160 محبوسًا في 15 قضية.. هل حان وقت إطلاق سراح “داعمي فلسطين”؟

بينما تستضيف مصر وفدين من حركة حماس والكيان الصهيوني، لبحث ترتيبات تنفيذ خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتعلقة بوقف الحرب وتبادل الأسرى، تتزايد آمال أسر المحبوسين على ذمة عدد من القضايا المعروفة إعلاميًا بقضايا “دعم فلسطين”، بالإفراج عنهم، وسط مطالبات سياسية وحقوقية بالإسراع في ذلك.

وفقًا للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية فإن هناك 160 شخصًا على الأقل متهمين “بالإرهاب”، ومازالوا رهن الحبس الاحتياطي موزعين على 15 قضية، تخص دعم فلسطين، فيما يوجد هناك 5 على الأقل ألقي القبض عليهم عندما كانوا أطفالًا أقل من 18 عامًا.

تفاصيل القضايا

وبحسب المبادرة، فإن هناك 66 متهمًا بدعم فلسطين ألقي القبض عليهم في أوقات متفرقة خلال أكتوبر 2023 من بينهم من نزل للتظاهر لإبداء دعمهم للفلسطينيين في غزة تلبية لدعوة رئيس الجمهورية الذي سبق وصرح أثناء في مؤتمر صحفي مع المستشار الألماني أن ملايين المصريين على استعداد للتظاهر تعبيًرًا عن رفض تهجير الفلسطينيين من غزة.

مظاهرات التحرير لدعم فلسطين 2023 (وكالات)
مظاهرات التحرير لدعم فلسطين 2023 (وكالات)

هؤلاء سيكملون عامين من الحبس الاحتياطي خلال أكتوبر الجاري مما يعني قضائهم للحد الأقصى القانوني للحبس الاحتياطي وفقًا لقانون الإجراءات الجنائية المصري، ما يستلزم الإفراج الفوري عنهم التزامًا بصحيح القانون وفق مصدر حقوقي تحدث لـ “فكر تاني”.

أما بخصوص الشباب الثلاثة المقبوض عليهم على خلفية انخراطهم في أسطول الصمود المصري، فإن أن أي منهم لم يظهر أمام جهات التحقيق حتى الآن، رغم أن القبض عليهم تم منذ ما يقرب من أسبوع، وفق المصدر، مما يجعلهم محتجزين خارج إطار القانون وفقًا لقانون الإجراءات الجنائية الذي يؤكد على ضرورة عرض المقبوض عليهم على النيابة خلال 24 ساعة من ضبطهم.

آمال تتعلق بوقف الحرب

تتعلق آمال أهالي المحبوسين على ذمة قضايا دعم فلسطين دائمًا بكل المبادرات التي من شأنها إنهاء الحرب، ويتجدد الأمل لديهم بالإفراج عن ذويهم، من بينهم سلوى رشيد زوجة شادي محمد القيادي العمالي، المحبوس منذ أبريل 2024، على ذمة القضية 1644 لسنة 2024، بسبب مشاركته في مظاهرة تضامناً مع فلسطين وتعليقه لافتة تطالب بفتح معبر رفح.

تحبس سلوى أنفاسها مع كل مبادرة لوقف الحرب، حيث أبلغها بعض السياسيين والمحامين، أنه سيتم الإفراج قريبًا عن زوجها، وهو مالم يحدث حتى الآن.

سلوى رشيد
سلوى رشيد

تبدو سلوى فاقده للأمل، بالرغم من رغبتها وأمنياتها  بأن تصل القضية الفلسطينية إلى حل ويتم وقف الحرب، لكنها في نفس الوقت تتعلق بخبر عن الإفراج عن زوجها.

تقول سلوى لـ فكر تاني: “منذ وقف إطلاق النار الأول ظهرت بعده أخبار أو يمكن القول تمنيات بأن الأمور انتهت، وأنه سيتم إخراج كل الناس المحبوسة على ذمة القضية الفلسطينية، أو على الأقل ستتم المطالبة بخروجهم، بما أن الحرب ممكن تقف، وفي البداية، تشككنا في الأمر وقلنا إنه من المحتمل يحصل، لدرجة قولنا إننا أسرى ضمن الأسرى وسنخرج معهم، ولكن هذا لم يحدث، وتكرر الأمر نفسه مع كل مناسبة أو عيد مر دون جديد”.

