العلا- تصوير أيمن الشياري - فكر تاني
النائب والمرشح البرلماني الدكتور أيمن أبو العلا- تصوير أيمن الشياري – فكر تاني

أنا من أنصار الرفض وليس الانسحاب. أبدي اعتراضي وهذا حقي الدستوري، وأرى أن الانسحاب هو “شو إعلامي”.

لكن أداء حزبكم في قانون الإجراءات الجنائية وُصف بالمتذبذب: انتقادات، ثم موافقة، ثم دعم لرفض الرئيس. ما القصة؟

القصة أننا قمنا بدورنا. قدمتُ كعضو في اللجنة التشريعية اعتراضات وتعديلات كثيرة، أغلبها جاء لاحقًا في مذكرة اعتراض رئيس الجمهورية، لكن الأغلبية وقتها لم توافق عليها.

عندما كنا نتحدث عن بدائل الحبس الاحتياطي، كانت الحكومة ترد: “لا أمتلك الآن إمكانات بوضع إسورة إلكترونية فلا تلزمني بذلك”، وعندما تتوفر الإمكانات سأفعل.

وفي قانون الإيجار القديم، انسحب الجميع إلا أنتم. لماذا؟

لعدم إيماني بطريقة الانسحاب كما قلت. اعترضنا على القانون، ورغم ذلك “تعرضت لشتم شديد جدًا من الملاك”، وهذا طبيعي.

أنا أمثل الأغلبية العظمى، وهو المستأجر الذي سيتغير كيانه وحياته. جعلوا المهلة سبع سنوات لكنها ستمر.
الشرط الأساسي الذي نطالب به هو: هل ستقدم الحكومة بديلًا مماثلًا للسكن؟ هذا هو أهم ضمان.

ولماذا تشك في قدرة الحكومة على توفير هذا البديل؟

هم لا يعرفون حجم المشكلة أساسًا، ولم تأتنا إحصاءات بحجم المشكلة.

أتمنى أن نجد البدائل لهذه المشكلة الشائكة، لأنها فعلًا مشكلة شائكة، الطرفان على حق، ولك أن تتخيل أن يكون لديك طرفان على حق.

لكنني أشدد على أهمية مراعاة السلم الاجتماعي لعدد أكبر. أنا مع إخلاء الشقق المغلقة، ومن لديه شقة ثانية، ومن لديه وسيلة أخرى، فهذا محل إجماع الجميع، ولكن لا نترك الناس في الشارع.

موقفكم من قانون “تأجير المستشفيات الحكومية” خالف نقابة الأطباء. لماذا دعمتموه؟

لأن المسألة ليست تأجيرًا، بل إدارة. وقد ثبت أن “الحكومة مدير فاشل جدًا، بمنتهى الأمانة”.

عندما تستبدل مديرًا فاشلًا بخبير أجنبي أو مصري له باع في الإدارة، وتضمن تقديم الخدمة مجانًا عبر التأمين الصحي الشامل، فهذا هو الحل.

أنا لست من أنصار أن تكون وزارة الصحة هي ممولة الخدمة ومقدمتها ومراقبتها في نفس الوقت.

نقابة الأطباء بالقاهرة (وكالات)
نقابة الأطباء بالقاهرة (وكالات)

ثبت أن الحكومة مدير فاشل جدًا، بمنتهى الأمانة… أنا لست من أنصار أن تكون وزارة الصحة هي ممولة الخدمة ومقدمتها ومراقبتها في نفس الوقت.

موقفك هذا يثير مخاوف أوسع لدى البعض من “خصخصة الصحة”. هل تتجه مصر لهذا المسار؟

دعنا نوضح أن الطب هو شراء خدمة. والسؤال هنا: أين ستقدم الخدمة؟ ومن الذي سيدفع؟ وهنا الخلاف.

نحن لدينا حق الصحة مكفول دستوريًا، فالحكومة ستدفع وستشتري. تشتري من نفسها وهي مميزة، أو تشتري من القطاع الخاص، هذه ليست مشكلتي، ما يهمني هو أن المواطن يُعالج علاجًا جيدًا.

لا يمكن أن أقبل مجددًا أن تكون وزارة الصحة هي متلقي الخدمة ومراقبها وممولها، ولا بد من فصل التمويل عن الخدمة.

في 15 يناير 2024، قلت ما نصه إن “قانون المسؤولية الطبية يوازن بين حقوق الطبيب والمريض”، لكنه لا يزال يثير جدلًا واسعًا في نقابة الأطباء.

دعنا نتفق أن وجود القانون نفسه مطلب منذ عشر سنوات. فرحتي به تأتي من نقاط محددة:

أولًا، نحن نتحدث عن أنه يمكن للمريض مكانًا يلجأ إليه لمعرفة هل ما حدث له هو “مضاعفة” أم “خطأ” أم “خطأ جسيم نتيجة إهمال جسيم”.

هذه الفروقات الثلاثة، يجب أن يحكم فيها طبيب وليس أحدًا آخر، والطبيب يجب أن يكون على دراية علمية جيدة جدًا لإعطاء المريض حقه، ولإنصاف الطبيب في حالة تسجيل هذه المضاعفة في أحد الكتب العلمية.

وبالتالي وجود لجنة طبية للمسؤولية الطبية، ووجود جهة تحقيق، ووجود شروط للمسؤولية الطبية، مع توفير كل السبل الضامنة للطبيب أن يعمل في أمان، هو أمر ضروري.

في حالة الطوارئ، ليس لديه أي مشكلة وله أن يتدخل، في حالة أن ما حدث معروف بأنه مضاعفة من المضاعفات.

لكن آن الأوان أيضًا أن تكون هناك موافقة المريض، أو ما يسمى “الموافقة المستنيرة”، حيث يمكنك أن تشرح له وتُعرّفه بالمضاعفات والبدائل ليختار منها ويعرف خطورة كل بديل وأقلية خطورة كل بديل. وقد نتقدم بتشريع عن ذلك.

ثانيًا، وهو الأهم، “عملية حبس الأطباء احتياطيًا، أُلغيت بالكامل”. العقوبة أصبحت غرامة يتولاها صندوق تأمين وليس الطبيب، وهذا ما سجلته في مضبطة الجلسة بنفسي.

لو وجدت أي اعتراضات منطقية من النقابة في صالح المريض والطبيب، قد نتقدم بتعديل على القانون.

حسام بهجت يؤكد أنه لا يمكن أن يكون السجن أو الخوف والتخويف منه هو أداة الحكم - تصوير محمد الراعي
حسام بهجت يؤكد أنه لا يمكن أن يكون السجن أو الخوف والتخويف منه هو أداة الحكم – تصوير محمد الراعي

في حواره مع فَكّر تاني أغسطس 2024، اتهم الحقوقي حسام بهجت “لجنة حقوق الإنسان” بأنها كانت جزءًا من المشكلة، لعدم استخدامها أيًا من الأدوات البرلمانية في مساءلة الحكومة عن انتهاكاتها. ما ردك؟

هو يتكلم عن حق واحد، وهو الحق السياسي. لكننا نتابع كل الحقوق.

أصدرنا قوانين للمسنين والطفل، ودعمنا استقلالية مجلس المرأة، وتابعنا الحقوق الاجتماعية عبر “حياة كريمة”، وألزمنا كل وزارة بإنشاء وحدة لحقوق الإنسان.

نحن نراقب تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أطلقها الرئيس، والتي تزامنت مع نشاط لجان العفو الرئاسي وتغيير السجون إلى “مراكز إصلاح وتأهيل”.

وهل تنكر وجود سلبيات في المشهد الحقوقي؟

لا، لكن لنضعها في سياقها. عندما بدأنا نتسلق جبل الحقوق السياسية خطوة بخطوة، “وجدنا أوروبا تنزل في دُحديرة حقوق الإنسان”.

هناك سقوط غربي كامل في هذا الملف، يقابله صعود، ولو بخطوات بسيطة، في مصر.

أنا على يقين أن هذا الملف يتطلب مزيدًا من فتح مجال الحريات، وسماع الصوت الآخر، ورفض تقييد حرية أي شخص بسبب رأيه.

بعد كل هذه المعارك، ما سر بقائك تحت القبة لعقد كامل؟

سر وجودي هو الرهان على وعي المصريين والتوفيق من الله.

مررت بتجربة قاسية لخمسة أشهر في برلمان الإخوان الذي أسميه “برلمان قندهار”، وقد علمتني هذه التجربة الكثير.

لقد تعملت وقتها أن وجود قائمة نسبية لا يعني أن كل الأحزاب ممثلة، لأن حزب الأكثرية كان من الإخوان المسلمين، وبعض السلفيين الموجودين من حزب النور، ونحن كنا أقلية في هذا التوقيت في هذا البرلمان، ورأينا تجربة صعبة جدًا.

