ليلة تاريخية مشحونة بالتناقضات.. فبينما كان العالم يحتفل باتفاق ينهي عامين من الحرب الدامية على غزة، ارتكب الاحتلال مجزرة مروعة في الساعات الأخيرة قبل صمت المدافع.
وفيما كانت الدبلوماسية تسابق الزمن، من اتصال هاتفي يرشح فيه الرئيس السيسي نظيره الأمريكي لجائزة نوبل، إلى اجتماع باريس الوزاري لرسم ملامح اليوم التالي، كانت رياح السلام تهب على القاهرة، مع بدء الإفراج عن شباب قضوا عامين في الحبس بسبب دعمهم لفلسطين.
إلى تفاصيل هذه الساعات الفاصلة، في نشرة “نص الليل”:
بدء الإفراج عن المحبوسين في “تظاهرات فلسطين”
أعلن المحامي الحقوقي خالد علي، الخميس، عن بدء تنفيذ قرارات إخلاء سبيل عدد من المحبوسين احتياطيًا على ذمة قضايا تتعلق بتظاهرات دعم فلسطين.

وقال علي، عبر صفحته على فيسبوك إن الشباب الذين صدرت لهم قرارات إخلاء سبيل قبل 3 أيام بدأوا في الوصول إلى منازلهم.
وكانت نيابة أمن الدولة العليا قد قررت إخلاء سبيلهم قبل أيام، بعد أن قضى بعضهم قرابة عامين في الحبس الاحتياطي منذ القبض عليهم في أكتوبر 2023 على خلفية مشاركتهم في تظاهرات داعمة لفلسطين.
ويأتي هذا الإفراج بالتزامن مع توصل حركة حماس لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بوساطة مصرية قطرية تركية.
تفاصيل الاتصال الهاتفي بين السيسي وترامب
أجرى الرئيس عبد الفتاح السيسي، الخميس، اتصالًا هاتفيًا بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، السفير محمد الشناوي، بأن الرئيس وجه التهنئة للرئيس ترامب على نجاح جهوده الحثيثة في وقف الحرب في قطاع غزة، معربًا عن تقديره البالغ لشخص الرئيس الأمريكي وحرصه على تحقيق السلام.
ومن جانبه، أعرب الرئيس ترامب عن سعادته البالغة بهذا الإنجاز التاريخي وبصداقته الوطيدة مع الرئيس السيسي، مشيرًا إلى أن الأنظار كانت تتجه نحو مصر خلال الأيام الماضية لمتابعة تطورات مفاوضات شرم الشيخ التي أفضت إلى اتفاق وقف الحرب في غزة.
وأكد السيسي أن التوصل إلى الاتفاق يُعد إنجازًا تاريخيًا تحقق بفضل حرص وسعي الرئيس ترامب وجهوده الصادقة لتحقيق السلام، مشددًا على أن الرئيس الأمريكي يستحق عن جدارة الحصول على جائزة نوبل للسلام، وفق بيان المتحدث.
وأضاف السفير الشناوي أن الرئيس أكد ضرورة المضي قدمًا في تنفيذ اتفاق وقف الحرب بكافة مراحله، مع أهمية دعم ورعاية الرئيس ترامب لهذا التنفيذ، مشيرًا إلى أن الرئيس السيسي وجه الدعوة لنظيره الأمريكي للمشاركة في الاحتفالية التي ستُقام في مصر بمناسبة إبرام الاتفاق، وهي الدعوة التي رحب بها الرئيس ترامب مؤكدًا تطلعه لزيارة مصر التي يكن لها كل التقدير والاعتزاز.
مصر تؤكد دعمها خطة السلام وإعمار غزة
أكد وزير الخارجية بدر عبد العاطي، خلال اجتماع وزاري رفيع المستوى في باريس الخميس، دعم مصر لخطة السلام الأمريكية لإنهاء الحرب في غزة، مشددًا على أهمية دعم السلطة الفلسطينية باعتبارها جهة الحكم الشرعية القادرة على الاضطلاع بمسؤولياتها.

شهد الاجتماع، الذي شارك في جانب منه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إشادة واسعة بالجهود المصرية والقطرية والتركية في التوصل لاتفاق شرم الشيخ، حيث أعرب ماكرون عن تقديره الخاص لدور الرئيس عبد الفتاح السيسي في تحقيق هذا الإنجاز.
تناول عبد العاطي ضرورة تنفيذ كافة مراحل الخطة، بما يشمل إدخال المساعدات الإنسانية بكميات كافية، وبدء جهود التعافي المبكر وإعادة الإعمار، مشيرًا إلى مؤتمر دولي مقرر استضافته في القاهرة لهذا الغرض.
وكان وزير الخارجية قد شارك أيضًا في اجتماع لوزراء الخارجية العرب مع الرئيس الفرنسي، سبق الاجتماع الوزاري الموسع، لمناقشة سبل دفع تنفيذ خطة السلام.
الاحتلال يرتكب مجزرة في غزة قبيل سريان وقف إطلاق النار
واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر الخميس، غاراتها المكثفة على مناطق متفرقة من قطاع غزة، مرتكبةً مجزرة جديدة قبل ساعات من دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.

وأفاد مراسل الجزيرة بأن طائرات الاحتلال دمّرت منزلًا على رؤوس ساكنيه في حي الصبرة جنوبي مدينة غزة، ما أدى إلى استشهاد 4 فلسطينيين وفقدان 40 آخرين، بحسب الدفاع المدني الفلسطيني.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤول عسكري زعمه أن القصف أُقرّ من قِبل رئيس الأركان واستهدف مبنى رُصد فيه “نشاط ضد قوات الجيش”.
وفي مدينة غزة، استشهد 3 فلسطينيين، بينهم امرأتان، وأُصيب آخرون في قصف استهدف منزلًا مأهولًا قرب مفترق الطيران، بينما شنّ الطيران الحربي غارات على أحياء الزيتون وشارع النفق غرب المدينة.
كما أطلقت طائرات مسيّرة النار على نازحين داخل مدرسة اليرموك، ما أسفر عن إصابات عدة، فيما استهدفت المدفعية حي تل الهوا وشارع الرشيد ومحيط مدينة الأسرى بالقذائف والدخان الكثيف.
وفي جنوب القطاع، استشهد فلسطيني وأُصيبت امرأة وعدد من المدنيين في قصف مدفعي استهدف تجمعات سكانية في خان يونس ومدينة حمد السكنية، إضافة إلى استهداف مجموعة مدنيين قرب دوار بني سهيلا شرق المدينة.
تأتي هذه الانتهاكات رغم الاتفاق الذي تم التوصل إليه فجر اليوم بين حركة حماس وإسرائيل، والمقرر دخوله حيز التنفيذ خلال الساعات المقبلة عقب مصادقة الحكومة الإسرائيلية عليه.
ومنذ السابع من أكتوبر 2023، تواصل إسرائيل بدعم أميركي عدوانها على قطاع غزة، ما أسفر حتى الآن عن استشهاد 67,194 فلسطينيًا وإصابة 169,890 آخرين، معظمهم من النساء والأطفال.
الحية: تعاملنا بمسؤولية مع خطة ترامب
أكد رئيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة خليل الحية أن الحركة تعاملت بمسؤولية عالية مع خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي أفضت إلى إعلان اتفاق لوقف إطلاق النار خلال مفاوضات شرم الشيخ، موضحًا أن الحركة قدمت ردًا يحقق مصلحة الشعب الفلسطيني ويحقن دماءه.

وأوضح الحية، في كلمة بثتها قناة الجزيرة، أن الاتفاق الذي جرى التوصل إليه يشمل دخول المساعدات وفتح معبر رفح وتبادل الأسرى، بحيث يتم إطلاق سراح 250 أسيرًا محكومين بالمؤبد و1700 من أسرى قطاع غزة.
وأضاف أن الوفد الفلسطيني تسلم ضمانات من الوسطاء ومن الإدارة الأميركية، مؤكدًا أن جميع الأطراف شددت على أن الحرب انتهت “بشكل تام”، وأن حماس ستواصل العمل مع القوى الوطنية والإسلامية لاستكمال تنفيذ باقي بنود الخطة.
وأعرب الحية عن “تقديره العميق” للوسطاء في مصر وقطر وتركيا، ولكل من دعم المقاومة الفلسطينية في اليمن ولبنان والعراق وإيران، كما وجّه الشكر لكل الأحرار الذين عبّروا عن تضامنهم من خلال قوافل الإسناد والحرية برًا وبحرًا.
وفجر الخميس، تم الإعلان عن الاتفاق على بنود وآليات تنفيذ المرحلة الأولى من خطة ترامب، بما يشمل وقف الحرب والإفراج عن المحتجزين والأسرى ودخول المساعدات، في انتظار تصديق الحكومة الإسرائيلية على الاتفاق بعد موافقة الكابينت عليه.
إسرائيل توافق على اتفاق غزة
أقرت الحكومة الإسرائيلية رسميًا اتفاق وقف الحرب في قطاع غزة، في خطوة حاسمة تعطي الضوء الأخضر لبدء تنفيذ الخطة التي تشمل انسحابًا إسرائيليًا وإطلاق سراح 20 رهينة إسرائيلية مقابل نحو 2000 أسير فلسطيني.

جاءت الموافقة في اجتماع للحكومة شارك فيه مبعوثا الرئيس الأمريكي ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، ورغم تصويت خمسة وزراء من اليمين القومي المتطرف ضد الاتفاق.
ووفقًا للجدول الزمني، يتوجب على الجيش الإسرائيلي سحب قواته إلى محيط متفق عليه داخل غزة خلال 24 ساعة من الموافقة، على أن تكتمل الخطوة يوم الجمعة.
وبموجب الاتفاق، سيتم إعادة فتح معبر رفح الحدودي مع مصر، لتديره مؤقتًا قوة مصرية أوروبية مشتركة.
وخلال 72 ساعة من ذلك، يتوجب على حماس إطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين المتبقين، وهي خطوة يتوقع إتمامها بحلول يوم الاثنين. بعدها، ستطلق إسرائيل سراح 250 أسيرًا فلسطينيًا يقضون أحكامًا بالسجن المؤبد، بالإضافة إلى 1700 فلسطيني تم اعتقالهم في غزة منذ 7 أكتوبر.
ومن جانبه، أعلن خليل الحية، كبير مفاوضي حماس، أن الحرب في غزة انتهت وبدأ وقف دائم لإطلاق النار، مؤكدًا أن الحركة تلقت ضمانات من الولايات المتحدة والوسطاء بأن الحرب لن تُستأنف من جانب واحد.
وفي سياق متصل، من المتوقع أن يزور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المنطقة يوم الأحد، حيث سيزور مصر وإسرائيل، وأبلغ موقع “أكسيوس” أنه “من المرجح” أن يلقي خطابًا أمام الكنيست الإسرائيلي.