شادي محمد
شادي محمد

تشير سلوى إلى أنه كان يوجد حديثاً عن انفراجة سياسية ستحدث بعد الإفراج عن علاء عبد الفتاح، لكن للأسف تلك الانفراجة كان مصدرها تفاؤل البعض، والآن تجدد في الأفق آمال بانفراجة، مع ظهور المفاوضات الأخيرة، وأصبح هناك أمل بأن الموضوع في طريقه للحل، وهو ما نتمناه.

تنتظر سلوى ميعاد الزيارة الاستثنائية، القادمة، للاطمئنان على شادي، والذي يعاني من التهاب رئوي، بالإضافة إلى ضرس مكسور لم يُعالج في السجن لعدم توفر مستلزمات طبية، وقد أحضرتها له زوجته بعد الانتظار لساعات طويلة أمام السجن.

إساءة للموقف المصري

هلال عبد الحميد رئيس حزب الجبهة الديمقراطية المصرية تحت التأسيس - صورة من المصدر
هلال عبد الحميد رئيس حزب الجبهة الديمقراطية المصرية تحت التأسيس – صورة من المصدر

يقول هلال عبد الحميد، رئيس حزب الجبهة الديمقراطية، تحت التأسيس لـ فكّر تاني:” للأسف القبض على المتضامنين مع الشعب الفلسطيني، وحبسهم كل هذا الوقت، يسيء للموقف المصري الرسمي الداعم للقضية الفلسطينية، والرافض لتصفيتها والمتصدي لتهجير شعبها”.

“لا أعرف سر هذا التناقض الرهيب، فالموقف الشعبي هو في النهاية داعم للموقف الرسمي، ومعزز له، وبصراحة من العار أن يتم حبس الشباب لمجرد أنهم رفعوا العلم الفلسطيني، بينما شوارع العالم كله، شرقه وغربه، ينظم فعاليات ضد الكيان، ودعما لغزة واتتصارا للقضية الفلسطينية”، يضيف علي.

ويطالب رئيس حزب الجبهة الديمقراطية، النائب العام بسرعة الإفراج عن الشباب المتضامنين مع فلسطين وشعبها، خاصة وأنهم لم يخالفوا أية قوانين.

استمرار حبسهم غير منطقي

من جانبه، يقول الكاتب الصحفي معتز الشناوي، المتحدث الرسمي باسم حزب العدل:” قطعًا حان الوقت، للإفراج عن داعمي القضية الفلسطينية، بل وهناك تأخر كبير فى الإفراج عنهم”.

د.معتز الشناوي المتحدث الرسمي باسم حزب العدل
د.معتز الشناوي المتحدث الرسمي باسم حزب العدل

ويضيف المتحدث الرسمي باسم حزب العدل أنه مع اقتراب حلّ القضية الفلسطينية عبر مسار سياسي توافقي تشارك فيه معظم الأطراف الإقليمية والدولية، يصبح من غير المنطقي استمرار حبس شباب عبّروا عن تعاطفهم مع هذا الحق المشروع.

وشدد الشناوي على أن حزب العدل يؤكد أن حرية الرأي والتعبير ركيزة أساسية لأي مجتمع يسعى للاستقرار والديمقراطية، مؤكدًا أن اللحظة الحالية تمثل فرصة لإغلاق هذا الملف نهائيًا، في إطار مصالحة وطنية تُعيد الثقة بين الدولة وشبابها.

خالد علي
خالد علي

ويرى أن الإفراج عن محبوسي دعم فلسطين لن يُضعف الدولة، بل سيُعزز صورتها كدولة قانون تحترم الدستور وحقوق الإنسان، وتؤمن بأن الانتماء لفلسطين هو جزء أصيل من وجدان المصريين.

في السياق نفسه، يقول المحامي الحقوقي خالد علي، لـ فكّر تاني:” لقد حان الوقت لخروج هؤلاء المحبوسين وخاصة أنهم تجاوزا مدة حبسهم الاحتياطى، فأقصى مدة قانونية هى ١٨ شهر، وهم محبوسين احتياطيا منذ عامين”.

ويضيف المحامي الحقوقي أنه على القوى السياسية والحقوقيين أن يستمروا فى المطالبة بإطلاق سراحهم، ومخاطبة كافة الجهات المعنية.

وقف الحرب لا يعني الإفراج عن المحبوسين

يختلف السياسي والحقوقي، مجدي عبد الحميد رئيس الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، في حديثه لـ فكر تاني، في كل ما يتم تداوله عن احتمالية الإفراج عن المحبوسين بسبب تضامنهم مع القضية الفلسطينية، ففي تقديره، لا توجد أي علاقة، لا من قريب ولا من بعيد، بين ما يحدث على الساحة العربية والإقليمية والفلسطينية، فيما يتعلق بالاتفاقيات السياسية ومشروع ترامب ووقف الحرب وبين الأحداث الداخلية في مصر المتعلقة بالموقف من بعض النشطاء والتظاهرات والتحركات الحقوقية، حيث اعتبرها قضيتان منفصلتان تمامًا.

مجدي عبد الحميد
مجدي عبد الحميد

ويقول عبد الحميد، حين يُلقى القبض على أشخاص أو يُمنعون من ممارسة أنشطة معينة، فهذا يُعد موقفًا مصريًا داخليًا له علاقة برؤية أجهزة الأمن للجماعات المدنية المختلفة، ومدى سماحها لهذه الجماعات بممارسة أنشطتها، أو ما يمكن اعتباره حقها الديمقراطي في التعبير بالقول أو الكتابة أو التظاهر السلمي، بما يعني ” أن قرار إلقاء القبض على أشخاص، أو منعهم من ممارسة أنشطتهم، أو إغلاق صفحات على الإنترنت أو حجب مواقع، هو في رأيي موقف داخلي بحت، لا يمكنني ربطه بما يحدث من تطورات إقليمية”.

يشير عبد الحميد، إلى أسباب إلقاء القبض على المتضامنين مع القضية الفلسطينية من وجهة نظر بعض المسئولين، وهي أن هؤلاء الأشخاص خرجوا للتظاهر والهتاف، وبالتالي تم القبض عليهم، وليس لأنهم أيدوا قضية بعينها، وأن تطور هذه القضية خارجيًا لا يرتبط بقرار الإفراج عنهم.

ويضيف أنه قد يتحرك هؤلاء الأشخاص أو غيرهم للتظاهر احتجاجًا على غلاء المعيشة، وسيتم التعامل معهم بالموقف ذاته، سواء كان سبب التظاهر هو المطالبة بحرية الرأي والتعبير، أو تأييد فلسطين، أو حتى انتقاد سياسات دولية، فكل هذه الأفعال تستوي في نظر هؤلاء المسئولين، ويتم التعامل معها بالموقف ذاته.

بالنسبة لعبد الحميد، لا يختلف ملف قضية فلسطين، عن كل الملفات المتعلقة بحرية الرأي والتعبير، وممارسة الحقوق الديمقراطية التي أقرها الدستور والقانون، بما في ذلك حق الاعتصام أو الإضراب أو التظاهر السلمي أو التجمع للاحتجاج أو التعبير بالقول والكتابة، مؤكدًا أن هذه كلها حقوق، يجب احترامها، فهي حقوق ديمقراطية كفلها الدستور وينظمها القانون.

في هذا الإطار، يطالب عبد الحميد بالإفراج عن محبوسي دعم فلسطين وبأن يُتاح، دائماً، للناس الفرصة لممارسة حقهم الديمقراطي في التعبير بالقول أو الكتابة أو الفعل السلمي، ليس فقط لأنه حق من الحقوق الأساسية، بل لأنه يمثل صمام الأمان الحقيقي للدولة.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة