غزة اليوم ليست مجرد مدينةٍ محاصرة، بل جرحٌ مفتوح في قلب الإنسانية. أطفالُها يتضورون جوعًا، شيوخُها ينهارون من العجز، شبابُها يموتون صامتين من القهر والجوع وحرِّ الخيام. بعد أشهرٍ طويلةٍ من القصف والدمار، لم يَعُد الموتُ يأتي من السماء فقط، بل من بطونٍ خاوية، وأدويةٍ مفقودة، وأملٍ يتآكل تحت خيامِ الذل.
جوع ممنهج
يموت العشرات يوميًا، لا برصاصِ الاحتلال، بل بجوعٍ ممنهج، وعقابٍ جماعيٍّ صامت. الأمم تتفرج، والمؤسسات تكتفي بالإدانة الباردة، أما الضمير العالمي… فصمتُه أشدُّ قسوةً من كل أشكال الموت.
أين أنتم، يا من ترفعون شعاراتِ حقوقِ الإنسان؟
أين ضجيجُكم الذي تثيرونه عند أقلِّ انتهاكٍ في مكانٍ آخر من هذا العالم؟
هل لأنهم فلسطينيون؟ لأنهم صامدون؟ لأنهم اختاروا الحياةَ بكرامة؟
أما أنتم، يا حُكّام العرب…
هل يَهنَأُ لكم طعام؟ هل يَغفو لكم جفنٌ وأبناء غزة يبحثون عن رغيفِ خبزٍ بين الركام؟ أنتم تملكون مفاتيحَ القرار، وتستطيعون كسر هذا الحصار. لكنَّ الصمتَ شريكٌ في الجريمة، والتخاذلَ خيانةٌ علنية.

الحد الأدني من الكرامة
زة لا تطلب منكم سوى الحدِّ الأدنى من الكرامة، من الإنسانية. غزة لا تموت فقط من الجوع، بل من خذلانِ العالم كلِّه.
أميركا تدعم القاتلَ بالسلاح، والعربُ يُحاصرون الضحيةَ بالصمت.
أيُّ عالمٍ هذا الذي يرى الأطفال يتساقطون جوعى ولا يتحرك؟
أيُّ حضارةٍ تسمح بإبادةِ شعبٍ كاملٍ تحت سمعها وبصرها؟
يا ضميرَ العالم، تحرّك.
يا حكامَ العرب، كفى صمتًا.
ارحموا غزة، ارحموا شعبًا أراد الحياة، فتكالبت عليه كلُّ قوى الشر، وظل واقفًا على قدمَيه، أعزل، لكنه حرّ.
غزة اليوم ليست بحاجةٍ إلى بياناتِ تضامن، بل إلى كسر الحصار لإدخال شحناتِ غذاء…
غزة لا تريد دموعَكم، بل أفعالَكم.
فهل بقي فيكم إنسان؟
