لم تشفع الظروف الصحية والجسمانية الخاصة بحالة محمد وليد عبد المنعم محمد، البالغ من العمر 19 عاماً، والمقبوض عليه منذ أكثر من 15 شهرًا داخل أسوار السجن، بتهمٍ هي أبعد ما تكون عن شخص في مثل ظروفه أن يرتكب هذه الأفعال.
بالرغم من هذه الظروف التي يتعايش معها وليد برضا تام، لم يتكاسل، بل اجتهد حتى التحق بالجامعة، ودخل نفس الكلية التي سبقت والتحقت بها أخته الوحيدة، حتى يكون بجانبها وتساعده في الحركة والدراسة. لم يكن يتخيل أن يتم القبض عليه من أمام مقر جامعته “بدر”، ليُزج به خلف القضبان بدلًا من أن يُكمل طريقه التعليمي.
بحسب نبيه الجنادي، المحامي الحقوقي ومحامي محمد، فإن آخر زيارة للأهل أبلغهم فيها برغبته في الانتحار، وأنه لم يعد لديه القدرة على الاستمرار، وليس لديه أمل في الإفراج القريب.
وأصبحت الأسرة، التي كان أكبر همّها هو إعالة ابنها من ذوي الاحتياجات الخاصة، تعاني من مخاوف فقدان ابنها إلى الأبد، مع قلة الحيلة.
من باب الجامعة لباب السجن

ألقت قوات الأمن القبض على وليد من أمام مقر جامعة بدر، حيث يدرس في كلية الحاسبات والمعلومات، في أبريل 2024. وتم التحقيق مع وليد دون وجود محامٍ، ووجهت له النيابة تهم تولّي قيادة جماعة إرهابية، وارتكاب جريمة بغرض تمويل الإرهاب، وقامت بحبسه على ذمة القضية رقم 2806 لسنة 2024 حصر أمن دولة عليا.
قال الجنادي إن وليد يعاني من قِصر قامة مرضي، وكِبر حجم الفك الذي يمنعه من غلق فمه بشكل دائم، ومشاكل في الأنف يصعب معها التنفس بشكل طبيعي. كما لديه تشوهات في العمود الفقري تجعله عاجزًا عن الجلوس أو الحركة بحرية، وضمور في ذراعه وساقه اليسرى، إضافةً إلى تضخم غير طبيعي في حجم الجمجمة، وضعف في القلب والرئتين.
أكد الجنادي أن كل يوم يمضي وموكله في الزنزانة يضاعف من معاناته الجسدية والنفسية، مشيرًا إلى عدم قدرة محمد على الجلوس بمفرده، أو القيام بأبسط التفاصيل مثل فتح باب أو خدمة نفسه، مما يستدعي خروجه العاجل حتى يتلقى الرعاية المناسبة داخل أسرته التي كانت تقوم بدلاً عنه بجميع تفاصيل حياته.
وأشار الجنادي أيضًا إلى تعرض وليد للتنمر داخل الحبس، كما كان يتعرض له خارجه، بسبب حالته الجسمانية، مما عرضه لمشاكل نفسية كبيرة.
وطالب الجنادي بالإفراج عن موكله، الذي يعاني في كل ساعة إضافية يقضيها في الحبس، ومن أجل تخفيف المعاناة عن أسرته التي طرقت كل الأبواب للمطالبة بقرار رحمة، خصوصًا وأن نجلهم لم يرتكب جرمًا يُحاسب عليه.
حالة فريدة من نوعها
ظهرت صور لوليد وهو ملقى على سرير في مستشفى السجن، في حالة صحية سيئة للغاية. أثارت هذه الصور استياء الكثيرين، وتساءلوا عن مدى صحة الاتهامات الموجَّهة لوليد، فضلًا عن قدرته على ارتكابها، مطالبين بالإفراج الفوري عنه.
قال المحامي الحقوقي إسلام سلامة إن السبب الرئيسي للقبض على محمد هو تضامنه مع القضية الفلسطينية، وعلى حد علمه، يؤكد سلامة أن حالة محمد هي الوحيدة من نوعها حتى الآن من بين المحبوسين سياسيًا.
وفي السياق ذاته، طالبت عدد من المنظمات الحقوقية بالإفراج الفوري عن وليد نظرًا لظروفه الصحية وحالته الخاصة، بهدف إنهاء معاناته وإتاحة الفرصة له لتلقّي الرعاية التي يستحقها خارج أسوار الحبس، حيث لا تزيده الأيام في محبسه إلا وهنًا وضعفًا.