ما يزال لدي الكثير لأقدمه، فأنا أجمع بين الخبرة التكنوقراطية في الصحة والتعليم، والخبرة الشعبية والخدمية التي يفرضها غياب المحليات، حيث لم يغلق مكتبي “24 ساعة طوال أيام الأسبوع” منذ 2015.

أعتقد أن أدائي البرلماني يشهد بذلك، وما زلت قادرًا على خدمة الناس وإيصال صوتهم.

النائب والمرشح البرلماني الدكتور أيمن أبو العلا- تصوير أيمن الشياري - فكر تاني
النائب والمرشح البرلماني الدكتور أيمن أبو العلا- تصوير أيمن الشياري – فكر تاني

الأفق السياسي.. إلى أين تتجه مصر؟

طالب حزبكم بإقالة الوزير محمود فوزي. برأيك، ألا تستحق حكومة مدبولي بأكملها الرحيل بعد الانتخابات كما يطالب البعض؟

المستشار محمود فوزي، أكنّ له كل حب وتقدير. موقفنا لم يكن طلب استقالة بقدر ما كان انتقادًا ومحاسبة سياسية، لأنه كان من الداعمين بقوة لقانون الإجراءات الجنائية ثم عاد ليقول إن التعديلات كانت ضرورية.

أما عن الحكومة، فأعتقد أنها سوف تتغير بعد الانتخابات.

الاتجاه للتغيير مطلوب لأننا نحتاج حكومة مدركة للوضع الاقتصادي.

يجب أن ننتبه إلى أن المجموعة الاقتصادية الحالية لم يمضِ على تشكيلها عام، وهي متناسقة لكنها تحتاج لوقت كافٍ.

نحن لا نريد أن يقولوا لنا “لقد غيرنا الحكومة” فحسب، بل نريد أن نرى حكومة تعطينا رؤية كاملة وبرنامجًا كاملًا لإصلاح اقتصادي واجتماعي وسياسي شامل.

نحن لا نريد أن يقولوا لنا “لقد غيرنا الحكومة” فحسب، بل نريد أن نرى حكومة تعطينا رؤية كاملة وبرنامجًا كاملًا لإصلاح اقتصادي واجتماعي وسياسي شامل.

هناك مطالبات مستمرة بقوائم إفراجات جديدة عن سجناء الرأي. هل يمكن أن نشهد انفراجة قريبًا؟

نحن دائمًا نطالب بالإفراج عن المحبوسين احتياطيًا. من قال لكم إننا لم نطالب؟ ومن قال إننا لم نطالب بأسماء أحيانًا وبقوائم أحيانًا أخرى؟

شهدنا إنجازات إيجابية في بداية 2021 مع ظهور لجنة العفو الرئاسي والحوار الوطني.

في السابق كانوا يقولون لنا: “الوضع الاقتصادي يجب أن يتحسن أولًا”. لكن الآن، آن الأوان أن نصعد في الملف السياسي، وهو مربوط أيضًا بالأحزاب.

بالحديث عن الأحزاب، لماذا انتقلت من “المصريين الأحرار” إلى “الإصلاح والتنمية”؟ وهل ترى ظاهرة “الترحال السياسي” صحية؟

السؤال هو: هل الأحزاب الآن برامج أم أشخاص؟ في رأيي، هي ليست برامج. وعندما تكون الأحزاب برامج، سأستقر في حزبي.

أنا من أنصار الوسطية الليبرالية والديمقراطية الاجتماعية كما يقول الكتاب: اقتصاد حر وسوق مفتوح، مع مجانية التعليم والصحة.

سبب وجودي في “الإصلاح والتنمية” هو أن السياسي محمد أنور السادات ديمقراطي جدًا. نختلف أحيانًا في الرأي، قد يكون هو مُحتدًا في اتجاه وأنا أحاول ألا أكون كذلك، لكننا قادرون على التفاهم وهو يترك لي الحرية. هذه هي الديمقراطية.

محمد أنور السادات السياسي رئيس حزب الإصلاح والتنمية عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان وأحد أبرز قادة ما يُعرف باسم "الحيز المتاح في حوار خاص من حوارات سجال برلمان 2025 على منصة فكر تاني، تصوير ياسمين أيمن
محمد أنور السادات السياسي رئيس حزب الإصلاح والتنمية عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان وأحد أبرز قادة ما يُعرف باسم “الحيز المتاح في حوار خاص من حوارات سجال برلمان 2025 على منصة فكر تاني، تصوير ياسمين أيمن

لكن البعض يزعم أن حزب الإصلاح والتنمية “حزب عائلي”. ما تعليقك؟

ليس صحيحًا. أنا لست من العائلة، وإيرين سعيد ليست من العائلة، والنائبة فاطمة سليم ليست من العائلة، والنائب علاء عبد النبي ليس من العائلة. حزبنا به كوادر.

إذن، ما الذي تحتاجه الأحزاب في مصر اليوم لتكون فعّالة؟

تحتاج الأحزاب إلى الوصول للشارع، وهذا يحتاج إلى إمكانات. والإمكانات تأتي إما من “المال السياسي” أو تبرعات الأفراد.

التنقلات بين الأحزاب أساسها أن أحدهم وجد منصبًا أو كرسيًا تشريعيًا أو مقعدًا في المحليات.

الحل هو أن ندمج الـ 104 أحزاب هذه ليصبحوا مثلًا 20 حزبًا لهم اتجاهات واضحة: يسار ويمين ووسط. وقتها فقط سيصبح لنا أحزاب قوية لها مقرات وتصل للمواطن.

الموضوع ليس محسومًا، في رأيي، في أي دائرة في مصر. لذلك أحث المواطن: انزل وقل رأيك.

الدائرة والرسالة الأخيرة

بالعودة إلى دائرتك “أكتوبر وزايد والواحات”، ما هي أبرز الملفات التي تستهدفها في الدورة الجديدة؟

مع الأسف الواحات لا تزال منطقة مهمشة داخل محافظة الجيزة وينقصها الكثير، على رأس هذا غياب الأطباء في المستشفى، وغياب كثير من الخدمات. سنهتم بالتعليم والخدمات هناك، خاصةً أنهم يقطعون مسافات طويلة.

هناك أيضًا مشكلة المياه. ومشكلة التصالح على وضع اليد، الحمد لله بدأ القانون يأخذ مجراه وسنتابعه معهم.

في أكتوبر، لدينا مشاكل مواصلات في حدائق أكتوبر، والدخول لهذه المناطق ليس بالطريقة الجيدة، وسأظل وراء هذا الأمر لتوفير وسيلة مواصلات آمنة. مع دخول النقل العام، كنت أحث الأهالي: “غيروا بطاقاتكم” لأنه عندما أطالب بخدمة، أطالب بها لعدد كبير من المواطنين.

أيضًا سيكون هناك اهتمام بالتعليم والصحة والثقافة والرياضة كأولويات، مع نظرة جديدة لمستشفى 6 أكتوبر، ونظرة جديدة للمستشفى التي أخذنا أرضها تخصيصًا في أكتوبر الجديدة. هناك عدة ملفات بدأتها وسأكملها.

كنت مهتمًا بقضية فلسطين وأطباء غزة، ما رسالتك للمجتمع الدولي ولأهالي وأطباء غزة، خاصة مع استمرار احتجاز الطبيب حسام أبو صفية؟

بداية، تحية لأهالي غزة الصامدين، وأحيي الإدارة المصرية في إدارة هذا الملف التي حمت الأمن القومي المصري وحمت القضية الفلسطينية من أن تتبخر في الهواء.

تحية لكل طبيب فلسطيني. لقد بذل أطباء غزة جهدًا خارقًا بإمكانات شبه منعدمة، وكانوا مستهدفون. تخيل مستشفيات تُقصف عن عمد بمرضاها وأطبائها.

أدعو طبعًا إلى الإفراج عن هذا البطل، الدكتور حسام أبو صفية.

في الختام، البعض يقول إن “الانتخابات انتهت قبل أن تبدأ” ولا داعي للمشاركة. ما رسالتك للناخبين؟

لو كنت أرى المشهد كما يراه هؤلاء البعض لما كنت دخلت الانتخابات. أنا لا أصرف أموالًا في الدعاية ومجهودًا وزيارات ولقاءات لشرح برنامج من فراغ.

وللعلم، أمامي في الدائرة أحزاب “مستقبل وطن” و”حماة وطن” و”الوفد”، وأعتقد أن هناك نائبًا سابقًا كذلك.

في اعتقادي أن الانتخابات ستكون انتخابات حقيقية. لذلك أحث المواطن: انزل وقل رأيك.
الموضوع ليس محسومًا، في رأيي، في أي دائرة في مصر.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة